كبير بن عيسى
لغة الضاد أو لغة الظاء

إن الحمد لله نحمَده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد:

فقد شاع نعتُ اللِّسان العربي بأنه لغة الضاد، فهل هذه السِّمة صحيحة؟ وهل العربية هي لغة الضاد فعلاً؟ أم أن ثمة صوتًا آخرَ يُزاحِم الضاد على هذه المكانة التي تبوأتها ردحًا طويلاً من الزمن؟

تُحاول هذه المقالة – والتي هي في الواقع جزءٌ من دراسة مطوَّلة – أن تسلِّط بعض الأضواء على هذه المسألة.

أكثر الألسن توظيفًا لصوت الضاد:

تُعَدُّ أصوات العربية بصفةٍ عامَّة امتدادًا مباشرًا للأصوات التي افترض العلماء وجودَها في اللغة السَّامية الأولى[1]، وتلك الأصوات – شأنُها شأنُ سائر اللُّغات المتفرِّعة عن السَّامية الأمِّ – أصاب عددًا منها جُملةٌ من التغيُّرات.

ومن بين الأصوات التي كانت عرضةً للتَّغيُّر في عددٍ من السَّاميات: صوت الضاد؛ فهي تقابِلُ: “العين في الآرامية”[2]، و”تُقابل: صادًا في اللغة الأكادية والأوجاريتية والعبرية؛ فكلمة: “أرض” في العربية تُقابل: كلمةَ “ersetu” في الأكادية، وكلمة: “ars” في الأوجاريتية، وكلمة “eres” في العبرية، كما تُقابل الضادُ غَينًا في السُّريانية، مثل: “ara” بمعنى “أرض” كذلك، ولم تبق ضادًا إلاَّ في العربية الشمالية والعربية الجنوبية “السَّبئِية والمَعِينية” والحَبَشية، مثل كلمة: “rd” في العربية الجنوبية بمعنى “أرض” كذلك، وكلمة “dahny” بمعنى: “الشمس، الضحى” في الحبشية”[3]، فهكذا تحوَّلت الضَّاد في غير العربية؛ إمَّا إلى صاد، وإمَّا إلى غين، وإمَّا إلى عين.

ويُعَدُّ هذا التَّغيُّرُ الأخير في صوت الضاد من أصعب التَّحوُّلات الصَّوتية تفسيرًا.

تلك التغيُّرات التي لحِقت صَوتَ الضاد ترجعُ أساسًا إلى خصائصَ تُميِّزُه، جعلت نُطقَه عسيرًا على غالب الألسن السَّامية، فضلاً عن غيرها؛ لذا بَدَت الأفواهُ المقتدِرَة على صناعته مُميَّزةً، ولكون اللِّسان العربي من الألسُن القليلة التي تنطِقُه صار وصفُ (لغة الضاد) عَلَمًا على العربيَّةِ، فإذا أُطلق لم يَنصرِف إلاَّ إليها، وبه غدَا يُنعَتُ أهلُها، وها هُو ذا أبو الطيِّب المتنبي “ت354هـ” يُنشِد مُفتخِرًا:

لاَ بِقَوْمِي شَرُفْتُ بَلْ شَرُفُوا بِي***وَبِنَفْسِي فَخَرْتُ لاَ بِجُدُودِي

وَبِهِمْ فَخْرُ كُلِّ مَنْ نَطَقَ الضَّا***دَ وَعَوذُ الْجَانِي وَغَوْثُ الطََّرِيدِ

لكن هل نُطقُ الضادِ مقصورٌ على العرب فِعلاً؟ وهل يختصُّ لسانُهم بهذا الصَّوت دون بقيَّة الألسُن؟

نظريًّا لا يختلف عاقلان أن الحُكم على صوتٍ ما بأنه حِكرٌ على لسانٍ بعَينه، لا يتأتَّى إلا بعد استقراء جميع لغات البشر، وهيهاتَ لإنسانٍ أن يستقرئ جميع أنواع اللسان، فهذا الشافعيُّ “ت 204هـ” يقول: “ولسان العرب أوسعُ الألسنة مذهبًا، وأكثرها ألفاظًا، ولا نعلمه يُحيط بجميع علمِه إنسانٌ غير نبيٍّ، ولكنه لا يذهب منه شيء على عامَّتها حتى لا يكون موجودًا فيها مَن يعرفه”[4]، فإذا كانت الإحاطة باللسان العربي نفسِه مُمتنِعة، مع أنَّ أهلَه كانوا موجودين في رقعة جغرافية محدَّدة؛ فكيف الإحاطة بلغات سائر البشر، والحكم على صوت أو أصوات بعينِها بأنه قد خُصَّت به لغة دون بقيَّة اللغات؟!

