المحامي والقاضي واللغة العربية!

ربما استمعتُ إلى مرافعة من محامٍ، أو تلاوةِ حُكم من قاضٍ، وكأنني أستمع إلى نص أدبي رفيع، فيه من فنون الفصاحة والبلاغة ونصوص القرآن والسُّنة؛ ما يستميل الآذان، وينعش الوجدان، فيعظم عندي قدرُهما، ويَكبر في عيني شأنهما؛ لأنهما لم يَصونا حقوق العدالة فحَسب، ولكنهما صانا حقوق اللغة التي نزل بها القرآن!

وقد كان (مكرم عبيد) سياسيًّا محنَّكًا، ومحاميًا بارعًا، وخطيبًا بليغًا، مُحبًّا للُّغة العربية، وكان يُكثر في مرافعاته من الاستشهاد بآيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية، حتى ظنَّه بعض الناس – من فرط استشهاده بها – مسلمًا، وقد كان الرجل نصرانيًّا!

وربما قال له القاضي (عبدالعزيز فهمي) حينما يَرى كثرة استشهاده بآيات القرآن: هل أنت مقتنع بما تستشهدُ به؟

فيقول: واجبي أن أُقنع عدالتكم بما أستشهد به!

ومن كلامه البليغ وكأنَّ فيه رائحةَ إسلامه: “اللهم يا ربَّ المسلمين والنصارى؛ اجعلنا لك مسلمين، وللوطن أنصارًا”!

ولا زالَت أصداءُ مرافعاته تتردد في وعي الذاكرة القانونية المصرية حتى هذه اللحظة.

ترك تعليق