الفرق بين النحو اللغة والإعراب والغريب

كتبه: أبو القاسم الزَّجَّاجي
المحقق: الدكتور مازن المبارك
طوس أو طــيـــس (طرفات نحوية)

 

النحو اسم لهذا الجنس من العلم. وقد بينّا اشتقاقه، وذكرنا السبب في تسميته بذلك. والإعراب أصله البيان. يقال: أعرب الرجل عن حاجته إذا أبان عنها، ورجل مُعرِب أي مبين عن نفسه، ومنه الحديث “الثيِّب تعرب عن نفسها … ” هذا أصله. ثم إن النحويين لما رأوا في أواخر الأسماء والأفعال حركات تدل على المعاني، وتبين عنها، سموها إعراباً أي بياناً. وكأن البيان بها يكون. كما يسمى الشيء باسم الشيء إذا كان يشبهه أو مجاوراً له. ويسمى النحو إعراباً، والإعراب نحواً سماعاً، لأن الغرض طلب علم واحد. وأما اللغة، وهي العربية التي فضل الله عز وجل بها العرب وأنطقهم بها، فهي لغتهم. كما أن لكل قوم لغة يتكلمون بها.

واللِّسن – بكسر اللام – اللغة أيضاً. حكى أبو عمرو لكل قومٍ لِسن أي لغة يتكلمون بها.

والإعراب الحركات المبينة عن معاني اللغة. وليس كل حركة إعراباً، كما أنه ليس كل الكلام مُعربا.

والدليل على صحة ما قلنا من معنى اللغة والإعراب، والفرق بينهما، أنه ليس كل من عرف الإعراب (و) فهم وجوه الرفع والنصب والخفض والجزم، أحاط علماً باللغة كلها ولا فهمها. ولا من فهم من اللغة قطعة ولم يُرش نفسه في تعلّم الإعراب، عرف الإعراب، ولا درى كيف مجاريه. وهذا بيّن واضح.

وأما الغريب فهو ما قل استماعه من اللغة. ولم يدُر في أفواه العامة، كما دار في أفواه الخاصة كقولهم: صكمت الرجل أي لكمته. وكقولهم للشمس يوح، وقولهم رجل ظروري للكيِّس. وقولهم للقصير الغليظ ظُرُبِّ. وقولهم فلان مخرنبق لينباع أي مطرق ليثب، وقيل ساكت، وقيل منتظر فرصة.

وهذا كثير جداً، وهذا وما أشبهه، وإن كان عربياً عند قوم، فهو معروف عند العلماء، وليس كل العرب يعرفون اللغة كلها، غريبها وواضحها ومستعملها وشاذها، بل هم في ذلك طبقات يتفاضلون فيها. كما أنه ليس كلهم يقول الشعر ويعرف الأنساب كلها، وإنما هو في بعض دون بعض. وأما اللغة الواضحة المستعملة سوى الشاذ والنوادر، فهم فيها شرع واحد.

المصدر: الإيضاح في علل النحو

ترك تعليق