اخْتَلَفَتْ تعريفاتُ اسْمِ الفَاعِلِ عندَ النُّحاةِ، فقال ابْنُ الحَاجِبِ "ما اشْتُقَّ مِن فِعْلٍ لِمَن قامَ به بمَعْنَى الحُدُوثِ" وقولُه: "لمَن قام به" يُخْرِجُ اسْمَ المَفْعُولِ؛ فإنه ليس قائمًا به، وإنما هو واقعٌ عليه، وقولُه: "بمَعْنَى الحُدُوثِ" يُخْرِجُ الصِّفَةَ المُشَبَّهَةَ؛ فإنها تَدُلُّ على الثُّبُوتِ.
اسم الفاعل: صَوغُه وعمَلُه
 

الفِعْلُ لمّا كان يَدُلُّ على المَصْدَرِ بلَفْظِه، وعلى الزمانِ بصِيغَتِه، وعلى المكانِ بمَحِلِّه، اشْتُقَّ منه لهذه الأقسامِ أسماءٌ، ولمّا كان يَدُلُّ على الفَاعِلِ بمَعْناهُ، لأنه حَدَثٌ، والحَدَثُ لا يَصْدُرُ إلا عن فَاعِلٍ اشْتُقَّ مِنه اسْمُ فَاعِلٍ؛ ولذلك اخْتَلَفَتْ تعريفاتُ اسْمِ الفَاعِلِ عندَ النُّحاةِ، فقال ابْنُ الحَاجِبِ[1]: “ما اشْتُقَّ مِن فِعْلٍ لِمَن قامَ به بمَعْنَى الحُدُوثِ” وقولُه: “لمَن قام به” يُخْرِجُ اسْمَ المَفْعُولِ؛ فإنه ليس قائمًا به، وإنما هو واقعٌ عليه، وقولُه: “بمَعْنَى الحُدُوثِ” يُخْرِجُ الصِّفَةَ المُشَبَّهَةَ؛ فإنها تَدُلُّ على الثُّبُوتِ.

وقال ابْنُ مَالِكٍ[2]: “هو الصِّفَةُ الدَّالَّةُ على فاعِلٍ، جارِيَةٌ في التَّذْكِيرِ والتَّأْنِيثِ على المُضَارِعِ”.

وقال ابْنُ هِشَامٍ[3]: “ما دَلَّ على الحَدَثِ وفاعِلِه” فخَرَجَ بالحَدَثِ نَحْوُ أَفْضَلَ – اسْمَ تَفْضِيلٍ – وحَسَنٍ – صفةً مُشَبَّهَةً – وخَرَجَ بذِكْرِ فَاعِلِه نَحْوُ مَضْرُوبٍ.

واسْمُ الفَاعِلِ الذي يَعْمَلُ عَمَلَ الفِعْلِ هو الذي يَجْرِي على فِعْلِه، ويَطَّرِدُ القِياسُ فيه كما ذَكَرَ ابْنُ السَّرَّاجِ[4]، ويَجُوزُ أن يُنْعَتَ به اسْمٌ قَبْلَه نَكِرَةٌ، كما يُنْعَتُ بالفِعْلِ الذي اشْتُقَّ منه ذلك الاسْمُ، ويُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ، وتَدْخُلُه الْأَلِفُ واللَّامُ، ويُجْمَعُ بالوَاوِ والنُّونِ؛ كالفِعْلِ إذا قُلْتَ: يَفْعَلُونَ، نَحْوُ ضَارِبٍ وقاتِلٍ، يَجْرِي على يَضْرِبُ ويَقْتُلُ، ومَعْنَى جَرَيانِ اسْمِ الفَاعِلِ على الفِعْلِ في حَرَكَاتِه وسَكَنَاتِهِ أنَّ عَدَدَ حُرُوفِ ضَارِبٍ كعَدَدِ حُرُوفِ يَضْرِبُ، وضَادُ ضاربٍ مَفْتُوحَةٌ، كما أنَّ ياءَ يَضْرِبُ مفتوحةٌ، والأَلِفُ ثانِيَةٌ وهيَ ساكِنَةٌ، كما أنَّ ثانيَ يَضْرِبُ ساكِنٌ، والرَّاءُ فيهما ثالِثَةٌ مَكْسُورَةٌ، والباءُ فيهما حَرْفُ إِعْرابٍ.

ونَبَّهَ ابْنُ هِشَامٍ أنَّ المُجَارَاةَ تَقَابُلُ حَرَكَةٍ بِحَرَكَةٍ، لا حَرَكَةٍ بعَيْنِها، فقال[5]: “اسْمُ الفَاعِلِ لا يَكُونُ إلّا مُجَارِيًا للمُضَارِع، فإنه مُجارٍ ليَضْرِبُ، فإن قُلْتَ: هذا مُنْتَقَضٌ بداخِلٍ ويَدْخُلُ، فإنَّ الضَّمَّةَ لا تُقَابِلُ الكَسْرَةَ، قلتُ: اعْتُدَّ في المُجَاراةِ تَقَابُلُ حَرَكَةٍ بحَرَكَةٍ، لا حَرَكَةٍ بعَيْنِها”.

وكذلك جاءَ في التَّصْرِيحِ[6]: “إذ لا يُشْتَرَطُ التَّوَافُقُ في أعْيَانِ الحَرَكَاتِ”.

وقال ابْنُ هِشَامٍ[7]: “فإن قُلْتَ: كيفَ تَصْنَعُ بقائِمٍ ويَقُومُ؛ فإنّ ثانيَ قائمٍ ساكِنٌ، وثانيَ يَقُومُ مُتَحَرِّكٌ؟ قلتُ: الحَرَكَةُ في ثاني يَقُومُ مَنْقُولَةٌ مِن ثالثِه، والأَصْلُ: يَقْوُمُ كيَدْخُلُ”.


صَوْغُ اسْمِ الفَاعِلِ:

اسْمُ الفَاعِلِ مَقِيسٌ[8] مِنَ الفِعْلِ الثُّلاثِيِّ على وَزْنِ فاعِلٍ، في كلِّ فِعْلٍ على وَزْنِ (فَعَلَ) مُتَعَدِّيًا كانَ أو لازِمًا، نَحْوُ ضَرَبَ فهو ضاربٌ، وذَهَبَ فهو ذاهبٌ[9].

وإن كان الفِعْلُ على وَزْنِ (فَعِلَ) بكَسْرِ العَيْنِ، فإن كان مُتَعَدِّيًا، فقِياسُه أيضًا أن يَأتيَ اسْمُ الفَاعِلِ على فاعِلٍ؛ نَحْوُ: رَكِبَ فهو راكبٌ، وعَلِم فهو عالمٌ.

وإن كان لازمًا فلا يُقالُ في اسْمِ الفَاعِلِ منه (فَاعِلٌ) إلّا سَماعًا[10]، نَحْوُ أَمِنَ فهو آمِنٌ، وسَلِمَ فهو سالِمٌ، بل قياسُ اسْمِ الفَاعِلِ منه أن يَكُونَ على فَعِلٍ في الأَعْراضِ؛ نَحْوُ: فَرِحَ فهو فَرِحٌ، ونَضِرَ فهو نَضِرٌ، وبَطِرَ فهو بَطِرٌ[11]، وأَشِرَ فهو أَشِرٌ، وتَعِبَ فهو تَعِبٌ، وحَمِقَ فهو حَمِقٌ.

وشَذَّ مَرِيضٌ وسَقِيمٌ وكَهْلٌ؛ إذ قياسُها كفَرِحٍ؛ لأنها أَعْراضٌ.

ويَأتي أيضًا اسْمُ الفَاعِلِ مِن ((فَعِلَ)) اللازمِ على (فَعْلان)، نَحْوُ عَطِشَ فهو عَطْشَانُ، وشَبِعَ فهو شَبْعَانُ، ورَوِيَ فهو ريَّانُ، وصَدِيَ فهو صَدْيَانُ، وسَكِرَ فهو سَكْرانُ.

ويأتي على أفْعَلَ في الأَلْوانِ؛ نَحْوُ: سَوِدَ فهو أَسْوَدُ، وحَمِرَ فهو أَحْمَرُ[12]، وعَوِرَ فهو أَعْوَرُ، وعَشِيَ فهو أَعْشَى وحَوِرَ فهو أَحْوَرُ، وجَهِرَ فهو أَجْهَرُ[13]، ووَجِلَ فهو أَوْجَلُ، وعَرِجَ فهو أَعْرَجُ، وعَمِيَ فهو أَعْمَى، وعَمِشَ فهو أَعْمَشُ.

ويأتي أيضًا على (فَعِيل)؛ نَحْوُ: حَزِنَ فهو حَزِينٌ، وغَنِيَ فهو غَنِيٌّ.

وقد يُسْتَغْنَي عن صِيغَةِ فاعِلٍ مِن فَعَلَ بالفَتْحِ بغَيْرِها؛ نَحْوُ: شَاخَ فهو شيْخٌ، وطَابَ فهو طَيِّبٌ، وشابَ فهو أَشْيَبُ، وعَفَّ فهو عَفِيفٌ[14].

وإذا كان الفِعْلُ على وَزْنِ (فَعُلَ) – ولا يَكونُ إلّا لازمًا – فاسْمُ الفَاعِلِ منه على فاعِلٍ قَلِيلٌ؛ نَحْوُ: حَمُضَ فهو حامِضٌ، وفَرُهَ فهو فَارِهٌ[15].

ويَكْثُرُ مَجِيءُ اسْمِ الفَاعِلِ منه على (فَعْلٍ)[16]؛ نَحْوُ: ضَخُمَ فهو ضَخْمٌ، وشَهُمَ فهو شَهْمٌ، وصَعُبَ فهو صَعْبٌ، وسَهُلَ فهو سَهْلٌ.

ويأتي على (فَعِيل)[17]؛ نَحْوُ: جَمُل فهو جَمِيلٌ، وشَرُفَ فهو شَرِيفٌ، وظَرُفَ فهو ظَرِيفٌ، وقَرُبَ فهو قَرِيبٌ، وبَعُدَ فهو بَعِيدٌ، وقد يَأْتِي على غَيْرِ ذلك؛ نَحْوُ: جَبُنَ فهو جَبانٌ، وشَجُعَ فهو شُجاعٌ، وحَرُمَ فهو حَرامٌ، وجَنُبَ فهو جُنُبٌ، وخَشُنَ فهو خَشِنٌ، ومَلُحَ الماءُ فهو مِلْحٌ[18]، ونَجُسَ فهو نَجِسٌ.
وجميعُ هذه الصِّفاتِ[19] التي لَيست على “فاعل” صِفاتٌ مُشَبَّهَةٌ، إن قُصِدَ بها الثُّبُوتُ، وإطلاقُ اسْمِ الفَاعِلِ عليها مَجازٌ في الاصْطِلاحِ الشَّائِعِ، فإن قُصِدَ بها الحُدُوثُ والتَّجَدُّدُ كانتْ أسماءَ فَاعِلِينَ، وأما ما جاء على (فاعل) كضاربٍ وقائمٍ، فاسْمُ فاعلٍ إلا إذا دَلَّ على الثُّبُوتِ، كطاهرِ القَلْبِ، وقامتْ قرينةٌ على ذلك، وأُضِيفَ لمَرْفُوعِه؛ فيكونُ صفةً مُشَبَّهَةً تَجْرِي عليه أحكامُها على الرَّغْمِ مِن بَقَائِه على صُورَةِ اسْمِ الفَاعِلِ.
والمَعْلُومُ عندَ النُّحاةِ أن اسْمَ الفَاعِلِ لا يُضَافُ لمَرْفُوعِه، بخلافِ الصِّفَةِ المُشَبَّهَةِ؛ فلا يُقالُ: زَيْدٌ كاتبُ الأَبِ؛ لأنَّ مَنْ كَتَبَ أبُوه لا يَحْسُنُ إِسْنادُ الكِتَابةَ له[20]، أمّا الصِّفَةُ المُشَبَّهَةُ، فيَجُوزُ جَرُّ فَاعِلِها بها؛ نَحْوُ: “حَسَنُ الْوَجْهِ، ومُنْطَلِقُ اللِّسَانِ، وطاهِرُ القَلْبِ”[21]، واسْمُ الفَاعِلِ المُتَعَدِّي لواحِدٍ تَمْتَنِعُ إضافتُه لفَاعِلِه عندَ الجمهورِ، وإن قُصِدَ ثُبُوتُه، أمّا اللازمُ “كقائِمِ الأَبِ”، فإنما تَمْتَنِعُ إضافتُه إذا قُصِدَ به الحُدُوثُ، فإن قُصِدَ به الدَّوامُ كان صفةً مُشَبَّهَةً، وانْطَلَقَ عليه اسْمُها، وجَازَ إضافتُه إلى ما هو فاعِلٌ في المَعْنَى، أما اسْمُ الفَاعِلِ المُتَعَدِّي لأَكْثَرَ من واحِدٍ، فلا يُضَافُ لمَرْفُوعِه اتِّفاقًا[22]، وأَجَازَ ابْنُ مَالِكٍ[23] في اسْمِ الفَاعِلِ المُتَعَدِّي لواحِدٍ أن يُضَافَ إلى مَرْفُوعِه إن لم يَلْتَبِسْ فاعلُه بمَفْعُولِه؛ نَحْوُ: مَرَرْتُ برجلٍ ضاربِ الأَبِ زَيْدًا، أي: ضاربٌ أبوه زيدًا؛ والحاصِلُ من ذلك أنك إذا أَرَدْتَ ثُبُوتَ الوَصْفِ، قلتَ: حَسَنٌ، ولا تَقُولُ: حَاسِنٌ، وإن أردتَ حُدُوثَه قلتَ حاسِنٌ، ولا تَقُولُ حَسَنٌ[24]؛ ولهذا اطَّرَدَ تحويلُ الصِّفَةِ المُشَبَّهَةِ إلى فاعلٍ في قوله تعالى: {وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} [هود: 12]، عند قَصْدِ النصِّ على الحُدُوثِ[25]، فإن قُصِدَ بالصِّفَةِ المُشَبَّهَةِ مَعْنَى الحُدُوثِ حُوِّلَتْ إلى فاعِلٍ، وإن قُصِدَ ثُبُوتُ مَعْنَى اسْمِ الفَاعِلِ، عُومِلَ مُعَامَلَةَ الصِّفَةِ المُشَبَّهَةِ، ولو كان مِن مُتَعَدٍّ، إن أُمِنَ اللَّبْسُ[26].