ولأنَّ النُّصوص الدينيَّة تُعتبَر مُلزِمةً في مثل هذه المواضع؛ لكونِها تنتهي إلى مصدرٍ معصوم؛ فقد راح بعضهم يُفتِّش فيها عمَّا يُقوِّي ذاك القول، فجاء بحديث عن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – أنه قال: ((أنا أفصحُ مَن نطق بالضَّاد؛ بيدَ أني من قريش))[5]، وفَهِمَ هؤلاء من الخبَر اختصاصَ الجنس العربي بهذا الصَّوت اللُّغَوي.

يرُدُّ القَسْطلاَّني على هؤلاء قائلاً: “لا ريب أنه – صلَّى الله عليه وسلَّم – أفصحُ من نطق بها، إلا أن الحديث كما قال ابنُ كثير الحافظُ: لا أصل له![6][7]. يعني: أنه لا إسنادَ له، فهو أوهى من الموضوع، فإنْ كانت تسمية اللُّغة العربية “لغة الضاد” جاءت اعتمادًا على هذا الخبر، فقد سقطت هذه الدَّعوى، وعلى فرض صحته، فهو لا يُشير – لا من قريبٍ، ولا من بعيدٍ – إلى تفرُّد العرب بهذا الصوت دون غيرهم.

وقد استدلَّ أصحاب هذه المقالة – أيضًا – بما رُوِي عن الأصمعي “ت216هـ”: “ليس للرُّوم ضاد، ولا للفرس ثاءٌ، ولا للسُّريان دالٌ أو ذالٌ؟”[8]. وهذا الكلام ليس فيه إلا نفيُ وجود الضاد في لغة الروم، لا نفيها عن لغات العجم عمومًا، ثم تكراره لأداة النفي: “لا” فيه دليلٌ على أنه تتبَّع أصواتًا بعينها في ألسنة أممٍ بعَينها فَافتقدها، لا أنَّه قصد أن تلك الأصوات منفيَّةٌ عن غير العربيَّة؛ بدليل أنه لم يزعم أحدٌ اختصاصَ العرب بالثاء والذال، وهما واردان في كلام الأصمعي بسياق النَّفي نفسه الذي جاء به صوت الضَّاد.

وممَّا استدلَّ به هؤلاء أيضًا: عدم وجود كلمات ضادية في المعرَّب من الكلام الأعجمي؛ يقول الجواليقي “ت540هـ”: “وليس للضاد والظاء بابٌ؛ لأنَّ هذين الحرفين لم ينطِق بهما سوى العرب”[9]، لكنَّ هذا التَّعليل تُسقطه لغة الأرقام؛ إذ إن نسبة المعرَّبات لا تتجاوز بضع عشَرات من الكلمات في كل المعجم العربي، وصوت الضاد نسبته في الكلم العربي لا تجاوز الستِّةَ بالألف[10]، فمن البدَهي ألا نظفرَ بكلمات ضادية ولا ظائية في المعرَّبات.

وإذا كانت طائفةٌ من المتقدِّمين قد ادَّعت خصوصيَّة صوت الضاد بالعرب دون سائر الأمم، فإنَّ طائفةً أخرى نَفَت ذلك، ومنهم ابن دُرَيد “ت321 هـ” الذي يقول: “ستة أحرف للعرب، ولقليل من العجم؛ وهن: العين، والصاد، والضاد، والقاف، والطاء، والثاء”[11].

فابن دُرَيد يقرِّر أنَّ الضاد قليلة في لسان العجم لا معدومةٌ، وقد تبنَّى رأيَه هذا جمعٌ، منهم: ابن جِنِّي “ت392 هـ”[12]، وابن فارس “ت395هـ”[13]، وابن سِيدَهْ “ت458هـ[14]، وابن منظور “ت711 هـ”[15].

وبين هذين المذهبين المتقابلَيْنِ رأيٌ وسَطٌ مُقتضاه: أنَّ تفرُّدَ العرب بصوت الضاد إنما هو بكثرة الاستعمال لا بمطلَق الاستعمال؛ يقول مكيُّ بن أبي طالب “ت437هـ”: “ستَّة أحرف انفردت بكثرة استعمالِها العربُ، وهي قليلة في لغات بعضِ العجم، ولا توجد ألبتة في لغات كثير منهم، وهي: العين، والصاد، والضاد والقاف، والظاء، والثَّاء”[16]؛ فهذه الأصوات الستَّة يكثُر دورانُها في اللسان العربي مُقارنةً بغيره من الألسُن البشريَّة، لا أنها مفقودةٌ منها بالكلِّيَّة.

