أقسام نائب الفاعل

نائب الفاعل ينقسم – كما ينقسم الفاعل تمامًا[1] – إلى قسمين؛ هما:

ظاهر، والمراد بالظاهر هنا: ما ليس مضمرًا.

ومضمر: والمضمر – كما تقدم مرارًا – هو: ما دل على تكلُّم، أو خطاب، أو غَيبة[2].

أولًا: وقوع الاسم الظاهر نائب فاعل:

يقع الاسم الظاهر نائب فاعل: سواء أكان:

مؤنثًا؛ نحو: قولك: ضُوعِفت الحسنة، فُهِمت المسألة، ومن ذلك قول الله تعالى: ﴿ وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ﴾ [الحاقة: 14]، وقوله عز وجل: ﴿ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ ﴾ [البقرة: 48][3].

أم كان مذكرًا؛ نحو قول الله تعالى: ﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 28]، وقول الله سبحانه: ﴿ أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ ﴾ [البقرة: 108].

وسواء أكان هذا الاسم الظاهر:

مفردًا؛ نحو قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ﴾ [البقرة: 114]، ونحو ما جاء في حديث مسلم 3 /1300 (17): فأمَر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُرَضَّ رأسُه بالحجارة.

أم مثنى؛ نحو قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أُحِلَّت لكم ميتتانِ ودمانِ)) – أُجِيب السائلان – سُمِع الشاهدان – قُتِل الكافران.

أم جمعًا[4]؛ نحو قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 47]، وقوله عز وجل: ﴿ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ﴾ [التوبة: 35]، وقوله سبحانه: ﴿ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾ [البقرة: 210][5].


موضوعات ذات صلة:

ثانيًا: وقوع الاسم المضمر نائب فاعل:

يقع الضمير نائب فاعل؛ سواء أكان: ضميرًا بارزًا، أم ضميرًا مستترًا[6].

أولًا: الضمير البارز: ينقسم الضمير البارز الذي يقع نائب فاعل إلى: متصل، ومنفصل.

أولًا: الضمائر البارزة المنفصلة التي تقع نائب فاعل:

الضمائر البارزة المنفصلة التي تقع نائب فاعل اثنا عشر ضميرًا، هي ضمائر الرفع البارزة المنفصلة[7]، وهي:

للمتكلِّم: أنا، نحن.

للمخاطَب: أنتَ، أنتِ، أنتما، أنتم، أنتنَّ.

للغَيبة: هو، هي، هما، هم، هنَّ.

ولا تكون هذه الضمائر الاثنا عشر في محل رفع نائبَ فاعل، إلا إذا كانت الجملة التي وردت فيها مبدوءةً بحرف نفيٍ، وسُبقت هي – أي: هذه الضمائر – بـ(إلا) الاستثنائية؛ وذلك نحو: ما ضُرب إلا أنا؛ فالضمير (أنا) هنا: ضمير بارز منفصل، وقد بدأت جملته بحرف النفي (ما)، وسُبق هو بـ(إلا) الاستثنائية، ولذلك كان إعرابه ضميرًا مبنيًّا على السكون في محل رفع نائب فاعل…، وهكذا يقال في إعراب باقي هذه الضمائر الاثنَي عشر[8].

ثانيًا: الضمائر البارزة المتصلة التي تقع نائب فاعل:

الضمائر البارزة المتصلة التي تقع نائب فاعل هي نفسها التي ذكرنا في باب الفاعل أنها تقع فاعلًا، وهي – كما مضى – تنقسم إلى:

ضمائر رفع متحركة، وهي:

1 – نون النسوة: ومثال وقوعها نائب فاعل: النسوة يُخرَجْنَ إلى المصلَّى في صلاة العيد[9].

2 – نا الفاعلين[10]: ومثال وقوعها نائب فاعل قوله تعالى: ﴿ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا… ﴾ [البقرة: 246]، وقوله سبحانه: ﴿ قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ ﴾ [الحجر: 58] [11].

