الأسماء التي تعمل عمل أفعالها
1- اسم الفعل وعمله:
«هو ما ناب عن الفعل في عمله ودلالته على الحدث والزمن، ولكنه لا يقبل علامات الفعل ولا يتأثر بالعوامل، فلا محل له من الإعراب»، والأفعال بعضها مبنية وبعضها معربة، أما أسماء الأفعال فكلها مبنيَّة.
واسم الفعل إمَّا (مُرتَجَل)، وهو ما وُضِعَ من أول الأمر على أنه اسم فعل مثل: هيهاتَ وصَهْ، وإمَّا (منقول)، وهو ما وضع أولًا لظرف أو جار ومجرور، ثم نُقل إلى اسم فعل، فدونَك ظرف مكان، فإذا أردتَ به معنى خُذْ، كان اسم فعل مثل: دُونَكَ الكتابَ، وإليك جار ومجرور، فإذا أردتَ به معنى ابتعِدْ كان اسمَ فعلٍ، مثل: إليك عني يا هذا.
واسم الفعل مِن حيث دلالته ثلاثة أنواع، وهي:
1- اسم فعل أمر مثل: صه بمعنى اسكُتْ، ومَهْ بمعنى اكفُفْ.
2- اسم فعل ماضٍ مثل: هيهاتَ بمعنى بَعُدَ، وشَتَّانَ بمعنى افترقَ.
3- اسم فعل مضارع مثل: وَيْ بمعنى أَعجبُ، وأُفٍّ بمعنى أتضجَّرُ.
ومن أسماء فعل الأمر ما صيغ على وزن (فَعالِ) من الأفعال الثلاثية التامة؛ مثل: حَذارِ بمعنى احذرْ، ونَزالِ بمعنى انزل، ودَراكِ بمعنى أدرك.
ويَثبُتُ لاسم الفعل ما يثبت للفعل الذي في معناه، تقول في (صه): اسم فعل أمر فاعِله مستتر وجوبًا تقديره أنت، كما تقول في اسكت، وتقول في (هيهاتَ) المزارُ: المزار فاعل هيهات، كما تقول في بَعُدَ المزارُ، وتقول في (أُف): اسم فعل مضارع فاعله مستتر وجوبًا تقديره أنا، كما تقول في أتضجَّر، ويَنصبُ المفعولَ به إن كان الذي بمعناه متعديًا؛ تقول في دَراكِ زيدًا: دراك اسم فعل أمر فاعله مستتر تقديره أنت، وزيدًا مفعول به، كما تقول في أدرِكْ زيدًا، ويختلف عن الفعل في أن معموله لا يتقدم عليه، فلا يصح أن تقول: زيدًا دَراكِ، كما يصح أن تقول: زيدًا أدرك.
وإذا دلَّ اسم الفعل على طلب جاز جزمُ المضارع في جوابه تقول: نَزالِ نحدِّثْك، ولكن لا يجوز نصبه مع الفاء، فلا يقال: نَزالِ فنحدثَك كما يجوز ذلك في الفعل؛ أي في: انزل فنحدثَك.
2- المصدَر وعمله:
الفعل يدل على الحَدَث[1] مع زمنه الماضي أو الحاضر أو المستقبل، أما المصدر فيدل على الحدث فقط، كالفتح والزخرفة والإكرام والاجتهاد والاستخراج[2]، ويعمل المصدر عملَ فعله، فمصدر الفعل اللازم يحتاج إلى الفاعل، ومصدر الفعل المتعدي يحتاج إلى الفاعل والمفعول، وهكذا، لكن الفعل يعمل دائمًا، أما المصدر فلا يعمل إلا بشروط ثمانية وهي:
1- صحةُ حلولِ أنْ والفعل أو ما والفعل محل المصدر، (حلول أن والفعل إذا كان الزمان ماضيًا أو مستقبلًا)، تقول: أعجبني طردُك اللصَّ أمس، ويعجبني طردك اللصَّ غدًا؛ إذ يصح في الجملة الأولى أن تقول: أعجبني أن طردتَ اللص أمس، وفي الجملة الثانية: يُعجبُني أن تطرد اللصَّ غدًا، (وحلول ما والفعل إذا كان الزمان حالًا)، تقول: يعجبني طردُك اللصَّ الآن؛ إذ يصح أن تقول: يعجبني ما طردت اللص الآن، وفي القـرآن الكريم: ﴿ وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ﴾ [التوبة: 25]؛ أي: برحبها، و﴿ وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ ﴾ [آل عمران: 118]؛ أي: عَنَتَكم.