ولهذا الرَّأي الأخير انتصر طائفةٌ من المُحَقِّقين؛ من أمثال: أبي حيَّان النَّحْوي “ت745هـ”[17]، وعزِّ الدين ابن جماعة “ت767هـ”[18]، وعليِّ بن محمد الصفاقسي “ت1118هـ”، وهذا المذهب يتوافق مع ما توصَّلَ إليه المُشتغِلون بعلم اللغات المقارن؛ فإنهم يكادون يُجمِعُون على أنَّ مقولة: “العربية لغة الضاد” ليست دقيقة تمامًا، ومال بعضُهم إلى تأكيد وُجودِ صوت الضاد أو أَثَرٍ منه في اللُّغات السَّامية الأخرى، ومن البحوث الرَّائدة في هذا المجال: الدراسة التي تقدَّمت بها “سلوى ناظم” إلى مؤتمر مَجمع اللغة العربية بالقاهرة في دورته الخامسة والستِّين، موسومةً بـ: “العربية لغة الضاد أم الظاء؟!”، وفيها تُقرِّر: “أن الضاد التي وصفها القدامى لها وجودٌ في اللغات الحبشية”[19]، وهي من جُملة السَّاميات.

فالذي يترجَّحُ في هذا المقام: أنَّ تميُّز اللسان العربي إنما هو بكثرة استعماله لِصوت الضَّاد، لا في تفرُّده به، والكثرة المُشار إليها إنما هي بالنسبة إلى بقية اللغات، لا إلى اللغة العربية نفسها، كيف ونسبة الكلمات الضادية في العربية لا تُجاوِز الستَّة من كل ألف، كما سلف؟ فهي بهذا الاعتبار شِبهُ معدومةٍ في بقية اللغات؛ ولذا ظَنَّ البعضُ اقتصارَها على اللِّسان العربي دون سِواه.

لماذا وُسِمت العربية بكونها لغة الضاد؟

حاول الدَّارِسون المُحدَثُون إيجاد الأسباب التي جعلت وصف “لغة الضاد” لصيقًا بالعربية منذ أمدٍ بعيدٍ؛ وأهمُّ الأسباب الَّتي ذكروها ثلاثةٌ:

1- الحس القومي:

يميل بعض الباحثين إلى أن مقولة “العربية لغة الضاد” صادِرَةٌ عن نزعة شعوبية، لا تعبيرًا عن واقع[20]؛ يقول إبراهيم أنيس: “إنَّ استعمال النَّزعة الشُّعوبية أدَّى إلى أن تَشِيع التَّسمية التي خلعها العرب على لُغتِهم، وهي لغة الضاد”[21]، وهذا الرأي يفتقر إلى السَّند التاريخي الذي يؤكد أن تلك المقالة جاءت رَدَّة فعل من العرب على شعوبية الفُرس.

2- كونها من خصائص اللهجة القُرَشِيَّة:

وهذا الرَّأي تبناه البعض[22] من مُنطَلَق أنَّ لغة قريش تميَّزت: “من سائر اللُّغات العربية بالوضوح والرِّقَّة، وسَلِمت من الْتباس مخارج الحروف، واختلاط بعضها ببعض؛ فليس فيها شيءٌ من تلك الحُروف التي ذكر اللُّغويُّون أنها مُستقبَحةٌ، ولا الحروف التي مخرجها بين حرفين من الحروف الفصيحة، أما اللُّغات الأخرى، فتتميَّز بالخشونة ومَزج الحروف بعضها ببعض، ولعلَّ سبب ذلك طبيعة الحياة الحضرية المكية، فالتأنُّق والتَّروِّي من سِمات الحضارة، والعَفَويَّة والسُّرعة من خَلائق البادية”[23]، لكن يعكِّر على هذا الطَّرح افتقارُه إلى الاستقراء الصوتي المُقارِن الذي – من خلاله فقط – يمكننا الجزم بأنَّ سائر العرب لم يكُونوا ينطِقون الضاد بالطَّريقة نفسها التي كانت تنطقها بها قُريش.

3- صعوبة نُطق صوت الضاد:

وإلى هذا التَّعليل جَنح أكثر الدَّارسين من القُدامى والمحدَثين؛ يقول برجشتراسر “Bergsträsser“: “الضاد العتيقة حرفٌ غريب جدًّا، غيرُ موجود – حسبما أعرف – في لُغةٍ من اللغات إلا العربية؛ ولذلك كانوا يكنون عن العرب بالناطقين بالضاد”[24]، ويؤيِّده إبراهيم أنيس بقوله: “يظهر أن الضاد القديمة كانت عصيَّةَ النُّطق على أهالي الأقطار التي فتحها العرب، أو حتى على بعض القبائل العربية في شبه الجزيرة، مما يفسِّر تلك التسمية القديمة لغة الضاد”[25]، والمُراد بالضاد القديمة هنا تلك الموصوفة في كتب القدامى، في مُقابل الحديثة المُتداوَلَة اليوم، والَّتي تُنطق بكيفيات تختلف باختلاف البيئات.

