الضمائر (2)

 

د- ضمير الفصل:
من المهم أن تلتفت إلى الاختلافات الدقيقة في استعمال المصطلح النحوي، فضمير الفصل هذا ليس هو الضمير المنفصل الذي تحدثنا عنه. نعم، هو نوع من ضمائر الرفع المنفصلة، لكن تسميته فصلا لا يرجع إلى هذا السبب؛ وإنما لأنه يفصل بين الخبر والصفة أي “يحسم” الأمر فيهما.


ولننظر في المثال الآتي:
زيد المخلص “… “.
هذا الكلام يمكن أن يكون جملة غير تامة؛ فتكون كلمة “المخلص” صفة زيد، والجملة تحتاج إلى خبر، فنقول:
زيد المخلص محبوب.

ويمكن أن يكون جملة تامة، فتكون كلمة “المخلص” خبرا؛ كأن يتحدث أمامك شحص فيقول: فلان مخلص، وفلان مخلص. فتقول أنت: بل زيد المخلص. أي زيد هو الرجل المخلص حقا.
نعود إلى المشكلة: زيد المخلص “… “.


إما أن تكون “المخلص” صفة أو خبرا. فإذا أردنا أن نحسم في الأمر؛ أي “نفصل فيه” جئنا بالضمير، فنقول:
زيد هو المخلص.

ولهذا السبب سُمي هذا الضمير ضمير فصل.


ولك في هذا الضمير إعرابان:
1- أن تقول عنه: إنه ضمير فصل مبني لا محل له من الإعراب، فتقول:
زيد: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.
هو: ضمير فصل مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
المخلص: خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.


2- وتستطيع أن تعربه ضميرا له محل من الإعراب، يكون إعرابه على النحو التالي:
زيد: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.
هو: مبتدأ ثانٍ، ضمير مبني على الفتح في محل رفع.
المخلص: خبر المبتدأ الثاني مرفوع بالضمة الظاهرة. والجملة من المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول.


ولك هنا أن تسأل: ما الفرق بين الإعرابين وقد أفضيا إلى نتيجة واحدة؟


يظهر الفرق حين يدخل على هذه الجملة فعل ناسخ. فإذا كان ضمير الفصل لا محل له نصبنا ما بعده؛ فنقول:
كان زيد هو المخلصَ.

لأن هذه الكلمة كانت هي الخبر.

أما إذا جعلت الضمير مبتدأ ثانيا، قلت:
كان زيد هو المخلصُ.
لأن الخبر هنا جملة اسمية “هو المخلص”، وهي بمجموعها في محل نصب.


هـ- ضمير الشأن:
الضمائر نوعان: ضمائر شخصية، ضمائر غير شخصية.


وهذا الضمير يطلق عليه ضمير الأمر وضمير القصة وضمير الحكاية إلى آخر هذه الأسماء التي أطلقها عليه النحاة، وهو ضمير غير شخصي؛ أي لا يدل على متكلم أو مخاطب أو غائب، وإنما يدل على معنى الشأن أو الأمر أو القصة ويقع في صدر الجملة، ويكون مبتدأ لها، وتكون الجملة مفسرة له وتقع خبرا عنه، فأنت حين تقول:
هو “أو هي” الدهر قلب.


فإن معنى قولك هو: أن الأمر أو الموضوع أو الحكاية أن الدهر قُلَّب، وتعرب على النحو التالي:
هو: ضمير الشأن مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.
الدهر: مبتدأ ثانٍ مرفوع بالضمة الظاهرة.
قلب: خبر المبتدأ الثاني مرفوع بالضمة الظاهرة.
والجملة من المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ.


وتقول في إعراب: إنه زيد كريم.
إن: حرف توكيد ونصب مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
الهاء: ضمير الشأن مبني على الضم في محل نصب اسم إن.
زيد: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.
كريم: خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.

والجملة من المبتدأ وخبره في محل رفع خبر إن.


وتقول في إعراب:
– ظننته زيدٌ كريم.
ظننته: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك، والتاء ضمير مبني على الضم في محل رفع فاعل، والهاء ضمير الشأن.

مبني على الضم في محل نصب مفعول أول لظن.

زيد: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.
كريم: خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.
والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب مفعول ثانٍ لظن.

 


ومن هذا الإعراب يتبين لك أن هذا الضمير لا بد أن يكون مبتدأ أو ما أصله المبتدأ، وأن تكون بعده جملة مفسرة له متأخرة عنه وجوبًا تقع خبرًا عنه، وأنه دائمًا بلفظ مفرد مذكر كان أو مؤنثًا “أي يدل على الشأن أو القصة”.