2- ألا يكون مُصَغَّرًا، فلا يقال: أعجبني ضُرَيبُك زيدًا.
3- ألا يكون مُضْمَرًا، فلا يُقال: ضربي زيدًا حسنٌ، وهو خالدًا قبيحٌ، على أن خالدًا مفعول به لهو العائد إلى المصدر.
4- ألا يكون محدودًا بالتاء الدالة على الوحدة، فلا يقال: أعجبتني ضربتك زيدًا.
5- ألا يكون موصوفًا قبل العمل، فلا يقال: أعجبني ضربُك الشديدُ زيدًا، فإن أَخَّـرتَ الوصف جاز، تقول: أعجبني ضربُك زيدًا الشديدُ.
6- ألا يعمل وهو محذوف، فإذا قلت: مالَكَ وزيدًا؟ فزيدًا ليس مفعولًا لمصدر محذوف والتقدير: إياك وملابَسَتَك زيدًا، بل هو مفعول معه.
7- ألا يكون مفصولًا عن معموله بأجنبي؛ لأنَّ معموله بمنزلة الصلة من الموصول، فلا يُفصل بينهما.
8- ألا يتأخر عن معموله، فلا يقال: أعجبني زيدًا ضربُكَ.
والمصدر العامل له ثلاثة استعمالات، وهي:
الأول: أن يكون مضافًا وهو أكثر ورودًا، وإضافته إمَّا إلى الفاعل مثل: يعجبني فهمُك الدرسَ، وطاعتُك الوالدين، وإكرامُك الضيفَ، وفي القرآن الكريم: ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ ﴾ [البقرة: 251]، و﴿ وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِل ﴾ [النساء: 161]، وإمَّا إلى المفعول مثل: وحجُّ البيتِ من استطاع إليه سبيلًا، فحج مضاف إلى البيت من إضافة المصدر إلى مفعوله، ومَن اسم موصول فاعل، وهذا أقل مما قبله.
الثاني: أن يكون منوَّنًا؛ أي مجردًا من أل والإضافة؛ كما في قوله تعالى: ﴿ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ﴾ [البلد: 14، 15]؛ أي: أن يطعمَ الرجلُ يتيمًا، فالفاعل محذوف، ويتيمًا مفعول به، وقد تقَدَّم هذا في بحث الفاعل.
الثالث: أن يكون مقترنًا بأل، وإعماله في هذه الحالة شاذ، تقول: زيد شديد الحُبِّ أولادَه، فأولاده مفعول به للمصدر الذي هو الحب.
3- اسم الفاعل وعمله:
المصدر موضوع للدلالة على الحَدَث، واسم الفاعل مشتق من المصدر[3]، للدلالة على القائم بالحَدَث؛ كجالِس ومُكرِم ومُجتَهِد ومُستخرِج، المشتقة من الجلوس والإكرام والاجتهاد والاستخراج[4].
أمَّـا عمله:
♦ فإنه يعمل عملَ فِعلِهِ إن كان مقترنًا بأل، سواء كان ماضيًا أم حالًا أم مستقبلًا؛ تقول: هذا الفاتحُ بابَه أمسِ أو الآن أو غدًا، هذا الفاتح مبتدأ وخبر، وبابه مفعول به لفاتح.
♦ وإن كان مجردًا من أل فإنه لا يعمل إلا بشرطين:
الأول: أن يكون للحال أو للاستقبال، ولا يعمل إذا كان للماضي، فلا يقال: هـذا فاتح بابَه أمسِ.
الثاني: أن يقع بعد نفي أو استفهام، أو شيء يحتاج إلى خبر أو بعد موصوف كما في الأمثلة التالية:
1- ما كاتبٌ زيدٌ رسالةً، ما نافية، كاتب مبتدأ وهو اسم فاعل، زيد فاعل لاسم الفاعل سدَّ مسدَّ الخبر[5]، رسالةً مفعول به، وقد عمل اسم الفاعل لاعتماده على النفي.
2- هل كاتبٌ زيدٌ رسالةً؟ هل حرف استفهام، وإعراب الباقي كما في الجملة السابقة، وقد عمل اسم الفاعل لاعتماده على الاستفهام.
