لغة الجرائد (1)

فمن تلك الألفاظ لفظة التحوير التي لم يبقَ كاتب جريدة ولا مؤلف كتاب إلا وردت في كلامه مئات من المرار يريدون بها معنى التنقيح والتعديل والتهذيب وما جرى هذا المجرى، وذلك في الكلام على الشروط والمعاهدات والأحكام وأشباهها. ولم ترد هذه اللفظة في شيء من كتب اللغة بمعنى من هذه المعاني؛ إنما التحوير في اللغة بمعنى التبييض، يقال: حوَّر الثوب إذا قصَّره وبيَّضه، ومنه الحُوَّارَى للدقيق الأبيض، وهو لباب البُرِّ وأجوده وأخلصه، وقد حوَّر الدقيق إذا بيَّضه، وغالب ألفاظ هذه المادة يرجع إلى معنى البياض، فما ضرَّ لو استعملوا في مكان هذه اللفظة إحدى الكلمات التي ذكرناها في مرادفها.

كتاب: لغة الجرائد pdf

طرأ العديد من التغيُّرات على لغتنا العربية وقواعدها، واختفت بعض الكلمات نظرًا لقِلة استخدامها أو استبدالِ كلماتٍ جديدة مُحدثة بها، متأثرة بالاختلاط الأعجمي. وقد تجلَّى أثرُ هذه التغيُّرات اللُّغوية في كتابة الجرائد والصحف والمجلات. ولما كانت الجرائد اليومية من أهم الوسائل التي تُؤثر بصورةٍ مباشرة في ثقافة العامة، فإن الاهتمام بسلامة اللغة التي تُكتب بها أمرٌ ضروري؛ فأثر تلك اللغة لا يقف عند حد قراءتها، بل تصاحب الناس في أحاديثهم ونقاشاتهم اليومية. ويأتي «إبراهيم اليازجي» ليَلفتَ الأنظارَ إلى زُمرةٍ من الأخطاء الشائعة في «لغة الجرائد»؛ سعيًا للإسهام في تنقيتها وتقويمها.