وفي نظري: هذا السبب أقوى من سابقَيْه؛ فمن المعلوم أن الألسُن تعزف في الغالب عن الأصوات عسيرة النُّطق، فمتى تواطأت ألسنة أمَّة من الأمم على استعمال صوت مهجور لدى باقي الأمم، فسيكون ذلك – بلا ريب – علامةً على لغة تلك الأمة.

ما الذي ألجأ العرب إلى صوت الضَّاد؟

من المعلوم أنَّ العربية تَنشُد اليُسر في التَّعبير، فما الذي ألجأ أهلَها إلى هذا الصَّوت العسير في نُطقه حتى على بعضهم؟! ولِمَ حافظ اللسان العربي على هذا الصَّوت أو احتفظ به بعد أن تخلَّت عنه أكثرُ الألسُن؟!

يَصِفُ مكي دَرَّار[26] هذا السُّؤال بأنَّه: “وجيهٌ ومحيِّرٌ، والجواب عنه عسيرٌ ودقيقٌ”، ويطرَحُ احتمال كون احتفاظ العربية بهذا الصَّوت راجعًا: “إلى وجود ما يشبِهُه فيها؛ إذ في العربية صوتان في شكله، أحدُهما: يختلف عنه في التفخيم وهو الدَّال، والآخر: يماثله تمام المماثلة، وهو الظاء”[27]، لكن قد لا يكون هذا التَّعليل الصوتي كافِيًا، ما لم تَقُم الحاجة الفعلية إلى هذا الصوت.

إنَّ تلك الحاجةَ هي التي مكَّنَت لصَوت الضاد في اللسان العربي، فثمَّةَ أصواتٌ لا يصعُب على لسان العربي إخراجُها، وفي جِرابه اللُّغَوي ما يُماثِلها، ولكنه مع ذلك أهمَلها، كما فعله غيره من البشر في أصقاعٍ شتى من البسيطة؛ فـ”بعض القبائل في أواسطِ إفريقية: لا تُوجد في لغتهم الحروف الشفويَّة: كالفاء والباء والميم والواو، وبعض هنود كولومبيا: لا يجدون سبيلاً إلى النُّطق بهذه الحروف: “ب ف ج د و“، وأكثر أقوام أستراليا لا يستعملون حروف الصَّفير: “س ص ز“، ولا هذه الحروف “ش ث ط“، وأهل نيوزيلاندا لا ينطقون هذه الحروف: “ب س د ف ح ج ل ن ص و ي“، وكذلك وجدوا اللغة الهيروغليفيَّة القديمة – وهي من أقدم اللغات المعروفة – ليس من حروفها في المنطق “ب ج د ز ظ ض[28]، فإذا تحقَّقنا وجود حاجةٍ هي التي سوَّغت الاحتفاظ بصوت الضاد، فما هي تلك الحاجة؟

لعلَّنا نجد الجواب عند “حسن عباس”، الذي ينتهي – بعد بحث استقرائي طويل في نِسَب مصادر الكلمات الضادية ودلالاتها – إلى القول بأنَّ: “صوت الضاد بفخامته ونضارته وغُنَّته، إنما هو أوحى أصوات الحروف قاطبةً بمشاعر الشَّهامة والمروءة والشَّمم، ولا أدلَّ على ذلك من أنَّ الأصوات الغنائية التي تعتمد في غُنَّتها التَّجويف الأنفي، إنما هي أشَدُّ أصوات الطَّرَب إثارةً لمشاعر النَّخوَة والرُّجولة والعواطف القَوميَّة”[29]، ومِثلُ هذه المشاعر النَّبيلة تستحِقُّ في نظر العربي أن يُحمَّلُ لِسانُه مَشقَّة النُّطق بصوتٍ يحمِلُها.

أكثر الألسن توظيفًا لصوت الظاء:

تشتمِل معظم السَّاميات على اثنين وعشرين صامتًا ممثَّلة كتابيًّا، ومجموعة في الكلمات التالية: أبجد، هوَّز، حُطي، كلمُن، سعفص، قرشت[30]، وبإضافة الرَّوادف الستة – وهي: ثخذ، ضظغ[31] – إليها، تكون العربية أوفرَ أخواتِها حظًّا من تركة السَّاميَّة الأم الصوتية، والتي عِدَّةُ حروفها تسعٌ وعشرون حرفًا.