3 – تاء الفاعل بأشكالها الستة[12]: ومثال وقوعها نائب فاعل قوله تعالى: ﴿ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ ﴾ [مريم: 33]، وقوله سبحانه: ﴿ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴾ [الكهف: 66]، وقوله عز وجل: ﴿ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ﴾ [البقرة: 196][13].

وضمائر رفع ساكنة؛ وهي:

1 – ألف الاثنين: ومثال وقوعها نائب فاعل قوله تعالى: ﴿ قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ ﴾ [يوسف: 37][14]، وقوله سبحانه: ﴿ وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ﴾ [الحاقة: 14][15].

2 – ياء المخاطبة المؤنثة: ومثال وقوعها نائب فاعل: أختي المسلمة ستُعذَّبين في نار جهنم إن لم تلبسي الحجاب[16].

3 – واو الجماعة: ومثال وقوعها نائب فاعل قولُه تعالى: ﴿ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [البقرة: 48]، وقوله سبحانه: ﴿ بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران: 169][17]، وقوله عز وجل: ﴿ وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ ﴾ [البقرة: 93][18].

ثانيًا: الضمائر المستترة التي تقع نائب فاعل:

القسم الثاني من الضمائر التي تقع نائب فاعل هو الضمائر المستترة[19]، والضمائر المستترة التي تقع نائب فاعل، محصورةٌ في خمسة ضمائر[20]؛ وهي:

1 – هو: ومثال وقوعه نائب فاعل قوله تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ﴾ [الانشقاق: 7، 8]، فالفعلان (أوتي، يحاسب) فيهما ضمير مستتر، تقديره: (هو)، وهذا الضمير المستتر في محل رفع نائب فاعل.

2 – هي: ومثال وقوعه نائب فاعل قوله تعالى: ﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ * وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ﴾ [التكوير: 1 – 13][21].

3 – أنا: ومثال وقوعه نائب فاعل قوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴾ [مريم: 33]، ففي الفعل (أُبعث) ضمير مستتر تقديره: (أنا)، وهذا الضمير المستتر في محل رفع نائب فاعل.

4 – أنتَ: ومثال وقوعه نائب فاعل: ابن آدم، لا بدَّ يومًا أن تُخرَج من الدار الدنيا إلى القبر، ففي الفعل (تُخرَج) ضمير مستتر تقديره: (أنتَ)، وهذا الضمير المستتر في محل رفع، نائب فاعل.

5 – نحن: ومثال وقوعه نائب فاعل: إخواني في الله، سنُطوَى جميعًا في أكفاننا، ففي الفعل (نُطوى) ضمير مستتر تقديره: (نحن)، وهذا الضمير المستتر في محل رفع، نائب فاعل.

وذاكم هي بعض الفوائد التي تتعلق بنائب الفاعل:

الفائدة الأولى: إن كان الفعل متعديًا لمفعولٍ به واحد[22]، فإنه عند بنائه للمجهول يُرفع هذا المفعول على أنه نائب فاعل، ومن ذلك قول الله تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185]، وأصل الكلام: أنزَل اللهُ فيه القرآنَ[23].

فإن كان الفعل متعديًا لمفعولينِ أو أكثر؛ مثل: (أعطى – منح – ظن وأخواتها)[24]، فإنه عند بنائه للمجهول يرفع المفعول الأول على أنه نائب فاعل، ويبقى غيره منصوبًا[25]، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم، فيما رواه البخاري: ((أُرِيتُ النارَ))[26].

الفائدة الثانية: إفراد الفعل مع الفاعل ونائبه، إذا كان الفاعل أو نائبه اسمًا ظاهرًا، مثنى أو جمعًا؛ وجب أن يبقى الفعل مفردًا في جميع الأحوال[27]، ولا تلحقه علامةٌ تدل على تثنية أو جمع؛ فتقول: انتهَز العاقل الفرصة – انتهز العاقلان الفرصة – انتهز العاقلون الفرصة – انتهزت العاقلات الفرصة، وتقول: يُحترم الصادق – يُحترم الصادقان – يُحترم الصادقون – تُحترم الصادقات، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا ﴾ [الحجر: 15]، وقوله عز وجل: ﴿ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [الأحقاف: 35].

