أخطاء الضبط الإعرابي (1)

مدخل
تتنوع أخطاء الضبط الإعرابي وتتعدد بصورة لافتة للنظر سواء على ألسنة المذيعين أو المحدثين. ومن هذه الأخطاء ما يكسر قواعد من أوليات النحو العربي ومبادئه. مما كان يمكن تجنبه بشئ من الحرص والتنبه. ولهذا لن أتعرض له هنا. أما ما سأتعرض له فهو ما يدخل تحت صورة أو أخرى من صور التوهم في تحليل الجملة وما قد يحتاج تجنبه إلى مزيد من تنبه وتفطن.
وتشمل هذه الصور ما يأتي:

أ- أخطاء الإتباع:
1- إتباع اسم لا النافية للجنس:
إذا أتبع اسم لا النافية للجنس بنعت فإن النحاة يفصلون في هذه المسألة على أساس نوع الاسم “مفرد، مضاف، شبيه بالمضاف”. ونوع النعت “مفرد، مضاف، شبيه المضاف”، ووجود أو عدم وجود فاصل بين النعت والمنعوت، فيختارون واحدًا أو أكثر من احتمالات ثلاثة هي: الفتح، والنصب، والرفع.
ولكن هناك حالة مشتركة بين جميع المسائل وهي النصب ولذا تتضح بالتزامه في جميع الحالات كما يظهر من الأمثلة الآتية:
لا تعديلَ وزاريًّا قبل عام.
لا تعديلَ للوزارة متوقعًا.
لا سلامَ قوة دائمًا في لبنان.
لا موظفَ صاحب خلق يسيء معاملة الجمهور.

2- مجيء التابع بعد أكثر من كلمة:
قد يُسبَق التابع بأكثر من كلمة، فلا يتبين القارئ متبوعَه إلا بشيء من التأمل، وكثيرًا ما يتسرع فيلحق التابع بأقرب كلمة منه فيقع في الخطأ، كما يبدو من الأمثلة الآتية التي أتبع فيها المضاف إليه. وكان الواجب إتباع المضاف.
3- اختلاف التابع والمتبوع في علامة الإعراب:
قد يختلف التابع والمتبوع في حركة الإعراب “جمع المؤنث السالم ينصب بالكسرة والممنوع من الصرف يجر بالفتحة استثناء من قاعدة النصب بالفتحة والجر بالكسرة” مما يوقع المتكلم غير المنتبه في الخطأ، كما يبدو من الأمثلة الآتية:

1- فند العراق إدعاءات بريطانيةٍ جديدة، والصواب: بريطانيةً.

2- أن قواتٍ تابعةٍ للأمم المتحدة، والصواب: تابعةً.

3- تميزت بمعالمَ كثيرةً، والصواب: كثيرةٍ.

4- إن طائراتٍ قادمةٍ … قد قصفت، والصواب: قادمةً.

عدم التنبيه إلى ما في الجملة من تقديم وتأخير

ب- عدم التنبه إلى ما في الجملة من تقديم وتأخير:
أكثر ما لفت نظري من أخطاء إعرابية نتيجة عدم التنبه إلى ما في الجملة من تقديم وتأخير، كان متعلقًا ببابي كان وأخواتها، وإن وأخواتها.
فمن النوع الأول:
ومن النوع الثاني:

ج- خلط أجزاء الجملة نتيجة طولها:
قد تطول الجملة وتتباعد مكوناتها فيقع الخطأ في تحليل أجزاء الجملة، وتحديد العلاقات بين كلماتها، ومن ذلك:
1- لدينا أيها الإخوة المستمعون نداءين إلى إدارة الكهرباء، وصوابها: نداءان.
2- نفت السفارة السعودية أن يكون سبب تأجيل زيارة الأمير فهد للولايات المتحدة عائد لأسباب صحية، وصوابها: عائدًا.
3- هناك أخبار تقول إن البليونير الذي لم يراه أحد ولا حتى أقرب مساعده شخصيةً وهمية، والصواب: شخصيةٌ.
4- تبين أن البنك المصروف له الشيك … بنكًا وهميًّا، والصواب: بنكٌ وهميٌّ.

د- نصب نائب الفاعل:
وقع الخطأ في ضبط نائب الفاعل في الحالتين الآتيتين:

1- أن يلي الفعل المبني للمجهول جار ومجرور فيتوهم نيابته عن الفعل المحذوف ثم يأتي المفعول منصوبًا، والقاعدة المتبعة في ذلك أنه لا يجوز إنابة أي مكمل في الجملة عند وجود المفعول به والمثالان الآتيان وقعا في هذا الخطأ:
“سيفرض على كل شخص يغادر البلاد رسمًا قدره خمسة جنيهات”، والصواب: رسمٌ.
نسب إلى مسئول كبير قولَه: والصواب: قولُه.