وغِيابُ الرَّسم الكتابي لهذه الرَّوادف في كثيرٍ من اللُّغات السَّامية لا يرجعُ إلى كونها مفقودةً في نُظُمِها الصوتية؛ وإنما لنُدرة استعمالها، فلم يحتاجوا إلى وضع رموزٍ كتابيَّةٍ لها، يقول إسرائيل ولنفسون: “وأما وجوه الخلاف بين اللغات السامية في حروفها، فإننا نجد حروف العربية أكثرَ من حروف العبريَّة؛ فحروف “ذ، غ، ظ، ض” لا أثر لها فيها، ومن المُحتَمل أن هذه الحروف كانت موجودةً في هذه اللغة قديمًا، ثم فُقدت بالتَّدريج؛ لعدم استعمالها”[32]، وبَقِيَت اللغة العربية مُحافِظةً عليها في نظامها الصوتي والكتابي معًا.

والظاء واحدٌ من تلك الرَّوادف التي اشتركت فيها اللُّغات السَّامية في الأصل يومًا ما، كما يتبيَّن من مُقارنة بعضها ببعض[33]، وقد كان موجودًا في لغات جنوب الجزيرة والحبشة[34]، واللغة الأوغاريتية التي رمزُه في أبجَدِيَّتها: [35]، لكنَّه فُقِد تدريجًا بسبب قِلَّة استعماله، وبَقِيَت العربية وحدها محتفظةً به دون سائر السَّامِيَّات.

وقد لاحظ المتقدِّمون هذه الخصوصيَّةَ الصوتيَّة للغة العربيَّة، وكان الخليل بن أحمد الفراهيدي من الأوائل الذين صرَّحوا بأن صوت الظاء مُختَصٌّ بالعربية مُقتصِرٌ عليها؛ إذ صَرَّح في مقدمة “العين” قائلاً: “وليس في شيءٍ من الألسن ظاءٌ غير العربية”[36]، وكرَّر هذا المعنى في موضع آخر من الكتاب عينِه بقوله: “والظاء عربية لم تُعطَ أحدًا من العجم، وسائر الحروف اشتركوا فيها”[37]، وبمثل قول الخليل يصرِّحُ مكي بن أبي طالب[38]، وأَبو حيَّان النحوي، وشيخُه ابنُ أَبي الأَحْوَص، وغيرُ واحِدٍ[39]، بل قد نقل أبو عمرٍو الداني الإجماعَ في هذه المسألة؛ فقال: “أجمع علماء اللُّغة على أنَّ العرب خُصَّت بحرف الظاء دون سائر الأمم، لم يتكلَّم بها غيرهم”[40]؛ فعلى هذا تكون العربية لغةَ الظَّاء لا الضَّاد.

ويُضيف ابن دُرَيد الحاءَ إلى الظاء؛ فيقول: “حرفان مُختَصٌّ بهما العرب دون الخَلْق، وهما الحاء والظاء[41]، ويُقِرُّه ابن فارس[42]، والقَلقَشندي[43]، دون أن يُشيرا إلى نزاع مَن نازع في خصوصيَّة الحاء، كما فعل ابن دُريد نفسُه الذي أعقَب مقالته السابقة بقوله: “وزعم آخرون أنَّ الحاء في السُّريانية والعِبرانية والحَبشية كثيرةٌ، وأنَّ الظَّاء وحدَها مَقصورةٌ على العَرَب”[44]. وهذا هو الصَّوابُ؛ فالحاء موجودةٌ في الأبجدية الأوغاريتية، وفي السُّريانية[45]، وفي العبرية والآراميَّة والآشورية، ولغات جنوب الجزيرة والحبشة[46].

فمن مجموع ما تقدَّم يُمكن القولُ: إنَّ نعتَ اللغة العربية بأنها لغة الظاءُ أَولى من نعتِها بكونها لغةَ الضاد؛ يقول كمال بشر: “هناك إشارات متناثرة في أعمال السابقين والخالفين تشير بل تكاد تُؤكِّد أنَّ صوت الظاء “لا الضاد” هو الخاص بالعربية”[47]، ومن جملة تلك الإشارات المُومَأ إليها: البحث الموسوم بـ: “العربية لغة الضاد أم الظاء؟”، الذي تقدَّمت به “سلوى ناظم” إلى مؤتمر مجمع اللغة العربية بالقاهرة في دورته الخامسة والستين[48]، تُثبِتُ من خلاله أن الأَولى نعتُ اللسان العربي بأنه لسان الظاء.

ما الذي جعل العرب يحتفظون بصوت الظاء؟

في معرِض بحثي عن جوابٍ لهذا السؤال، استوقفني كلامٌ لابن الأثير عن مُتطلَّبات الصِّناعة اللَّفظيَّة يقول فيه: “واعلم أنه يجب على النَّاظم والنَّاثر أن يجتنِبَا ما يَضِيق به مجال الكلام في بعض الحروف؛ كالثاء والذال والخاء والشين والصاد والطاء والظاء والغين، فإنَّ في الحروف الباقية مَندوحةً عن استعمال ما لا يحسُن مِن هذه الأحرُفِ المُشار إليها، والنَّاظمُ في ذلك أشدُّ مَلامةً؛ لأنَّهُ يتعرَّض لأَنْ يَنظِم قصيدةً ذاتَ أبيات متعددة، فيأتي في أكثرها بالبَشِع الكريه الذي يمُجُّه السَّمع لعدم استعماله”[49]؛ فأدرَج الظَّائِيَّات ضِمن الكَلِم الكريه البَشِع المَمجوج في السَّمع؛ لعُزوف الألسُن عنه.

