التداخل بين الفعل الثلاثي المجرد والمزيد بالهمزة


لكل من الفعل الثلاثي المجرد، والفعل المزيد بالهمزة أحكام تصريفية خاصة. ويترتب على الخلط بينهما جملة من الأخطاء التصريفية التي تشمل:
أ- ضبط أحرف المضارعة.
ب- نوع همزة الأمر “وصل أو قطع” وكيفية ضبطها.
ج- اشتقاق اسم الفاعل أو المفعول.
د- استعمال وزن “أفعل” مع عدم النص عليه في المعاجم.


أ- ضبط أحرف المضارعة:
أحرف المضارعة هي الأحرف الأربعة التي يبدأ بها الفعل المضارع، والتي يجمعها قولك: نأتي:
وهذه الأحرف تضبط بالفتح إذا كان الفعل ثلاثيا مجردا. وبالضم إذا كان ثلاثيا مزيدا بالهمزة. فإذا خلط المتكلم بين النوعين أدي ذلك إلى خلط في ضبط حرف المضارعة كما يظهر من الأمثلة الآتية المأخوذة من لغة الإعلام المسموع:

 

ب- نوع همزة الأمر وضابطها:
همزة الأمر من أفعل همزة قطع، أما من فعل فهمزة وصل وتضبط همزة القطع بالفتح دائمًا، أما همزة الوصل فتضبط بالضم إذا كانت عين المضارع مضمومة، وبالكسر إذا كانت عينه مفتوحة أو مكسورة.

 

جـ- اشتقاق اسم الفاعل أو المفعول:
اسم الفاعل من الثلاثي على وزن فاعل، ومما زاد على الثلاثة بإبدال حرف المضارعة ميمًا مضمومة وكسر ما قبل الآخر. أما اسم المفعول فيكون على وزن مفعول، ومما زاد على الثلاثة فيكون بإبدال حرف المضارعة ميمًا مضمومة وفتح ما قبل الآخر.


ولكن كثيرًا ما يقع الخطأ في اشتقاق اسم الفاعل أو المفعول في لغة الإعلام نتيجة عدم الربط بينه وبين فعله، كما يبدو من الأمثلة الآتية:

د- استعمال أفعل دون النص عليه في المعاجم:
قد يحدث في لغة الإعلام أن يرد الفعل الثلاثي مزيدًا بالهمزة مع نص المعاجم على أنه مجرد.

 

ولا إشكال في هذا إذا كان الفعل المجرد لازمًا، واكتسب التعدية بالهمزة ففريق كبير من القدماء قد عد هذا قياسيًا، وتبنى هذا الرأي مجمع اللغة العربية بالقاهرة. مثال ذلك الفعلان: “أرجع” و “أوقف” اللذان شاع استعمالهما في العصر الحديث في مثل: “أرجعت حرب الخليج العلاقات العربية العربية عشر سنوات إلى الوراء”، “أوقفت السفن الحربية الأمريكية سفينة شحن عراقية في خليج عمان”. والوارد في كتب اللغة عن هذين الفعلين استعمالهما متعديين بدون الهمزة، كقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُم ﴾، وقوله: ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُون ﴾ . والفعلان -كما هو واضح- متعديان.


ولكن إذا علمنا أنهما وردا كذلك لازمين، كقولك: “رجع المتهم إلى رشده”. “وقف الجند تحية لقائدهم”. أمكننا أن نقول: إن من استعمل هذين الفعلين بالألف لم يفعل أكثر من تعدية اللازم بالهمزة، وهذا مقيس كما قلنا.


وقد ذكر أبو حيان[1] عبارة تؤيد ما قلناه، وهي: وقد سمع في المتعدية أوقف، وهي لغة قليلة، ولم يحفظها أبو عمرو بن العلاء، قال: لم أسمع في كلام العرب: أوقفت فلانا، إلا أني لو لقيت رجلا واقفا فقلت له: ما أوقفك هنا؟ لكان عندى حسنا”. وعقب أبو حيان قائلا: وإنما ذهب إلى حسن هذا؛ لأنه مقيس في كل فعل لازم أن يعدى بالهمزة نحو: ضحك زيد، وأضحكته.


وعلى هذا يمكن تصحيح أفعال كثيرة شاع استعمالها في العصر الحديث مثل:

أفسح له في المجلس، مع أنها واردة في القرآن الكريم بدون الهمزة، كقوله تعالى: ﴿ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُم ﴾ ولم تذكر كتب القراءات أنها قرئت فأفسحوا يُفسح.


تجربة معاشة، على أنها اسم مفعول من الفعل أعاش، المتعدي لمفعولين باعتبار الثلاثي المجرد متعديًا.


أشهر التاجر إفلاسه، وهو فعل لم يرد في المعاجم بالألف، ولكن استعمال الشهرة بمعنى وضوح الأمر يجعل الإشهار بمعنى الإيضاح والإعلان مقيسًا.


ولكن ماذا يكون الحال حين يكون الفعل المجرد متعديًا ولم يزده إدخال الهمزة تعديًا؟

مثل: لفت نظره، وبهره الضوء، وعاب فعله، وصان عرضه، ودعم السلعة. هنا يختلف الأمر فلا يجوز السماح باستخدام هذه الأفعال بالهمزة، ولا يجوز تبعًا لهذا أن تقول: مُلفت للنظر، ضوء مُبهر، فعل مُعاب، عِرض مُصان، سلعة مُدعمة.

 

المصدر: أخطاء اللغة العربية المعاصرة عند الكتّاب والإذاعيين

 


[1] البحر المحيط 4/ 101.

ترك تعليق