المؤلف: محمد عيد

البناء في الأسماء

1- الرأي في أسباب بناء الأسماء
2- الأسماء المبنية بصورة عامة
أسباب بناء الأسماء:
معظم الأسماء العربية معرب، بمعنى أنه يتغير آخره بتغير وظائفه النحوية. ومن الأسماء ما هو مبني، بمعنى أنه يلزم آخره شكلا معينا لا يتغير، والأسماء المبنية في اللغة العربية يمكن حصرها وتحديدها كما سيأتي.
لكن، لماذا بنيت الأسماء؟؟
لقد قدم النحاة العرب -بعد افتراض هذا السؤال- الإجابة عنه بكلام طويل مجهد يعجب الذهن، ولكنه لا يفيد اللغة، وما كان أغناهم عن الخوض فيه. والرأي المشهور عن ذلك في كتب النحو ما قرره ابن مالك -وأطال فيه شرَّاح الألفية- في قوله:

والاسم منه معرب ومبني … لشبهٍ من الحروف مُدْنِي

ومقتضى هذا الرأي أن الاسم يبنى إذا أشبه الحرف -أيّ حرف- والحروف كلها مبنية -كما سيأتي- فيبنى أيضا ما يشبهها من الأسماء.

وأوجه الشبه بين الاسم والحرف -باختصار شديد- أربعة هي:

1- الشبه الوضعي: بمعنى أن يكون الاسم موضوعًا على حرف هجائيواحد أو حرفين، فيشبه في ذلك الحروف، لأن الأصل فيها أن تكون على حرف هجائي أو حرفين.

وأكثر ما يأتى ذلك في “الضمائر” فهي أسماء مبنية، لشبهها بالحرف في الوضع، مثلا “التاء” في “فهمت” حرف واحد، وأيضا “نا” في “فهمنا” حرفان.

2- الشبه المعنوى: أن يكون الاسم دالا على معنى تدل عليه بعض الحروف: مثلا “الاستفهام” معنى من المعاني يدل عليها الاسم “مَنْ” في قولك “مَنْ أوّلُ الفرقة، كما يدل عليه حرف الهمزة في قولك: “أعرفتَ صوابك من خطئك؟؟ ” “فأسماء الاستفهام” مبنية لهذا الشبه المعنوي ومثلها في ذلك أيضًا “أسماء الشرط”.

3- الشبه الاستعمالي: يقصد به أن يستعمل الاسم كما يستعمل الحرف فلا يتأثر بما قبله ولكن يؤثر فيما بعده، كالمثالين “نصارِ الحقَّ” و”إنَّ الحقَّ واضحٌ” فكلمة “نصارِ” اسم فعل نصب بعدها كلمة “الحق” وكلمة “إن” حرف نصب بعده كلمة “الحق” ورفع كلمة “واضح” فأشبهت الأولى الثانية استعمالا ولذلك بنيت مثلها، وكذلك كل “أسماء الأفعال”.

4- الشبه في الافتقار اللازم: ويقصد به أن تكون هناك أسماء لا يعرف المقصود منها إلا بغيرها، تماما كما هو الأمر في الحروف، ومن ذلك “الأسماء الموصولة” في حاجة إلى جملة الصلة، ومعروف أن الحرف لا يفهم معناه إلا حين ينضم إليه غيره من الأسماء والأفعال.
هذا هو الموضوع، وقد صورته باختصار شديد لنتبين الرأي فيه


موضوعات ذات صلة:


والحق أن دراسة هذا الموضوع كله مما يطلق عليه “نحو الصنعة” لا “نحو اللغة” للآتي:
أولا: أنه بحث عن علة استعمال اللغة، وهذا منهج مرفوض، لأن المعتبر هو الاستعمال نفسه لا علته.

ثانيا: أنه بحث في المشابهة بين مسلك لغوي ومسلك آخر، وهذا أيضًا مرفوض؛ لأن المعتبر هو استقراء النطق نفسه لا مشابهته لغيره.

ثالثا: أن كل أنواع الشبه التي ذكرت عمل ذهني من افتراض العقل وهذا مرفوض أيضًا؛ لأن المعتبر صورة الاستعمال نفسه لا ما تصوره الذهن عنه.

رابعًا: أن كل أنواع المشابهة المذكورة يمكن نقضه والرد عليه مما يؤدي إلى الإجهاد وإضاعة الجهد فيما لا طائل وراءه.

لذلك كله، ينبغي أن نضرب صفحا عن سؤال “لماذا بني الاسم؟! ” -بعد تصوره وتصور الإجابة عنه- فهو أمر غير مفيد للنطق ولا للدارسين كي نوجه اهتمامنا لما هو مفيد فقط من معرفة “الأسماء المبنية”.

ترك تعليق