قال ابْنُ النَّاظِمِ[27]: “ولو قُصِدَ بالصِّفَةِ المُشَبَّهَةِ مَعْنَى الحُدُوثِ حُوِّلَتْ إلى بِنَاءِ اسْمِ الفَاعِلِ، واسْتُعْمِلَتْ اسْتِعْمالَهُ؛ كقولك: زَيْدٌ فارِحٌ أَمْسِ وجامِعٌ غدًا”؛ ومِن ذلك قولُه تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} [الزمر: 30]؛ لأنّه أُرِيدَ الصِّفَةُ الثابتةُ، أي: إنكَ مِنَ المَوْتَى، وإن كنتَ حَيًّا؛ كما يُقالُ: إنّكَ سَيِّدٌ، فإذا أُرِيدَ أنكَ سَتَمُوتُ أو سَتَسُودُ، قيلَ: مائِتٌ وسائِدٌ”[28].

قال الزَّمَخْشَرِيُّ[29] “والفَرْقُ بين المَيِّتِ والمائِتِ أن المَيِّتَ كالحَيِّ صفةً ثابتَةً ، وأمّا المائتُ، فيَدُلُّ على الحُدُوثِ، تَقُولُ: زيدٌ مائتٌ الآنَ، ومائتٌ غدًا، ونَحْوُهما: ضَيِّقٌ وضائِقٌ، وقُرِئ: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَائِتُونَ} [المؤمنون: 15] بالأَلِفِ، يُرِيدُ حُدُوثَ الصِّفَةِ”.

وقد يَأتي اسْمُ الفَاعِلِ على (فُعَلَة) بفَتْحِ العين؛ نَحْوُ: حُطَمَةٍ، وضُحَكَةٍ، وهُمَزةٍ، ولُمَزةٍ، للَّذي يَفْعَلُ ذلك بغَيْرِه، واسْمُ المَفْعُولِ بسُكُونِها؛ قال ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: “ما جاءكَ مِن هذا البابِ على (فُعَلَة) فهو الفاعل، وما جاءكَ على (فُعْلَة) فهو المَفْعُولُ”[30].

وقد يَأْتي (فاعِل)[31] بمَعْنَى ذِي كَذا، في “الصِّحَاحِ”: رَجُلٌ خَابِزٌ: ذو خُبْزٍ، وتامِرٌ: ذو تَمْرٍ، ولَابِنٌ: ذو لَبَنٍ، ودَارِعٌ: ذو دِرْعٍ، ونابِلٌ: ذو نَبْلٍ.

وفي “نَوَادِرِ أبي زَيْدٍ”: “يُقالُ: القومُ سامِنونَ زابِدُونَ، أي: كَثُرَ سَمْنُهم وزُبْدُهم”، وفي “أَدَبِ الكاتبِ” لِابْنِ قُتَيْبَةَ: “رجلٌ شاحِمٌ لاحِمٌ: ذو شَحْمٍ ولَحْمٍ”.

وإن كان الفِعْلُ الثُّلاثِيُّ قدِ اعْتَلَّتْ عَيْنُه؛ نَحْوُ: “قَامَ وبَاعَ”، تُبْدَلُ الهَمْزَةُ مِنَ الياءِ والواوِ إذا وَقَعَتَا عَيْنَيْنِ في اسْمِ الفَاعِلِ، بعدَ أَلِفٍ زائدةٍ؛ نَحْوُ “قائم وبائع” فتَحَرَكَّتِ الواوُ والياءُ في قَاوِم وبايِع، وقبلَهما فَتْحَةٌ، وليس بينَهما وبينَها حاجِزٌ إلّا الألفَ الزائدةَ، وهي حاجزٌ غَيْرُ حَصِينٍ، فاعْتَلَّتِ الواوُ والياءُ في اسْمِ الفَاعِلِ حَمْلًا على الفِعْلِ، فقُلِبَتا أَلِفًا، فاجْتَمَعَ ساكِنَانِ، فأُبْدِلَ مِنَ الثانيةِ همزةً، فإن صَحَّ حَرْفُ العِلَّةِ في الفِعْلِ صَحَّ في اسْمِ الفَاعِلِ، نَحْوُ “عاوِر” المَأْخُوذِ مِنْ (عَوِرَ)، ولا يَجُوزُ اللَّفْظُ بالأصلِ في “قائمٍ وبائعٍ ونَحْوِهما”، فلا يُقالُ: “قاوِم”، ولا “بايِع”[32].


صَوْغُ اسْمِ الفَاعِلِ مِنْ غَيْرِ الثُّلاثِيِّ:

بِزِنَةِ المضارِعِ منه بعدَ زيادةِ مِيمٍ مَضْمُومَةٍ في أَوَّلِهِ، وبكَسْرِ ما قبلَ آخِرِه[33] مطلقًا؛ نَحْوُ: قاتَلَ يُقَاتِلُ فهو مُقاتِلٌ، ودَحْرَجَ يُدَحْرِجُ فهو مُدَحْرِجٌ، وشذَّ الفَتْحُ في ألفاظٍ؛ نَحْوُ: أَحْصَنَ فهو مُحْصَنٌ، فاسْتَغْنَوا بمُفْعَلٍ عن مُفْعِلٍ، وجاء الكَسْرُ على الأصلِ، ونَحْوُ: أَلْفَجَ الرجلُ فهو مُلْفَجٌ، أي: فَقِيرٌ، وفي الحديث: ((ارْحَمُوا مُلْفَجَكُم))[34]، وسُمِعَ: أُلْفِجَ مَبْنِيًّا للمَفْعُول، وعلى هذا فلا شُذوذَ، ونَحْوُ: أَسْهَبَ الرجلُ في الكلام، إذا أَكْثَرَ كلامَه وجاوَزَ الحَقَّ، فهو مُسْهَبٌ بالفَتْحِ، ومن ذلك[35]: أعَمَّ وأخْوَلَ، إذا كَثُرَتْ أَعْمَامُه وأَخْوَالُه، فهو مُعَمٌّ ومُخْوَلٌ. وقال الأَزْهَرِيُّ[36]: يُقالُ: أَنْتَجَتِ الناقةُ إذا اسْتَبَانَ حَمْلُها فهي نَتُوجٌ، ولا يُقال مُنْتِجٌ على الأصلِ، وهو القياسُ، إلّا أن العربَ اسْتَغْنَتْ عنه بـ (نَتُوج)، ويُقال: أَحْصَرَتِ الناقةُ إذا ضاق مَجْرَى لَبَنُها فهي حَصُورٌ.

وقد يَأتي الشيءُ مَرَّةً بلَفْظِ المَفْعُولِ، ومَرَّةً بلَفْظِ الفَاعِلِ، والمَعْنَى واحِدٌ، تَقُولُ العَرَبُ[37]: “عَبْدٌ مُكاتِبٌ، ومُكاتَبٌ”، و”مكانٌ عامِرٌ، ومَعْمُورٌ”، “ومَنْزِلٌ آهِلٌ ومَأْهُولٌ”.

ورُبَّما اسْتُغْنِيَ عن (مُفْعِل)[38] بفاعِلٍ، قالوا: أَيْفَعَ الغُلَامُ، إذا شَبَّ، فهو يافِعٌ، والقياسُ مُوفِعٌ، وسُمِعَ يَفَعَ الغلامُ مِنَ الثُّلاثِيِّ، ويُقالُ: أَوْرَقَ الشَّجَرُ فهو وارِقٌ، والقياسُ مُورِقٌ، وأَوْرَسَ الشجرُ إذا اخْضَرَّ وَرَقُه، فهو وارِسٌ، وجاء مُورِسٌ قليلًا، وأَعْشَبَ فهو عاشِبٌ.

وشَذَّ أيضًا: أَمْحَلَ البَلَدُ، إذا قَحَطَ فهو ماحِلٌ، وأَلْقَحَتِ الرِّيحُ[39] فهي لاقِحةٌ؛ قال تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ}[40].

وقد يُسْتَغنَى أيضًا عن فاعِلٍ بمُفْعِلٍ، قالوا: حَبَّه فهو مُحِبٌّ[41]، ولم يَقُولوا حابٌّّ.

كما اسْتَغْنَوْا عن (مُفْعَل) بمَفْعُولٍ فيما له ثلاثيٌّ؛ نَحْوُ: أَحَبَّه فهو مَحْبُوبٌ، ونَدَرَ: مُحَبٌّ.

وقد جاء (فاعِل) في مَوْضِعِ مَفْعُولٍ، نَحْوُ: “ماءٌ دافِقٌ”[42]، أي: مَدْفُوقٌ، و”عِيشَةٌ رَاضِيةٌ”، أي: مَرْضِيَّةٌ.

وكذا يَكونُ اسْمُ الفَاعِلِ بوَزْنِ المَفْعُولِ؛ كقوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} [مريم: 61]؛ أي: آتِيًا، قال الرَّضِيُّ[43]: “والأَوْلى أنه مِنْ أَتَيْتُ الأمْرَ؛ أي: فَعَلْتُهُ، فالمَعْنَى::إِنَّهُ كان وَعْدُه مَفْعُولًا كما في الآيةِ الأخْرَى”.

وقد يَأتي اسْمُ الفَاعِلِ مَقَامَ المَصْدَرِ[44]؛ نَحْوُ: قُمْ قائمًا، أي: قيامًا؛ قال الرَّاجِزُ[45]:

قُمْ قائمًا، قُمْ قائما        لَقِيتَ  عَبْدًا  نائما

وقد جاء المَصْدَرُ[46] على فَاعِلَة؛ نَحْوُ: باقِيةٍ بمَعْنَى بَقَاءٍ؛ {فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ} [الحاقة: 8]، وطاغِيَةٍ بمَعْنَى الطُّغْيَانِ.

قال أَبُو حَيَّانَ[47]: “مِنْ بَاقِيَةٍ”؛ أي: من بقاءٍ، مَصْدَرٌ على فاعِلَةٍ، كالعاقِبَةِ.

وقال أَبُو حَيَّانَ[48] – في قوله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ}- جَوَّزُوا أن تَكُونَ (خائنة) مَصْدَرًا كالعاقبة، أي: يَعْلَمُ خيانةَ الْأَعْيُنِ.

وقال ابنُ جِنِّي[49] “فيَجُوزُ أن يَكونَ مَصْدَرًا، أي: خِيانةً منهم”.
وقال ابنُ جِنِّي[50]: “مَرَرْتُ به خاصَّةً، أي: خُصُوصًا، مِنَ المَصَادِرِ التي على فاعِلَة”.
وقال أَبُو حَيَّانَ[51] في قوله تعالى: {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ} [الحاقة: 5]: “وقِيلَ: الطَّاغِيَةُ مَصْدَرٌ؛ كالْعاقِبَةِ، ويَدُلُّ عليه: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا}.

وقال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا}، قال الزَّمَخْشَرِيُّ[52]: “النَّفْسُ النَّاشِئَةُ مَصْدَرٌ، مِن نَشَأَ، إذا قام ونَهَضَ على (فاعِلَة) كالعاقِبة”.

وقد يُوضَعُ المَصْدَرُ مَقامَ اسْمِ الفَاعِلِ، نَحْوُ: رجلٌ عَدْلٌ، أي: عادِلٌ، وماءٌ غَوْرٌ، أي: غائِرٌ، وجاء رَكْضًا، أي: راكِضًا؛ قال أَبُو حَيَّانَ[53]: {وَأَنْزَلَ الفُرْقَانَ}، الفُرْقانُ: مَصْدَرٌ في الأَصْلِ، وأُرِيدَ به اسْمُ الفَاعِلِ، أيِ: الفَارِقُ”.

وقال تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا}،كَرْهًا: مَصْدَرٌ يَقَعُ بمَعْنَى اسْمِ الفَاعِلِ؛ أي: كارِهاتٍ[54].

وجاء أسماءٌ بمَعْنَى اسْمِ الفَاعِلِ، نَحْوُ: “حَسْبُنا اللهُ” بمَعْنَى المُحْسِبِ، أيِ: الْكَافِي، قال أَبُو حَيَّانَ[55]: ألَا تَرَى أنه يُوصَفُ به، تَقُولُ: مَرَرْتُ برجلٍ حَسْبِكَ مِنْ رجلٍ؛ أي: كافِيكَ، فتَصِفُ به النَّكِرَةَ؛ إذْ إضافتُه غَيْرُ مَحْضَةٍ؛ لِكَونِه في مَعْنَى اسْمِ الفَاعِلِ غَيْرِ الماضي المُجَرَّدِ مِنْ أَلْ، فلا يَتَعَرَّفُ بالإضافةِ.

وقد يُقالُ: لماذا سُمِّيَ “اسْمُ الفَاعِلِ” بلَفْظِ الفَاعِلِ، الذي هو وَزْنُ اسْمِ الفَاعِلِ منَ الثُّلاثِيّ، ولم يَقُولوا: “اسْمُ المُفْعِل” إذا كان مِن غَيْرِ الثُّلاثِيِّ؛ قال ابنُ الحَاجِبِ[56]: “إنما سُمِّيَ اسْمُ الفَاعِلِ بلَفْظِ الفَاعِلِ لِكَثْرَةِ الثُّلاثِيِّ، فَجَعَلُوا أَصْلَ البابِ له، فلم يَقُولوا: “المُفْعِل” ولا “المُسْتَفْعِل”؛ ولأنهم أَطْلَقُوا اسْمَ الفَاعِلِ على مَنْ لم يَفْعَلِ الفِعْلَ؛ كالمُنْكَسِرِ، والمُتَدَحْرِجِ، والجَاهِلِ، والضَّامِرِ”.