الفائدة الثالثة: يجوزُ أن يُفصَل نائب الفاعل عن فعله بفاصل[28]؛ نحو قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا ﴾ [البقرة: 114]، وقوله عز وجل: ﴿ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [البقرة: 48]، وقوله عز وجل: ﴿ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ﴾ [البقرة: 212]، وقوله سبحانه: ﴿ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ ﴾ [البقرة: 178]، فقد فُصِل نائب الفاعل في هذه الآيات – وهو على الترتيب: (اسمه، شفاعة، عدل، الحياة، شيء) – عن فعله بفاصل، وهو على الترتيب: (فيها – منها – للذين كفروا – له من أخيه).

الفائدة الرابعة: متى حُذف الفاعل، وناب عنه نائبه، فلا يجوز أن يُذكَر في الكلام ما يدلُّ عليه، فلا يقال: عُوقِب الكسولُ مِن المعلم[29]، بل يقال: عوقب الكسول؛ وذلك لأن الفاعل إنما يُحذَف لغرض، كما تقدم، فذكرُ ما يدلُّ عليه منافٍ لذلك، فإن أردت الدلالة على الفاعل أتيت بالفعل معلومًا، فقلت: عاقب المعلم الكسول، إلا أن تقول: عوقب الكسول، المعلِّمُ؛ فيكون المعلم فاعلًا لفعل محذوف، تقديره: عاقب، فكأنه لما قيل: عوقب الكسول، سأل سائل: من عاقبه؟ فقلت: المعلم؛ أي: عاقبه المعلم، ويكون ذلك على حد قوله تعالى: ﴿ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ ﴾ [النور: 36، 37]، في قراءةِ مَن قرأ (يُسبَّح) مجهولًا[30]، فيكون “رجال” فاعلًا لفعل محذوف[31]، والتقدير: يُسبِّحه رجال[32].

الفائدة الخامسة: أفعال مبنية للمجهول وضعًا:

هناك بعض الأفعال جاءت في اللغة العربية على صورة المبني للمجهول، ولا معلومَ لها[33]؛ مثل: حُمَّ؛ يعني: أصابته الحُمَّى[34]، وأُغمِي عليه الخبرُ: خَفِي، وأُغمِي عليه: غُشِي عليه، وانتُقِع – أو امتُقِع – لونه: تغيَّر، وجُنَّ: ذهَب عقله، وسُلَّ: أصابه السل، وعُنِي بالأمر: صَرَف له عنايته واهتم به، وغُم الهلال: احتجب، وشُدِهَ: تحيَّر، وزُهِي علينا: تكبَّر.

وهناك ألفاظ كثيرة غيرها جمعها محمد بن علي بن علان الصديقي في رسالة سماها: (إتحاف الفاضل بالفعل المبني لغير الفاعل)[35]، ويعرب صاحبها – يعني: الاسم المرفوع بعد هذه الأفعال – فاعلًا، لا نائب فاعل على الصحيح[36]، وهناك مَن يعربها إعرابها الأصلي؛ أي: فعلًا مبنيًّا للمجهول، والاسم بعده نائب فاعله.

الفائدة السادسة: بالنظر إلى ما أوردناه – فيما سبق – من أمثلة للفعل المبني للمجهول، يتَّضِح لنا أن الفعل المبني لما لم يُسَمَّ فاعله ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: مجرد، وهو ما كان على وزن (فعل)؛ كـ: (ضرب)، فيقال: الضاد فاء الكلمة، والراء عين الكلمة، والباء لام الكلمة؛ لأنها في مقابلة الفاء والعين واللام في (فعل).

