مؤلفات الذهبي

وقد برع الذهبي في التأليف فأكثر منه جداً، وقد حصر الدكتور بشار عواد معروف ما استطاع من مؤلفاته فبلغت خمسة عشر ومائتي مؤلف، ومن أهم مؤلفاته:

1- تاريخ الِإسلام، وهو أعظم كتبه وأحسنها، يقع في واحد وعشرين مجلداً، تناول فيه الحوادث والتراجم من السنة الأولى للهجرة حتى سنة (٧٠٠هـ)، ورتبه على الطبقات، والطبقة عنده مدتها عشر سنوات، فتألَّف كتابه من سبعين طبقة، ورتب فيه الحوادث على السنوات (٣).

2- سير أعلام النبلاء، وهو كتاب يشبه في مادته كتابه تاريخ الإِسلام، إلا أنه اقتصر فيه على النبلاء فقط، وهم المشاهير، وأما تاريخ الِإسلام فإنه جمع فيه النبلاء وغيرهم، ولذا يعتبر بعضهم هذا الكتاب مختصراً من تاريخ الِإسلام.

3- ميزان الاعتدال في نقد الرجال، وهو من أحسن كتب الذهبي

(1) البدر الطالع (٢/ ١١٠ – ١١١).

(2) انظر مقدمة السير (١/ ٧٥ – ٩٠) و: “الذهبي ومنهجه في كتابه تاريخ الإسلام” (ص ١٤٠ – ٢٧٦).

(3) انظر المرجع الأخير السابق (ص ٢٧٩) والوافي بالوفيات (٢/ ١٦٣).

وأجلِّها، وقد أورد فيه جميع من وقف عليه ممن تكلِّم فيه، بما فيهم الأئمة وخلق من الثقات، لا للقدح فيهم، وإنما للدفاع عنهم، ولذا فقد حوى كتابه هذا الوضاعين والمتروكين والضعفاء وخلقاً من الأئمة وثقات المحدثين.

توفي الذهبي رحمه الله تعالى ليلة الاثنين ثالث ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، بالمدرسة المنسوبة لأم الصالح، في قاعة سكنه، بعد العشاء قبل نصف الليل، ودفن من الغد بمقبرة الباب الصغير من دمشق.

وكان رحمه الله قد أضرَّ قبل موته، في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة بماء نزل في عينيه، فكان يتأذى ويغضب إذا قيل له: لو قَدَحْتَ هذا لرجع إليك بصرك، ويقول: ليس هذا بماء، وأنا أعرف بنفسي؛ لأنني ما زال بصري ينقص قليلاً قليلاً، إلى أن تكامل عدمه.

وكان في غاية من الحرص على طاعة الله، حتى وهو في لحظات النزع، فقد عاده تقي الدين السبكي قبل المغرب وهو في السياق، وقال له: كيف تجدك؟ قال: في السياق، ثم سأله. أدخل وقت المغرب؟ فقال له: ألم تصلّ العصر؟ قال: بلى، ولكن لم أصلّ المغرب إلى الآن، ثم سأل السبكي عن الجمع بين المغرب والعشاء تقديماً، فأفتاه بذلك، ففعله [1].

وكان -رحمه الله- يقول شعراً جيداً، فمن ذلك قوله:

إذا قرأ الحديث عليّ شخص
وأخلى موضعاً لوفاة مثلي
فما جازى بإحسان؛ لأني
أريد حياته ويريد قتلي

وقال أيضاً:

العلم قال الله قالرسوله
إن صحّ والإِجماع فاجهد فيه
وحذار من نصب الخلاف جهالة
بين الرسول وبين رأي فقيه

وقال تلميذه الصفدي في رثائه:

أشمس الدين غِبْتَ وكل شمس
تغيب وزال عنا ظلّ فضلك
وكم ورّخت أنت وفاة شخص
وما ورّخت قط وفاة مثلك[2]

ولتلميذه تاج الدين السبكي قصيدة طويلة جيّدة في رثائه[3]

رحم الله الذهبي رحمة واسعة، وأسكنه فسيع جنّاته.

مصادر ترجمته كثيرة جداً، انظر منها:

1- فوات الوفيات (٣/ ٣١٥ – ٣١٧) للكتبي.

2- الوافي بالوفيات (٢/ ١٦٣ – ١٦٨) للصفدي.

3- ذيل العبر (ص ٢٦٧ – ٢٦٩).

4- ذيل تذكرة الحفاظ (ص ٣٤ – ٣٨) كلاهما للحسيني.

5- طبقات الشافعية الكبرى (٩/ ١٠٠ – ١١٦).

6- معيد النعم ومبيد النقم كلاهما لابن السبكي.

7- طبقات الشافعية (١/ ٥٥٨ – ٥٥٩) للأسنوي.

8- البداية والنهاية (١٤/ ٢٢٥) لابن كثير.

9- غاية النهاية في طبقات القراء (٢/ ٧١) لابن الجزري.

10- الرد الوافر (ص ٣١ – ٣٦) لابن ناصر الدين.

11- طبقات الشافعية (٣/ ٧٢ – ٧٤) لابن قاضي شهبة.

12- الدرر الكامنة (٣/ ٤٢٦ – ٤٢٧) لابن حجر.

13- النجوم الزاهرة (١٠/ ١٨٢) لابن تغري بردي.

14- الِإعلان بالتوبيخ للسخاوي.

15- ذيل تذكرة الحفاظ (ص ٣٤٧ – ٣٤٩) للسيوطي.

16- القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية (٢/ ٤٥٠ – ٤٥١) لابن طولون.

17- شذرات الذهب (١٥٣/ ٦ – ١٥٧) لابن العماد الحنبلي.

18- البدر الطالع (٢/ ١١٠ – ١١٢) للشوكاني.

وقد ترجم الدكتور بشار عواد معروف للذهبي ترجمة وافية أطال فيها وأجاد، ومنه استفدت في هذه الترجمة في كتابه: “الذهبي ومنهجه في كتابه تاريخ الإِسلام”.

توفي عَام ٨٠٤ هـ

المصدر: مختصرُ استدرَاك الحافِظ الذّهبي على مُستدرَك أبي عبد اللهِ الحَاكم



[1] الموضع السابق من طبقات الشافعية.

[2] الموضع السابق من الوافي بالوفيات.

[3] انظرها في طبقات الشافعية له (٩/ ١٠٩).

 

اضغط على أيقونة رابط قناتنا على التليجرام