الثُّبُوتُ والحُدُوثُ في اسْمِ الفَاعِلِ:
ذَكَرَ النُّحَاةُ أنَّ اسْمَ الفَاعِلِ هو ما دَلَّ على الحُدُوثِ، وأنَّ الصِّفَةَ المُشَبَّهَةَ ما اشْتُقَّتْ من فِعْلٍ لازِمٍ على مَعْنَى الثُّبُوتِ[57]، ومُقْتَضَى ذلك أن التفريقَ بين اسْمِ الفَاعِلِ والصِّفَةِ المُشَبَّهَةِ قائمٌ على الحُدُوثِ وَضْعًا في اسْمِ الفَاعِلِ، وعلى الثُّبُوتِ وَضْعًا في الصِّفَةِ المُشَبَّهَةِ، ولكنَّ الواقعَ غَيْرُ ذلك، فقد رَأَيْنا كثيرًا ممّا جاء على فاعلٍ يَدُلُّ على الثُّبُوتِ، وبعضًا مِنَ الصِّفَةِ المُشَبَّهَة يَدُلُّ على الحُدُوثِ، وقد ذَكَرَ النَّحْوِيُّونَ هذا:

قال الشَّيْخُ يَس[58]: “وكثيرًا ما يُسْتَعْمَلُ اسْمُ الفَاعِلِ مِنْ غَيْرِ إِفادَةِ التَّجَدُّدِ والحُدُوثِ؛ كما في “اللهُ عالِمٌ”، وغَيْرِ ذلك”.

وقال الجُرْجَانِيُّ[59]: “فإذا قلتَ: “زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ”، فقد أَثْبَتَّ الانْطِلاقَ فِعْلًا له مِن غَيْرِ أن تَجْعَلَهُ يَتَجَدَّدُ، ويَحْدُثُ منه شيئًا فشيئًا، بل يَكونُ المَعْنَى فيه كالمَعْنَى في قولك: زيدٌ طويلٌ، وعَمْرٌو قَصِيرٌ”.

وقال أَبُو حَيَّانَ[60]: “المضارِعُ – فيما ذَكَرَ البَِيَانِيُّونَ – مُشْعِرٌ بالتَّجَدُّدِ والحُدُوثِ بخلاف اسْمِ الفَاعِلِ؛ لأنه عندَهم مُشْعِرٌ بالثُّبُوتِ”.

ولذا جاء قولُه تعالى: {أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ}.

فجاءَ باسْمِ الفَاعِلِ (صَافَّاتٍ)؛ لأنَّ الأصلَ في الطَيَرانِ هو صَفُّ الأَجْنِحَةِ، وجاء بالمضارِع (يَقْبِضْنَ)؛ لأن القَبْضَ طارئٌ على البَسْطِ، بمعني أنهنَّ صافاتٌ، ويَكونُ القَبْضُ منهنَّ تارةً بعدَ تارةٍ؛ ذلك لأن المضارعَ هنا للتَّجَدُدِ والحُدُوثِ، بخلاف اسْمِ الفَاعِلِ – صَافَّاتٍ – الدَّالِّ على الثُّبُوتِ[61].

وقال أَبُو حَيَّانَ – في قوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30]- “وجَعَلَ الخَبَرَ اسْمَ فاعلٍ؛ لأنه يَدُلُّ على الثُّبُوتِ دونَ التَّجَدُدِ شيئًا فشيئًا”[62].

وقال – في قوله تعالى: {واللهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} [البقرة: 72] – “أَتَى باسْمِ الفَاعِلِ لأنه يَدُلُّ على الثُّبُوتِ، ولم يأتِ بالفِعْلِ الذي هو دَالٌّ على التَّجَدُّدِ والتِّكْرَارِ إِذْ لا تَجَدُّدَ فيه”[63].

وقال – في قوله تعالى: {إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة: 14] – “أَتَى باسْمِ الفَاعِلِ الذي يَدُلُّ على الثُّبُوتِ، وأنَّ الِاسْتِهْزَاءَ وَصْفٌ ثابِتٌ لَهُم”[64].

والصِّفَةُ المُشَبَّهَةُ – كذلك – لم تُوضَعْ للثُّبُوتِ دائمًا؛ قال الرَّضِيُّ[65]: “والذي أَرَى أن الصِّفَةَ المُشَبَّهَةَ كما أنها ليست موضوعةً للحُدُوثِ، ليست أيضًا موضوعةً للثُّبُوتِ في جميعِ الأَزْمِنةِ، لأنَّ الحُدُوثَ والاسْتِمْرارَ قَيْدانِ في الصِّفَةِ، ولا دَلَالَةَ فيها عليهما، لكن لمّا أُطْلِقَ ولم يكن بعضُ الأزمنةِ أَوْلَى من بعض، كان الظاهرُ ثُبُوتَه في جميع الأزمنة إلى أن تقومَ قرينةُ التَّخْصِيصِ؛ نَحْوُ: كان هذا حسنًا فقَبُحَ”.

مَعْنَى ذلك: أن الحدَّ الذي وَضَعَه النحاةُ للتفريقِ بينهما يَتَطَّرَقُ إليه اللَّبْسُ؛ لأن كثيرًا مما جاء على (فاعِل) يُفيدُ الثُّبُوتَ، لا الحُدُوثَ؛ كطاهرٍ وفاسِقٍ، وهذه الصِّفاتُ يُلْحِقُها بعضُ النُّحاةِ باسْمِ الفَاعِلِ اعْتِبارًا للصِّيغَةِ، ومنهم من يُلْحِقُها بالصِّفَةِ المُشَبَّهَةِ اعتبارًا للدَّلَالةِ، وقد يُقالُ إن العِبْرةَ بالأصلِ، لا بالفَرْعِ الطارئِ، أَعْنِي أن الأصلَ في اسْمِ الفَاعِلِ الدَّلَالَةُ على الحُدُوثِ، والثُّبُوتُ طارئٌ عليه، والأصلُ في الصِّفَةِ المُشَبَّهَةِ الثُّبُوتُ، والحُدُوثُ طارئٌ، وهذا ما جَعَلَ الرَّضِيَّ يَقولُ[66]: “ذلك لأن صِيغَةَ الفَاعِلِ مَوْضُوعَةٌ للحُدُوثِ، والحُدُوثُ فيه أَغْلَبُ”.

وقد مَثَّلَ ابْنُ هِشَامٍ[67] للصفةِ المُشَبَّهَةِ بمستقيمِ الرَأْيِ، ومُعْتَدِلِ القَامَةِ، وهذا يَدُلُّ على أن اسمَ الفَاعِلِ مِن غَيْرِ الثُّلاثِيِّ يَكونُ أحيانًا صفةً مُشَبَّهَةً.

نَرَى فيما تَقَدَّمَ أن الأصلَ في الحُدُوثِ والثُّبُوتِ هو الاسْتِعْمالُ، وأن كثيرًا مِنِ اسْمِ الفَاعِلِ دالٌّ على الثُّبُوتِ، وأنه يَدُلُّ على الحُدُوثِ تارةً أخرى، وهذا يُفَسِّرُ قَولَ النُّحاةِ: “إذا قُصِدَ بالصِّفَةِ المُشَبَّهَةِ مَعْنَى الحُدُوثِ حُوِّلَتْ إلى فَاعِلٍ، وإن قُصِدَ ثُبُوتُ اسْمِ الفَاعِلِ عُومِلَ مُعامَلَةَ الصِّفَةِ المُشَبَّهَةِ”[68].

وقد ذَكَرَ النحاةُ أن الصِّفَةَ المُشَبَّهَةَ فَرْعٌ عنِ اسْمِ الفَاعِلِ في العَمَلِ، وهي بَعْضُه، وقد عَبَّرَ بعضُهم باسْمِ الفَاعِلِ على ما عُرِفَ أنه صفةٌ مُشَبَّهَةٌ، كعَظِيمٍ وطَيِّبٍ؛ قال أَبُو حَيَّانَ – في قوله تعالى: {حَلَالًا طَيِّبًا} [البقرة: 168] –: “طَيِّبًا: اسْمُ فاعل”[69].

وقال تعالى: {لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 105]. “اسْمُ فاعلٍ مِن عَظُمَ، غَيْرَ مَذْهُوبٍ به مَذْهَبُ الزَّمانِ”[70].


إعمالُ اسْمِ الفَاعِلِ:

يَعْمَلُ اسْمُ الفَاعِلِ عَمَلَ فِعْلِه مُتَعَدِّيًا ولازمًا، وهو فَرْعٌ[71] مِنَ الفِعْلِ في العَمَلِ، ونَشَأَ خلافٌ بين النحاة في عَمَلِ اسْمِ الفَاعِلِ، ومَنْشَأُ الخلافِ هو حَمْلُ اسْمِ الفَاعِلِ على الفِعْلِ لَفْظًا ومَعْنًى؛ لأن طائفةً مِنَ النحاةِ تَأْخُذُ بِجَرَيَانِ اسْمِ الفَاعِلِ على الفِعْلِ في اللَّفْظِ والمَعْنَى، وطائفةً أخرى تَأْخُذُ بِجَرَيَانِه في المَعْنَى دونَ اللَّفْظِ، وتَرَتَّبَ على هذا الخلافِ خلافٌ في الفروعِ، وأَكْثَرُ النحاةِ يُعَوِّلُونَ على المُجَاراةِ اللَّفْظِيّةِ والمَعْنَوِيَّةِ؛ قال سِيبَوَيْهِ[72]: “بابٌ مِنِ اسْمِ الفَاعِلِ الذي جَرَى مَجْرَى الفِعْلِ المُضارِعِ، وذلك قولُك: هذا ضاربٌ زيدًا غدًا، فمعناه وعَمَلُه: هذا يَضْرِبُ زيدًا غدًا”.

وقال[73]: “بابٌ صار فيه الفاعِلُ بمَنْزِلَةِ الذي فَعَلَ في المَعْنَى، وما يَعْمَلُ فيه، وذلك قولُكَ، هذا الضَّارِبُ زَيْدًا، فصار في مَعْنَى: الذي ضَرَبَ زيدًا وعَمِلَ عَمَلَه”.

وقال ابنُ يَعِيشَ[74]: “واعْلَمْ أنَّ اسمَ الفَاعِلِ الذي يَعْمَلُ عمَلَ الفِعْلِ هو الجارِي مَجْرَى الفِعْلِ في اللَّفْظِ والمَعْنَى”.

وقال الرَّضِيُّ[75]: “واسْمُ الفَاعِلِ يَعْمَلُ لمشابَهةِ الفِعْلِ لَفْظًا ومَعْنًى.

ومُقْتَضَى ذلك بُطْلَانُ عَمَلِ اسْمِ الفَاعِلِ، إذا بَطَلَتِ المُشَابَهَةُ اللَّفْظِيَّةُ والمَعْنَوِيَّةُ؛ ولذلك إذا كان اسْمُ الفَاعِلِ بمَعْنَى الماضي لا يَعْمَلُ عَمَلَ الفِعْلِ؛ لعَدَمِ جَرَيَانِه على الفِعْلِ، فهو مُشْبِهٌ له مَعْنًى لا لَفْظًا، فلا تَقَولُ: هذا ضاربٌ زَيدًا أَمْسِ، بل يَجِبُ إضافتُه.


شروطُ عمل اسْمِ الفَاعِلِ:

وَضَعَ النّحْوِيُّونَ شروطًا لِعَمَلِ اسْمِ الفَاعِلِ، وهو لا يَخْلُو مِن أن يكون مَقْرونًا بأَلْ، أو مُجَرَّدًا منها، فإن كان مُجَرَّدًا مِنْ (أَلْ) عَمِلَ عَمَلَ فِعْلِه إن كان حالًا أو مستقبَلًا؛ نَحْوُ: هذا ضاربٌ زيدًا الآنَ أو غدًا، وإنما عَمِلَ كما قُلْنا لجَرَيَانِه على الفِعْلِ الذي هو بمعناه، فضاربٌ يُشْبِهُ (يَضْرِبُ) في اللَّفْظِ والمَعْنَى؛ لأن المضارعَ للحالِ أوْ الِاسْتِقْبَالِ.

قال ابْنُ السَّرَّاجِ[76]: “تَقولُ: هذا ضاربٌ زيدًا، إذا أردتَ بضاربٍ ما أنتَ فيه، أوِ المُسْتَقْبَلَ كمَعْنَى الفِعْلِ المضارِع له، فإذا قلتَ هذا ضاربُ زيدٍ، تُرِيدُ به مَعْنَى المُضِيِّ فهو بمَعْنَى غلامِ زَيْدٍ، لم يَجُزْ فيه إلا هذا؛ يَعْنِي: الإضافةَ والخَفْضَ.


شروطٌ أخرى غَيْرُ كَونِه بمَعْنَى الحال والاستقبال:

أولاً: ألّا يُوصَفَ، ولا يُصَغَّرَ، وإنما اسْتَوَى التَّصْغِيرُ مع الصِّفَة في مَنْعِ العَمَلِ؛ لأن التَّصْغِيرَ وَصْفٌ في المَعْنَى، والوَصْفُ والتَّصْغِيرُ يَخْتَصَّانِ بالِاسْمِ، فيُبْعِدانِ الوَصْفَ عنِ الفِعْلِيَّةِ، فيَضْعُفُ العَمَلُ[77]، قال ابْنُ السَّرَّاجِ[78]: “ولا يُحَقَّرُ الاسْمُ إذا كان بمَعْنَى الفِعْلِ، نَحْوُ: هو ضُوَيْرِبٌ زَيْدًا، وإن كان ضاربَ زيدٍ؛ لِما مَضَى، فتَحْقِيرُه جَيِّدٌ”.