ثم يُسدي ابن الأثير إلى الشُّعراء نصيحةً يقول فيها: “فإن كُلِّفت – أيُّها الشَّاعر – أن تنظِم شيئًا على هذه الحروف، فقُل: هذه الحروف هي مَقَاتِلُ الفَصاحة، وعُذرِي واضحٌ في تركها؛ فإنَّ واضعَ اللُّغة لم يضع عليها ألفاظًا تعذُب في الفمِ، ولا تلَذُّ في السَّمع، والَّذي هو بهذه الصفة منها، فإنما هو قليلٌ جدًّا، ولا يُصاغ منه إلا مقاطيع أبيات من الشعر، وأما القصائد المُقصَّدة، فلا تُصاغ منه، وإن صِيغت جاء أكثرُها بَشِعًا كريهًا”[50]، وهذه الأصوات ليست على درجةٍ واحدةٍ في الكراهة فـ”أشدُّها كراهيةً أربعة أحرُف؛ وهي: الخاء والصاد والظاء والغين، وأما الثاء والذال والشين والطاء، فإن الأمر فيهن أقربُ حالاً”[51]، فالظَّاءُ إذًا عند ابن الأثير رابعةُ أربعةِ أحرفٍ يكرَه شديدًا استعمالُها، وبها تُقتَلُ الفصاحة.

لكن إذا كانت الظَّاء بهذه المواصفات، وكانت الكلمات الظائيات معدودةً في زُمرة “البَشِع الكريه الذي لا يعذُب في الفم، ويمُجُّه السَّمع” على حدِّ تعبير ابن الأثير؛ فما الذي ألجأ النِّظام الصوتي العربي إليها؟ وما الذي دعاه إلى الاحتفاظ بها بعد أن هجرتْها بقيَّةُ الألسنَة؟

يُمكننا أن نجد جوابًا عن هذين السؤالين من مراجعة الحقل الدّلالي الذي تندرج تحته الجذور الظائية، والذي هو حقل الضخامة والشدة والامتلاء، فهذا الحقل الذي يدلُّ على هذه المعاني في شِقَّيها الحسيِّ والمعنوي، يُعتَبر – بحقٍّ – تجسيدًا لصفات الظاء.

فمما يدُلُّ على الضخامة: الكَعيظ: “القصير الضخم من الناس”، الجَعظَريُّ: “الأكول”.

ومما يدُلُّ على الشِّدة: أسماء الأسلحة وما يتعلَّق بها؛ كالظُّنبوب[52] والحَظوة[53] والعَظعَظة[54] والعَظ: شدة الحرب.

ويدل على الشدة أيضًا: القَعظ: “إدخال المشقة”، والجَعظ: السيِّئ الخُلق الذي يتسخَّط عند الطعام”، والعظْم “وهو أشد ما في الإنسان وأصلبه”، ومُلحقات العظم أيضا: “كالظَّهر والظُّفر والظِّلف”، وأسماء بعض الحيوانات؛ كالظَّرِبان: “حيوانٌ مُنتِنُ الرِّيح”، وبعض الحشرات؛ كالعُنظُب: “الجراد الضخم”.

ومما يدُلُّ على الامتلاء: الشُّنظُب: “الجرف فيه ماء”، والوَقظ: “حوضٌ يجتمع فيه ماء كثير.

وقد قام اللِّسانُ العربي بتطويع هذا الصَّوت الخَشِن، وإخضاعِه لقانون الخِفَّة واليُسر؛ فالأصول الظائية ثلاثةُ أرباعِها تقريبًا ثلاثيةٌ، والبقيَّةُ؛ إمَّا ثُنائيةٌ، وإمَّا رُباعيةٌ، وتنعدِم الظَّاء في الجذور التي يزيدُ عدد حروفها عن الأربعة؛ لئلا يُضاف إلى ثِقَل صوتِ الظاء ثِقَلُ الجذر، وقد رُوعِيَت في الأصول الظائية قوانينُ التَّجاوُرِ الصَّوتي فلا يخلو الثلاثي والرباعي الظائِيَّيْن من صوتٍ أو أكثرَ من حروف اللِّين أو الذلق أو الحلق[55]؛ كما دلَّ على ذلك الاستقراء.

