تمهيد لدراسة الجملتين الأسمية والفعلية
الكلمة والكلام
1- المقصود بالكلمة لدى النحاة، وإطلاقها أحيانًا على الكلام
2- صور الكلمة العربية “الاسم، الفعل، الحرف” معناها، علاماتها
3- المقصود بالكلام لدى النحاة، والفرق بينه وبين الكَلِم
4- صور الكلام العربي وحصرها في الجملتين الاسمية والفعلية
معنى الكلمة:
البُشْرى، اليُسْر، السُّهولة، العذْب، بَشَّر، يَسَّر، سَهُل، عَذُب، نَعَمْ، أجَلْ، مِنْ، لَيْتَ، لَعَلَّ.
كل من الألفاظ السابقة يطلق عليها “كلمة” سواء أكانت اسمًا أم فعلًا أم حرفًا.
لكن ينبغي قبل الفهم النظري للمقصود بالكلمة لدى النحاة التعرف على ما يقصد بالكلمات: “اللفظ، القول، المفرد”.
فاللفظ: هو النطق المشتمل على بعض الحروف سواء أكان هذا المنطوق له معنى أم لم يكن.
فالكلمات “نبيه، رائع، المقْتَحِف، التَّرّان” كلها ألفاظ، ومن البيّن أن للأوليين معنى، أما الأخيرتان فلا معنى لهما.
والقول: هو النطق الدال على معني فقط، فالكلمتان “نبيه، رائع” قول، أما الكلمتان “المقْتَحِف، التَّرّان” فليستا من القول في شيء.
والمفرد: يقصد به هنا ما لا يدل جزؤه على جزء معناه، فمثلا كلمة”عَذْب” مكونة من حروف ثلاثة هي “ع. ذ. ب” فلو أخذ كل منها مستفردا ما دل على شيء من العذوبة التي تفيدها الكلمة مجتمعة الحروف.
وعلى هذا: يمكن فهم التعريفين التاليين للكلمة، وهما يمثلان تحديد الكلمة لدى معظم النحاة.
جاء في ابن عقيل: الكلمة هي اللفظ الموضوع لمعنى مفرد. ا. هـ.
وجاء في قطر الندى: الكلمة قول مفرد. ا. هـ.
وهذان التحديدان متساويان تمامًا؛ لأن “اللفظ الموضوع لمعنى” تساوي تمامًا “القول”.
والمهم من ذلك كله أن الكلمة -وستتردد كثيرا في دراستنا- تطلق على ما له الصفات التالية مجتمعة:
أ- النطق، فدراسة النحو كلها تقوم على النطق فعلا لا على الخط أو غيره من الأمور الدالة.
ب- أن يكون هذا النطق دالا على معنى، فلا علاقة لنا إذن بما لا معنى له من الهراء أو الألفاظ المشوهة.
ج- المفرد -كما حدد فيما سبق- فإن النطق المركب له موقف آخر سيأتي في الحديث عن الكلام.
هذا التحديد السابق هو المعنى المشهور “للكلمة” لغة ونحوا، لكنها قد تستخدم عن طريق المجاز البلاغي دالة على كلام كثير جملة أو عبارة أو قصيدة أو خطبة، فلنتأمل ما يلي:
• قول القرآن في حديث عن الكافر: {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} من الآية 99 من سورة “المؤمنون”.
• قول القرآن: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} الآية 119 من سورة هود..
• ما روي عن الرسول من قوله: “أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد”:
ألا كلُّ شيءٍ ما خلا اللهَ باطلُ … وكلُّ نعيمٍ لا محالةَ زائلُ[1]
• ويتردد بيننا كثيرًا قولنا: “بدأ الحفلُ وتوالى الخطباءُ يلقون كلماتِهم”.
صور الكلمة العربية:
الإحْسَان، الجميل، الشُّكر، خيرٌ، محبةٌ، جمالٌ. “أسماء”.
أحسَنَ، شكَرَ، يُجَامِل، يُواسِي، اصْنَع المعروف. “أفعال”.
مِنْ، إلَى، في، ليت، لمْ، هلْ. “حروف”.
الكلمة العربية تأتي في صور ثلاث “اسم، فعل، حرف”.
جاء في قطر الندى: الدليل على انحصار أنواع الكلمة في هذه الثلاثة “الاستقراء” فإن علماء هذا الفن تتبعوا كلام العرب، فلم يجدوا إلا ثلاثة أنواع، ولو كان ثمَّ نوع رابع لعثروا على شيء منه ا. هـ.
فالنظر في الكلام العربي وملاحظته وتصنيفه هو ما يطلق عليه “الاستقراء” والاستقراء هو الأساس الذي أدى إلى معرفة أن الكلمة العربية أنواع ومن البيّن أن حديث الرسول قد أطلق على هذا البيت أنه “كلمة صادقة” لما تضمنه من معنى ديني حكيم خلاصته: أن الله هو الحقيقة الباقية، وكل شيء غيره باطل، وكل نعيم في الحياة زائل.
والاستشهاد بالحديث كله -نثرًا وشعرًا- هو إطلاق “الكلمة” على بيت شعري كامل.
ثلاثة اسم وفعل وحرف، وينبغي التعرف على كل من هذه الأنواع الثلاثة تعرفًا كاملًا من ناحيتين:
أ- تحديد معناه.
ب- علاماته التي يعرف بها.
المصدر: النحو المصفى
[1] صحيح مسلم، الجزاء الرابع، كتاب الشعر.
1 تعليق