وقال الرَّضِيُّ[79]: “ويُشْتَرَطُ في اسْمِ الفَاعِلِ والمَفْعُولِ ألّا يَكونا مُصَغَّرَينِ، ولا مَوْصُوفَينِ؛ لأن التَّصْغِيرَ والوصْفَ يُخْرِجَانِه عن تَأْوِيلِه بالفِعْلِ”.

ويُعَلِّلُ السُّيُوطِيُّ عَدَمَ إعمالِ اسْمِ الفَاعِلِ المُصَغَّرِ عندَ الْبَصْرِيِّينَ، فقال[80]: “فلا يَجُوزُ: هذا ضُوَيْرِِبٌ زيدًا؛ لعدمِ وُرُودِه، ولدخولِ ما هو مِنْ خَوَاصِّ الاسْمِ عليه، فَبَعُدَ عن شَبَهِ المضارِع بتَغْيِيرِ بِنْيَتِه التي هي عُمْدَةُ الشَّبَهِ.

وأجاز الْكِسَائِيُّ[81] إعمالَ اسْمِ الفَاعِلِ المُصَغَّرِ والمَوْصُوفِ، وحَكَى عن بعضِهم: “أَظُنُّنِي مُرْتَحِلًا وسُوَيِّرًا فَرْسَخًا”، ولا حُجَّةَ له في ذلك؛ لأن (فَرْسَخًا) ظَرْفٌ يَكْتَفِي برائحةِ الفِعْلِ، والظَّرْفُ يُتَوَسَّعُ فيه.

وأَرَى أن الْكِسَائِيَّ صَرَّحَ بعَمَلِ اسْمِ الفَاعِلِ المُصَغَّرِ؛ لأن اسمَ الفَاعِلِ المُكَسَّرَ يَعْمَلُ مِثْلَ: “هؤلاءِ ضَوَارِبٌ زَيدًا”، والتَّصْغِيرُ والتَّكْسِيرُ مِن خَواصِّ الأسماء، وهما يَرُدَّانِ الأشياءَ إلى أُصولها؛ ولذا لَمَحَ الْكِسَائِيُّ هذه الصِّلَةَ بينَهما، فأجاز عَمَلَه[82].

والفَرَّاءُ[83] مَذْهَبُه مَذْهَبُ البَصْرِيِّينَ: وهو أن المُصَغَّرَ لا يَعْمَلُ، فلا تَقُولُ: هذا ضُوَيْربٌ زيدًا، بل يَجِبُ الإضافةُ، أمّا الكُوفِيُّونَ – غَيْرَ الفَرَّاءِ – فنَسَبَ في “الهَمْعِ” إعمالَ المُصَغَّرِ إليهم، قال السُّيُوطِيُّ[84]: “وقال الْكُوفِيُّونَ إلا الفَرَّاءَ، ووافَقَهمُ النَّحَّاسُ: يَعْمَلُ مُصَغَّرًا، بِناءً على مَذْهَبِهم أن المُعْتَبَرَ شَبَهُهُ الفِعْلَ في المَعْنَى لا الصُّورَةِ.

وأَجَازَ ابْنُ هِشَامٍ[85] وَصْفَ اسْمِ الفَاعِلِ بعدَ العَمَلِ، فَجَوَّزَ أن يَكونَ (يَبْتَغُونَ) مِن قَولِه تعالى: {وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ} [المائدة: 2] – نَعْتًا لآمِّينَ، ورَدَّ على أبِي البَقَاءِ مَنْعَه ذلك.

قال ابنُ عُصْفُورٍ[86]: “إنْ وُصِفَ اسْمُ الفَاعِلِ بعدَ العَمَلِ عَمِلَ، مثلُ: هذا ضارِبٌ زَيدًا عاقلٌ، وإن وُصِفَ اسْمُ الفَاعِلِ قبلَ العَمَلِ لا يَجُوزُ عملُه، فلا يُقالُ: هذا ضاربٌ عاقلٌ زَيدًا”. وأَجَازَ الْكِسَائِيُّ إعمالَه إذا وُصِفَ قبلَ العَمَلِ. واحْتَجَّ بقولِ الشَّاعِرِ[87].

إذا فَاقِدٌ[88] خَطْبَاءُ[89] فَرْخَيْنِ[90] رَجَّعَتْ[91]        ذَكَرْتُ    سُلَيْمَى    في     الخَلِيطِ     المُزَايلِ[92]
لأن (فَرْخَينِ) معمولٌ لفاقدٍ الموصوفِ بِـ (خَطْبَاءُ)، وأُجِيبَ بأنه مَنْصُوبٌ بِإِضْمارِ فِعْلٍ يُفَسِّرُهُ (فَاقِدٌ)، تَقْدِيرُه: فَقَدَتْ فَرْخَيْنِ؛ لأنَّ “فَاقِدٌ”[93] صفةٌ غَيْرُ جارِيةٍ على الفِعْلِ في التَّأْنِيثِ، واسْمُ الفَاعِلِ إذا لم يَجْرِ على الفِعْلِ في تذكيرِه وتأنيثِه لا يَعْمَلُ.

ثانيًا: ألّا يَكونَ بمَعْنَى الماضِي؛ وذلك لعَدَمِ تَحَقُّقِ المُجَاراةِ اللَّفْظِيَّةِ، فهو يُشْبِهُ الفِعْلَ في المَعْنَى فَقَطْ؛ قال ابنُ يَعِيشَ[94]: “وقد بَيَّنْتُ ألَّا مُضَارَعةَ بين الماضي واسْمِ الفَاعِلِ إن كان في معناه، فَلَمَّا لم يَكُن بينَهما مُضارعَةُ ما بَيْنَه وبينَ الفِعْلِ إن أُرِيدَ به الحالُ أوْ الِاسْتِقْبالُ، لم يُعْمِلُوه عَمَلَه، بل يَكونُ مضافًا إلى ما بعدَه بحُكْمِ الِاسْمِيّةِ.

وقال الرَّضِيُّ[95]: إنما اشْتُرِطَ أحدُ الزَّمَانَينِ؛ ليَتِمَّ مُشابَهةُ الفِعْلِ لَفْظًا ومَعْنًى؛ لأنه إذا كان بمَعْنَى الماضي شابَهَهُ مَعْنًى لا لَفْظًا.

وقال الشَّيْخُ خَالِدٌ[96]: “لأنه إنما عَمِلَ حَمْلًا على المضارِعِ؛ لِما بينَهما مِنَ الشَّبَهِ اللَّفْظِيِّ والْمَعْنَوِيِّ، لا الماضِي؛ لأنه لم يُشْبِهْ لَفْظَ الفِعْلِ الذي هو بمَعْناهُ، خِلافًا للْكِسَائِيِّ في إِجازةِ عَمَلِهِ بمَعْنَى الماضي”.

ولا يُقالُ إن الوَصْفَ عَمِلَ[97] ماضيًا، نَحْوُ: كان زيدٌ آكِلًا طَعَامَكَ؛ لأن الأصلَ زيدٌ آكِلٌ طعامَك، فلمّا دخلتْ (كان) قُصِدَ حِكايةُ التَّرْكِيبِ السابقِ؛ ولذا قال الشَّيْخُ الخُضَرِيُّ[98]: “وإن كان بمَعْنَى الماضي لم يَعْمَلْ إلا إذا صَحَّ وُقُوعُ المُضارِعِ مَوْقِعَهُ، نَحْوُ: كان زيدٌ ضاربًا عَمْرًا أَمْسِ؛ لصحَّةِ: كان زيدٌ يَضْرِبُ، بِخِلافِ هذا ضاربٌ زيدًا أَمْسِ؛ لعدمِ صِحَّةِ يَضْرِبُ بَدَلَه.

وأجاز الكِسَائِيُّ وابنُ مَضَاءٍ وهِشَامٌ الضَّرِيرُ أن يَعْمَلَ اسْمُ الفَاعِلِ بمَعْنَى الماضي مطلقًا؛ كما يَعْمَلُ بمَعْنَى الحال والاستقبالِ سواءً، وتَمَسَّكَ بِجَوَازِ نَحْوِ: زيدٌ مُعْطِي عَمْرٍو أَمْسِ دِرْهَمًا، وقال الجمهورُ فيه: هو منصوبٌ بفِعْلٍ مدلولٍ عليه باسْمِ الفَاعِلِ، كأنه لمّا قال: (مُعْطِي عَمْرٍو) قيل: وما أَعْطَي قال دِرْهَمًا، أي: أَعْطَاهُ دِرْهَمًا[99].

قال الفَارِسِيُّ[100]: “كان أبو بَكْرٍ يقولُ في قولهم: “هذا مُعْطِي زيدٍ الدِّرْهمَ أَمْسِ”: إنَّ الدِّرْهمَ يَنْتَصِبُ بمُضْمَرٍ يَدُلُّ عليه (مُعْطِي)، ولا يَكُونُ أَنْ يَنْتَصِبَ بـ (مُعْطِي)؛ لأنه ماضٍ”.

وذَهَبَ السِّيرَافِيُّ، والأَعْلَمُ، والشَّلَوْبِينُ إلى أن (دِرْهمًا) منصوبٌ بـ (مُعْطٍ) المذكورِ، وإن كان ماضيًا؛ لقُوَّةِ شَبَهِهِ هنا بالفِعْلِ مِن حيثُ طَلَبُه ذلك المعمولَ[101].

واحْتَجَّ الْكِسَائِيُّ[102] أيضًا بقوله تعالى: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ} [الكهف: 18].

ولا حُجَّةَ له فيه؛ لأنه حكايةُ حالٍ ماضيةٍ، ومَعْنَى حكايةِ الحالِ الماضيةِ: أن تُقَدِّرَ نَفْسَكَ كأنكَ موجودٌ في ذلك الزمانِ، أو تُقَدِّرَ ذلك الزمانَ كأنه موجودٌ الآنَ، فالمقصودُ بحكايةِ الحالِ حكايةُ المَعَانِي الكائنةِ حِينَئِذٍ، لا الألفاظِ؛ ولذا قال تعالى: {وَنُقَلِّبَهُمْ} بالمضارِعِ الدَّالِّ على الحالِ، ولم يَقُلْ “وَقَلَّبْناهُمْ” بالماضي.

وقال بعضُهم[103]: لا حاجةَ إلى تَكَلُّفِ حكايةِ الحالِ؛ لأن حالَ أهلِ الكَهْفِ مُسْتَمِرٌّ إلى الآنَ، فيَجُوزُ أن يُلاحَظَ في (باسِطٌ) الحالُ، فيكونُ عاملًا.
ويَدُلُّ على بُطْلانِ مَذْهَبِ الْكِسَائِيِّ في إعمال اسْمِ الفَاعِلِ بمَعْنَى الماضي – وَصْفُه بالْمَعْرِفَةِ في قول الشَّاعِرِ النَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ يَعْتَذِرُ للنُّعْمَانِ[104].
لَئِنْ كُنْتَ قَدْ بُلِّغْتَ عنِّي خِيانةً        لَمُبْلِغُكَ الوَاشِي أَغَشُّ وَأَكْذَبُ

لأن (مُبْلِغُكَ) بمَعْنَى الماضي، والواشي: صِفَتُه، ولو عَمِلَ (مُبْلِغُ) لم يَتَعَرَّفْ، بل كان نَكِرَةً؛ لأن اسمَ الفَاعِلِ بمَعْنَى الماضي إضافتُه مَحْضَةٌ، وتُفِيدُ التَّعْرِيفَ.

وَيَنْبَغِي أن يُعْلَمَ أن مَحَلَّ الخلافِ في عَمَلِ اسْمِ الفَاعِلِ الماضي المجرَّدِ مِن (أل) بالنسبةِ إلى نَصْبِه المَفْعُولَ، أمّا رَفْعُه الفاعِلَ، فإن كان ضَمِيرًا بارزًا، أو مُسْتَتِرًا رفَعَه اتفاقًا بلا خلافٍ، وإن كان ظاهرًا فذَهَبَ بعضُهم إلى أنه لا يَرْفَعُهُ، وبه قال ابْنُ جِنِّي والشَّلَوْبِينُ، وذَهَبَ قومٌ إلى أنه يَرْفَعُه، وهو ظاهرُ كلام سِيبَوَيْهِ، واختاره ابنُ عُصْفُورٍ.

وشَرْطُ عَمَلِ اسْمِ الفَاعِلِ الرفْعَ في الفَاعِلِ الظاهرِ -: الاعْتِمادُ، لا كَوْنُه بمَعْنَى الحالِ أوْ الِاسْتقبالِ؛ قال الرَّضِيُّ[105]: “إنما اشْتُرِطَ فيه الحالُ والاستقبالُ للعَمَلِ في المَفْعُول لا الفَاعِلِ؛ لأنه لا يَحْتاجُ في الرَّفْعِ إلى شَرْطِ زَمَانٍ.

أما عَمَلُ اسْمِ الفَاعِلِ النَّصْبَ، فيُشْتَرَطُ فيه اجْتِماعُ الِاعْتِمادِ وكَوْنُه بمَعْنَى الحالِ أوْ الِاسْتِقْبالِ.

قال الشَّيْخُ خالِدٌ[106]: “اشْتِراطُ الجمهورِ الاعتمادَ وكَوْنَ الوَصْفِ بمَعْنَى الحالِ والاستقبالِ إنما هو للعَمَلِ في المنصوبِ، لا لمُطْلَقِ العَمَلِ؛ بدَلِيلَينِ:

أَحَدُهما: أنه يَصِحُّ “زيدٌ قائمٌ أبوه أَمْسِ”.

والثاني: أنهم لم يَشْتَرِطُوا أن يَحْسُنَ إعْمالُه عَمَلَ الفِعْلِ إلّا في هذه المواضِعِ.