3- زيد كاتبٌ رسالةً، زيد كاتب مبتدأ وخبر، والخبر اسم فاعل فاعله مستتر، ورسالةً مفعول به، وقد عمل اسم الفاعل لاعتماده على شيء يحتاج إلى خبر وهو المبتدأ زيد.
4- هذا رجلٌ كاتبٌ رسالةً، هذا رجلٌ مبتدأ وخبر، وكاتب صفة رجل، وهو اسم فاعل فاعله مستتر ورسالة مفعول به، وقد عمل لاعتماده على موصوف وهو رجل.
4- صِيَغ المبالغة:
«هي صِيَغ مخصوصة تدل على التكثير في الفعل والمبالغة فيه».
وتأتي على وزن (فَعَّال) مثل: غَفَّار، و(فَعُول) مثل: صَبُور، و(فَعِيل) مثل: سَميع، و(مِفعال) مثل: مِطعان، و(فَعِل) مثل: حَذِر.
وهي من لواحق اسم الفاعل ذي الفعل الثلاثي ومُحَوَّلة عنه، فاسم الفاعل من الأمثلة المذكورة: غافِر للفعل غَفَرَ، وصابر للفعل صَبَرَ، وسامع للفعل سَمِعَ، وطاعن للفعل طَعَنَ، وحاذِر للفعل حَذِرَ.
ولَمَّا كانت محوَّلةً عن اسم الفاعل، فهي تعمل عمله وبنفس الشروط المذكورة فيه، تقول: الله غَفَّارٌ ذنوبَ التائبين، وسميعٌ دعاءَ المضطرين، وتقول: زيدٌ مِعوانٌ أصحابَه، وحَذِرٌ أَعداءَه، وضَروبٌ خصومَه.
وأكثر الخمسة استعمالًا فَعَّال وفعول ومِفعال.
5- اسم المفعول وعمله:
«هو اسم مشتق من مصدر الفعل المبني للمجهول[6]، للدلالة على مَن وقع عليه الفعل». ويعمل عملَ فعلِهِ المبني للمجهول بنفس الشروط المذكورة في عمل اسم الفاعل؛ تقول:
1- ما مفتوحٌ بابُك، فمفتوح مبتدأ وهو اسم مفعول، بابُك نائب فاعل سَدَّ مَسَد الخبر. وقد عمل اسم المفعول لاعتماده على النفي.
2- هل مفتوحٌ بابُك؟ هل حرف استفهام، وإعراب الباقي كما في الجملة السابقة، وقد عمل لاعتماده على الاستفهام.
3- أنت مفتوحٌ بابُك، أنت مفتوح مبتدأ وخبر، والخبر اسم مفعول، بابك نائب فاعل، وقد عمل لاعتماده على ما يحتاج إلى خبر وهو المبتدأ أنت.
4- أنت رجل مفتوحٌ بابُك، أنت رجل مبتدأ وخبر، مفتوح صفة للخبر، وقد عمل لاعتماده على الموصوف رجل.
ويجوز أن يضاف إلى نائب فاعله، تقول: هو مفتوح البابِ، مهموم القلبِ.
6- الصفة المشبَّهة وعملها:
«هي الصفة المصوغَة لغير تَفضيل وتُفيد الثبوتَ لموصوفها».
فـ (حَسَنٌ) في قولك: (زيدٌ حسنُ وجهُهُ) صفة أفادت ثبوت الحسن لوجه زيد، أما ما يفيد تفضيلًا مثل أقوى في قولك: خالد أقوى من زيد، فهو اسم تفضيل، وسيأتي بحثه بعد هذا مباشرة.
والصفة المشبَّهة تُشبِه اسم الفاعل في أمور منها أنها تُذكَّر وتُؤنَّث، وتُثنى وتُجمَع كاسم الفاعل؛ تقول: حَسَن وحَسَنة وحَسَنان وحَسَنتان وحَسَنون وحَسَنات، كما تقول في اسم الفاعل: جالس وجالسة وجالسان وجالستان وجالسون وجالسات.
وتخالف اسم الفاعل في أمور؛ أهمها:
1- اسم الفاعل يكون من اللازم والمتعدي ومن الثلاثي وغيره (كما سبق في بحثه)، أما الصفة المشبهة، فلا تكون إلا من الثلاثي اللازم.
