القياس النحوي

القياس لغة واصطلاحاً:

القياس في اللغة التقدير، يقال:

قست الشيء بغيره وعلى غيره أقيس قياسا فالقياس إذا قدرته على مثاله” (لسان العرب، مادة: قيس). وفيه أيضا “اقتاس الشيء وقيسه إذا قدره على مثاله، وقايست بين الشيئين إذا قادرت بينهما” وقاس الشيء بغيره وعليه وإليه. وقد ساق النحاة للقياس تعريفات كثيرة منها التقدير، يقول السيوطي ” العرب قد تنطق بجمع لم يأت واحده فهي تقدره وإن لم يسمع” (الأشباه والنظائر،3/207) ويقال، “قست النعل بالنعل، إذا قدرته وسويته، وهو عبارة عن رد الشيء إلى نظيره” (التعريفات، مادة: قيس).

أمّا في الاصطلاح تتجدر الإشارة بداية إلى أن اللغويين يشيرون أحياناً إلى أنواعٍ مختلفة من القياس فهناك القياس الاستعمالي وهناك القياس النحوي، ويقصد بالقياس الاستعمالي هو وسيلة كسب اللغة في الطفولة، أما القياس الثاني وهو مقصد هذه الدراسة فهو القياس النحوي، أو هو النحو كما يراه النحاة، وبذلك يمكن القول بأن القياس الاستعمالي التطبيقي هو قياس الأنماط والقياس النحوي هو قياس الأحكام، وهو مدار هذه الدراسة. وعليه فتعج كتب الفقه والأصول واللغة بتعريفات شتى للقياس النحوي، (الأصول”: 177) وسأكتفي بعرض بعض منها وخصوصاً لأهل اللغة، يقول الرماني في كتابه الحدود في النحو : القياس هو الجمع بين أول وثانٍ يقتضيه في صحة الأول الثاني، وفي فساد الثاني فساد الأول، (الحدود 38) فيما يعرفه ابن الأنباري في لمع الأدلة بقوله: حمل فرع على أصل بعلة، وإجراء حكم الأصل على الفرع، أمّا الدكتور كمال جبري فيرى بأن القياس: هو حمل ما يجد من تعبير على ما اختزنته الذاكرة وحفظته ووعته من تعبيرات وأساليب كانت قد عُرفت أو سمعت، (المفصل: 257) فيما يرى الدكتور علي أبو المكارم (27) بأنّ للقياس مدلولين في اصطلاح نحاة العربية الأوّل يرتكز على مدى اطّراد الظاهرة في النصوص اللغوية مروية أو مسموعة، واعتبار ما يطرد من هذه الظواهر قواعد ينبغي الالتزام بها وتقويم ما يشذّ من نصوص اللغة عنها، أما المدلول الثاني للقياس فهو عملية شكلية يتم فيها إلحاق أمر بآخر لما بينهما من شبه أو علّة، فيعطى الملحق حكم ما ألحق به، ولهذه العملية أطرافاً أربعة: المقيس والمقيس عليه، والجامع بينهما، والعلة. وكذلك قرر الخطيب (1/425-426) إذ جعل للقياس مفهومين:

الأول قياس النصوص: حيث يورد مصطلح القياس فيه حول القاعدة النحوية ومدى اطرادها في النصوص اللغوية، واعتبار ا يطرد قواعد ينبغي الالتزام بها وتقويم ما يشذ من نصوص اللغة عنها، وقد مثل على ذلك بالقول: كل واو متحرك ما قبلها تقلب ألفاً، ويسمى قياساً صرفياً ولا يخفى أنه من قبيل الاستقراء، فعلى هذا: القانون المستنبط من تراكيب العرب إعراباً وبناءً يسمى قياساً نحوياً.

والثاني: قياس الأحكام الذي لا يقوم على تجريد القوانين ووضع الأحكام إنما مداره الاجتهاد وربط الظواهر النحوية التي تثبت بالاستقراء، وهو في عرف اللغويين: عبارة عن تقدير الفرع بحكم الأصل، وقيل هو حمل فرع على أصل بعلة وإجراء حكم الأصل على الفرع، وقيل هو إلحاق الفرع بالأصل بجامع، وقيل هو اعتبار الشيء بالشيء بجامع، وهذه الحدود كلها متقاربة. وكلاهما يهدفان إلى تنظيم نظرية الفكر النحوي.

ترك تعليق