و استتار الضمير:
إذا وقع الضمير فاعلًا أو نائبًا عن الفاعل فقد يكون ضميرًا بارزًا كما لاحظنا في الأمثلة السابقة، وقد يكون ضميرًا مستترًا، واستتاره على درجتين: استتار جائز، واستتار واجب.


وللتفريق بين المستتر جوازًا والمستتر وجوبًا نضع بين يديك هذه القاعدة الواضحة:
إذا كان الضمير يدل على غائب فهو يستتر جوازًا. وإذا كان يدل على حاضر فهو يستتر وجوبًا.


وضمير الغائب الذي يستتر جوازًا هو الضمير المفرد الغائب وضمير المفرد الغائبة، فتقول:

زيد قام.
زيد: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.
قام: فعل ماض مبني على الفتح، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر.

هند قامت.
هند: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.
قامت: فعل ماض مبني على الفتح، والتاء للتأنيث حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب، والفاعل ضمير مستترا جوازا تقديره هي، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر.


أما الضمير المستتر وجوبا فهو ضمير الحاضر، أي الذي يدل على المتكلم “أنا”، وعلى جماعة المتكلمين “نحن” مع الفعل المضارع، وعلى المخاطب “أنت” مع المضارع والأمر. فتقول:
أحب وطني.
أحب: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة. والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره “أنا”.


وطني: مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة، والياء مضاف إليه مبني على السكون في محل جر.

نحب وطننا.
نحب: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره “نحن”.
اسعَ إلى الخير.


اسعَ: فعل أمر مبني على حذف حرف العلة، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره “أنت”.

 

كن صادقا.
كن: فعل أمر مبني على السكون، وهو فعل ناقص. واسمه ضمير مستتر وجوبا تقديره “أنت”.
صادقا: خبره منصوب بالفتحة الظاهرة.


هذا هو التفريق الأساسي بين المستتر جوازا والمستتر وجوبا؛ ضمير الغائب للأول وضمير الحاضر للثاني، ولكن النحاة رأوا أن ضمير الغائب قد يكون مستترا وجوبا، وذلك في مواضع.

 

معينة؛ أكثرها استعمالا هي:

1- الفاعل في باب التعجب الذي على صيغة “ما أفعل” فتقول: ما أكرمَ العربيَّ!
ما: اسم تعجب مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
أكرم: فعل ماض مبني على الفتح، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر.
العربي: مفعول به منصوب بالفتحة.

 

2- أن يقع الضمير فاعلا لنعم، بشرط أن يكون مُفَسَّرا بنكرة، فنقول:

نِعْمَ قائدًا خالد.
نعم: فعل ماض مبني على الفتح. والفاعل ضمير متتر وجوبا تقديره هو.
قائدا: تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.
خالد: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة، والجملة الفعلية المقدمة في محل رفع خبر.

 

3– أن يقع فاعلا لأفعال الاستثناء وهي خلا وعدا وحاشا، فتقول:
جاء الناس خلا زيدا.
خلا: فعل ماض مبني على الفتح المقدر منع من ظهوره التعذر. والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو.

 

ما الفرق بين قولنا “مستتر جوازا” وقولنا “مستتر وجوبا” مع أن الضمير لا يظهر في الحالتين؟
لاحظ النحاة أن الضمير الغائب يمكن أن يحل محله اسم ظاهر، تقول:
زيد نجح.

 

وتقول:
زيد نجح أخوه.
فأنت ترى أن الفاعل حين استتر في الجملة الأولى لم يكن استتارة إجباريا، بل لكونه ضمير غائبا، بدليل ظهوره حين صار اسما ظاهرا؛ لذلك قلنا: مستتر جوازا.

 

أما جملة:
أتكلم الإنجليزية.
فيستحيل أن يكون لهذا الفعل فاعل غير هذا الضمير؛ أي أن الاستتار إجباري، ومن هنا قلنا: إنه مستتر وجوبا.

 

تدريب: أعرب ما يأتي:

﴿وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ﴾.

﴿كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ﴾.

﴿إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا، فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ ﴾.

﴿إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ ﴾.

﴿تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ﴾.
وفي قراءة: “تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ وَأَعْظَمَ أَجْرًا”.

﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾.

﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ ﴾.

﴿بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ﴾.

﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ ﴾.

﴿سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا ﴾.

﴿بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ ﴾.

 

ترك تعليق