طرائف نحوية (7)

الزهاوي والرصافي:

جلس الشاعران العراقيان الزهاوي والرصافي يأكلان ثريداً فوقه دجاجه محمّرة. وبعد قليل مالت الدجاجة ناحية الزهاوي فقال: (عَرَف الخير أهله فتقدما). فقال الرصافي: (كَثُر النبش تحته فتهدما.

♦♦♦♦♦

 

ومما نقله إليّ من اللطائف أن العلامة جواد ركب إحدى سيارات الأجرة في بغداد، يوماً، وفي الطريق شغل السائق المذياع، وكان برنامجه من الإذاعة (قل ولا تقل) يذاع، فضجر السائق وأغلق المذياع وقال باللهجة العراقية العامية: (اسكت كواد)، فطلب مصطفى جواد التوقف ونزل من السيارة وهمس في أذن السائق: (قل قوّاد ولا تقل كوّاد)، فسارع السائق للاعتذار منه وقبل مصطفى جواد اعتذاره وضحك.

♦♦♦♦♦

 

من كتاب (نودار المعلمين) للجاحظ:

الذي يُقال إنه ضاع و قد نقل ابن الجوزي بعضا ً منه في كتابه (نوادر الحمقى والمفغلين ):: و سأورد هنا بعضا ً منها:

1- قال‏:‏ مررت بمعلم وقد كتب لغلام( وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً وأكيد كيداً فمهل الكافرين أمهلهمرويداً) فقلت له‏:‏ ويحك فقد أدخلت سورة في سورة قال‏:‏ نعم إذا كان أبوه يدخلشهراً في شهر فأنا أيضاً أدخل سورة في سورة فلا آخذ شيئاً ولا ابنه يتعلم شيئاً‏.

 

2- قال‏:‏ حدثنا محمد بن خلف قال‏:‏ قال بعض المجان‏:‏ مررت ببعض دورالملوك فإذا أنا بمعلم خلف ستر قائم على أربعة ينبح نبح الكلاب فنظرت إليه فإذا صبيخرج من خلف الستر فقبض عليه المعلم فقلت للمعلم‏:‏ عرفني خبرك قال‏:‏ نعم هذا صبييبغض التأديب ويفر ويدخل إلى الداخل ولا يخرج وإذا طلبته بكى وله كلب يلعب به فأنبحله فيظن أني كلبه ويخرج إليه فآخذه‏.‏

 

3- قال غلام للصبيان‏:‏ هل لكم أن يفلتنا الشيخ اليوم قالوا‏:‏ نعمقال‏:‏ تعالوا لنشهد عليه أنه مريض فجاء واحد منهم فقال‏:‏ أراك ضعيفاً جداً وأظنكستحم فلو مضيت إلى منزلك واسترحت فقال لأحدهم‏:‏ يا فلان يزعم فلان أني عليلفقال‏:‏ صدق الله وهل يخفى هذا على جميع الغلمان إن سألتهم أخبروك فسألهم فشهدوافقال لهم‏:‏ انصرفوا اليوم وتعالوا غداً.

 

4- حُكي عن الجاحظ انه قال: ألفت كتاباً في نوادر المعلمين وماهمعليه من التغفل ثم رجعت عن ذلك وعزمت تقطيع الكتاب، ودخلت يوماً مدينة فوجدت فيهامعلماً في هيئة حسنة فسلمت عليه فرد علي أحسن رد ورحب بي، فجلست عنده وباحثته فيالقرآن الكريم فإذا هو ماهر فيه ثم فاتحته في الفقه والنحو وعلم المعقول وأشعارالعرب فإذا هو كامل الآداب فقلت: هذا والله مما يقوي عزمي على تقطيع الكتاب. قال: فكنت أختلف إليه وأزوره فجئت يوماً لزيارته فإذا بالكُتاب مغلق ولم أجده فسألتعنه فقيل: مات له ميت، فحزن عليه، وجلس في بيته للعزاء؛ فذهبت إلي بيته وطرقتالباب، فخرجت إلى جارية وقالت: ما تريد؟

فقلت: سيدك.

فدخلت وخرجت وقالت: باسم الله.

فدخلت إليه وإذا به جالس، فقلت: عظم الله أجرك. لقد كان لكم فيرسول الله أسوة حسنة، وكل نفس ذائقة الموت، فعليك بالصبر. ثم قلت له: هذا الذيتوفى ولدك؟

قال: لا

قلت: فوالدك؟

قال: لا

قلت: فأخوك؟

قال: لا

قلت: فزوجتك

قال: لا

فقلت: وما هو منك؟

قال: حبيبتي

فقلت في نفسي: هذا أول المناحس

فقلت: سبحان الله، النساء كثير، وستجدغيرها

فقال: أتظن إني رايتها؟

فقلت: وهذه منحسة ثانية

ثم قلت: وكيفعشقت من لم تر؟

فقال: اعلم إني كنت جالساً في هذا المكان وأنا انظر من الطاق ( الشباك ) إذ رأيت رجلاً عليه برد وهو يقول:

يا أم عمرو جزاك الله مكرمة ردي عليفؤادي أينما كان

لا تأخذين فؤادي تلعبين به فكيف يلعب بالإنسان إنسانا

فقلتفي نفسي: لولا أن أم عمرو هذه ما في الدنيا أحسن منها ما قيل فيها هذا الشعرفعشتها. فلما كان منذ يومين مرذلك الرجل بعينه وهو يقول:

لقد ذهب الحمار بأمعمرو فلا رجعت ولا رجع الحمار

فعلمت إنها ماتت، فحزنت وأغلقت الكٌتاب وجلست في الدار.

فقلت: يا هذا إني كنت ألفت كتاباً في نوادركم معشر المعلمين وكنت حينصاحبتك عزمت على تقطيعه، والآن قويت عزمي على إبقائه وأول ما أبدأ بك إن شاء الله تعالى.

ترك تعليق