ولذا يُمكِنُني القول: بأنَّه على الرُّغم من كَون “واضع اللُّغة لم يضع عليها ألفاظًا تعذُب في الفم، ولا تلَذُّ في السَّمع”[56]؛ فإنَّ الكلمات الظائية وُظِّفت في الحقل الدَّلالي المُناسِب لها؛ إذ لا مناص من التعبير عن الأشياء والأحوال البَشِعة الكريهة؛ لأنها جزء من الواقع اللغوي، ومن خلال احتفاظه بالظاء أمكن للسان العربي نَقلُ تلك المشاعر وإيصال تلك المعاني، باستغلال الخصائص الصوتية للظاء.

في ختام بحثي هذا؛ يمكنني القول: إنَّ نعتَ العربية بأنها صوت الظاء أَولى من نعتِها بأنها لغة الضاد، وفي مقدِّمة القائلين بهذا الخليل بن أحمد الفراهيدي، بل هو المُجمَع عليه بين علماء اللُّغة، كما تقدَّم نقلُ ذلك عن الإمام أبي عمرو الداني، ثم هو نتيجة ما توصلت إليه الدراسات الصوتية الحديثة.

وفقنا الله – تعالى – إلى خدمة اللغة التي ارتضاها لسانًا للقرآن العظيم

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 


[1] انظر: حجازي، محمود فهمي، علم اللغة العربية، وكالة المطبوعات، الكويت، د.ط 1973. ص200.

[2] انظر: حجازي، محمود فهمي، علم اللغة العربية. ص200.

[3] انظر: رمضان عبدالتواب، مشكلة الضاد العربية وتراث الضاد والظاء، مجلة المجمع العلمي العراقي، بغداد، 1971. مج21، ج2 ص220.

[4] الشافعي، محمد بن إدريس، الرسالة، تح: أحمد محمد شاكر، دار الكتب العلمية، لبنان د. ت. ص42.

[5] ليس لهذا الخبر ذكرٌ في كتب الحديث، وإنما أورده  -بلا إسناد-  مفسِّرون ولغويون ونحاة، منهم:

1- الرازيّ، محمد بن عمر، مفاتيح الغيب من القرآن الكريم، دار إحياء التراث العربي، لبنان ط1، 1994. ج1 ص27.

2- ابن الأثير، نصر الله بن محمد، المثَلُ السائر في أدب الكاتب والشاعر، تح: محمد محيي الدين عبدالحميد، المكتبة العصرية، لبنان، 1995. ج 2ص392.

3- ابن مالك، محمد بن عبدالله، الاعتماد في نظائر الظاء والضاد، تح: حاتم الضامن، دار البشائر، سورية، ط1، 2003. ص18.

[6] انظر: ابن كثير، إسماعيل بن عمر، تفسير القرآن العظيم، تح: مازن الجصلي، جمعية إحياء التراث الإسلامي، الكويت، ط1، 2004. ج1ص29.

[7] القسطلاَّني، أحمد بن محمد، لطائف الإشارات لفنون القراءات، تح: عامر السيد عثمان وعبدالصبور شاهين، لجنة إحياء التراث الإسلامي، مصر، ط1، 1972. ج1 ص191.

[8] الجاحظ، عمرو بن بحر، البيان والتبيين، تح: عبدالسلام هارون، مكتبة الخانجي، مصر ط7، 1988. مج1 ص65.

[9] الجواليقي، موهوب بن أحمد، المعرب من الكلام الأعجمي، تح: خليل عمران المنصور، دار الكتب العلمية، لبنان، ط1، 1998. ص109.

[10] انظر: مكي درار، الضاد العربية إلى أين؟ مجلة القلم، ع1، جامعة السانية، وهران 2001. ص87.

[11] ابن دريد، محمد بن الحسن، جمهرة اللغة، تح: رمزي منير بعلبكي، دار العلم للملايين لبنان، ط1، 1987. ج1 ص41.

[12] ابن جنِّي، عثمان، سر صناعة الإعراب، تح: حسن هنداوي، دار القلم، سورية، ط1 1985. ج1 ص215.

[13] ابن فارس، أحمد، الصاحبي في فقه اللغة، تح: أحمد حسن بسج، دار الكتب العلمية، لبنان ط1، 1997. ص63.

[14] ابن سيده، علي بن إسماعيل، المحكم والمحيط الأعظم، تح: عبدالحميد هنداوي، دار الكتب العلمية، لبنان، 2000. ج8 ص240.

[15] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، دار صادر، لبنان، ط1، 1997. ج3 ص266.

[16] مكي بن أبي طالب، الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة، تح: أحمد حسن فرحات، دار عمار، الأردن، ط3، 1996. ص113.

[17] السيوطي، عبدالرحمن بن أبي بكر، همع الهوامع في شرح جمع الجوامع، تح: عبدالحميد هنداوي، المكتبة التوفيقية، مصر، د.ت. ج3ص490.