والقسم الثاني: مَزِيد، وهو: ما كان فيه زيادةٌ عن هذه الأحرف الثلاثة؛ نحو: (أكرم)، فإنه على وزن (أفعل)، فيقال: الهمزة زائدة لزيادتها على الأحرف الثلاثة، والكاف فاء الكلمة، والراء عين الكلمة، والميم لام الكلمة.

وبهذا ينتهي ما أردتُ ذكره في باب نائب الفاعل، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

شبكة الألوكة


[1] فهو يشبه الفاعل في تقسيماته كلها، وهذا سيتضح لك جليًّا إن شاء الله عند ذكر أقسام نائب الفاعل، وانظر ما تقدم من أقسام الفاعل.

[2] ويُنتَبَه إلى أن نائب الفاعل إذا وقع ضميرًا، فإنه لا يظهر عليه إعراب، وإنما يعرب إعرابًا محليًّا؛ وذلك لأن الضمائر كلها مبنية، وانظر ما تقدم في باب الفاعل.

[3] ومن ذلك أيضًا قول الشاعر:

وإن مُدَّتِ الأيدي إلى الزادِ لم أكُنْ *** بأعجلِهم إذ أجشعُ القومِ أعجلُ

وقول الآخر:

وما المالُ والأهلونَ إلا ودائعٌ *** ولا بدَّ يومًا أن تُرَدَّ الودائعُ

[4] سواء أكان هذا الجمع جمع مؤنث سالمًا؛ نحو قوله تعالى: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ﴾ [النساء: 23]، أم كان جمع مذكر سالمًا؛ نحو: قوله تعالى: ﴿ قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ﴾ [الذاريات: 10]، أم كان جمع تكسير للمؤنث أو للمذكر، وسيأتي التمثيل عليه في كلامنا الآن، إن شاء الله تعالى.

[5] فالكلمات: (اسمه، رأسه، ميتتان، السائلان، الشاهدان، الكافران، أبصارهم، جباههم، الأمور – أسماءٌ ظاهرة، منها المفرد، والمثنى، والجمع، كما هو واضح، وقد وقعت نائب فاعل، ويلاحظ أن بعضها كان فعله ماضيًا، وبعضها كان فعله مضارعًا، وعليه فنائب الفاعل كالفاعل تمامًا لا فرق بين أن يكون فعله ماضيًا أو مضارعًا.

[6] يلاحظ أن هذه التقسيمات المذكورة – سواء كانت للاسم الظاهر الذي يقع نائب فاعل، أم كانت للضمائر التي تقع نائب فاعل – هي نفسها التقسيمات التي ذكرناها للاسم الظاهر وللضمائر التي تقع فاعلًا، وإنما الذي يُظهِر نوع الكلمة المرفوعة – هل هي فاعل، أم نائب فاعل – هو صورة الفعل، كما سبق أن ذكرنا، فإن كان الفعل مبنيًّا لِما لم يُسمَّ فاعله، كان مرفوعه نائب فاعل، وإن كان الفعل مبنيًّا للمعلوم، كان مرفوعه فاعلًا.

[7] تقدم ذكرها في باب الفاعل.

[8] وكذلك تكون هذه الضمائر البارزة المنفصلة في محل رفع نائب فاعل إذا وقعت في الجملة المثبتة بعد أداة الحصر (إنما؛ نحو: إنما ضُرب أنا – إنما ضُرب نحن، وهكذا، فالضميران (أنا، ونحن في هذين المثالين يُعربان هكذا: ضمير مبني في محل رفع نائب فاعل.

[9] يقال في إعراب الفعل (يُخرَجن: فعل مضارع مبني للمجهول، وهو مبني على السكون؛ لاتصاله بنون النسوة، ونون النسوة ضمير مبني على الفتح، في محل رفع نائب فاعل.

[10] الضمير (نا – كما تقدم مرارًا – يكون للمتكلِّم المفرد المعظِّم نفسه، ويكون كذلك للمتكلمَينِ المذكَّرين، والمتكلمتينِ المؤنثتين، والمتكلمينَ الذكور، والمتكلمات الإناث.

