المؤلف: محمد عيد

ما يجب أن ينضم للعلمية من الصفات

لكن الممنوع من الصرف لا بد أن يكون علما أو صفة -بالتحديد السابق- مع ضم صفة أخرى للعلمية أو الوصفية كما هو مفصل في الآتي:
أولا: ما يجب أن ينضم للعلمية من الصفات، وهي ست صفات:
1- التأنيث بغير الألف:
لاحظ الأمثلة:
فاطمة، عائشة، أمينة، أميرة، فريدة، كريمة، نفيسة، نادية، نبيلة، يسرية، شادية، فادية، حسنية، “مؤنث لفظا ومعنى”
حمزة، معاوية، أسامة، طلحة، سلامة، “مؤنث لفظا لا معنى”.

زينب، سعاد، سهير، عفاف، ناهد، هيام، وجدان،آمال، أحلام، إجلال، إنصاف، بوران، “مؤنث معنى لا لفظا”

الأعلام المؤنثة تأتي في اللغة العربية في ثلاث صور هي:

أ- مؤنث لفظا ومعنى: وهو ما كانت به علامة التأنيث “التاء” ومعناه دال على مؤنث، مثل “فاطمة، يسرية” وهذا النوع يمنع من الصرف قطعا من غير احتراز.

ب- مؤنث لفظا لا معنى: وهو ما كانت به علامة التأنيث “التاء” لفظًا، لكن معناه مذكر مثل “معاوية، حمزة” وهذا النوع يمنع أيضا من الصرف مثل سابقه.

ج- مؤنث معنى لا لفظا: وهو ما كان خاليا لفظا من التاء، لكنه في المعنى يدل على المؤنث مثل “بوران، إحسان”.

وفي هذا النوع تفصيل لمنعه من الصرف، ذلك أنه إن كان زائدا على ثلاثة أحرف -مثل كل الأمثلة السابقة- منع من الصرف مطلقا دون محترزات فإذا كان ثلاثيا محرك الوسط مثل “سحَر، ملَك، سقَر” منع أيضا من الصرف، وإن كان ثلاثيا ساكن الوسط أعجميا -أصله غير عربي- منع من الصرف، مثل “حمْص، كَرْك، بلْخ”.

وإن كان ثلاثيا ساكن الوسط غير ما سبق، مثل “هنْد، دعْد، مصْر” جاز فيه الوجهان الصرف وعدم الصرف، ومما ورد من ذلك ما يلي:
قول القرآن: ﴿ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ ﴾ الآية 99 من سورة يوسف..
قول القرآن: ﴿ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ ﴾ الآية 61 من سورة البقرة.
ففي الآية الأولى وردت “مصر” ممنوعة من الصرف، وفي الثانية جاءت مصروفة.

– قول جرير:

لم تتلفَّعْ بفضْل مئْزرِها … دعْدٌ ولم تُسقَ دعْدُ في العُلَب[1]

فكلمة “دعد” الأولى منصرفة، والثانية ممنوعة من الصرف.

2- العجمة:
لاحظ الأمثلة الآتية:
“إدوارد، ألفونس، جونسون، ميخائيل، لندن، برلين، طهران، أنقرة، باريس”.

يقصد بالعجمة: أن يكون الاسم علما في غير اللغة العربية، ثم استعمل فيها علما كما هو، سواء أكان ذلك فيما استعملته العربية من غير اللغات الأخرى قديما مثل “أذربيجان، نهاوند، فيروز، بطرس” أم ما تستعمله اللغة الآن من أعلام اللغات المعاصرة، مثل “بيفن، نيكسون، جورج”.

ومن المعروف أنه في أثناء الترجمة يحافظ المترجم على الأعلام المنقولة كما هي دون تغيير، وهذه الأعلام تمنع من الصرف.

ويقول العلماء: إن أسماء الأنبياء كلها ممنوعة من الصرف لهذه الصفة “العجمة” مثل: “إسحاق، يعقوب، داود، سليمان، يوسف، موسى، هارون، أيوب، زكريا، يحيى، عيسى، إلياس، إدريس”.

لكن يستثنى من هذه الأسماء ستة فهي مصروفة وهي: “محمد، صالح، شعيب، هود، نوح، لوط” جاء في القرآن: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ ﴾ الآية الأولى من سورة نوح. وجاء فيه: ﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً ﴾ الآية 65 من سورة الأعراف. وجاء فيه: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ﴾ الآية 29 من سورة الفتح.

3- التركيب المزجي:
لاحظ الأمثلة الآتية:
“نيويورك، حضرموت “من مدن اليمن الجنوبية”، بعلبك “قلعة في لبنان”، معديكرب “أحد أسماء الجاهلية”، بختنصّر “أحد ملوك الفرس”، بورسعيد.

