التركيب النحوي؛ علم القواعد


إن المصطلحات النحوية التي يستخدمها اللغويون الوصفيون ما تزال مشوشة وغير موحدة في الاستعمال حتى الآن، ثم إنها تكشف عن اتجاه لجعل تطبيقها عالميا “صالحة لكل أنواع اللغات”، وعن ميل إلى استعمال مصطلحات تقليدية “مثل:
subject وpredicate” إلى جانب مصطلحات جديدة مثل: immediate constituents “المكونات المباشرة” وendocentric “الجملة الناقصة” أو exocentric structure “الجملة التامة”.


والمصطلح
exocentric structure يعني ما كان يسمى عادة في المصطلح القديم بالجمل التامة مثل: أنا هنا, ضربته، بينما يختص
endoentric structure بمجموعة الكلمات التي تقوم بوظيفة الاسم “مثل: the big red book“، أو الفعل مثل: should have been seen“، أو الصفة “مثل: up, to, date“، أو الظرف “مثل: in a moment“.


أما المصطلح
construction فيستعمل تارة ليدل على مجموعة من الكلمات أو المورفيمات تجمعها رابطة مباشرة مثل: الرجل العجوز الذي يعيش هناك، وتارة ليدل على نموذج لبناء أشكال مركبة من وحدات بنائية معينة مأخوذ بدوره من مكونات مباشرة immediate constituents لأنواع معينة من الصيغ form-classes.


وهذا يستدعي أن نعرف المراد بالمصطلح
form-class “أو constituent class” وكذلك المراد بالمصطلح immediate constituents.

نريد بـ
form-class أو constituent class الكلمات أو مجموعات الكلمات التي لها نفس الحق في الاستعمال ويعني ذلك أنها يمكن أن تقع في نفس الشكل التركيبي، وربما حصل التبادل بينها، ولكن بشرط استمرار دلالتها على معنى، إن مجموعة من الكلمات مثل: “الرجل الذي يعيش هناك” والكلمة المفردة “الساكن” يمكن اعتبارهما منتسبتينلوحدة بنائية معينة، حيث من الممكن تعاورهما في نفس المكان داخل تركيب معين، وكذلك يمكن أن يقال بالنسبة لمجموعة الكلمات: “في منزل ابنه” بالنظر إلى كلمة “هناك”[1].


أما الكلمة[2]
constituent فتعرف بأنها أي كلمة تأخذ مكانا لها في تركيب أكبر، والمصطلح immediate constituent يطلق على واحدة من كلمتين أو أكثر يتكون منها جميعا تركيب ما. في جملة مثل: منازل هذا الرجل لونها أبيض، المكونات المباشرة immediate constituent هي: منازل هذا الرجل + لونها أبيض “يمكن أن يقال بشيء من التجاوز إن الأول يقابل ما يسمى تقليديا بالمسند إليه subject وتوابعه، والثاني ما يسمى بالمسند predicate وتوابعه”. وإذا حاولت أن تفصل “هذا الرجل لونها” من العبارة السابقة وتعتبرها مكونا مباشرًا كان خطأ رغم “ورود الكلمات في نفس التتابع السابق.


وفي تركيب مثل:
hothouse flowers ترتبط كلمة house بكلمة hot.
ولكن في مثل:
hot housewarming ترتبط الكلمة house بكلمة: warming.


والمكون المباشر قد يكون مركبا من وحدات متصلة أو منفصلة ففي مثل “
the man did come” تعد الكلمتان did com مكونا مباشرا متصلا للتعبير الفعلي, ولكن في did the man come? هما ما يزالان مكونا مباشرا للتعبير الفعلي ولكنهما منفصلان.


وهناك مصطلح آخر وهو التحويل
transformation ويعني من الناحية التركيبية تغيير إحدى جملتين داخل مجموع واحد إلى الأخرى. وربما شمل التحويل كذلك تغيير الجملة من الإثبات إلى نفي أو استفهام، مثل: الرجل قادم, الرجل ليس قادما, هل الرجل قادم؟ وواحدة من هذه الأنواع التركيبية “عادة الجملة المثبتة” تعد الأصل أو الأساس input وبتحويلها يتم إنتاج أنواع أخرى “نفي أو استفهام” يطلق عليها اسم الفرع أو النتاج output. وهناك قوانين تحكم أخذ أنواع النتاج من الأصل، وهذه القوانين غالبا ما تتنوع بحسب نوع اللغة والظروف المحيطة، ففي الإنجليزية مثلا لكي تأخذ النتاج المنفي من مصدر الطاقة أو الأصل the man is coming: input لا بد أن تضيف not إلى is. ولكن لتأخذه من: the man walked away يجب أن تأتي بـdid وتضيف not، ثم تغير walked إلى: the man did“. “not walk away. وفي الفرنسية لكي تنفي: L’home est ici الرجل هنا”. لنا طريقان فإما أن نضع قبلها est-ce que فتصير Est-co que l’homme est ici, أو نكرر المسند إليه بعد الفعل في صورة ضمير فتصير L’homme, est-il ici? وإذا نحن في النهاية حصلنا على القوانين التي تحكم أي تغيير من الإثبات إلى النفي أو الاستفهام أو أي نوع نريده من الجمل فقد حصلنا على تحويل كامل.


