د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر

 

الآجرومية وبركة الإخلاص (1)

من الملاحظ في أوساط طلبة العلم والمثقفين بشكل عام أن بعض المؤلفات تنتشر انتشاراً كبيراً ويكون لها قبول عظيم، وفي النحو لا يكاد يوجد طالب علم لم يقرأ الآجرومية أو يحضر شرحها. مع أنها رسالة صغيرة ولمؤلف مغمور ولكنه الإخلاص والإتقان. ولذا نجد من فقه الإمام مالك لما ألف الموطأ وانتشر، أخبره أحد طلابه أن عدداً من معاصريه ألفوا موطآت في الحديث، فقال تلك الجملة الخالدة: «ما كان لله فهو يبقى»، وصدق الله: ﴿ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ ﴾ [الرعد: 17].

 

التعريف بمؤلف الآجرومية:

لم يكن المؤلف فيما يبدو ذا شهرة واسعة في عصره، ولذا لا نجد له ترجمة وافيه إلا نُبذاً يسيرة في بعض الكتب، وأهم المعلومات التي تعطينا شيئاً من التعريف به ما يلي[1]:

اسمه: محمد بن محمد بن داود الصنهاجي[2] النحوي المشهور بابن آجروم بفتح الهمزة الممدودة وضم الجيم والدال المشددة، قال حاجي خليفة: ومعناه بلغة البربر الفقير الصوفي، وأنكره غيره ممن له علم باللسان البربري[3].

كنيته: أبوعبدالله.

مولده: ولد بفاس سنة 672هـ، وهو ما جزم به ابن العماد وارتضاه الزركلي في الأعلام. وذكر ابن قاسم في حاشيته أنه ولد سنة 674هـ، وفي كشف الظنون: ولد سنة 682هـ[4].

وفاته: قال ابن العماد: وتوفي بفاس في صفر سنة 724هـ[5].

 مصنفاته:

1-  مقدمته النحوية، ولم يسمها ولذا اختلف الناس في تسميتها، واشتهرت باسم الآجرومية، أو المقدمة الآجرومية. وقد ألفها بمكة، تجاه الكعبة الشريفة[6].

2-  فرائد المعاني في شرح حرز الأماني في القراءات[7].

مكانته العلمية: قال ابن مكتوم في تذكرته: نحوي مقرئ له معلومات من فرائض وحساب وأدب بارع، وله مصنفات وأراجيز. وقال غيره: المشهور بالبركة والصلاح، ويشهد لذلك عموم النفع بمقدمته[8].

 

مذهب المصنف في مقدمته:

قال السيوطي رحمه الله: اتبع الكوفيين في عباراتهم كالتعبير بالخفض بدل الجر، والأمر مجزوم بدلاً من كونه مبنياً على السكون، وذكر كيفما ضمن الجوازم وهو قول الكوفيين خلافا للبصريين[9].

 

الكلام على الآجرومية واحتفاء أهل العلم بها:

قال ابن الحاج رحمه الله: صار غالب الناس أول ما يقرأ بعد القرآن العظيم، هذه المقدمة الآجرومية فيحصل بها النفع في أقرب مدة[10].

وتقدم قول ابن مكتوم في ابن آجروم: المشهور بالبركة والصلاح ويشهد لذلك عموم النفع بمقدمته[11].

وقال في كشف الظنون عن الآجرومية: مقدمة نافعة للمبتدئين.

 

وقد كان هذا المتن الصغير من أوائل ما طبع بالعربية، فطبع في روما سنة 1592م، ثم في روما مع شرح باللغة اللاتينية للأب أوبيشيني سنة 1631م، ثم طبع ببولاق سنة 1823م ثم طبع بكامبرج سنة 1832م ومعها ترجمة بالإنكليزية للقس بيرون، ثم في بيروت في مطبعة الجامعة الأمريكية سنة 1841م ثم في الجزائر سنة 1846م ومعها ترجمة فرنسية لموسيوبرين، ثم طبعت مع شرح باللغة المجرية سنة 1882م للمستشرق المجري كانيوريسكي (ت 1930م). ثم توالت طبعاتها في معظم البلاد العربية والإسلامية[12].

 

ويُعتبر كتاب الآجرومية من أكثر الكتب المخدومة من أهل العلم، فتجد المؤلفات الكثيرة في إعرابها ونظمها وتهذيبها وشرحها، ما لا يكاد يحصيها العادّ، ومن أهم الكتب التي خدمت الآجرومية ما يلي:

مؤلفات العلماء في إعرابها:

1-  إعراب الآجرمية حسن بن علي الكفراوي (ت 1202هـ).

