الآيات المتضمنة على التراكيب الشرطية في سورة يس وإعرابها

اشتملت بعض آيات سورة يس على العديد من أنماط التراكيب الشرطية، وفيما يلي عرض للآيات المتضمنة على التركيب الشرطية في سورة يس وإعرابها على النحو التالي:

{لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [يس: 18].

أداة الشرط (إن) + فعل الشرط (لَمْ تَنْتَهُوا) + وجواب الشرط محذوف دل عليه جواب القسم؛ لئن: اللام موطئة للقسم، وإن شرطية ولم حرف نفي وقلب وجزم، وتنتهوا فعل مضارع مجزوم بلم، والواو فاعل واللام واقعة في جواب القسم، ونرجمنكم فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل مستتر تقديره نحن، والكاف مفعول به، والجملة لا محل لها، وجواب الشرط محذوف دل عليه جواب القسم وفاقًا للقاعدة المشهورة، وليمسنَّكم عطف على لنرجمنكم، ومنَّا متعلقان بيمسنكم، وعذاب فاعل وأليم صفته[1].

{قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} [يس: 19].

إن شرطية + وذكرتم فعل ماض مبني لما لم يسم فاعله وهو في محل جزم فعل الشرط +جواب الشرط محذوف.

طائركم مبتدأ ومعكم ظرف متعلق بمحذوف خبر، والهمزة للاستفهام الإنكاري التوبيخي، وإن شرطية، وذكرتم فعل ماض لما لم يسم فاعله وهو في محل جزم فعل الشرط، وجواب الشرط محذوف، والقاعدة عند سيبويه أنه إذا اجتمع شرط واستفهام يجاب الاستفهام، ويحذف جواب الشرط، وذهب غيره إلى إجابة الشرط، والتقدير عند سيبويه تتطيرون، وعند الآخرين تطيروا بالجزم، وبل حرف عطف وإضراب؛ أي ليس الأمر كذلك، وأنتم مبتدأ وقوم خبر ومسرفون صفة[2].

{إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ} [يس: 23].

إن شرطية+ ويردن فعل الشرط + ولا نافية وتغن جواب الشرط.

إن شرطية ويردن فعل الشرط والنون للوقاية، والياء المحذوفة لاتباع خط المصحف مفعول به، والرحمن فاعل، وبضر متعلقان بيردن، ولا نافية، وتغن جواب الشرط، وعني متعلقان بتغن، وشفاعتهم فاعل، وشيئًا مفعول مطلق أو مفعول به، وقد تقدم ذكرها كثيرًا، ولا ينقذون عطف على لا تغن، وحذفت الياء أيضًا مراعاة لسنة المصحف، وجملة الشرط استئنافية، ويجوز أن تكون صفة لآلهة[3].

{وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ} [يس: 43].

إن شرطية + فعل الشرط نشأ وفاعله مستتر تقديره نحن+ جواب الشرط نغرقهم.

واو عاطفة وإن شرطية ونشأ فعل الشرط، وفاعله مستتر تقديره نحن، ونغرقهم جواب الشرط والفاء عاطفة، واختار ابن عطية أن تكون استئنافية وفي ذلك قطع للكلام، ولا نافية للجنس وصريخ اسمها مبني على الفتح ولهم خبرها والواو عاطفة، ولا نافية وهم مبتدأ، وجملة ينقذون خبر، وينقذون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو نائب فاعل [4].

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [يس: 45].

إذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط.

كلام مستأنف مسوق لبيان إعراضهم عن هذه الآيات الآنفة الذكر، وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط، وجملة قيل في محل جر بإضافة الظرف إليها، ولهم متعلقان بقيل، وجملة اتقوا مقول القول، واتقوا فعل أمر وفاعل، وما مفعول به والظرف متعلق بمحذوف صلة ما، وأيديكم مضاف إليه، وما خلفكم عطف على ما بين أيديكم، ولعلكم لعل واسمها وجملة ترحمون خبرها، وجواب إذا محذوف مدلول عليه بقوله الآتي والتقدير أعرضوا وأشاحوا[5].