أما المصطلح الأساس
head أو الكلمة الأساسية head word فيستعمل غالبا في علم اللغة الوصفي ليعني أهم كلمة في التركيب. ففي جملة مثل: “البيوت الجديدة التي تبنى الآن … “، الكلمة “بيوت” هي الأساس، وسائر الكلمات صفات attributes.


وهناك اصطلاح آخر هو الكلمات الوظيفية
function words ويستعمل بكثرة ليشير إلى الكلمات الصغيرة مثل “ال” و”بعض” وعلامةالتنكير “a” في الإنجليزية[3]، والتي تقوم بدور العلامات المميزة في الجملة، وكثيرا ما تحذف من العناوين، ولكن إسقاطها من ناحية أخرى قد يسبب خلطا. فلو قلنا مثلا the water is pure فوجود علامة التعريف يحدد أن المراد قدر معين من الماء بعينه، وحذفها يدل على أن المراد التعميم.


ومن الواضح الذي لا يحتاج إلى دليل أن اللغات تختلف فيما بينها في استعمال أو عدم استعمال تلك الكلمات الوظيفية، فلا يوجد في الروسية واللاتينية مثلا علامة تعريف أو علامة تنكير، ولذا فمن المستحيل أن توجد تفريقًا كهذا الذي سبقت الإشارة إليه في الإنجليزية، اللهم إلا بالإسهاب، أو تغيير التركيب. وفي اللغة الإنجليزية نظام ثنائي يميز بين ما هو قريب، وما هو بعيد، فيستعمل للأول
this وللثاني that ولكن الإسبانية تشتمل على نظام ذي ثلاث شعب، فهناك لفظ لما هو قريب للمتكلم، وهناك لفظ لما هو قريب للمخاطب، وهناك لفظ لما هو بعيد عنهما، وما يقال من أن الإنجليزية في فترة سابقة كانت تحوي نفس النظام الثلاثي متمثلا في this, that, yon، فإنما يخص علم اللغة التاريخي لا الوصفي، أما اللغة الفرنسية فعلى العكس من ذلك لا تفرق عادة بين ما هو قريب وما هو بعيد فتستعمل لهما صيغة واحدة[4].


وبعض اللغات الهندية الأميركية لها نظام ذو خمس أو ست شعب، للتفريق بين ما هو غير مرئي، وما هو في الماضي ولا أثر له … إلخ.


وإن ميزات التقسيمات الاصطلاحية الحديثة على أختها التقليدية ليست جميعا واضحة، ولكن من الممكن أن يقال إنها أكثر قابلية للتطبيق على لغات ذات أنماط مختلفة.


المصدر: أسس علم اللغة

 


[1] المصطلحات التقليدية تصف المثال الأول بأنه اسم noun أو أي شيء يمكن أن يقوم بدور الاسم وتوابعه، في حين أن المثال الثاني ربما وصف بأنه ظرف adverb.

[2] تسمى كذلك: component.

[3] زاد المؤلف الأمر وضوحا في معجمه Glossary of Linguistic Terminology فذكر أن هذا المصطلح يطلق على الكلمة غير المنبورة في الجملة، والتي تؤدي أساسًا معنى نحويا لا معجميا، وذلك مثل حروف الإضافة، والأفعال المساعدة، والروابط، والظروف، والأدوات، وبعض الضمائر “انظر مادة: Function word”. “المترجم”.

[4] اللفظ ce livre قد يعني هذا الكتاب أو ذلك الكتاب. ولذلك يلجأ المتكلم الفرنسي إلى نوع من التفريق حين يرى حاجة إلى ذلك عن طريق إضافة “ci-” أو “la-” إلى livre ولكن استعمال ذلك في المجال العملي قليل جدا.

اضغط على أيقونة رابط قناتنا على التليجرام

ترك تعليق