وقال: “وقد قالوا: أقائمٌ أَخَوَاكَ، وأَذَاهِبٌ إِخْوَتُكَ، وما ذاهِبٌ إِخْوَتُكَ، فأَعْمَلُوا اسمَ الفَاعِلِ لمّا تَقَدَّمَ كلامٌ أُسْنِدَ إليه، وإنْ لم يَكُنْ أَحَدَ تلكَ الأشياءِ التي تَقَدَّمَ ذِكْرُها، فجعلوا هَمْزَةَ الاستفهامِ وحرفَ النَّفْيِ بمَنْزَلَةِ المَوْصُوفِ: نَحْوُ: مَرَرْتُ برجلٍ قائمٍ أَخَواهُ”.

وقال الرَّضِيُّ[107]: “اعْلَمْ أن اسمَ الفَاعِلِ والمَفْعُولِ مع مُشَابَهَتِهِما للفِعْلِ لَفْظًا ومَعْنًى لا يَجُوزُ أن يَعْمَلا في الفَاعِلِ والمَفْعُولِ ابتداءً كالفِعْلِ؛ لأنَّ طَلَبَهما لهما، والعَمَلَ فيهما على خِلافِ وَضْعِهما؛ لأنهما وُضِعا على ما ذَكَرْنا للذَّاتِ المُتَّصِفَةِ بالمَصْدَرِ، والذَّاتُ التي حالُها هكذا لا تَقْتَضِي فاعِلًا ولا مَفْعُولًا، فاشْتُرِطَ للعَمَلِ إمّا تَقْوِيتُهما بذِكْرِ ما وُضِعا مُحتاجَينِ إليه، وهو ما يُخَصِّصُهما؛ كرجلٍ ضاربٍ ومضروبٍ، وإما وُقوعُهما بعدَ حرفٍ هو بالفِعْلِ أَوْلى، كحَرْفِ الاسْتِفْهامِ والنَّفْيِ”.

ومُقْتَضَى ذلك أن اسمَ الفَاعِلِ غَيْرَ المُعْتَمِدِ لا يَعْمَلُ، هذا مَذْهَبُ جمهورِ البَصْرِيِّينَ، وأَجَازَ الكُوفِيُّونَ والأَخْفَشُ إعمالَه دونَ اعتمادٍ على شيءٍ، نَحْوُ: “قائمٌ الزيدانِ”، واستدلُّوا بقوله تعالى: {وَدَانِيَةٌ عَلَيهِمْ ظِلِالُهَا} [الإنسان: 14]، في قراءةِ[108] مَن رَفَعَ (دانية) فقالوا: هو مُبْتَدأٌ، وظِلَالُها فاعلُه، ورُدَّ ذلك بجواز كَوْنِ (ظلالُها) مبتَدَأً، وخَبَرِه (دانية).

واسْتدَلَّ السُّهَيْلِيُّ[109] على إبطالِ (قائمٌ زيدٌ) دونَ اعتمادٍ، فقال: ما حُكِيَ عن بعضِ النَّحْوِيِّينَ مِن قولِهم: (قائمٌ زيدٌ) أن (قائمٌ) مبتدأٌ، و(زيدٌ) فاعلٌ، فقد قدَّمْنا أن هذا باطلٌ في القِياسِ؛ لأن اسمَ الفَاعِلِ اسمٌ مَحْضٌ، واشْتِقَاقَه مِنَ الفِعْلِ لا يُوجِبُ له عَمَلَ الفِعْلِ، ولكن إنَّما يَعْمَلُ إذا تَقَدَّمَ ما يَطْلُبُ الفِعْلَ، فيَقْوَى حينَئِذٍ مَعْنَى الفِعْلِ فيه، ويُعَضِّدُ هذا مِنَ السَّماعِ أنَّهم لم يَحْكُوا عنِ العَرَبِ (قائمٌ الزيدانِ) إلا على الشَّرْطِ الذي ذَكَرْناه”.

وبَيَّنَ ابنُ يَعِيشَ سببَ اعتمادِ اسْمِ الفَاعِلِ على ما قبلَه فقال[110] “اسْمُ الفَاعِلِ محمولٌ على المضارِعِ في العَمَلِ؛ للمُشابَهةِ التي ذَكَرْناها، والفروعُ أبدًا تَنْحَطُّ عن درجاتِ الأصولِ، فلمّا كانتْ أسماءُ الفَاعِلِينَ فُروعًا على الأفعالِ كانتْ أَضْعَفَ منها في العَمَلِ، والذي يُؤَيِّدُ ذلك أنك تَقُولُ: “زيدٌ ضاربٌ عَمْرًا، وزيدٌ ضاربٌ لعمرٍو”، فتَكونُ مُخَيَّرًا بين أن تُعَدِّيَه بنَفْسِه، وبينَ أن تُعَدِّيَه بحَرْفِ الجَرِّ؛ لضَعْفِه، ولا يَجُوزُ مثلُ ذلك في الفِعْلِ؛ ولذلك مِنَ الضَّعْفِ لا يَعْمَلُ حتى يَعْتَمِدَ على كلامٍ قبلَه”.

فاسْمُ الفَاعِلِ المُتَعَدِّي بنَفْسِه يَجُوزُ أن يُعَدَّى باللامِ؛ لضَعْفِه بسببِ فَرْعِيَّتِه للفِعْلِ، وكذلك المَصْدَرُ، تَقُولُ: “أنا ضاربٌ لزيدٍ، وأَعْجَبَنِي ضَرْبُكَ لزيدٍ”[111]، ويَظْهَرُ ممّا سَبَقَ أن اعتمادَ اسْمِ الفَاعِلِ يُقَوِّي فيه جانبَ الفِعْلِيَّةِ[112].


اسْمُ الفَاعِلِ المُقْتَرِنِ بأَلْ:

يَعْمَلُ عَمَلَ الفِعْلِ مطلقًا، أي مِن غَيْرِ تَقْيِيدٍ بزمنٍ، أوِ اعتمادٍ على شيءٍ، قال سِيبَوَيْهِ[113]: “وذلكَ قولُكَ: “هذا الضاربُ زيدًا أَمْسِ أوِ الآنَ أو غَدًا”، فصار في مَعْنَى هذا الذي ضَرَبَ زيدًا، وعَمِل عَمَلَهُ، لأنَّ الأَلِفَ واللامَ مَنَعَتا الإضافةَ وصارتا بمَنْزِلَةِ التَّنْوِينِ، وكذلك هو الضاربُ الرجلَ، وهو وَجْهُ الكلامِ”.

وقال الرَّضِيُّ[114]: فإن دَخَلَ اللامُ اسْتَوَى الجميعُ، أي: عَمِلَ بمَعْنَى الماضي والحالِ والاستقبالِ”.

وقال ابنُ النَّاظِمِ[115]: “واعْلَمْ أنَّ إعمالَ اسْمِ الفَاعِلِ مع الألفِ واللامِ ماضيًا كان أو حاضِرًا أو مستقبَلًا جائِزٌ مَرْضِيٌّ عندَ جميعِ النَّحْوِيِّينَ، و(أل) في اسْمِ الفَاعِلِ المقرونِ بأل قيلَ إنها موصولةٌ، وقيل أنها حرفُ تعريفٍ”[116]، وقال المُرَادِيُّ[117]: “والصحيحُ أنها اسمٌ”.

قال الشَّيْخُ خالدٌ[118]: “إنْ كان اسْمُ الفَاعِلِ صِلَةً لألْ عَمِلَ مطلقًا، ماضيًا كان أو غَيْرَه”، مُعتمِدًا (أل) هذه موصولةً، و(ضارب) حالًّا مَحَلَّ ضَرَبَ، أو يَضْرِبُ؛ بدليلِ عَطْفِ الفِعْلِ عليه في قولِه تعالى[119]: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضًا حَسَنًا}.

قال الزَّمَخْشَرِيُّ[120]: “فإن قُلْتَ: عَلَامَ عَطَفَ قولَه: {وَأَقْرَضُوا}؟ قلتُ على مَعْنَى الفِعْلِ في {المُصَّدِّقِينَ}؛ لأن اللامَ بمَعْنَى الذينَ، واسْمَ الفَاعِلِ بمَعْنَى اصَّدَّقُوا، كأنه قيلَ: اصَّدَّقُوا وأَقْرَضُوا”.

وذَهَبَ الأَخْفَشُ[121] إلى أن اسمَ الفَاعِلِ المقرونَ بأل يَعْمَلُ النَّصْبَ علي التَّشْبِيهِ بالمَفْعُولِ به في زَعْمِ أن (أل) ليستْ موصولةً، وإنما هي حرفُ تعريفٍ، فيَبْعُدُ الوَصْفُ بها عنِ الفِعْلِ، فالمنصوبُ بعدَه مثلَ: الحَسَنُ الوَجْهَ”.

وذَهَبَ الفارِسِيُّ[122] والمَازِنِيُّ والرُّمَّانِيُّ إلى أنَّ اسمَ الفَاعِلِ المقرونَ بأل لا يَعْمَلُ إلا إذا كان ماضيًا نَحْوُ: الضاربُ زيدًا أَمْسِ عمرٌو، قال الرَّضِيُّ[123]: “ولعلَّ ذلك لأن المُجَرَّدَ مِنَ اللام لم يَكُنْ يَعْمَلُ بمَعْنَى الماضي، فتُوُسِّلَ إلى إِعْمالِه بمعناه باللامِ”.

والفَارِسِيُّ ومَنْ وافَقَه خَصُّوا النَّصْبَ بالماضي؛ أَخْذًا مِن ظاهِرِ تَقْدِيرِ سِيبَوَيْهِ اسمَ الفَاعِلِ المقرونَ بأل بالذي فَعَلَ كذا؛ حيثُ قال: “هذا الضاربُ زيدًا” فصار في مَعْنَى: هذا الذي ضَرَبَ زيدًا”، ويَحْتَمِلُ تَفْسِيرُ سِيبَوَيْهِ أنه إذا عَمِلَ بمَعْنَى الماضي، فالأَوْلَى جوازُ عَمَلِه بمَعْنَى المضارِعِ؛ لثُبُوتِ العَمَلِ مِن غَيْرِ (أل)، فيَعْمَلُ مع (أل) بالأَوْلى[124].

وقد يُضَافُ اسْمُ الفَاعِلِ المُحَلَّى بأل؛ قال سِيبَوَيْهِ[125]: “وقد قال قومٌ مِنَ العَرَبِ تُرْضَى عَرَبِيَّتُهم: “هذا الضارِبُ الرجلِ”، شَبَّهُوهُ بالحَسَنِ الوَجْهِ، وإن كان ليس مثلَه في المَعْنَى ولا في أحوالِه، إلا أنه اسمٌ”.

والشَّبَهُ الحاصلُ بينَ الضاربِ الرجلِ والحسنِ الوجهِ في المضافِ والمضافِ إليه؛ لأن المضافَ فيهما وصفٌ مُحَلًّى بأل، والمضافَ إليه فيهما معمولٌ مُعَرَّفٌ بأل”[126].

ولا يُضَافُ اسْمُ الفَاعِلِ المقرونُ بأل إلّا[127] إذا كان المَفْعُولُ به مُعَرَّفًا بأل، نَحْوُ: “الضاربُ الرجلِ”، أو كان اسْمُ الفَاعِلِ مُثَنًّى أو مَجْموعًا، نَحْوُ[128]: {وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ} [الحج 35]، وأبو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ يَمْنَعُ مِن إضافةِ اسْمِ الفَاعِلِ المقرونِ بأل إذا كانت بمَعْنَى الذي، قال[129]: “وإن كان دخولُ اللامِ بمَعْنَى الذي في اسْمِ الفَاعِلِ لم تَجُزْ إضافتُه أيضًا؛ ألا تَرَى أنه إذا كان كذلك، كان اسْمُ الفَاعِلِ في تقدير جُمْلَةٍ، فلا يَجُوزُ إضافتُه، كما لا يَجُوزُ إضافةُ الجُمَلِ”.

ومِن أحكامِ اسْمِ الفَاعِلِ المقرونِ بأل أنه[130] لا يَتَقَدَّمُ معمولُه عليه، لو قلتَ: “عَمْرًا زيدٌ الضاربُ” لم يَجُزْ؛ لأنه معناه: زيدٌ الضاربُ عَمْرًا؛ أي: الذي ضَرَبَ عَمْرًا، فلمَّا قَدَّمْتَ (عَمْرًا) على هذه الصلةِ لم يَجُزْ؛ لأنه بعضُ الاسْمِ؛ إذ كان مِن صِلَتِه، وإن كان اسْمُ الفَاعِلِ خاليًا مِن (أل) فإنه يَتَقَدَّمُ مَعْمولُه عليه، تَقُولُ: هذا زيدًا ضاربٌ، إلا إذا وَقَعَ صفةً لموصوفٍ، نَحْوُ: هذا رجلٌ ضاربٌ زَيْدًا، فلا يَجُوزُ أن تَقُولَ: هذا زيدًا رجلٌ ضاربٌ[131].

واسْمُ الفَاعِلِ المُحَلَّى بأل مِنَ المُثَنَّى والمجموعِ يَعْمَلُ النَّصْبَ عندَ ثُبُوتِ النُّونِ، ويُجَرَّدُ عِنْدَ حَذْفِها؛ قال سِيبَوَيْهِ[132]: “وإذا ثَنَّيْتَ أو جَمَعْتَ فأَثْبَتَّ النونَ قلتَ: هذانِ الضاربانِ زيدًا، وهؤلاء الضاربون الرجلَ، لا يكون فيه غَيْرُ هذا؛ لأن النونَ ثابتةٌ، ومثلُ ذلك قولُه عَزَّ وجَلَّ[133]: {والْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ والْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}، فإن كَفَفْتَ النونَ حَرَّرْتَ، وصار الاسْمُ داخلًا في الجارِّ بَدَلًا مِنَ النونِ، لأنَّ النونَ لا تُعاقِبُ الألفَ واللامَ، وذلك قولُكَ: هما الضارِبا زيدٍ، وهمُ الضاربو عمرٍو”.