2- اسم الفاعل يدل على الحدوث والتجدد، أما الصفة المشبهة فتدل على الثبوت، فقولك: زيد حسن وجهه، أفاد ثبوت الحسن لوجه زيد.
3- اسم الفاعل من الثلاثي يكون على وزن (فاعِل) دائمًا، أما الصفة المشبهة – وإن كانت من الثلاثي دائمًا – فتأتي على أوزان شتى؛ مثل: حَسَن وشجاع وظريف وفَرِح وأحمق وغيرها.
4- اسم الفاعل يجري على حركات وسكنات مضارعه، فضارِب كيضرِب ومُجتهِد كيجتهِد، أما الصفة المشبهة فقد تجري على وزن المضارع قليلًا كطَاهِر، ولكن الغالب فيها عدم جريانها عليه كما في الأمثلة المذكورة في الفقرة الثالثة.
5- اسم الفاعل يكون للماضي والحاضر والمستقبل، أما الصفة المشبهة فلا تكون إلا للحاضر الدائم.
6- معمول اسم الفاعل قد يتقدم عليه مثل: أنت زيدًا ضاربٌ، والصفة المشبهة لا يتقدم معمولها المنصوب عليها، فلا يقال: أنت وجهًا حسن.
7- معمول اسم الفاعل قد يكون سببيًا؛ مثل: زيدٌ مطيعٌ أباه، وقد يكون أجنبيًّا مثل: زيدٌ ضاربٌ خالدًا، أما الصفة المشبهة، فلا يكون معمولها إلا سببيًّا؛ أي اسمًا متصلًا بضمير موصوفها ولو تقديرًا مثل: زيد حسن وجهه، أو حسن الوجه، أو حسن وجهًا؛ أي: منه، وأل في الوجه بدل الضمير.
8- اسم الفاعل يؤنث بالتاء فقط، تقول: جالسة ومجتهدة، أما الصفة المشبهة فقد تؤنث بالتاء مثل: فَرِحَة، وقد تؤنث بالألف المقصورة مثل: عطشى، وبالألف الممدودة مثل: عمـياء.
المصدر كتاب: توضيح قطر الندى
تأليف: الشيخ عبدالكريم الدبان التكريتي، بعناية: الدكتور عبدالحكيم الأنيس
[1] الأرجح عند علماء العربية أن المصدر أصل المشتقات، ولذلك سُمِّيَ مصدرًا، وهو يدل على الحدث كالفتح مثلًا، فإن أريد الحدث مع زمنه كحدوثه قبل زمن التكلم، اشتُقَّ منه الفعل الماضي فقيل (فَتَحَ)، وإن أُريد الحدوث في الحال أو الاستقبال، اشتق منه المضارع، فقيل: (يفتح)، وإن أُريد طلبُ الفتح، اشتُق منه الأمر، فقيل: (افتَحْ)، وإن أُريد الحدث وفاعله، اشتق منه اسم الفاعل، فقيل: (فاتح)، وإن أُريد الحدث وما وقع عليه، اشتُق منه اسم المفعول، فقيل: (مفتوح)، وإن أُريد الآلة التي يتحقق بواسطتها الحدث، اشتُق منه اسم الآلة، فقيل: (مفتاح)، وهكذا، وتفصيل ذلك في علم الاشتقاق، وكذلك في علم الصرف.
[2] الأمثلة لمصادر الفعل الثلاثي والرباعي المجردين، وللثلاثي المزيد بحرف وحرفين وثلاثـة.
[3] المشتقات سبعة وهي: اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة، واسم التفضيل وأسماء الزمان والمكان والآلة، ولا تعمل عمل الفعل إلا الأربعة الأولى.
[4] اسم الفاعل من الثلاثي على وزن فاعل، ومن غيره على وزن مضارعه مع إبدال حرف المضارعة ميمًا مضمومة وكسر ما قبل الآخر، الأول مثل كاتب، والثاني مثل مُسافِر.
[5] تقدَّم في بحث المبتدأ أن مرفوعه يسدُّ مَسَدَّ الخبر إذا اعتمد على شيء مما ذكرناه.
[6] اسم المفعول من الثلاثي على وزن مفعول. ومن غيره كاسم فاعله مع فتح ما قبلَ الآخر. فالأول مثل معلوم، والثاني مثل مُستخرَج.