التشبيه الخيالي والتشبيه الممكن الوجود
التشبيه الخيالي:
التشبيه الخيالي هو صورة يركِّبها الشاعر في خياله؛ وليست موجودة في الواقع؛ بل قد تكون هذه الصورة الخيالية صعبة أو متعذرة الوجود في الحقيقة؛ مثال ذلك قول الشاعر:
وكأن محمر الشقي قِ إذا تصوب أو تصعدْ أعلام ياقوت نشر نَ على رماح من زبرجدْ |
فقد شبَّه الشاعر محمر الشقيق؛ وهو ورد أحمر يعلو أغصان خضراء، بصورة خيالية هي قطع من الياقوت الأحمر على شكل أعلام، مركبة على رماح من معدن الزبرجد الأخضر، وهذه الصورة الخيالية المركبة من الياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر ليست موجودة في الواقع؛ بل هي عسيرة الوجود؛ وإنما هي موجودة في خيال الشاعر فقط، ومن هذا الباب أيضًا قول الشاعر:
كأن عيون النرجس الغض حولها *** مداهن در حشوهن عقيق
فقد شبه الشاعر النرجس بصورة خيالية هي وعاء مصنوع من الدرِّ، ومحشو بالعقيق، وهذه الصورة الخيالية ركبها وابتدعها الشاعر في خياله، أما في الواقع فهي غير معروفة.
التشبيه الممكن الوجود:
وهو تشبيه يوجد في الواقع، ويمكن أن يحصل، وليس قاصرًا على خيال الشاعر فقط، مثال ذلك: تشبيه أول ظهور الصبح بالفرس الأبيض “الطرف الأشهب” الذي يلقي بعض ردائه عنه في قول الشاعر:
غدا والصبح تحت الليل باد *** كطرف أشهب ملقى الجلالِ
فصورة الفرس الذي يلقي بعض ردائه هي صورة ممكنة الوجود وغير مستحيلة كما في القسم الأول؛
قال الإمام الجرجاني في هذا البيت: (وينبغي أن يعلم أن الوجه في إلقاء الجل – أي: اللبس- أن يريد أنه أداره عن ظهره، وأزاله عن مكانه، حتى تكشف أكثر جسده، لا أنه رمى به جملة حتى أنفصل منه؛ لأنه إذا أراد ذلك كان قد قصد إلى تشبيه الصبح وحده من غير أن يفكر في الليل، ولم يشاكل قوله في أول البيت: “والصبح تحت الليل باد”) [1].
على أن هذا النوع يتفاوت في الوجود، فمنه ما يوجد بكثرة، ومنه ما لا يوجد إلا نادرًا، فمثال ما يندر وجوده قول الشاعر:
وكأنَّ أجرام النجوم لوامعًا *** دررٌ نثرن على بساط أزرقِ
فقد شبه الشاعر صورة النجوم المتلألئة وهي في جوانب من أديم السماء الزرقاء الصافية، بصورة دُرَر منثورة على بساط أزرق اللون، وهذا التشبيه نادر الوجود؛ إذ قلما يتفق أن يوجد درٌّ قد نثر على بساط أزرق.
[1] أسرار البلاغة، ص 170، 171.
4 Comment