فريد البيدق
——————————
من عدة المراجع اللغوي (3)
حركة عين الفعل الأجوف
(أ)
إنَّ حركة العين في الثلاثيِّ الأجوف تُمثِّل إشكالاً لغويًّا قبالةَ مَن يعمل في ضبط النُّصوص ضبطًا كليًّا؛ لأنَّها سماعيَّة.
وقد بَحثْتُ عن كتب أو أبحاث تجعلها موضوعًا علميًّا فلم أجد، فشرَعْتُ في استقراء المعاجم وكتُبِ الصَّرف؛ علَّنِي أَجْمع منها ما يُمثِّل مادَّة تساعد المراجع اللُّغوي على أداء عمله، لكنَّني لم أجد شيئًا كثيرًا على الرغم من البحث غير القصير.
وأنشر هنا ما وجدته؛ علَّ ذلك يكون سببًا ودافعًا لِمَن يَعْلم كتبًا أو أبحاثًا عالَجتْ ذلك إلى إعلامي، وعلَّه يكون سببًا لأنْ يشرع الإخوة والأخوات في بحث هذا الموضوع؛ لتوفير مادَّة فيه.
(ب)
وهاكم النُّصوصَ التي وفقت إليها، منسوبةً إلى قائليها، مصحوبة بتوضيح منِّي بين [ ] عندما أجد ضرورة لذلك:
1- نزهة الطرف شرح بناء الأفعال في علم الصرف:
الباب الأول: فَعَلَ – يَفْعُلُ موزونه: نَصَرَ يَنْصُرُ… مثاله في الأجوف: قَالَ يَقُولُ [قَوَل يَقْوُل]، وبَالَ يَبُولُ [بَوَل يَبْوُل].
الباب الثاني: فَعَلَ – يَفْعِلُ، وموزونه ضَرَبَ يَضْرِبُ… كما يغلب ذلك في الأجوف والناقص إن كان بالألف في الماضي وبالياء في المضارع؛ نحو: سَالَ يَسِيلُ [سَيَل يَسْيِل]، وسَارَ يَسِيرُ [سَيَرَ يَسْيِر]، وكَادَ يَكِيدُ [كَيَد يَكْيِد]، ونحو: رَمَى يَرْمِي، وهَوَى يَهْوِي.
الباب الرابع: فَعِلَ يَفْعَل موزونه عَلِمَ يَعْلَمُ…، ويأتي على هذا الوزن الفعل الأجوف إن كان ماضيه ومضارعه بالألف أو الياء أو الواو فيهما، نحو خَافَ يَخَافُ [خَوِف يَخْوَف]، ونَامَ يَنَامُ [نَوِم يَنْوَم]، ونحو غيِدَ يَغْيَدُ، وهَيِفَ يَهْيَفُ، ونحو: سَوِدَ يَسْوَدُ، وعَوِرَ يَعْوَرُ.
2- “شذا العرف فن الصرف”، الشيخ أحمد الحملاوي، تحقيق الدكتور حسني عبدالجليل يوسف، مكتبة الآداب:
“ص 30″: والأجوف يَجِيء من ثلاثة أبواب: من باب نصَر وضرَب وفرِح، نَحو: قال يقول، وخاف يخاف، وغَيِد يغْيَد، وعوِر يعْوَر، إلاَّ أن شرطه أن يكونَ في الباب الأول واويًّا، وفي الثاني يائيًّا، وفي الثالث مطلقًا، وجاء طال يطول فقط مِن باب شرُف.
“ص 31″: الفعل الأجوف:
• إن كان بالألف في الماضي، وبالواو في المضارع فهو مِن باب نصر، كقال يقول، ما عدا طال يطول، فإنَّه من باب شرُف.
• وإن كان بالألف في الماضي وبالياء في المضارع، فهو من باب ضرب، كباع يبيع.
• وإن كان بالألف أو بالياء أو بالواو فيهما، فهو مِن باب فرِح، كخاف يخاف، وغيد يغيد، وعور يعور.
وقال المحقِّق في هامش “ص 31“:
• طال يطول، أصلهما طوُلَ يَطْوُل، ووزنُهما: فَعُل يَفْعُل.
• باع يبيع أصلهما: بَيَع يَبْيِع، ووزنُهما: فَعَل يَفْعِل.
• خاف يخاف أصلهما: خوِفَ يَخْوَف، ووزنهما فَعِل يفعَل.
3 – “المسائل النحوية والصرفية في شرح أبي العلاء المعريِّ على ديوان ابن أبي حصينة“، للأستاذ هاني محمد عبدالرازق القزاز:
وقد قمتُ باستقراءٍ أوَّلِي لِهذا النوع من الأفعال الجوفاء على وزن (فَعِل) في “معجم الأفعال” للسرقطسي، وقفْتُ فيه على نحو من خمسة عشر فعلاً، كلُّها مصحح، وها هي ذي مُرتَّبة بترتيب مدرسة الصدر [الألفبائيَّة ضد مدرسة القافية]: ثَوِل، وثَيِل، وجَوِث، وجَيِد، وخَيِف، ودَوِش، وذَوِط، وشَوِس، وصِيد، وعَوِد، وغَيِد، ولَوِد، وهَوِس، وهَيِغ، وهَيِم.
ومِمَّا يوضِّح ما سبق أنَّ الفعل الأجوف إذا كان يُقال بالكسر في عينه تنطق به العرب مصححًا، فإذا نطقوا بذات الفعل مفتوحًا عينه أعَلُّوه.
وقد وقفتُ في “معجم الأفعال” للسرقسطي على مَجموعة كبيرة من الأفعال على هذا النحو، وها هي بالترتيب على مدرسة الصدر: أَوِد: آد، وجَوِف: جاف، وحَوِر: حار، وحَوِس: حاس، وحَوِص: حاص، وحَوِل: حال، وخَوِر: خار، وخَوِل: خال، وسَوِد: ساد، وسَوِس: ساس، وسَوِق: ساق، وسَوِل: سال، وشَوِص: شاص، وشَوِع: شاع، وشَوِه: شاه، وشَيِم: شام، وصَوِر: صار، وصَوِف: صاف، وعَوِج: عاج، وعَيِش: عاش، وعَيِط: عاط، وعَيِن: عان، وغَيِف: غاف، وفَوِق: فاق، وفَوِه: فاه، وقَوِد: قاد، وقَوِس: قاس، وكَوِع: كاع، وكَوِه: كاه، ولَيِث: لاث، ولَيِع: لاع، ومَيِل: مال، ونَوِك: ناك، وهَوِش: هاش، وهَوِك: هاك.
ويستنتج من هذا أنه لا بدَّ لقلب الواو أو الياء ألِفًا من أن يَنْفتحا، وأن ينفتح ما قبْلَهما، ويؤدِّي عدمُ الإعلال إلى توالي ثلاثة أمثال متحرِّكات، وهذا القلب كثير، وليس بواجب.