2- عدم التنبه إلى أن اسم المفعول يعمل عمل الفعل المبني للمجهول، فيأتي بعده نائب الفاعل. وقد قرأ المذيع الجملة الآتية بنصب ما بعد اسم المفعول.
– الاجتماع الذي كان مقررًا عَقْدَهُ قد تأجل، والصواب: عَقْدُهُ.

هـ- نصب الفاعل:
أكثر ما جاء من هذا النوع كان في حالة اتصال ضمير النصب بالفعل وتأخر الفاعل، أو في حالة الفصل بين الفعل والفاعل بأحد مكملات الجملة.
فمن النوع الأول:
تشدني إليه فصاحتَه، والصواب: فصاحتُه.
يسرني إرسالَ هذه التهنئة باسمي واسم زملائي، والصواب: إرسالُ.
تسعدني دعوَتَكم، والصواب: دعوَتُكم.
ومن النوع الثاني:
يجب على الفلاحين مراعاةَ ما يأتي، والصواب: مراعاةُ.
كان يتعين على الأردن التشاورَ مع إخوانه، والصواب التشاورُ.

و- الضبط الخاطئ للمفعول الثاني:
هناك أفعال تنصب مفعولين اثنين مثل: “ظن” وأخواتها “وأعطى” وأخواتها.
وقد سمعت بعض المذيعين يخطئ في ضبط المفعول الثاني، مرة بالضم ومرة بالكسر. فمن النوع الأول:
ولكن التاجر قد أُعْطِيَ فيها الثمنُ الذي يريده.
وواضح أن نائب الفاعل “الذي كان أصله مفعولا أول” هو الضمير المستتر في “أُعْطِيَ” وأن “الثمن” مفعول ثانٍ يجب نصبه. ومن النوع الثاني.
على الناخبين عدم منحه أصواتِهِمْ.
ولما كان مصدر الفعل يعمل عمله، وكان الفعل “منح” مما ينصب مفعولين كان الواجب أن يقال: عَدَم منحه أصواتَهُمْ.

ز- نصب المنقوص بفتحة مقدرة:
من المعروف أن المنقوص من الأسماء يرفع ويجر بحركة مقدرة. ولكنه ينصب بفتحة ظاهرة. ولكنني لاحظت أن كثيرًا من المذيعين والمتحدثين ينصبون بحركة مقدرة، كما في الأمثلة الآتية:
لأن فيها معان غامضة، والصواب: معانيَ.
إنه يحمل معانٍ لا يمكن تجاهلها، والصواب: معانيَ.
سيواصل مساعِيهِ، والصواب: مساعِيَهُ.
الذي احتل أراضِيها، والصواب: أراضِيَها.
وأن يبسطوا أيدِيهِمْ بالمودة، والصواب: أيديَهُمْ.

العطف على الضمير المرفوع المتصل أو المستمر

ح- العطف على الضمير المرفوع المتصل أو المستتر:
القاعدة النحوية أنك إذا عطفت على ضمير الرفع المتصل أو المستتر وجب أن تفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بشيء، ولكن الاستعمال الإذاعي جاء على خلاف ذلك، كما يبدو من الأمثلة الآتية:
التقى وعددٌ من المسئولين.
لما لقيه وأعضاءُ الوفد المرافق من حفاوة.
تصرفاته في حياته تتفق وإدراكُه الذهني.
والواجب[1] في مثل هذه الحالة الفصل بشيء مثل الضمير، كأن يقال:
التقى هو وعدد من المسئولين.
لما لقيه هو وأعضاءُ الوفد المرافق من حفاوة.
تصرفاته في حياته تتفق هي وإدراكُه الذهني.
وفي القرآن الكريم: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} .
ويجوز التخلص من هذا الخطأ عن طريق اعتبار الواو واو المعية لا العطف، ونصب ما بعدها مفعولا معه، فيقال:
التقى وعددًا من المسئولين.
لما لقيه وأعضاءَ الوفد المرافق من حفاوة.
تصرفاته في حياته تتفق وإدراكَه الذهني.

 


[1] أجاز بعضهم هذا العطف على قلة. والمفروض أن تختار لغة الإعلام التعبير الفصيح.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقالات مشابهة:

ترك تعليق