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [يس: 47].

إذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط.

(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) عطف على ما تقدم، وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط، وجملة قيل في محل جر بالإضافة، وجملة أنفقوا مقول القول، ومما جار ومجرور متعلقان بأنفقوا، وجملة رزقكم الله صلة، (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا: أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ)، جملة قال لا محل لها؛ لأنها جواب شرط غير جازم، والذين فاعل، وجملة كفروا صلة، وللذين متعلقان بقال، وجملة آمنوا صلة، والهمزة للاستفهام، ومعناه الاستهزاء: كان بمكة زنادقة فإذا أمروا بالصدقة على المساكين، قالوا لا والله، أيفقره الله ونطعمه نحن؟ وقيل: نزلت في مشركي قريش حين قال فقراء أصحاب رسول الله: أعطونا مما زعمتم من أموالكم إنها لله يعنون قوله: «وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبًا»، فحرموهم وقالوا: لو شاء الله لأطعمكم استهزاء منهم بالمؤمنين؛ أي فلا نطعمكم حتى ترجعوا إلى ديننا، ونطعم فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره نحن ومن مفعول به ولو شرطية، ويشاء الله فعل مضارع وفاعل، وجملة أطعمه لا محل لها وجملة لو يشاء الله أطعمه لا محل لها لأنها صلة من[6].

{وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [يس: 48]

إن شرطية + وكنتم صادقين كان واسمها وخبرها +جواب الشرط محذوف.

(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) كلام مستأنف لبيان ضرب آخر من تعسفهم وركوبهم متن الضلالة، ويقولون فعل مضارع وفاعل، ومتى اسم استفهام في محل نصب على الظرفية، والظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم، وهذا مبتدأ مؤخر والوعد بدل من اسم الإشارة، وإن شرطية، وكنتم صادقين كان واسمها وخبرها وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه؛ أي فمتى هذا الوعد؟[7].

{وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ} [يس: 66].

لو شرطية + نشاء فعل مضارع وفاعل والمفعول به محذوف أي لو نشاء +طمسها واللام واقعة في جواب لو.

(وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ) الواو عاطفة ولو شرطية، ونشاء فعل مضارع وفاعل والمفعول به محذوف؛ أي: لو نشاء طمسها، واللام واقعة في جواب لو، وجملة طمسنا لا محل لها وعلى أعينهم متعلقان بطمسنا، والطمس شق العين حتى تعود ممسوحة، وفي المصباح «طمست الشيء طمسًا من باب ضرب محوته».

(فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) الفاء عاطفة، واستبقوا فعل وفاعل والجملة عطف على لطمسنا والصراط؛ قال الزمخشري: «لا يخلو من أن يكون على حذف الجار وإيصال الفعل، والأصل فاستبقوا إلى الصراط، أو يضمن معنى ابتدروا، أو يجعل الصراط مسبوقًا لا مسبوقًا إليه أو ينتصب على الظرف، والمعنى أنه لو شاء لمسح أعينهم، فلو راموا أن يستبقوا إلى الطريق المهيع الذي اعتادوا سلوكه إلى مساكنهم، وإلى مقاصدهم المألوفة التي تردَّدوا إليها كثيرًا كما كانوا يستبقون إليه ساعين في متصرفاتهم، موضعين في أمور دنياهم لم يقدروا وتعايا عليهم أن يبصروا ويعلموا جهة السلوك، فضلًا عن غيره أو لو شاء أعماهم، فلو أرادوا أن يمشوا مستبقين في الطريق المألوف كما كان ذلك هِجيراهم لم يستطيعوا، أو لو شاء لأعماهم، فلو طلبوا أن يخلفوا الصراط الذي اعتادوا المشي فيه، لعجزوا ولم يعرفوا طريقًا»، وقال السمين: «والصراط ظرف مكان مختص عند الجمهور، فلذلك تأولوا وصول الفعل إليه؛ إما بأنه مفعول به مجازًا جعله مسبوقًا له، وتضمين استبقوا معنى بادروا، وإما على حذف الجار؛ أي إلى الصراط»، والفاء عاطفة وأنى اسم استفهام بمعنى كيف في محل نصب على الحال، ويبصرون فعل مضارع وفاعل، والاستفهام هنا معناه النفي أي لا يبصرون[8].

{وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ} [يس: 67].

لو شرطية + ونشاء فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره نحن ومفعول نشاء محذوف أيضا أي لو نشاء+ مسخهم واللام واقعة في جواب لو.

(وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ)، عطف على ما ولو شرطية ونشاء فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره نحن، ومفعول نشاء محذوف أيضًا؛ أي لو نشاء مسخهم، واللام واقعة في جواب لو، وجملة مسخناهم لا محل لها، وعلى مكانتهم حال؛ أي لمسخناهم على حالتهم، فهم ممسوخون في محالهم وفي منازلهم، فما الفاء عاطفة وما نافية، واستطاعوا فعل وفاعل، ومضيًّا مفعول به، ولا يرجعون عطف أيضًا؛ أي فما يبرحون مكاناتهم ولا يستطيعون الفرار منها بإقبال ولا بإدبار [9].

{وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ} [يس: 68].

من اسم شرط جازم + نعمره فعل الشرط والفاعل مستتر تقديره نحن والهاء مفعول به + ننكسه جواب الشرط.

(وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ) كلام مستأنف مسوق لاستعراض حال الإنسان كيف يستحيل إلى ضعف بعد قوة، وإلى نقص بعد تمام، ومن اسم شرط جازم ونعمره فعل الشرط والفاعل مستتر تقديره نحن، والهاء مفعول به، وننكسه جواب الشرط والفاعل مستتر تقديره نحن، والهاء مفعول به، وفي الخلق متعلقان بننكسه، أو بمحذوف حال، والهمزة للاستفهام الإنكاري، والفاء عاطفة على محذوف يقتضيه السياق، ولا نافية، ويعقلون فعل مضارع مرفوع وفاعله، (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ) كلام مستأنف مسوق للرد على من زعموا أن القرآن شعر، وما نافية، وعلمناه فعل ماض وفاعل ومفعول به، والشعر مفعول به ثان، وما عطف، وينبغي فعل مضارع معطوف على علمناه وله متعلقان بـ(ينبغي) [10].

المراجع:

محيي الدين درويش، إعراب القرآن الكريم وبيانه،ج8 (إعراب سورة يس).


[1] محيي الدين درويش، إعراب القرآن الكريم وبيانه، ج8/183-184 (إعراب سورة يس).
[2] محيي الدين درويش، إعراب القرآن الكريم وبيانه، ج8/ 184 (إعراب سورة يس).
[3] محيي الدين درويش، إعراب القرآن الكريم وبيانه، ج8/ 188(إعراب سورة يس).
[4] محيي الدين درويش، إعراب القرآن الكريم وبيانه، ج8/ 188(إعراب سورة يس).
[5] محيي الدين درويش، إعراب القرآن الكريم وبيانه، ج8/ 206 (إعراب سورة يس).
[6] ميحي الدين درويش، إعراب القرآن الكريم وبيانه، ج8/ 209 (إعراب سورة يس).
[7] محيي الدين درويش، إعراب القرآن الكريم وبيانه، ج8/ 210 (إعراب سورة يس).
[8] محيي الدين درويش، إعراب القرآن الكريم وبيانه، ج8/ 222-223 (إعراب سورة يس).
[9] محيي الدين درويش، إعراب القرآن الكريم وبيانه، ج8/ 223 (إعراب سورة يس).
[10] محيي الدين درويش، إعراب القرآن الكريم وبيانه، ج8/ 227 (إعراب سورة يس).
اضغط على أيقونة رابط قناتنا على التليجرام

ترك تعليق