أخبروني عن الإعراب والكلام أيهما أسبق؟ قيل له: إن الأشياء مراتب في التقديم والتأخير، إما بالتفاضل أو بالاستحقاق أو بالطبع أو على حسب ما يوجبه المعقول. فنقول إن الكلام سبيله أن يكون سابقاً للإعراب، لأنا قد نرى الكلام في حال غير معرب، ولا يختل معناه. ونرى الإعراب يدخل عليه ويخرج، ومعناه في ذاته غير معدوم.

إن القاعدة تجمع فروعًا من أبواب شتى، والضابط يجمع فروعَ ضابطٍ واحد، وقد تختص القاعدة بالباب؛ وذلك إذا كانت أمرًا كليًّا منطبقًا على جزئياته، وهو الذي يُعبرون عنه بقولهم: قاعدة الباب كذا

الفروع: جمع فرعٍ؛ يقول ابن فارس: “الفاء والراء والعين أصلٌ صحيح يدل على عُلوٍّ وارتفاع وسُموٍّ… والفرع: أعلى الشيء”وأما الفرع فحَدُّه ما ثبَت حكمُه بغيرهوقد أطلَق كثيرٌ من الفقهاء والأصوليين اسمَ الفروع على الفقه

المعنى الكلي العام لكلمة (أصل): أسفل كل شيء؛ من حيث إنه يُبنى عليه غيره، والبناء قد يكون حسيًّا كبناء السقف على الجدار، أو عقليًّا كبناء الحكم على الدليل، وأن كلمة أصل تعود إلى جذر ثنائي لَحِقه التضعيف؛ لأنها تَلتقي في المعنى مع كلمة (أُس) التي تَعني الأصل والشيء الثابت والأساس

المعنى الأول: اجتماع أمرين متضادين في شيء واحد، ومن ذلك قول ابن منظور (ت 711هـ): “تخريج الأرض أن يكون نَبتُها في مكان دون مكانٍ، فترى بياضَ الأرض في خُضرة النبات، وعام فيه تخريج؛ أي: خِصْب وجَدْبالتعدِية: ذلك أن الخروج لا يكون ذاتيًّا، بل من مُخرِّج، ومنه: الاستخراج والاختراج بمعنى الاستنباط… واخترَجه واستخرجه: طلب إليه أو منه أن يخرُج

ذهبَ أكثرُ النحويين إلى أنّ الإِعرابَ معنى يدلُّ اللّفظ عليه، وقالَ آخرون هو لفظُ دالٌ على الفاعل والمفعول مثلاً، وهذا هو المُختار عندي.

♦ كتاب: الصفوة من القواعد الإعرابية
♦ المؤلف: عبد الكريم بكار
♦ عدد الصفحات: 221
♦ لمحة عن الكتاب:
إن المحافظة على اللغة العربية والتمكين لها واجب من واجبات المسلم القادر على ذلك اليوم، حيث كادت أن تندرس معالمها بسبب قلة استعمالها، وعدم جعلها لغة الدرس في كثير من الجامعات العربية لا سيما في الكليات التطبيقية، ولهذا قدم لنا الكاتب هذا الكتاب الذي يشتمل على أهم القواعد الجزئية ببعض المسائل الكلية التي يجمل بالمُعرب أن يكون على علم بها.