إضافةُ اسْمِ الفَاعِلِ:

اسْمُ الفَاعِلِ بمَعْنَى الماضي إضافتُه مَحْضَةٌ (حَقِيقِيَّةٌ)[134] على الصحيحِ، نَحْوُ: ضاربُ زيدٍ أَمْسِ؛ قال أَبُو حَيَّانَ[135]: “الإضافةُ مَحْضَةٌ، لأنه للماضي، والدليلُ على أنَّ كَوْنَها بمَعْنَى الماضي مَحْضَةٌ قولُه تعالى: {الْحَمْدُ للهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَََََرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا} [فاطر آية: 1]، فجَعَلَ (فَاطِرِ) و(جَاعِلِ) صِفَتَينِ للمُعَرَّفِ”.

قال الزَّمَخْشَرِيُّ[136]: “اسْمُ الفَاعِلِ لا يَعْمَلُ إذا كان بمَعْنَى الماضي، وإضافتُه إذا أُضِيفَ حَقِيقِيَّةٌ مُعَرِّفَةٌ كـ (غلامِ زيدٍ)”.

والإضافةُ المَحْضَةُ تُفِيدُ التَّعْرِيفَ أوِ التخصيصَ، أما إن كان اسْمُ[137] الفَاعِلِ للحالِ أوْ الِاستقبالِ فإضافتُه غَيْرُ مَحْضَةٍ، كـ(ضاربِ زيدٍ الآنَ أو غدًا)، ولا تُفيدُ تعريفًا أو تخصيصًا، فاسْمُ الفَاعِلِ حينَئذٍ مُضافٌ إلى مَنْصُوبِهِ مَعْنًى؛ والدليلُ على أن هذه الإضافةَ لا تُفيد المضافَ تعريفًا وَصْفُ النَّكِرَةِ به، أي: بالوصفِ المضافِ، نَحْوُ قولِه تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] فـ (هَدْيًا): نَكِرَةٌ منصوبةٌ على الحال، و(بَالِغَ الكَعْبَةِ): صفتُها، ولا تُوصَفُ النَّكِرةُ بالمَعْرِفَةِ؛ والدليل على أن هذه الإضافةَ لا تُفيد تخصيصًا أن أصلَ (ضاربُ زيدٍ) بالخَفْضِ، (ضاربٌ زيدًا) بالنَّصْبِ، فالاختصاصُ بالمعمولِ موجودٌ قبلَ الإضافةِ، فلم تُحْدِثِ الإضافةُ تَخْصِيصًا.

أيُّهما الأصلُ: التَّنْوِينُ أمِ الإضافةُ:

إذا اسْتَوْفَى اسْمُ الفَاعِلِ شروطَ عَمَلِه فأيُّهما الأصلُ: التَّنْوِينُ والنَّصْبُ، أمِ الإضافةُ؟ في نَحْوِ: (هذا ضَارِبُ زَيْدٍ)، يَرَى سِيبَوَيْهِ[138] أن الأصلَ هو التَّنْوِينُ قال[139]: “وقال الرَّضِيُّ[140]: “أما إضافةُ اسْمِ الفَاعِلِ إضافًة لَفْظِيَّةً، فهو مَبْنِيٌّ على كَوْنِها عاملةً في مَحَلِّ المضافِ إليه، إما رَفْعًا أو نَصْبًا، فالذي هو مجرورٌ في اللَّفْظِ ليس مجرورًا في الحقيقةِ، والتَّنْوِينُ المحذوفُ في اللَّفْظِ مُقدَّرٌ مَنْوِيٌّ، فتَكُونُ الإضافةُ كَلَا إِضَافَةٍ، وهو المُرادُ بالإضافةِ اللَّفْظِيَّةِ”.

ويُفْهَمُ مِن كلام الرَّضِيِّ أن التَّنْوِينَ هو الأصلُ؛ لأنه في النِّيَّةِ، وظاهرُ كلام الزَّمَخْشَرِيِّ في “الكَشَّافِ” أيضًا أنَّ التَّنْوِينَ والنَّصْبَ هو الأصلُ؛ قال الزَّمَخْشَرِيُّ[141]: “يعني: اسمُ الفَاعِلِ إذا اسْتَوْفى شروطَ العَمَلِ، فالأصلُ أن يَعْمَلُ، ولا يُضَافُ، وقد أشار إلى ذلك سِيبَوَيْهِ في كتابِه، وقال الْكِسَائِيُّ: العَمَلُ والإضافةُ سَواءٌ”، وفيهم مِن قولِ ابْنِ مَالِكٍ[142]:

“وَانْصِبْ بِذِي الإِعْمالِ تِلْوًا وَاخْفِضِ”
أن النَّصْبَ أَوْلى؛ لتقديمِه على الخَفْضِ.

ويَرَى أَبُو حَيَّانَ أن الإضافةَ أَحْسَنُ مِنَ العَمَلِ؛ قال[143] “وقد ذهبْنا إلى أن الإضافةَ أحسنُ مِنَ العَمَلِ”، ويُعَلِّلُ ذلك بأن اسمَ الفَاعِلِ يُشْبِهُ الأسماءَ، إذا كانت فيها الإضافةُ، فإلحاقُه بجِنْسِه أَوْلى مِن إلحاقِه بغَيْرِ جِنْسِه” وقال أَبُو حَيَّانَ في قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ}. [البقرة: 145].

“وما أنت بتابعٍ قِبْلَتَهم” وقَرَأَ بعضُ القُرَّاءِ (بتابِعِ قِبْلَتِهِمْ) على الإضافةِ، وكِلاهما فَصِيحٌ؛ أعني إعمالَ اسْمِ الفَاعِلِ هنا، وإضافتَه”.

قال صاحبُ التَّصْرِيحِ[144]: “والإضافةُ في (ضاربِ زيدٍ) تُفيدُ التخفيفَ؛ لأن الأصلَ في الصِّفَةِ أن تَعْمَلَ النَّصْبَ، ولكنَّ الخفضَ أَخَفُّ منه؛ إذ لا تَنْوِينَ معه، ولا نونَ”. ومَعْنَى ذلك أن التَّنْوِينَ هو الأصلُ، كما قال ابْنُ يَعِيشَ[145]: “والتَّنْوِينُ هو الأصلُ، والإضافةُ دَخَلَتْ تخفيفًا”، فالإضافةُ اللَّفْظِيَّةُ لا تُفِيدُ إلا تخفيفًا في اللَّفْظِ، لأن مشابهتَها للفِعْلِ قَوِيَّةٌ، فكان إعمالُها عَمَلَ الفِعْلِ أَوْلى”[146].

قال الفَرَّاءُ في “هذا ضاربٌ زيدًا”[147] وأكثرُ ما تَختارُ العربُ التَّنْوِينُ والنَّصْبُ ولذا قُرِئَ بالوَجْهَينِ[148] في قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} [الطلاق: 1].

قَرَأَ حَفْصٌ (بَالِغُ) بغَيْر تَنْوِينٍ، و(أمْرِهِ) بالخَفْضِ، وقَرَأَ الباقونَ بالتَّنْوِينِ والنَّصْبِ. وقُرِئَ[149] {وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ} [الصف: 8].

قَرَأَ ابنُ كَثِيرٍ، وحَمْزَةُ، والْكِسَائِيُّ، وخَلَفٌ، وحَفْصٌ (مُتِمُّ) بالإضافةِ والخَفْضِ، وقَرَأَ الباقون بالتَّنْوِينِ والنَّصْبِ، وقُرِئَ[150] {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185] قَرَأَ الْيَزِيدِيُّ بالتَّنْوِينِ والنَّصْبِ، وقَرَأَ الأَعْمَشُ[151] بطَرْحِ التَّنْوِينِ مَعَ النَّصْبِ، أي: ذائقةُ الموتَ، وقال أَبُو حَيَّانَ في قوله تعالى: {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ}: “قَرَأَتْ فِرْقَةٌ بنَصْبِ (الإِصْبَاح) وحَذْفِ التَّنْوِينِ مِن (فَالِقُ)، وسِيبَوَيْهِ إنما يُجِيزُ ذلك في الشِّعْرِ، نَحْوُ قوله[152]:

فَأَلْفَيْتُهُ غَيْرَ  مُسْتَعْتَبٍ        وَلَا ذَاكِرَ اللهَ إلّا قَلِيلا
ونَحْوُ:

“هذا ضاربُ زيدٍ أَمْسِ وعَمْرو” يَجوزُ فيه الجرُّ والنَّصْبُ، فالجرُّ مراعاةً للَفْظِ (زيدٍ)، والنَّصْبُ على إضمار فِعْلٍ، قال ابْنُ السَّرَّاجِ[153]: “واعْلَمْ أنَّ اسمَ الفَاعِلِ إذا كان لِما مَضَى فقلتَ: “هذا ضاربُ زيدٍ أَمْسِ وعمرو” جاز لك أن تَنْصِبَ (عَمْرًا) على المَعْنَى، فمن ذلك قوله تعالى[154]: {وَجَاعِلُ اللَّيْلِ سَكَنًا والشَّمْسَ والقَمَرَ حُسْبَانًا}[155]. على مَعْنَى “وجَعَلَ”.

قال سِيبَوَيْهِ[156]: وتَقُولُ: “هذا ضاربُ زيدٍ وعمرٍو، إذا أشركتَ بين الآخِرِ والأَوَّلِ، وإن شئتَ نَصَبْتَ على المَعْنَى، وتُضْمِرْ له ناصبًا، فتَقُولُ: “هذا ضاربُ زيدٍ وعَمْرًا”، كأنه قال: “ويَضْرِبُ عمرًا”.

ويَرَى ابنُ النَّاظِمِ[157] أن الوجهَ الراجِحَ هو الجَرُّ على اللَّفْظِ، ويَجُوزُ النَّصْبُ.


عَمَلُ اسْمِ الفَاعِلِ في الضمير:
في نَحْوِ: ضاربُكَ، والضَّارِبُكَ، مما الوصفُ فيه مقرونٌ بأل، أو مجرَّدٌ منها، اخْتَلَفَ النُّحاةُ في ذلك:

قال سِيبَوَيْهِ[158]: “وإذا قُلْتَ: هم الضارِبوكَ، فالوجهُ فيه الجَرُّ؛ لأنك إذا كَفَفْتَ النونَ مِن هذه الأسماءِ في المُظْهَرِ، كان الوجهُ الجَرَّ، إلا في قولِ[159] مَن قال “الحافِظُو عَوْرَةً”.

فالضَّمِيرُ عندَ سِيبَوَيْهِ محمولٌ على الظاهرِ، والظاهرُ يَكونُ مَجْرورًا، وذَهَبَ إلى ذلك المُبَرِّدُ والمَازِنِيُّ والرُّمَّانِيُّ؛ لأن الضَّمِيرَ نائبٌ عنِ الظاهرِ، وإذا حُذِفَ التَّنْوِينُ مِنَ الوَصْفِ كان الظاهرُ مخفوضًا بالوصفِ، فكذلك نائبُه.

وقال الْأَخْفَشُ[160] وهِشَامٌ: “مَوْضِعُ الضميرِ نَصْبٌ، وزَعَمَا أنَّ التَّنْوِينَ في نَحْوِ “زيدٌ مُكْرِمُكَ” والنونَ في: “الزيدانِ مُكْرِمَاكَ” حُذِفَا؛ لِصَوْنِ الضميرِ عنْ الِانْفِصالِ، والضميرُ منصوبٌ؛ إذ لا دَلالةَ على الجَرِّ، وضَعَّفَ ذلك ابْنُ مَالِكٍ.

واستدَلَّ الْأَخْفَشُ بقوله تعالى: {إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ} [العنكبوت: 33].

ألَا تَرَى أنَّ الكافَ في مَحَلِّ نَصْبٍ؛ لأنه نَصَبَ (وَأَهْلَكَ) بالعَطْفِ، وأُجِيبَ بأنه منصوبٌ بتقديرِ:ونُنَجِّي أَهْلَكَ[161].

قال ابْنُ السَّرَّاجِ[162]: “وتَقُولُ: هذا ضاربُكَ وزيدًا غدًا، لمّا لم يَجُزْ أن تَعْطِفَ الظاهرَ على المُضْمَرِ والمجرورِ حملْتَه على الفَاعِلِ؛ كقوله تعالى: {إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ} كأنه قال: مُنَجُّونَ أَهْلَكَ، ولم تُعْطَفْ على الكافِ المجرورةِ”.

اسْمُ الفَاعِلِ المرادُ به الاستمرارُ في جميعِ الأَزْمِنَةِ:

قد يأتي اسْمُ الفَاعِلِ للزمانِ المُسْتَمِرِّ، مثلَ قولِه تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4]. فهل إذا أُضِيفَ تَكونُ إضافتُه مَحْضَةً أو غَيْرَ مَحْضَةٍ؛ لأنه إن كان بمَعْنَى الماضي، فإضافتُه مَحْضَةٌ تُفيدُ التعريفَ، وإن كان للحالِ أوْ الِاسْتقبالِ، فإضافتُه غَيْرُ مَحْضَةٍ، لا تُفيدُ تعريفًا، فإذا جاء للزمانِ المُسْتَمِرِّ، اختلفَ فيه النحاةُ[163]، ذَهَبَتْ طائفةٌ إلى أن إضافتَه غَيْرُ مَحْضَةٍ (لَفْظِيَّةٌ)، وذَهَبَتْ طائفةٌ – وهمُ الأَكْثَرُونَ – إلى أن إضافتَه مَحْضَةٌ (مَعْنَوِيَّةٌ)، فابْنُ هِشَامٍ[164] في “المُغْنِي” كلامُه صريحٌ في أنها مَحْضَةٌ.
وقال الشَّيخُ خالدٌ[165]: “اسْمُ الفَاعِلِ يَتَعَرَّفُ بالإضافةِ إذا كان للماضي، أو أُرِيدَ به الاسْتِمْرارُ”.
وذَهَبَ بعضُ النُّحَاةِ إلى أن إضافةَ اسْمِ الفَاعِلِ المُسْتَمِرِّ تَكونُ مَحْضَةً تارةً، وغَيْرَ مَحْضَةٍ تارةً أُخْرَى، بالنَّظَرِ إلى جانب المُضِيِّ فيه، أو جانِبِ الحالِ أوْ الاستقبالِ، قال الشَّيْخُ يس[166]: “وأَجابَ الدَّمَامِينِيُّ تَبَعًا لحَوَاشِي الكَشَّافِ بأن اسمَ الفَاعِلِ إذا كان بمَعْنَى الاستمرارِ، ففي إضافتِه اعتبارانِ:
أَحَدُهما: أنها مَحْضَةٌ باعتبارِ المُضِيِّ فيه، وبهذا الاعتبارِ يقعُ صفةً للمَعْرِفَةِ، ولا يَعْمَلُ.

