أحاجي الزمخشري (1)

 

وللزمخشري (كتاب الأحاجي) منثور، وشرحه الشيخ علم الدين السخاوي بشرح سماه (تنوير الدياجي في تفسير الأحاجي) وأتبعه بأحاجي له منظومة، وأنا ألخص الجميع هنا:

قال الزمخشري: أخبرني عن فاعل جمع على فعلة، وفعيل جمع على فعلة.

 

الأول باب قاض وداع. والئانى نحو سرى وسراة.

وقال: أخبرني عن تنوين يجامع لام التعريف، وليس إدخاله على الفعل من التحريف.

 

هو تنوين الترنم والغالى.

  وقال: أخبرني عن واحد من الأسماء ثني مجموعًا بالألف والتاء؟

 

أخبرني عن موحد في معنى اثنين وعن حركة في حكم حركتين؟

 

  أخبرني عن حركة وحرف قد استويا، وعن ساكنين على غير حدهما قد التقيا[1].

 

 أخبرني عن اسم على أربعة فيه سببان لم يمتنع صرفه بإجماع، وعن آخر ما فيه إلا سبب واحد وهو حقيق بالامتناع.

 

أخبرني عن فاء ذات فنين وعن لام ذات لونين.

الأولى – نحو البرى والسرى والبث والنث وقاتعه الله وكاتعه بمعنى قاتله، وبيد أني من قريش وميد أني، ونحو وزن وأزن.

 

وهو قياس مطرد في المضموم وفى المكسور نحو وشاح وإشاح ووعاء وإعاء، والمفتوح نحو وسن وأسن ووبد وأبد إذا غضب، ووله وأله تحير، وما وبه له وما أبه سماع بإجماع.

 

والثانية – نحو عضه وسنه هي هاء في عضه وعضاه وبعير عاضه وعضه أي راعى العضاه، وعضهه إذا شتمه، وفى نخلة سنهاء وسانهت الأجير، وواو في عضوات وسنوات.

 

 أخبرني عن نسب بغير يائه – وعن تأنيث بتاء ليس بتائه.

الأول: ما دل عليه بالصيغة نحو عواج وبتار ودراع ولابن، ونظير دلالتي العلامة والصيغة قولك لتضرب واضرب.

 

والفرق بين البنائين أن فعالا لما هو صيغة وفاعلا لمباشرة الفعل.

 

والثاني: بنت وأخت لأن تاءهما بدل من الواو والتي هي لام، إلا أن اختصاص المؤنث بالإبدال دون المذكر قام علمًا للتأنيث فكأن هذه التاء لاختصاصها كتاء التأنيث، ونحوها التاء في مسلمات هي علامة لجمع المؤنث فلاختصاصها بجمع المؤنث كأنها للتأنيث ومن ثَمَّ لم يجمعوا بينها وبين تاء التأنيث فلم يقولوا مسلمتات.

 

فإن قلت: ما أدراك أنها ليست تاء تأنيث؟

قلت: لو كانت كذلك لقلبها الواقف هاء في اللغة الشائعة.

 

فإن قلت: فلم قلبها من قلبها هاء في الوقف فقال البنون والبناه؟

قلت: رآها تعطى ما تعطيه تاء التأنيث فتوهمها مثلها.

 

 أخبرني: عن نعت مجرور ومنعوته مرفوع، وعن منعوت موحد ونعته مجموع.

الأول نحو هذا جحر ضب خرب.

والثاني قول القطامى:

كأن قيودَ رجلى حين ضمتْ *** حَوالب غزرا وَمِعًا جياعا

 

جعل المعا لفرط جوعه بمنزلة أمعاء جائعة فجمع النعت مع توحيد المنعوت.

 

أخبرني عن فصل ليس بين المعرفتين فاصلاً وعن ربَّ على المعرفة داخلاً.

الأول: نحو كان زيد هو خيرًا منك، و ﴿ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً ﴾ [الكهف: 39].

 

وإنما ساغ ذلك في أفعل من لامتناعه من دخول لام التعريف عليه امتناع ما فيه التعريف فشبه به وأجرى حكمه عليه.

 

والثاني: نحو قولهم ربَّ رجل وأخيه، قال سيبويه ولا يجوز حتى تذكر قبله نكرة.

 

أخبرني عما ينصب ويجر وهو رفع وعما تدخله التثنية وهو جمع.

الأول: المحكى.

والثاني: قولهم “عندي لقان سوداوان”، وقوله:

بين رِمَاحى مالكٍ ونهشلِ

 

وقوله:

لا صبَّح الحى أوبادا ولم يجدوا ***عندَ التفوقِ في الهيْجَا جَمالين

 

في أخبرني كيف يكون متحرك يلزمه السكون؟

هو عين حى وهى وضف، في قولهم ضَفَّ الحال، وزنها فعل لأنه من باب فرح وبطر وأشر.

 

أخبرني عن واحد وجمع لا يفرق بينهما ناطق، إلا أن الضمير بينهما فارق؟

هما فلك وفلك للواحد والجمع ومثله جمل هجان وإبل هجان ودرع دلاص ودروع دلاص.

 

•  أخبرني عن فاعل خفى فما بدا، وآخر لا يخفى أبدًا.

