الإبداع في اللغة العربية

الإبداع في اللغة العربية

أسامة طبش

ترتبط اللغةُ الحيَّةُ بالمنجزات الحديثة ارتباطًا وثيقًا؛ ولهذا فعلى اللغة العربية مسايرةُ عصرِها بما لها من آليات لغوية، من خلال احتكاكها باللغات الأجنبية في هذا العالم الفسيح، وهذه ضرورة لازمة يستحيل تجاوزها.

صحيحٌ أن اللغة وسيلةُ تواصلٍ، إلا أنها إضافة إلى ذلك، هي مصدر للمصطلحات والعبارات الأجنبية، التي تعبِّر عن مختلِف الابتكارات العلمية الموجودة في عصرنا اليوم، وانطلاقًا من هذا، فللغة العربية جانب أدبيٌّ لا يمكن إنكاره عن طريق مؤلَّفات الشعر أو النثر، إلا أن الشق العلمي يطرح نفسه أكثر من أي وقتٍ مضى، في جوٍّ من التفاعل والتسارع بورود المعلومات والمعارف.

تُساير اللغة العربية ما أسلفنا الحديث عنه بالإبداع، ولطالما كررنا الحديث عن هذا اللفظ – أي الإبداع – لأنه مصدر لكل جديد، وطريق سالك لأن تصبح لغة الضاد مسايِرَةً لزمانها، مع الحفاظ على فصاحتها وثقافتها وبيئتها الأولى الأصيلة.

العصر الراهن هو عصر المعلومات والإلكترونيات، واقتناص المعارف بسرعة، واللغة العربية في حاجة ماسَّة لمواكبة ذلك، ولا ننسى أنها لغتنا ولغة عالمية أيضًا، فهي مُدرَجة على قائمة اللغات الرسمية لهيئة الأمم المتحدة.

تمارِس الترجمة دورها الحاسم في هذه الحالة، من خلال تقنيات النقل من اللغات الأجنبية، وإثراء الوعاء اللغوي للغة العربية، بجهود المترجمين، وبدعمٍ من اللغويين الذين يضبطون المصطلح الوارد ثم يعمِدون إلى تبنِّيه في قاموس اللغة العربية.

تُمتِّعنا اللغة الأدبية بجمالها ورَوْنَقِ أساليبها، وروعة صورها البيانية، غير أن اللغة العلمية المعبِّرة عن الوسائل التكنولوجية الحديثة ضرورة مُلِحَّة، ونذكر هنا أن اللغة ناطقٌ صادق عن الأُمَّة التي تُوظِّفها، ولمَّا تكون اللغة العربية حديثةً، مضبوطة وموحَّدةَ المصطلحات، وتلعب المجامع اللغوية دورها الأساسيَّ، فتؤسس اللجان لمتابعة كل لفظ حديث يَرِدُ إليها؛ ستكون لغةً مُعبِّرة عن واقعها، ولا تتجاوزها الأحداث بسرعة فائقة.

نلحق اللغة العربية بالترجمة واللسانيات، والدراسات الناشئة بشأنهما جديرة بالاهتمام حقًّا، فالترجمة تواصُلٌ مع الآخر الذي يستعمل لغة مختلفة عن لغتنا، أما اللسانيات فهي التقعيد لقوانين اللغة المسايِرَةِ للعصر، والمعبِّرة عن مختلِف الابتكارات العلمية.

لو امتزجت اللغة العربية بـالإبداع، هذا الإبداع الذي يصل إلى فصحى عربية سليمة ومعاصرة، لن يحتار الدارس في إيجاد أي مصطلح علمي يقابل اللفظ الأجنبيَّ، وسيشعر أن لغته العربية وسيلة لاكتساب العلوم الحديثة فعلًا، فالمفردات لا تنقصها، ولا الآليات اللغوية التي يُضبَط بها المصطلح، إنما النقص ربما يكمُن في بذل جهدٍ مكثَّفٍ على اللغة وثقافتها، والمعارف التي يمكن أن تُنقَل عبرها، مع الحفاظ على الفصاحة والسليقة العربية في التعبير

المصدر: الالوكة

 

ترك تعليق