وثانيهما: أنها غَيْرُ مَحْضَةٍ، باعتبارِ مَعْنَى الحالِ والاستقبالِ، وبهذا الاعتبارِ يَقَعُ صفةً للنكِرَةِ، ويَعْمَلُ فيما أُضِيفَ إليه”، ونَقَلَ صاحبُ التصريحِ عنِ اليَمَنِىِّ شارحِ الكَشَّافِ مثلَ هذا[167].

وذَكَرَ الرَّضِيُّ أيضًا الاعتبارَيْنِ؛ فقال[168]: “فاسْمُ الفَاعِلِ المُسْتَمِرُّ يَصِحُّ أن تكونَ إضافتُه مَحْضَةً، كما يَصِحُّ ألّا يكونَ كذلك”.

ولذا أجاز الزَّمَخْشَرِيُّ الاعتبارَيْنِ في اسْمِ الفَاعِلِ المُسْتَمِرِّ، ففي قولِه تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، ذَكَرَ[169] أن اسمَ الفَاعِلِ إذا أُريدَ به زمانٌ مُسْتَمِرٌّ، فإضافتُه حَقِيقِيَّةٌ (مَحْضَةٌ)، ويَتَعَرَّفُ اسْمُ الفَاعِلِ بالإضافةِ؛ بدليل وصفِ المَعْرِفَةِ به في الآية؛ وذلك لِئلّا يَلْزَمَ مُخالَفةَ الظاهِرِ بقَطْعِ مَالِكٍ عنِ الوَصْفِيّةِ”.

وذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ في قوله تعالى[170]: {وَجَاعِلُ الليلِ سَكَنًا والشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} [الأنعام: 96]. “إن اسمَ الفَاعِلِ إذا أُريدَ به زمانٌ مُسْتَمِرٌّ، كانت إضافَتُه غَيْرَ مَحْضَةٍ، فاعْتُبِرَ جانبُ الحالِ والاستقبالِ فيه”.

وقال العُكْبَرِيُّ في قوله تعالى[171]: {فَالِقُ الْحَبِّ} [الأنعام: 95]. “يَجُوزُ أن يكونَ مَعْرِفَةً، لأنه ماضٍ، وأن يكونَ نَكِرَةً على أنه حكايةُ حالٍ، وقوله: {وجَاعِلُ اللَّيْلِ} مثلُ {فَالِقُ الحَبِّ} في الوَجْهَيْنِ”.

وذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ في قوله تعالى[172]: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ} [غافر: 3]: أنَّهما مَعْرِفَتانِ لأنه لم يُرَدْ بهما حُدُوثُ الْفِعْلِيَّةِ، وإنما أُرِيدَ ثُبُوتُ ذلك ودوامُه، وإضافتُهما مَحْضَةٌ، وصَحَّ أن يُوصَفَ بهما المَعْرِفَةُ.


اسْمُ الفَاعِلِ المَصُوغُ مِنَ العَدَدِ:
إذا بُنِيَ اسْمُ الفَاعِلِ مِنَ الواحدِ إلى العَشَرَةِ، كان للمُذَكَّرِ بغَيْرِ تاءٍ، وللمُؤَنَّثِ بالتاءِ، نَحْوُ: واحدٌ وواحدةٌ، وثانٍ وثانيةٌ، وثالثٌ وثالثةٌ .. إلى عَاشِرٍ وعاشرةٍ، أما (واحدٌ) فلا يَجُوزُ إضافتُه أصلًا، لا يُقالُ: واحدُ رجلٍ[173]، وما عَدَاه يَجُوزُ إضافتُه إلى العَدَدِ الذي أُخِذَ منه، وكذلك “ثانٍ” لا يَجُوزُ إضافتُه إلى واحدٍ؛ فلا يُقالُ: ثاني واحدٍ، وقد أَجَازَه بعضُهم[174]، ونَقَلَه عنِ العَرَبِ، ورَجَّحَه الدَّمَامِينِيُّ[175] بأنَّ مَعْناه: مَصِيرُ الواحدِ اثنينِ بنَفْسِهِ، ولا مانِعَ منه.

و(فَاعِل) المَصوغُ منَ العَدَدِ، إمّا أن يُفْرَدَ، فيُقالَ: ثانٍ وثانيةٌ، وثالثٌ وثالثةٌ، وإمّا أن يُضَافَ، فإن كان مضافًا إلى العَدَدِ الذي أُخِذَ منه لم يَجُزْ فيه إلا الإضافةُ، نَحْوُ:هذا ثاني اثنينِ، وثالثُ ثلاثةٍ، وكذا إلى عَشَرَةٍ، فلا يَجُوزُ فيه العَمَلُ والنَّصْبُ.

قال الفَرَّاءُ[176]: “ثالثُ ثلاثةٍ” يَكونُ مُضافًا، ولا يَجُوزُ التَّنْوِينُ في “ثالث”، فتَنْصِبَ “ثلاثة”؛ ألَا تَرَى أنه لا يَكونُ ثالثًا لنَفْسِهِ”.

قال ابنُ عَقِيلٍ[177]: “وهذا هو المشهورُ، وهو مَبْنِيٌّ على أن العَرَبَ لم تَقُلْ: ثَنَّيْتُ الِاثْنَينِ، ولا ثَلَثْتُ الثلاثةَ، وكذا الباقي”.

وهذه الإضافةُ تُفِيدُ أن الموصوفَ بعضُ ما اشْتُقَّ منه، فإذا قُلْنا: خامِسُ خَمْسَةٍ، أي: بعضُ جماعةٍ مُنْحَصِرَةٍ في خَمْسَةٍ، أي: واحدٌ منها، ويَجِبُ حينئذٍ إضافتُه لأَصْلِه، كما يَجِبُ إضافةُ البَعْضِ لكُلِّه، فلا يَنْصِبُ ما بعدَه؛ قال تعالى: {إِذْ أَخَرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَينِ} وقَالَ: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} [المائدة: 72].

وزَعَمَ الْأَخْفَشُ[178] وقُطْرُبٌ والْكِسَائِيُّ وثَعْلَبٌ أنه يَجُوزُ الإضافةُ والنَّصْبُ كما يَجُوزُ في “ضاربُ زيدٍ”، وهو اختيارُ ابْنِ مَالِكٍ.

وإذا أُضِيفَ إلى ما ليسَ[179] منه أَرادَ به جَعْلَ الأَقَلِّ مُساويًا لِما فَوْقَه؛ كثالثِ اثنينِ، ورابعِ ثلاثةٍ، وفي ذلك تَجُوزُ الإضافةُ، ويَجُوزُ التَّنْوِينُ والنَّصْبُ، يُقالُ: رابعُ ثلاثةٍ، ورابعٌ ثلاثةً؛ لأنه بمَعْنَى: صَيَّرَ الثلاثةَ أربعةً؛ قال ابنُ عُصْفُورٍ[180]: “وهذا يَعْمَلُ عَمَلَ فِعْلِه؛ لأنه قد سُمِعَ استعمالُ الفِعْلِ مِن ثلاثةٍ، حُكِيَ مِن كلامِهم “ثَلَثْتُ الرجلَينِ، ورَبَعْتُ الثلاثةَ”، وفي “المِصْبَاحِ المُنِيرِ”[181]: “ثَلَثْتُهم صِرْتُ ثالثَهم، وكذلك إلى العَشَرَةِ”.

ومِن ذلك قولُه تعالى[182]: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إلّا هُوَ رَابِعُهُمْ ولَا خَمْسَةٍ إلّا هُوَ سَادِسُهُمْ}.

ولا يُقالُ[183]: رابعُ اثنينِ، أي: لا يُضَافُ إلّا لِما هو أقلُّ منه بدَرَجَةٍ واحدةٍ فَقَطْ.


خاتـمة:
اسْمُ الفَاعِلِ ليس فِعْلًا، وإنما يَعْمَلُ عَمَلَ الفِعْلِ، والعَمَلُ سببُه رائحةٌ مِنَ الفِعْلِ، بالإضافةِ إلى قَبُولِهِ علاماتِ الاسْمِيَّةِ؛ مِن تعريفٍ بأل، والإضافةِ، وقَبولِ التَّنْوِينِ، وقبولِه للتَّصْغِيرِ والوَصْفِ والتَّثْنِيَةِ والجَمْعِ خلافًا للفِعْلِ، وهناك فروقٌ أُخَرُ بينَ اسْمِ الفَاعِلِ والفِعْلِ، نُجْمِلُها فيما يلي[184]:

أولاً:
يَجُوزُ إضافةُ اسْمِ الفَاعِلِ لمعمولِه، بخلافِ الفِعْلِ.
ثانيًا: اسْمُ الفَاعِلِ يَتَعَدَّى بنفْسِه وبحَرْفِ الجَرِّ، خلافًا للفِعْلِ، نَحْوُ: أنا ضاربٌ زيدًا، وضاربٌ لزيد، ونَحْوُ قولِه تعالى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج: 16].
ويُسْتَثْنَي مِن ذَلِكَ أفعالٌ سُمِعَتْ عنِ العَرَبِ بوجْهَينِ، نَحْوُ: سَمِعَه، وسَمِعَ له، ونَصَحَه ونَصَحَ له، وشَكَرَه، وشَكَرَ له.

ثالثًا:
قال ابنُ الحاجِبِ[185]: “لم يَخْتَلِفْ أحدٌ في أن اسمَ الفَاعِلِ ليس جُمْلَةً مع ضَمِيرِ المَرْفُوعِ به، في مثلِ قولِكَ: “زيدٌ قائمٌ”، فقائمٌ مُفْرَدٌ باتِّفاقٍ، وإن كان لابدَّ له مِن مرفوعٍ غَيْرِ المُبْتَدَأِ، وسببُ ذلك أن الجملةَ هي التي تَسْتَقِلُّ بالإفادةِ باعتبارِ المنسوبِ والمنسوبِ إليه، وهذه ليستْ كذلك؛ فوَجَبَ ألّا تكونَ جُمْلَةً.

 