الكلمات السابقة من التركيب المزجي.. ومعناه أن تمتزج كلمتان فتصيرا كلمة واحدة ويكون الإعراب حينئذٍ على آخر الكلمتين الممزوجتين، تقول “نيويوركُ من أكبر المدن الأمريكية” وتقول “إن بورسعيدَ مدينةٌ ذاتُ شهرة بطوليّة بين مدن العالم الحديثة”، وتقول “يستلهم السَّياحُ عِبَرَ التَّاريخ من أطلالِ بعلبكَّ” فالمركب المزجي يرفع بالضمة وينصب بالفتحة ويجر بالفتحة، كما ترى في الأمثلة.

كل ذلك إذا لم يكن المركب المزجيّ مختوما بكملة “وَيْهِ” مثل “سيبويه، نفطويه، درستويه”، فإن كان كذلك فإنه يبنى دائما على الكسر وليس من هذا الباب.

4- زيادة الألف والنون:
لاحظ الأمثلة الآتية:
“عثمان، مروان، نعمان، سليمان، لقمان، عمران، عمان” زيادة الألف والنون مع الأعلام، وإنما تعتبران زائدتين إذا جاءتا بعد ثلاثة أحرف من الكلمة، جاء في القرآن: ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ ﴾ الآية 11 من سورة لقمان. وجاء أيضا: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ ﴾ الآية الآية 12 من سورة لقمان. من سورة لقمان، وجاء أيضا: ﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً ﴾ الآية 35 من سورة آل عمران. فكلمة “لقمان” في الآية الأولى مرفوعة بالضمة، وفي الثانية منصوبة بالفتحة، أما كلمة “عمران” في الآية الثالثة فهي مجرورة بالفتحة.

5- وزن الفعل:
لاحظ الأمثلة الآتية:
سبَّحَ، أحمد، يزيد، ثعلب، نرجس”.

المقصود بوزن الفعل أن تأتي أسماء الأعلام على وزن خاص بالأفعال ولا يكون في الأسماء مثل: “سبَّح: علما” فإن وزن “فعّل” لا يكون إلا في الأفعال مثل: “جمَّع، قدَّم، أمَّن”.

كذلك يقصد بوزن الفعل أن تأتي أسماء الأعلام وفي أولها زيادة تكون في الأفعال عادة مثل حروف المضارعة “الهمزة، النون، الياء، التاء” وأن يكون على وزن يأتي في الفعل -وإن لم يكن خاصا به- وذلك مثل “أحمد، يزيد، تغلب، نرجس” أعلاما، تقول “استولى يزيدُ بن معاويةَ على الدولة دون مشورة المسلمين” وتقول: “قبيلةُ تغلبَ إحدى قبيلتين اشتركتا في حرب البسوس”.

6- العدل:
أشهر ما نسب له هذه الصفة أعلام معدودة جاءت على وزن “فُعَل” وهي “عُمَر، زُفَر، مُضَر، قُثَم، جُشَم، جُمَح، دُلَف، ثُعَل، هُبَل، زُحَل، قُزَح”.

قالوا: مثلا في كلمة “عُمَر” وهو علم، أصله “عامر” فعدل عن هذا الأصل إلى “عمر” ومثله الباقي؛ وهذا غريب!! فمن الذي يمكنه أن يحقق هذا الأصل المدَّعى!! الحق أن هذا تكلف دعا إليه بحث النحاة عن صفة ثانية تنضم للعلمية، فلم يجدوا غير هذا الادعاء المتكلف الذي لا ترتاح إليه النفس.

قال ابن هشام: مثال العدل مع العلمية “عُمَر، زُفَر، زُحَل، جُمَح، دُلَف” فإنها معدولة عن “عامر، زافر، زاحل، جامح، دالف” وطريق معرفة ذلك أن تتلقّى من أفواههم ممنوع الصرف، وليس فيه مع العلمية ظاهرة، فيحتاج إلى تكلف دعوى العدل فيه ا. هـ.

وخلاصة الأمر أن الأسماء الاثني عشر السابقة وردت في اللغة ممنوعة من الصرف ويعبر عنها أهل صناعة النحو بأنها ممنوعة من الصرف للعلمية والعدل.

 


[1] الإزار: الرداء، وفضل الإزار: بقية الرداء، والتلفع بالإزار: لفه على الجزء الأعلى من الجسم، وهو من عمل نساء الأعراب، العلب: جمع علبة وهي الإناء الذي يشرب فيه الأعراب، وعادة ما يكون من الجلد “كالقربة”.
يقول: إن “دعد” حضرية غنية في كسائها وشربها، وليست أعرابية خشنة فهي لاتتلفع بفضل الرداء مثلهم، ولا تشرب الماء في آنيتهم.
الشاهد في البيت: ورود كلمة “دعد” فيه مرتين مصروفة في الأولى وغير مصروفة في الثانية، إذ هي علم ثلاثي مؤنث ساكن الوسط غير أعجمي، وهذا يصح صرفه ومنعه من الصرف.

اضغط على أيقونة رابط قناتنا على التليجرام

ترك تعليق