[11] يقال في إعراب الفعلين (أُخرجنا، أُرسلنا: فعل ماضٍ مبني لِما لم يُسَم فاعله، وهو مبني على السكون؛ لاتصاله بـ(نا الفاعلين، و(نا الفاعلين ضمير مبني على الفتح، في محل رفع، نائب فاعل.

[12] تقدم ذكر هذه الأشكال الستة أكثر من مرة، فلا داعي لإعادة ذكرها هنا.

[13] يقال في إعراب الأفعال (وُلِدْتُ، عُلِّمتَ، أُحصِرْتُم: فعل ماضٍ مبني لِما لم يُسمَّ فاعله، وهو مبني على السكون؛ لاتصاله بضمير الرفع المتحرك (تاء الفاعل، وتاء الفاعل ضمير مبني على الضم في (وُلدتُ، أُحصرتُم، وعلى الفتح في (علمتَ، وفي محل رفع نائب فاعل، والميم في (أحصرتم: حرف دالٌّ على جماعة الذكور.

[14] يقال في إعراب الفعل (تُرزَقانه: فعل مضارع مبني للمجهول، وهو مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، وألف الاثنين ضمير مبني على السكون، في محل رفع نائب فاعل، والهاء ضمير مبني على الكسر في محل نصب مفعول به.

[15] يقال في إعراب الفعل (دُكَّتَا: فعل ماضٍ مبني لما لم يُسَمَّ فاعله، وهو مبني على الفتح؛ لعدم اتصاله بضمير رفع متحرك، ولا واو جماعة، والتاء تاء التأنيث: حرف مبني على الفتح، لا محل له من الإعراب، وألف الاثنين ضمير مبني على السكون في محل رفع نائب فاعل.

ومن الشواهد أيضًا على وقوع ألف الاثنين نائب فاعل: قول زياد الأعجم في المغيرة بن المهلب:

إن السماحةَ والمروءةَ ضُمِّنا *** قبرًا بمَرْوَ على الطريق الواضحِ

[16] يقال في إعراب الفعل (تعذَّبين: فعل مضارع مبني لما لم يُسمَّ فاعله، وهو مرفوع؛ لتجرده عن الناصب والجازم، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه مِن الأفعال الخمسة، وياءُ المخاطبة المؤنثة ضمير مبني على السكون، في محل رفع، نائب فاعل.

[17] يقال في إعراب الفعلين (يُنصرون، يُرزقون: فعل مضارع مبني لما لم يُسمَّ فاعله، وهو مرفوع؛ لتجرده من الناصب والجازم، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، وواوُ الجماعة ضمير مبني على السكون، في محل رفع، نائب فاعل.

[18] يقال في إعراب الفعل (أُشربوا: فعل ماض مبني لما لم يُسمَّ فاعله، وهو مبني على الضم؛ لاتصاله بواو الجماعة، وواو الجماعة ضمير مبني على السكون، في محل رفع، نائب فاعل.

فائدة: الألف التي بعد الواوِ في الفعل (أُشرِبوا زائدةٌ؛ فرقًا بين واو الجمع وواو المفرد في نحو: زيد يدعو ويغزو، الزيدون لن يدعُوا، ولن يغزُوا؛ لأن صورة الفعل فيهما واحدة، ففرَّقوا بين الواوين بوجود الألف بعد واو الجمع، وإسقاطها بعد واو المفرد، وقيل غير ذلك.

[19] يكون نائب الفاعل ضميرًا مستترًا إن لم يُذكر في الكلام، كما سيتضح من الأمثلة المذكورة، إن شاء الله تعالى.

[20] كما مرَّ علينا في باب الفاعل تمامًا، بل إن الضمير المستتر عمومًا في اللغة العربية لا يكون إلا واحدًا من الخمسة المذكورة هنا.

