المؤلف: أبو البقاء العكبري
المحقق: د. عبد الرحمن العثيمين

مسألة: [اسميّة كيف]


كيف اسم بلا خلافٍ، وإنَّما ذكرناها هنا لخفاء الدَّليل على كونها اسمًا، والدَّليل على كونِها اسمًا من خمسة أشياء:
أحدها: أنَّها داخلةُ تحت حدِّ الاسمِ، وذلك أنّها تدلُ على معنىفي نفسها ولا تَدُلُّ على زمانِ ذلك المعنى.

والثاني: أنَّها تجابُ بالاسم والجوابُ على وفق السُّؤال وذلك قولهم:
كيفَ زيدُ؟ فيقالُ: صحيحُ أو مريضُ أو غنيُ أو فقيرُ، وذلك أنها سؤالُ عن الحالِ، فجاوابها ما يكون حالاً.

والثالث: أنك تُبدل منها الاسمَ فتقول: كيفَ زيدُ؟ أصحيحُ أم مريضُ، والبدل ها هنا مع همزة الاستفهام نائب عن قولك أصحيح زيدُ أم مريضُ؟، والبدلُ يساوي المبدل منه في جنسه.

والرابع: أنّ من العرب من يدخلُ عليها حرف الجَرُ، قالوا: على كيفَ تبيعُ الأحمرين؟ وقالَ بعضهم: أنظر إلى كيفَ يصنع؟ وهذاشاذ في الاستعمال، ولكنّه يدلُّ على الاسمية.

والخامس: أنّ دليلَ السّبْرِ والتَّقسيم أوجَبَ كونها اسمًا، وذلك أن يقال: لا تخلو ((كيف)) من أن تكون اسمًا أو فعلاً أو حرفًا، فكونها حرفًا باطلُ؛ لأنها تفيد مع الاسمِ الواحدِ فائدةً تامة كقولك: ((كيفَ زيدُ)). والحرفُ لا تنعقد به الاسم جملة مفيدة، فأما ((يا)) في النّداء ففيها كلامُ يذكر في موضعه، وكونها فعلاً باطلُ أيضًا لوجهين:
أحدُهما: أنها لا تدلُّ على حدثٍ وزمان ولا على الزَّمان وحدَه.


والثاني: أنَّ الفعلَ يليها بلا فَصل كقولك: كيفَ صَنَعتَ، ولا يكون ذلك في الأفعالِ إلاّ أن يكونَ في الفعلِ الأولِ ضميرُ كقولك: أقبلَ يسرعُ: أي أقبلَ زيدُ أو رَجُلُ، وإِذا بَطَلَ القسمان ثَبت كونها اسمًا؛ لأنَّ الأسماءَ هي الأصولُ، وإذا بطلت الفُروعُ حُكِمَ بالأصلِ، والله أعلمُ بالصَّواب.

المصدر: التبيين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين

اضغط على أيقونة رابط قناتنا على التليجرام

ترك تعليق