المرفوعات
المؤلف: ابن الحاجب الإسنوي المالكي (توفي: ٦٤٦ هـ)
المحقق: الدكتور صالح عبد العظيم الشاعر
**********************
عناصر المقال: ♦ الفاعل ♦ التنازع ♦ المبتدأ والخبر ♦ وجوب تقديم الخبر ♦ تعدّد الخبر ♦ حذف المبتدأ ♦ حذف الخبر |
المرفوعات
هو ما اشتمل على علم الفاعليّة.
فمنه الفاعل: وهو ما أسند إليه الفعل أو شبهه، وقدّم عليه على جهة قيامه به، مثل:
(قام زيد)، و (زيد قائم أبوه).
والأصل أن يلي فعله، فلذلك جاز (ضرب غلامه زيد) وامتنع (ضرب غلامه زيدا).
وإذا انتفى الإعراب لفظا فيهما والقرينة، أو كان مضمرا متّصلا، أو وقع مفعوله بعد (إلا) أو معناها، وجب تقديمه.
وإذا اتّصل به ضمير مفعول، أو وقع بعد (إلاّ) أو معناها، أو اتّصل مفعوله وهو غير متّصل به، وجب تأخيره.
وقد يحذف الفعل لقيام قرينة جوازا في مثل (زيد) لمن قال: (من قام؟)، و [من الطويل]
ليبك يزيد، ضارع لخصومة …. . . [1]
ووجوبا في مثل قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [2].
وقد يحذفان معا في مثل: (نعم) لمن قال: (أقام زيد؟).
وإذا تنازع الفعلان ظاهرا بعدهما، فقد يكون في الفاعليّة مثل: (ضربني وأكرمني زيد)، وفي المفعوليّة مثل: (ضربت وأكرمت زيدا)، وفي الفاعليّة والمفعوليّة مختلفين.
فيختار البصريّون إعمال الثّاني، والكوفيّون إعمال الأوّل [3].
فإن أعملت الثّاني أضمرت الفاعل في الأوّل على وفق الظّاهر دون الحذف، خلافا للكسائيّ، وجاز-خلافا للفرّاء-، وحذفت المفعول إن استغني عنه، وإلاّ أظهرت.
وإن أعملت الأوّل أضمرت الفاعل في الثّاني، والمفعول على المختار، إلاّ أن يمنع مانع فتظهر.
وقول امرئ القيس [من الطويل]:
. . . . … كفاني-ولم أطلب-قليل من المال [4]
ليس منه؛ لفساد المعنى.
كلّ مفعول حذف فاعله وأقيم هو مقامه.
وشرطه أن تغيّر صيغة الفعل إلى (فعل) أو (يفعل)، ولا يقع المفعول الثّاني من باب (علمت)، ولا الثّالث من باب (أعلمت)، والمفعول له، والمفعول معه كذلك.
وإذا وجد المفعول به تعيّن له، تقول: (ضرب زيد يوم الجمعة أمام الأمير ضربا شديدا في داره)، فتعيّن (زيد)، فإن لم يكن فالجميع سواء، والأوّل من باب (أعطيت) أولى من الثّاني.
ومنها المبتدأ والخبر.
فالمبتدأ: هو الاسم المجرّد عن العوامل اللفظيّة، مسندا إليه، أو الصّفة الواقعة بعد حرف النّفي وألف الاستفهام، رافعة لظاهر مثل (زيد قائم)، و (ما قائم الزّيدان)، و (أقائم الزّيدان؟)، فإن طابقت مفردا جاز الأمران.
والخبر: هو المجرّد المسند به المغاير للصّفة المذكورة.
وأصل المبتدأ التّقديم، ومن ثمّ جاز (في داره زيد)، وامتنع (صاحبها في الدّار).
وقد يكون المبتدأ نكرة إذا تخصّصت بوجه ما، مثل:
﴿ وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ ﴾ [5]، و (أرجل في الدّار أم امرأة؟)، و (ما أحد خير منك)، و (شرّ أهرّ ذا ناب)، و (في الدّار رجل)، و (سلام عليك)
والخبر قد يكون جملة، مثل (زيد أبوه قائم)، و (زيد قام أبوه)، فلا بدّ من عائد، وقد يحذف.
وما وقع ظرفا فالأكثر أنّه مقدّر بجملة.
وإذا كان المبتدأ مشتملا على ما له صدر الكلام مثل: (من أبوك؟)، أو كانا معرفتين مثل: (زيد القائم)، أو متساويين مثل: (أفضل منك أفضل منّي)، أو كان الخبر فعلا له مثل: (زيد قام) وجب تقديمه.
وإذا تضمّن الخبر المفرد ما له صدر الكلام مثل: (أين زيد؟)، أو كان مصحّحا له مثل: (في الدّار رجل)، أو لمتعلّقه ضمير في المبتدأ مثل: (على التّمرة مثلها زبدا)، أو كان خبرا عن (أنّ) مثل: (عندي أنك قائم)، وجب تقديمه.
وقد يتعدّد الخبر، مثل: (زيد عالم عاقل).
وقد يتضمّن المبتدأ معنى الشّرط فيصحّ دخول الفاء في الخبر، وذلك الاسم الموصول بفعل أو ظرف، أو النّكرة الموصوفة بهما، مثل (الّذي يأتيني، أو في الدّار، فله درهم)، و (كلّ رجل يأتيني، أو في الدّار، فله درهم)، و (ليت) و (لعلّ) مانعان بالاتّفاق، وألحق بعضهم (إنّ) بهما.
وقد يحذف المبتدأ لقيام قرينة جوازا، كقول المستهلّ: (الهلال والله!).
والخبر جوازا، مثل (خرجت فإذا السّبع).
ووجوبا فيما التزم في موضعه غيره، مثل: (لولا زيد لكان كذا)، و (ضربي زيدا قائما)، و (كلّ رجل وضيعته) و (لعمرك لأفعلنّ كذا).
خبر إنّ وأخواتها: هو المسند بعد دخول هذه الحروف، مثل: (إن زيدا قائم)، وأمره كأمر خبر المبتدأ، إلاّ في تقديمه، إلاّ إذا كان ظرفا.
خبر (لا) الّتي لنفي الجنس: هو المسند بعد دخولها، مثل: (لا غلام رجل ظريف فيها). ويحذف كثيرا، وبنو تميم لا يثبتونه.
اسم (ما) و (لا) المشبّهتين ب (ليس): هو المسند إليه بعد دخولهما، مثل: (ما زيد قائما) و (لا رجل أفضل منك)، وهو في (لا) شادّ.
[1] تمامه: ومختبط ممّا تطيح الطّوائح، وهو من شواهد الكتاب، أنشده للحارث بن نهيك، وقال الشيخ عبد السّلام هارون: الصواب أنه لنهشل بن حري، ضارع: ذليل خاضع.
[2] التوبة/٦.
[3] هي المسألة الثالثة عشرة من كتاب الإنصاف ١/ ٨٣.
[4] صدره: ولو أنّما أسعى لأدنى معيشة، والشاهد فيه عدم كونه من باب التنازع؛ فمقتضى المعنى يمنع كون (ولم أطلب) موجّها إلى (قليل)، فوجب كون (قليل) معمولا للفعل الأول (كفاني).
[5] البقرة/٢٢١.