باب القول في بسم اللّه الرحمن الرحيم

قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّازِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَدْ قَدَّمْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ مُقَدِّمَةً تَشْتَمِلُ عَلَى ذِكْرِ جُمَلٍ مِمَّا لَا يَسَعُ جَهْلُهُ مِنْ أُصُولِ التَّوْحِيدِ، وَتَوْطِئَةً لِمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ مَعْرِفَةِ طُرُقِ اسْتِنْبَاطِ مَعَانِي الْقُرْآنِ وَاسْتِخْرَاجِ دَلَائِلِهِ وَأَحْكَامِ أَلْفَاظِهِ، وَمَا تَتَصَرَّفُ عَلَيْهِ أَنْحَاءُ كَلَامِ الْعَرَبِ وَالْأَسْمَاءُ اللُّغَوِيَّةُ وَالْعِبَارَاتُ الشَّرْعِيَّةُ; إذْ كَانَ أَوْلَى الْعُلُومِ بِالتَّقْدِيمِ مَعْرِفَةَ تَوْحِيدِ اللَّهِ وَتَنْزِيهِهِ عَنْ شِبْهِ خَلْقِهِ وَعَمَّا نَحَلَهُ الْمُفْتَرُونَ مِنْ ظُلْمِ عَبِيدِهِ، وَالْآنَ حَتَّى انْتَهَى بِنَا الْقَوْلُ إلَى ذِكْرِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَدَلَائِلِهِ.

ما اختلف لفظه واختلف معناه (العشرات)

فإنني لما أعنت على تصنيف كتابي الْمُسَمّى أَحدهمَا بإغراب الْعَمَل فِي إِعْرَاب أَبْيَات الْجمل وَالْآخر الْمُسَمّى الوضاح فِي شرح أَبْيَات الْإِيضَاح أردْت أَن أعززهما بثالث يجْرِي فِي مسارهما وَيحسن فِي تتبع آثارهما ذكر ت من عجائب اللُّغَة الَّتِي شرف الله قدر منزلتها وَجعل علم الدّين وَالدُّنْيَا مَنُوطًا بفهمها ومعرفتها مَا بيّنت فِيهِ مَا أتفقت مبانيه وَاخْتلفت أَلْفَاظه ومعانيه وَدَعَانِي ذَلِك إِلَى أَن أشفعه بِمَا أَتَشفع بِهِ إِلَى مجْلِس الْمولى الْأَجَل الْأَشْرَف الْأمين بهاء الدّين أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن القَاضِي الْأَجَل الْفَاضِل أبي عَليّ عبد الرَّحِيم بن القَاضِي الْأَجَل الْأَشْرَف بهاء الدّين أبي الْحسن عَليّ لِأَنَّهُ أعزه الله فريد دهره ووحيد عصره يرى بِالْعلمِ مَا لَا يرَاهُ الظمئان بزلال قد عذب أَو الْمُحب بوصال من أحب فَهُوَ كَمَا قَالَ الشَّاعِر
(ولنعم سوق الْعلم أَنْت لمن … كسدت عَلَيْهِ بضَاعَة الْعلم)
(قَاض أدق النَّاس معرفَة … يَرْمِي وَيعلم موقع السهْم)
جمل الله وجود الْجُود بِبَقَائِهِ وارتقائه وَثَبت سعود الصعُود بإدامة مجده
وعلائه وذب عَن مسالك الممالك بحراسة حوبائه وبذل حبائه