[18] انظر: ابن جماعة، عبدالعزيز بن محمد، شرح كافية ابن الحاجب، تح: محمد محمد داود، دار المنار، د.ت. ج1 ص338.

[19] انظر: كمال بشر، علم الأصوات، دار غريب، مصر، 2000. ص264.

[20] كمال بشر، علم الأصوات. ص270.

[21] إبراهيم أنيس، اللغة بين القومية والعالمية، مصر، ط1، 1970. ص 198.

[22] إبراهيم أنيس، الأصوات اللغوية، القاهرة، 1961. ص4.

[23] مختار الغوث، لغة قريش، دار المعراج الدولية، ط1، 1997. ص33.

[24] انظر: برجشتراسر، التطور النحوي للغة العربية، تح: رمضان عبدالتواب، مكتبة الخانجي، مصر، ط2، 1994. ص18.

[25] انظر: إبراهيم أنيس، الأصوات اللغوية. ص4.

[26] انظر: مكي درار، الضاد العربية إلى أين؟ مجلة القلم. ص95.

[27] المرجع نفسه. ص95.

[28] الرافعي، مصطفى صادق، تاريخ آداب العرب، دار الكتب العلمية، لبنان، ط1، 2000. ج1 ص89.

[29] حسن عباس، خصائص الحروف العربية ومعانيها، اتحاد الكتاب العرب، سورية، 1998. ص161.

[30] انظر: يحيى عبابنة، النظام السيميائي للخط العربي، اتحاد الكتاب العرب، سورية، د.ط 1998. ص70.

[31] إميل بديع يعقوب، موسوعة الحروف في اللغة العربية، دار الجيل، لبنان، ط2، 1995. ص443.

[32] إسرائيل ولنفسون، تاريخ اللغات السامية. ص19.

[33] انظر: كارل بروكلمان، فقه اللغات السامية، تر: رمضان عبدالتواب، جامعة الرياض، السعودية، د.ط، 1977. ص39.

[34] انظر: إسرائيل ولنفسون، تاريخ اللغات السامية. ص290.

[35] وهي: لُغة مملكة (رأس الشمَّرَّة) في الشمال من ساحل بلاد الشام، وقد لاحظ المختصون تشابه لغة أهلها الكبير مع اللغة العربية، لا سيما في الثروة المعجمية.

انظر: إسماعيل فاروق، اللغة الآرامية القديمة، سورية، مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية، 2001. ص36.

[36] الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين. ج1 ص53.

[37] المصدر نفسه. ج8 ص174.

[38] مكي بن أبي طالب، الرعاية لتجويد القراءة. ص113.

[39] المرتضى الزَّبيدي، محمّد بن محمّد، تاج العروس من جواهر القاموس. ج38 ص529.

[40] الداني أبو عمرو، عثمان بن سعيد، الفرق بين الضاد والظاء في كتاب الله – عز وجل – وفي المشهور من الكلام، تح: حاتم صالح الضامن، دار البشائر، سورية، ط1، 2006. ص 34.

[41] ابن دريد، محمد بن الحسن، جمهرة اللغة. ج1 ص41.

[42] ابن فارس، أحمد، الصاحبي في فقه اللغة. ص63.

[43] القلقشندي، أحمد بن علي، صبح الأعشى في صناعة الإنشا، تح: يوسف علي طويل، دار الفكر، سورية، ط1، 1987. ج 3 ص21.

[44] ابن دريد، محمد بن الحسن، جمهرة اللغة. ج1 ص41.

[45] انظر: السامرائي، إبراهيم، دراسات في اللغتين السريانية والعربية، دار الجيل – مكتبة المحتسب، لبنان – الأردن، ط1، 1985. ص55.

[46] انظر: إسرائيل ولنفسون، تاريخ اللغات السامية، مطبعة الاعتماد، مصر، ط1، 1929. ص286.

[47] انظر: كمال بشر، علم الأصوات. ص272.

[48] المرجع السابق. ص264.

[49] ابن الأثير، نصر الله بن محمد، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر. ج1 ص181.

[50] ابن الأثير، نصر الله بن محمد، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر. ج1 ص181.

[51] المرجع نفسه.

[52] وهو: مسمار يكون في جبَّة السنان يركب في عاليه الرمح.

[53] وهو: سهم صغير قدر ذراع، يلعب به الصبيان.

[54] وهو: الْتواء السهم وارتعاشه في مضيه.

[55] انظر: أحمد سعدون، توظيف حرف الظاء في القرآن الكريم، مذكرة مُقدَّمة لنيل شهادة الماجستير، جامعة الجزائر، 2005- 2006. ص44.

[56] ابن الأثير، نصر الله بن محمد، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر. ج1 ص181.

 

ترك تعليق