الأول فاعل أفعل وتفعل ونحوهما.

والثاني: الواقع بعد إلا، نحو ما قام إلا زيدًا وإلا أنا.

 

  أخبرني عن حرف يزاد ثم يزال، وأثره باق ماله انتقال.

هو نون التثنية والجمع تزال وأثرها باق في نحو – هما الضاربا زيد والضاربو زيد.

 

أخبرني عن حرف يوحد ثم يكثر، ويؤنث ثم يذكر.

الأول: باب تمرة وتمر.

والثاني: باب العدد ثلاثة إلى عشرة.

 

أخبرني عن معرف في حكم التنكير، ومؤنث في معنى التذكير.

الأول مررت بالرجل مثلك، أو برجل مثلك، لا يكاد في نحو هذا الموضع يتبين الفرق بين النكرة والمعرفة. ومثله:

ولقد أمرُّ على اللئيم يَسبُّنى

والثاني باب علَّامة ونسَّابة.

 

أخبرني عن واحد يوزن بأربعة، وعن عشرة عند بعضهم متسعة.

الأول هو باب (ق) “فعل أمر من وقى” و (ع) و (ش) ونحوها توزن بأفعل ولا يقال في وزنه ع.

 

والثاني حروف العطف عند النحويين عشرة وقد تسعها أبو على الفارسي حيث عزل عنها إما.

 

  أخبرني عن زائد يمنع الإضافة ويؤكدها، ويفك تركيبها ويؤيدها.

هو اللام في قولهم لا أبا لك، هي مانعة للإضافة فاكة لتركيبها بفصلها بين ركنيها وهما المضاف والمضاف إليه.

 

وهي مع ذلك مؤكدة لمعناها مؤيدة لفائدتها من حيث إنها موضوعة لإعطاء معنى الاختصاص.

 

ونظيرتها تيم الثانية في (ياتيم تيم عدي) أقحمت بين المضاف والمضاف إليه وتوسطت بينهما، كما قيل بين العصا ولحائها وهي بما حصل بتوسطها من التكرير معطية معنى التوكيد والتشديد.

 

وهذه اللام لها وجه اعتداد ووجه اطراح، فوجه اعتدادها استصلاحها الأب لدخول لا الطالبة للنكرات عليه.

 

ووجه اطراحها أن لم تسقط لام الأب الواجبة الثبوت عند الإضافة. ونحوه قولهم “لا يدىْ لك” سقوط النون مع اللام دليل الاطراح، وتنكير المضاف وتهيؤه لدخول (لا) دليل على الاعتداد.

 

فإن قلت: فكيف صح قولهم لا أباك؟

قلت: اللام مقدرة منوية وإن حذفت من اللفظ، والذي شجعهم على حذفها شهرة مكانها وأنه صار مَعْلَما لاستفاضة استعمالها فيه، وهو نوع من دلالة الحال التي لسانها انطلق من لسان المقال.

 

ومنه حذف لا في: ﴿ تَاللَّهِ تَفْتَأُ ﴾ [يوسف: 85].

 

وحذف الجار في قول رؤبة ” خير” إذا صبح عندما قيل له كيف أصبحت؟

ومجمل قراءة حمزة ﴿ تَسَاءَلُونَ به وَالأَرْحَامِ ﴾ [النساء: 1] عليه سديد، لأن هذا المكان قد شهر بتكرير الجار فقامت الشهرة مقام الذكر.

 

أخبرني عن ميمات هن بدل وعوض وزيادة، وعن واحدة هي موصوفة بالجلادة.

البدل نحو إبدال طيىء الميم من لام التعريف، والعوض في اللهم عوضت من حرف النداء، والزيادة في نحو مقتل ومضرب.

 

والموصوفة بالجلادة هي ميم فم بدل من عين فوه.

قال سيبويه: أبدلوا منها حرفًا أجلد منها وفى مقامة النحوي من النصائح “وتجلد في المضي على عزمك وتصميمه ولا تقصر عما في الفم من جلادة ميمه”.

 

أخبرني عن اسم بلد فيه أربعة من الحروف الزوائد وكلها أصول غير واحد.

هو يستعور من بلاد الحجاز فيه الياء والسين والتاء والواو من جملة الزوائد العشرة وكلها أصول في هذا الاسم إلا الواو.

 

أخبرني عن مائة في معنى مئات وكلمة في معنى كلمات.

المائة في ثلثمائة في معنى المئات لأن حق مميز الثلاثة إلى العشرة أن يكون جمعًا. والكلمة في معنى كلمات قولهم كلمة الشهادة وكلمة الحويدرة، وقوله تعالى: ﴿ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ ﴾ [آل عمران: 64].

 

أخبرني عن حرف من حروف الاستثناء، لم يستثن شيئًا قط من الأسماء.

وهو (لما) بمعنى إلا لا يستثنى به الأسماء كما يستثنى بإلا وأخواتها وإنما يقال نشدتك الله لما فعلت وأقسمت عليك لما فعلت.


[1] لم يذكر جواب اللغز الثامن وهو توله: وأي اسم لا يفهم إلا باستضافة كلمتين أو الاقتصار منه على حرفين وفى وضعه الأول التزام، وفى الثاني إلزام.


ترك تعليق