[21] فإن الأفعال (كُوِّرت، سُيِّرت، عُطِّلت، حُشِرت، سُجِّرت، زُوِّجت، سُئِلت، قُتِلت، نُشِرت، كُشِطت، سُعِّرت، أُزلِفت، في كل واحد منها ضمير مستتر، تقديره: (هي، وهذا الضمير المستتر في محل رفع، نائب فاعل.

[22] يعني: ناصبًا لمفعول به واحد.

[23] فالفعل (أنزل هنا يكون قد نصب مفعولًا به واحدًا، هو (القرآن، وعند بنائه لما لم يُسمَّ فاعله رُفع هذا المفعول (القرآن على أنه نائب فاعل.

[24] سيأتي إن شاء الله تعالى الحديث على الأفعال (ظن وأخواتها بشيء من التفصيل.

[25] لأنه كما لا يكون الفاعل للفعل إلا واحدًا، فكذلك نائب الفاعل.

[26] فتاء الفاعل هنا هي نائب الفاعل، وهي التي كانت في الأصل المفعول به الأول، و(النار مفعول به منصوب، وكانت في الأصل مفعولًا به ثانيًا، فأصلُ هذا الحديث: أراني اللهُ النارَ، فيكون الفعل (أراني قد نصب مفعولين؛ هما: (ياء المتكلم، والنار، فلما بُنِي لِما لم يُسَمَّ فاعله، حُذف لفظ الجلالة (الله، وحل محلَّه ياءُ المتكلم، فأصبحت تاء الفاعل، وأعربت نائب فاعل، وبقي المفعول به الثاني (النار كما هو على نصبه، وعليه فإنه من الخطأ ما يقع من بعض الناس من قولهم: ولكن التاجر قد أُعطي فيها الثمنُ الذي يريده، برفع (الثمن، والواجب نصبه؛ لأن الفعل (أعطى من الأفعال التي تنصب مفعولين، وهو هنا بني للمجهول، فكان مفعوله الأول – وهو الضمير المستتر (هو – في محل رفع نائب فاعل، ويجب أن يبقى (الثمن مفعوله الثاني على نصبه.

[27] فيبقى الفعل مع الفاعل ونائب الفاعل موحدًا، وإن كان كل من الفاعل ونائب الفاعل مُثنى، أو مجموعًا.

[28] وهذا كما مر علينا في الفاعل.

[29] بإظهار الفاعل (المعلم.

[30] وهما (ابن عامر، وعاصم في رواية أبي بكر.

[31] وكأنه قيل: مَن يسبح له؟ فقيل: يسبح له رجال، قال ابن مالك رحمه الله في ألفيته، باب الفاعل، البيت رقم (229:

ويَرفَعُ الفاعلَ فعلٌ أُضمِرا *** كمثلِ: “زيدٌ” في جوابِ “مَن قرا؟”

[32] وفي (حجة القراءات صـ 501: ويجوز أن يكون الكلام قد تم عند قوله: والآصال، ثم يقول: رجال لا تلهيهم؛ على الابتداء؛ اهـ.

[33] فهي لا تنفكُّ عن صورة المبني للمجهول، هكذا وردت عن العرب.

[34] فإذا أردت الإخبار عن أحدٍ بإصابة الحمى له تقول: حُمَّ فلان، وأما الفعل (حَمَّ بالبناء للمعلوم، فله معنى آخر تمامًا، ومن معانيه: حَمَّ فلانٌ التنور ونحوه: أوقده، وحَمَّ الماء ونحوه: سخَّنه.

[35] وانظر أيضًا في ذلك: فقه اللغة؛ للثعالبي، والجمهرة؛ لابن دريد.

[36] فيقال مثلًا في إعراب: عُنِي زيد بهذا الأمر.

عُنِي: فعل ماضٍ مبني على الفتح؛ لعدم اتصاله بواو جماعة، ولا ضمير رفع متحرك.

زيد: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.

اضغط على أيقونة رابط قناتنا على التليجرام