2-  إعراب أمثلة الآجرمية، بيروت مطبعة الآباء اليسوعيين 1899م.

3-  الجوهرة السنية في إعراب الآجرمية – يحيى الحسيني العطار – القاهرة – مطبعة عثمان عبدالرزاق 1303هـ.

4-  الخريدة البهية في إعراب ألفاظ الآجرمية  عبدالله بن عثمان العجيمي مكة المشرفة المطبعة الأميرية 1313هـ. ثم طبعت بمطبعة البابي الحلبي سنة 1339هـ بمصر.

5-  خالد الجرجاوي الوقاد (ت839هـ )،  له إعراب الآجرومية، خ بالظاهرية 1781 عام.

6-  الباكورة الجنية في قطاف إعراب الآجرومية للشيخ محمد أمين الهرري، طبعت بمطبعة الصفا بمكة المكرمة سنة 1404هـ.

 

مؤلفات العلماء في نظمها:

1-   الدرة البهية في نظم الآجرومية لشرف الدين يحيى بن نور الدين بن موسى العمريطي الأزهري ( ت بعد 989هـ) طبع في  الهند سنة 1290هـ «ضمن مجموع»، وطبع بعدها في مصر وجدة وغيرها وله شروح منها:

فتح رب البرية على الدرة البهية لإبراهيم الباجوري (ت1277هـ) طبع في مطبعة محمد مصطفى بالقاهرة سنة 1302هـ. وأعيد نشره بالمطبعة العلمية بالقاهرة 1316هـ، ثم طبع في مطبعة التقدم العلمية في مصر سنة 1322هـ، كما نشرته مطبعة البابي الحلبي سنة 1343هـ، ويقع في 54 صفحة، والمؤلف يكتفي بحل ألفاظ الناظم.

المواهب السنية على الدرة البهية لأبي محمد السالمي، نشرته وزارة التراث القومي العمانية سنة 1406هـ.

 

2-   جمال الآجرومية: منظومة رفاعة رافع الطهطاوي (ت1290هـ) طبعت في  بولاق سنة 1280هـ.

3-   الكواكب الجلية في نظم الآجرومية عبدالسلام النبراوي بولاق 1298هـ ومعه شرحه الموسوم بفتح غافر الخطية على الكواكب الجلية لمحمد بن عمر النووي الجاوي البنتني (ت1316هـ).

4-   المنظومة السنية لما يسمى متن الآجرومية علي السني المصراطي القاهرة المطبعة الشرفية 1307هـ.

5-   نظم الآجرومية علاء الدين علي بن نعمان الآلوسي (ت1340هـ) بيروت المطبعة الأدبية 1318هـ.

6-   ونظمها الشيخ موسى محمد شحادة، وطبع في دمشق سنة 1405هـ.

7-   ونظمها الشيخ عبيدربه الشنقيطي في 152 بيتا وشرحها الشيخ زايد الأذان الشنقيطي باسم: مصباح الساري شرح منظومة عبيد ربه الشنقيطي، طبعته دار المحمدي بجدة سنة 1414هـ.

 

8-   ونظمها الشيخ محمد القلاوي البكري الشنقيطي في 154 بيتاً،  طبعته دار المحمدي بجدة سنة 1419هـ.

 


[1] مصادر الترجمة: بغية الوعاة / 102-103، شذرات الذهب 6/ 62، كشف الظنون 1796، هدية العارفين 2/ 145، معجم المؤلفين لكحالة 15573 طبعة مؤسسة الرسالة 1414هـ.

[2] نسبة إلى صنهاجة، وهي قبيلة معروفة بالمغرب.

[3] كشف الظنون: 1796، وفي مجلة المقتطف عدد مارس 1911م صفحة 238: يظهر لنا أن كلمة آجروم بالعربية هي نفس كلمة اغراما اليونانية أو غراماريا اللاتينية.

[4] شذرات الذهب لابن العماد 6/ 62، الأعلام للزركلي 7/ 33، حاشية الآجرومية لابن قاسم، كشف الظنون: 1796.

[5] في كشف الظنون 1796: توفي سنة 723هـ.

[6] كشف الظنون: 1796.

[7] في الأعلام: أنه مخطوط في خزانة الرباط (146 أوقاف).

[8] شذرات الذهب لابن العماد 6/ 62.

[9] بغية الوعاة 102-103.

[10] نقلاً عن إيضاح المقدمة الآجرومية للأسمري ص17.

[11] شذرات الذهب لابن العماد 6/ 62.

[12] معجم المطبوعات العربية والمعربة ليوسف اليان الدمشقي، دار صادر، بيروت، مطبعة سركس 1346هـ ص26.

ترك تعليق