المؤلف: أبو القاسم الزَّجَّاجي
المحقق: الدكتور مازن المبارك

‌‌باب ذكر علّة ثقل الفعل وخفَّة الاسم

قال البصريون: الفعل أثقل من الاسم. لأن الأسماء هي الأفعال. وهي أشدّ تمكناً من الأفعال، لأن الأسماء يستغني بعضها ببعض عن الأفعال. كقولك: الله ربّنا، ومحمد نبينا، وزيد أخوك. والفعل لا يستغني عن الاسم، ولا يوجد إلاّ به. وكشف بعضهم عن هذا المعنى أبيَن من هذا فقال: وجه ثقل الفعل وخفَّة الاسم أن الاسم إذا ذكر فقد دل على مُسمى تحته، نحو رجل وفرس ولا يطول فكر السامع فيه، والفعل إذا ذكر لم يكن (بد) من الفكر في فاعله، لأنه لا ينفك منه، ويستحيل وجوده من غير فاعل. قالوا: ولذلك صارت النكرات من الأسماء أخف من المعارف، لأنه إذا ذُكر الواحد منها دل على مُسمَّى تحته، بغير فكر في تحصيله بعينه، وإذا ذُكر الاسم المعروف فلا بد من الفكر في تحصيله دون سائر من يشركه فيه. الا ترى أنك إذا قلت: جاءني محمد، ذكرت واحداً معروفاً فسبيله أن يحصّله بعينه من سار من قد يشركه في التسمية، وإلا لم يكن لذلك معنى، وكنت تقول له: جاءني رجل يقال له محمد وإنما تقول له هذا عند ظنّك بأنه عارف به وربما أشكل.

 

وقال آخرون: إنما خف الاسم لأنه لا يدل إلا على المسمى الذي تحته. وثقل الفعل لدلالته على الفاعل، والمفعول والمفعولَين والثلاثة، والمصدر، والظرفين من الزمان والمكان، والحال، وما أشبه ذلك.


اقرأ أيضا:
ذكر علة دخول التنوين في الكلام ووجوهه
ذكر العلة في تسمية هذا النوع من العلم نحوا
‌‌ ذكر العلة في تسمية هذا النوع من العلم نحوا

وقال الكسائي، والفرَّاء، وهشام: الاسم أخف من الفعل، لأن الاسم يستتر في الفعل، والفعل لا يستتر في الاسم.

 

وكان ثعلب يقول: الأسماء أخف من الأفعال، لأن الأسماء جوامد لا تتصرّف، والأفعال تتصرف. فهي أثقل منها.

المصدر: الإيضاح في علل النحو

ترك تعليق