مراجع البحث
1- إتحاف فضلاء البشر للدمياطي، القاهرة 1359هـ.
2- أصول النحو لابْنِ السَّرَّاجِ، ت د/ عبدالمحسن القتلى ط أول 1985م.
3- أمالي بن الحاجب النحوية، ت هادي حسن حمودي، بيروت ط أولى 1985م.
4- إملاء ما من به الرحمن للعكبرى، دار الكتب العلمية، بيروت، ط الأولى 1399هـ.
5- البحر المحيط لأبي حيان، ط السعادة، القاهرة 1328هـ.
6- تذكرة النحاة لأبي حيان، ت د/ عفيفي عبدالرحمن، ط أولى 1986م.
7- التسهيل لابْنِ مَالِكٍ، ت محمد كامل بركات، 1967م.
8- التصريح على التوضيح، عيسى الحلبي، دار إحياء الكتب العربية.
9- التهذيب للأزهري، ت عبدالسلام هارون وآخرين، القاهرة 1964م.
10- حاشية الأمير على المغني، دار إحياء الكتب العربية القاهرة.
11- حاشية الخضري على شرح ابن عقيل لألفية ابْنُ مَالِكٍ.
12- حاشية الصبان على شرح الأشموني، ط صبيح 1344هـ.
13- حاشية يس على التصريح ـ دار إحياء الكتب العربية.
14- حاشية يس على شرح الفاكهي لقطر الندى، مطبعة مصطفى الحلبي 1353هـ.
15- الحجة ،لأبي علي الفارسي، ت د/ عبدالفتاح شلبي وآخرين، دار الكاتب العربي.
16- خزانة الأدب، للبغدادي، ت عبدالسلام هارون القاهرة.
17- دلائل الإعجاز، للإمام عبدالقاهر الجرجاني، ت محمد عبدالمنعم خفاجي.
18- شرح الأشموني على ألفية ابْنِ مَالِكٍ، ط صبيح 1344هـ.
19- شرح ألفية ابْنُ مَالِكٍ لابن الناظم، ت د/ عبدالحميد السيد بيروت.
20- شرح الجمل، لابن عصفور، ت د/ صاحب أبو جناح، العراق 1980م.
21- شرح الشافية للرَّضِيِّ، ت محمد الزفزاف وآخرين، القاهرة 1356هـ.
22- شرح الكافية للرضي، 1275هـ.
23- شرح المرادي للألفية، ت د عبدالرحمن علي سليمان جامعة الأزهر.
24- شرح المفصل، لابن يعيش، إدارة الطباعة المنيرية.
25- ضياء السالك إلى أوضح المسالك، لابْنِ هِشَامٍ، ت محمد عبدالعزيز النجار.
26- قطر الندى وبل الصدى، لابْنِ هِشَامٍ، تأليف محمد محيي الدين عبدالحميد.
27- كتاب سِيبَوَيْهِ، ت عبدالسلام هارون.
28- الكشاف، للزمخشري، الطبعة الثانية 1343هـ.
29- لسان العرب، لابن منظور، بيروت ت 1955م.
30- مجالس العلماء، للزجاجي، ت عبدالسلام هارون، الكويت 1962
31- المحتسب، لابن جني، علي النجدي ناصف وآخرين، طبعة ثانية 1986م.
32- المسائل البصريات، للفارسي، ت د/ محمد الشاطر 1985م.
33- المساعد على تسهيل الفوائد، لابن عقيل، ت د/ محمد كامل بركات 1984م.
34- معاني القرآن للفراء، ت عبدالفتاح شلبي، محمد علي النجار.
35- مغني اللبيب، لابْنِ هِشَامٍ، دار إحياء الكتب العربية.
36- المقتضب، للمبرد، ت محمد عبدالخالق عضيمة، القاهرة.
37- نتائج الفكر، للسهيلي، ت د/ محمد البنا، دار الاعتصام، الطبعة الثانية.
38- النشر في القراءات العشر، لابن الجزري، بيروت.
39- همع الهوامع، للسيوطي، ت د/ عبدالعال مكرم، الكويت 1975م.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] أمالي ابن الحاجب 3/47: والكوفيون يسمون اسم الفاعل بالفعل الدائم. مجالس العلماء للزجاجي 318.
[2] التسهيل 136، وشرح الأشموني 2/293.
[3] ضياء السالك3/13.
[4] الأصول 1/122.
[5] قطر الندى 278.
[6] 2/82.
[7] قطر الندى 279.
[8] انظر شرح ابن الناظم 440، المساعد 2/590، حاشية الخضري 2/32.
[9] وقد يأتي على غَيْر ذلك نحو عجزت المرأة إذا أسنَّت فهي عجوز، وسقط الولد من بطن أمه فهو سَقْط، وملك على الناس فهو مَلِك، وسلف الشيء إذا مضى فهو سَلفٌ. انظر اللسان والقاموس والمصباح.
[10] وقد جاء من المكسور على فاعل نحو: حاذر وفارح ونادم، وجارح. انظر المصباح المنبر (خاتمة).
[11] لا يحمد النعمة.
[12] وحيث كان الفاعل على (أفعل) للمذكر فهو للمؤنث على فعلاء، كأحمر وحمراء.
[13] لا يبصر في الشمس.
[14] ضياء السالك 3/6.
[15] الفاره: الحاذق بالشيء، والسليح الحسن، ومن الدواب: الجيد السير.
[16] انظر شرح الجمل لابن عصفور 12، 40، أوضح المسالك 2/267.
[17] قال أبو القاسم الزجاجي. “وهذا مطرد فيما كان من الأفعال على (فَعُل) إذ يأتي اسْمُ الفاعل منه على (فعيل) وهو فعل غَيْر متعد”. انظر اشتقاق أسماء الله – ص 66. وانظر الممتع لابن عصفور 2/450.
[18] المصباح المنير (ملح).
[19] حاشية الخضرى 2/34، ضياء السالك 3/56.
[20] حاشية الأمير 2/88.
[21] حاشية الخضري 2/35.
[22] حاشية الخضري 2/29. وانظر شرح المرادي 3/41.
[23] حاشية يس على شرح الفاكهي 2/149، وحاشية الخضري 2/29. وانظر شرح المرادي للألفية 3/41-43.
[24] انظر التصريح 2/82.
[25] شرح الرضي 2/205.
[26] التسهيل 141 وشرح المفصل لابن يعيش 6/28.
[27] شرح الألفية 444.
[28] انظر المصباح المنير. خاتمة ص948.
[29] الكشاف: 3/179 وانظر البحر المحيط: 6/399. وفي معاني الفراء: 2/232. تقرأ لميتون ومائتون. وميتون أكثر.
[30] تذكرة النحاة لأبي حيان 534، وانظر حاشية الصبان 2/292.
[31] المزهر للسيوطي 2/274 ت محمد أبو الفضل وآخرين ط ثالثة دار التراث.
[32] انظر المقتضب للمبرد 1/99 والممتع (لابن عصفور 1/328).
[33] ولو تقديرًا نحو: مختار من اختار. ومن ذلك قوله تعالى: {وأطعموا القانع والمُعْتَرَّ}. أي اعترَّ اعترارًا فهو مُعْتّرّ، والمَفْعُول: مُعْتَرّ أيضًا. لفظ الفاعل والمَفْعُول سواء. الكشاف 3/158 والبحر 6/370.
[34] المساعد 2/189، وفي اللسان: لفج وألفج الرجل: أفلس.
[35] المصباح. عمّ.
[36] التهذيم (نتج) وانظر التذكرة لأبي حيان نقلًا عن الأصمعي. ص580.
[37] الصاحبي لابن فارس 444.
[38] انظر شرح ابن عصفور للجمل 2/402، وشرح الرّضِيّ 2/199، والمساعد 2/189، وحاشية الصبان 2/312.
[39] شرح ابن عصفور 2/39.
[40] المساعد 2/189. الحجر آية 22.
[41] شرح الرضي 2/199.
[42] في البحر المحيط دافق قيل هو بمَعْنَى مدفوق، وعند الخليل وسِيبَوَيْهِ هو على النسب كلابن وتامر، أي: ذو دفق” البحر 8/455. وانظر الصاحبي لابن فارس 366.
[43] شرح الرضي 2/199 وانظر الصاحبي 367.
[44] شرح الشافية 1/176. وانظر الصاحبي 394.
[45] في الخصائص لابن جني 10313 لرجل يدعو لابنه وهو صغير. وانظر الصاحبي 394.
[46] المحتسب لابن جني 1/347.
[47] البحر 8/321. البحر 8/321.
[48] البحر 7/457.
[49] المحتسب 1/287.
[50] المحتسب 1/287.
[51] البحر 8/321. والكشاف 4/149.
[52] الكشاف 4/176. وانظر البحر 8/362.
[53] البحر 2/379.
[54] البحر 3/203.
[55] البحر 3/119.
[56] شرح الرضي 2/198.
[57] شرح الرضي 2/205.
[58] حاشية على شرح الفاكهي 2/146.
[59] دلائل الإعجاز 193.
[60] البحر 1/41.
[61] الكشاف 4/138.
[62] البحر 1/140.
[63] البحر 1/260.
[64] البحر 1/69.
[65] شرح الرضي2/205.
[66] شرح الرضي 2/205.
[67] ضياء السالك 3/57.
[68] التسهيل 141 وشرح ابن الناظم 444 وشرح ابن يعيش 6/28.
[69] البحر 1/478.
[70] البحر 1/46.
[71] شرح ابن يعيش 6/78.
[72] الكشاف 1/102.
[73] الكتاب 1/181.
[74] شرح المفصل 6/68.
[75] شرح الرضي 2/205.
[76] الأصول 1/125.
[77] التسهيل 136، التصريح 2/65، حاشية الصبان 2/294.
[78] الأصول 3/62.
[79] شرح الرضي 2/8203.
[80] الهمع 2/95.
[81] انظر المساعد 2/191، المغني 2/75، التصريح 2/65، الأشموني 2/294.
[82] انظر المساعد 2/192.
[83] المساعد 2/191.
[84] الهمع 2/95، شرح الأشموني 2/294.
[85] المغني 2/149.
[86] شرح الجمل 1/554.
[87] بشر بن أبي خازم، انظر شرح ابن الناظم 430، والأشموني 2/364، واللسان (فقد) وحاشية يس 2/66.
[88] فاقد: تفقد ولديها.
[89] من الخطب وهو الأمر العظيم.
[90] ولدين.
[91] من الترجيع (إنا لله). (وكذا في حاشية الصبان على شرح الأشموني، والصواب: ترجيع الصوت بالبكاء حزنا على فراق حبيب؛ قال طرفة ابن العبد ـ يمدح أمته لحسن صوتها:
 

 

إِذَا رَجَّعَتْ فِي صَوْتِهَا خِلْتَ صَوْتَهَا        تَجَاوُبَ  أَظْآرٍ   عَلَى   رُبَعٍ   رَدِ)

 

 

 

[92] المباين.
[93] شرح الأشموني 2/295.
[94] شرح المفصل 1/77.
[95] شرح الرضي 2/169.
[96] التصريح 2/65.
[97] حاشية الصبان 2/293.
[98] حاشية الخضري 2/25.
[99] انظر شرح الرضي 2/200 والمساعد 1/197 والتصريح 2/66 والبحر 6/109.
[100] المسائل البصريات 1/540 وانظر المغني 2/162.
[101] شرح ابن الناظم 431 والمساعد 2/98 وشرح الجمل لابن عصفور 1/552.
[102] شرح الرضي 2/201 وحاشية الصبان 2/293.
[103] التصريح 2/66، حاشية الخضري 2/25، وحاشية الصبان 2/293.
[104] المساعد 2/197.
[105] شرح الرضي 2/169، التصريح 2/66، شرح الأشموني 2/294.
[106] التصريح 2/66.
[107] شرح الرضي 2/199.
[108] انظر البحر 8/396 وهي قراءة أبي حيوة والقراءة ذكرها الزَّمَخْشَرِيّ في الكشاف 4/197، وانظر شرح الرضي 1/94. وشرح ابن عصفور للجمل 1/554 وشرح الأشموني 2/294.
[109] نتائج الفكر 425.
[110] شرح المفصل 6/78.
[111] انظر شرح الرضي 2/201.
[112] انظر شرح الجمل لابن عصفور 1/553.
[113] الكتاب 1/181.
[114] شرح الرضي 2/201.
[115] شرح ابن الناظم 426.
[116] شرح الرضي 2/37. ونظر المغني 1/47.
[117] شرح الألفية 1/225.
[118] التصريح 2/65.
[119] الحديد 18.
[120] الكشاف 4/130.
[121] المساعد 2/199 وحاشية الصبان 2/296. وانظر الهمع 2/96.
[122] شرح الرضي 2/201، شرح الأشموني 2/1: 2، وحاشية الخضري 2/26.
[123] شرح الرضي 2/201.
[124] انظر حاشية الصبان 2/296.
[125] الكتاب 1/182.
[126] انظر حاشية الشيخ يس 2/28.
[127] انظر المساعد 2/202.
[128] الحج 35.
[129] البصريات 2/865.
[130] المقتضب 4/165، 197، المغني (2/87).
[131] شرح ابن عصفور للجمل 1/554.
[132] الكتاب 1/183 وانظر المقيمين 4/149 والأصول 1/129.
[133] في البحر 6/369: قرأ الجمهور: والمقيمي الصلاة بالخفض على الإضافة، وحذفت النون لأجلها، وقرأ ابن أبي اسحاق والحسن وأبو عمرو: الصلاة بالنَّصْبِ “قال ابن جني” “أراد المقيمين فحذف النون تخفيفًا لا لتعاقبها الإضافة” المحتسب 2/80.
[134] التصريح 2/28.
[135] البحر 7/298 وانظر شرح الرضي 1/256.
[136] الكشاف 2/709.
[137] انظر الكتاب 1/84، المقتضب 4/149، الأصول 1/126، التصريح 2/28.
[138] الكتاب 1/103.
[139] الكتاب 1/105.
[140] شرح الرضي 1/278.
[141] الكشاف 1/448 وانظر البحر.
[142] شرح الإيضاح 3/26 المحيط: 68، 5/218. وشرح المرادي 3/26.
[143] البحر 6/98، 6/218.
[144] البحر 1/432.
[145] شرح المفصل 6/68.
[146] شرح الرضي 1/259.
[147] معاني القرآن 2/202.
[148] النشر 2/388 والبحر 283.
[149] البحر 8/263.
[150] الكشاف 1/448 والبحر 3/133.
[151] الكشاف 1/448، البحر 3/133، الإتحاف 183.
[152] المقتضب 2/312، البحر 4/185.
[153] الأصول 1/128.
[154] الأنعام 96.
[155] انظر النشر 2/36. والبحر 4/186. قرأ الكوفيون “وجعل” من غير ألف ونصب (الليل).
[156] الكتاب 1/86.
[157] شرح ابن الناظم 432.
[158] الكتاب 1/187.
[159] يعني بذلك حذف النون من (الحافظو) ونصب عورة، وسِيبَوَيْهِ يجيز ذلك في الشعر، ولم تحذف النون للإضافة ولكن كما حذفوها في (الذين) حيث طال الكلام.
انظر الكتاب 1/183 والمحتسب 2/80 والخزانة 2/188.
[160] المساعد 2/201 والبحر 2/318 والتصريح 2/30.
[161] البحر 4/186 وحاشية الشيخ يس على التصريح 2/30.
[162] الأصول في النحو 1/128.
[163] انظر شرح الرضي 1/278 والكشاف 1/6، 2/26، البحر 4/187، والمغني 2/5.
[164] المغني 2/5.
[165] التصريح 2/84.
[166] حاشية الشيخ يس على شرح الفاكهي 2/134، وحاشية الخضري 2/4.
[167] التصريح 2/70.
[168] التصريح 2/70.
[169] الكشاف 1/9، والبحر 7/447.
[170] الكشاف 2/29.
[171] العكبري 2/254.
[172] الكشاف 4/148، والبحر 7/447.
[173] ضياء السالك 4/95، وواحد اسم فاعل من وحد يحد، إذا انفرد، فالواحد بمَعْنَى المنفرد.
[174] هو الْكِسَائِيُّ: انظر ضياء السالك 4/115. المساعد 2/98.
[175] حاشية الخضري 2/139.
[176] معاني الفراء 1/317.
[177] المساعد على تسهيل الفوائد 2/95.
[178] ضياء السالك 4/113.
[179] الكتاب 2/172 والمقتضب 2/181.
[180] شرح الجمل 2/39.
[181] المصباح 944.
[182] المجادلة (7).
[183] حاشية الخضري 2/139.
[184] حاشية الصبان 2/292.
[185] أمالي ابن الحاجب 4/29 وانظر حاشية الخضري على ابن عقيل 1/197.

الفِعْلُ مع فَاعِلِه يُعَدُّ مِنَ الجُمَلِ، بخلافِ اسْمِ الفَاعِلِ مع فَاعِلِه المُضْمَرِ فهو مِنَ المُفْرَدَاتِ.

ترك تعليق