المؤلف: محمد عيد
الإعراب الظاهر والمقدر
تمهيد:
يحترمُ المواطنُ الشريفُ حرِّيَّاتِه وحرِّيَّاتِ الآخرين.
لكنْ يَحْيَا بعضُ الناسِ لرغباتِه فقط ويتعامَى عن هوَى الآخرين.
الإعراب الظاهر: هو ما كانت له علامة ظاهرة من علامات الإعراب سواء أكانت أصلية أم فرعية.
والإعراب المقدر: هو ما لم تكن له علامة ظاهرة في الكلام، وإنما علامته مقدرة؛ إذ يتخيل له علامة للرفع أو النصب أو الجر.
ويلاحظ في العبارتين السابقتين ما يلي:
الكلمات “يحترم، المواطن، الشريف، بعض، الناس، رغبات” في كل منها علامة ظاهرة أصلية، هي الضمة أو الكسرة.
أما الكلمتان “حريات، الآخرين” ففي كل منهما أيضا علامة ظاهرة فرعية هي في الأولى الكسرة وفي الثانية الياء.
لكن الكلمات “يحيا، يتعامى، هوى” ليست فيها علامة ظاهرة، فليست هناك ضمة ظاهرة على آخر الفعل “يحيا” أو الفعل “يتعامى” وليست هناك كسرة ظاهرة على ألف كلمة “هوى”، ولذلك يتخيل على آخر كل منهما علامة إعراب مناسبة لوظيفته النحوية، ضمة أو فتحة أو كسرة.
والخلاصة: أن الإعراب الظاهر ما له وجود فعلا على آخر الكلمة، أما الإعراب المقدر، فهو لا ينطق به، لكنه يتخيل على آخر الكلمة.
وينبغي -بعد هذا الفهم- أن نلاحظ الأمور الآتية:
أولا: أن كل ما سبق شرحه من الإعراب الأصلي والفرعي -بأبوابه السبعة- إنما هو من الإعراب الظاهر، باستثناء المضارع المعتل الآخر وسيعرف بعد قليل الرأي فيه.
ثانيا: أن الذي يقدر من علامات الإعراب إنما هو العلامات الأصلية فقط “الضمة، الفتحة، الكسرة” ولا تقدر العلامات الفرعية.
ثالثا: الإعراب المقدر يكون في الفعل المضارع المعتل الآخر -كما سبق بيانه- على التفصيل الآتي:
أ- في حالة الرفع مع كل أنواعه “المعتل بالألف أو الواو أو الياء”.
ب- في حالة النصب مع المعتل بالألف فقط.
وقد سبق شرح ذلك فلا حاجة إلى إعادته.
رابعا: يأتي الإعراب المقدر في أصناف ثلاثة من الأسماء هي:
1- المقصور: مثل “النُّهَى، الرِّضَى، العُلى”.
2- المنقوص: مثل “السامي، الهادي، الداعي”.
3- المضاف لياء المتكلم: مثل “بلادِي، وطنيِ، حياتيِ”.
وهذه الثلاثة في حاجة إلى بيان الإعراب المقدر فيها تفصيلا.
الأسماء التي يقدر عليها الإعراب:
المقصور، المنقوص، المضاف لياء المتكلم”
1- المقصود بالأسماء الثلاثة “المقصور، المنقوص، المضاف لياء المتكلم”
2- معنى المصطلحات النحوية الثلاثة “التعذر، الثقل، المناسبة”
3- كيفية إعراب الأسماء الثلاثة السابقة
المقصود بالأسماء الثلاثة:
البُشْرَى، اليُسْرَى، الشُّورَى، الهُدَى، الرِّضَى. “المقصور”.
– الهادِي، الراضِي، القاضِي، البانِي، الرامِي. “المنقوص”.
– وطنِي، أسرتِي، كليتِي، إيمانِي، عزيمتِي. “المضاف لياء المتكلم”.
والتحديد العلمي لهذه الأسماء الثلاثة هو:
المقصور: هو الاسم المعرب الذي آخره ألف لازمة قبلها فتحة. ا. هـ.
وهنا ينبغي التنبيه إلى أن وجود الألف في آخره إنما يقصد به النطق لا الكتابة، فكلمة مثل: “البشرى” اسم مقصور، إذ تنطق بالألف وإن كانت الكتابة بالياء، فالنحو لا شأن له -كما سبق القول- بالكتابة وإنما يدرس النطق.
المنقوص: هو الاسم المعرب الذي آخره ياء لازمة قبلها كسرة. ا. هـ.
المضاف لياء المتكلم: هو الاسم المعرب الذي كمل معناه بإضافة ياء المتكلم إليه. ا. هـ.
فالاسم المعرب يطلق عليه مضاف وياء المتكلم يطلق عليها “مضاف إليه” فمثلا “وطني” مكونة من كلمتين هما “وطن، ياء المتكلم” بالفهم الآتي:
1- “وطن” هي “المضاف” لياء المتكلم، وآخره مكسور حين الإضافة، وهذا الاسم هو المقصود بالدراسة هنا.
2- ياء المتكلم هي “المضاف إليه” وهو اسم مبني في محل جر، ويقتضي كسر ما قبله دائمًا، ومما يقتضي كسر آخره -حين الإضافة- الاسم المضاف.
المصطلحات الثلاثة: التعذر، الثقل، المناسبة.
التعذر: هو -كما سبق في المضارع المعتل الآخر- استحالة ظهور الحركة على حرف العلة، حيث يتعذر على اللسان أن تظهر الحركة عليه.
ويكون ذلك هنا مع الاسم المقصور، مثل: “الشُّورَى، الهُدَى” فالألف التي في آخر هذين الاسمين لا تقبل الحركة، ولك أن تجرِّب إظهار الحركة -ضمة أم فتحة أم كسرة- على هذين الاسمين، وإنك لن تستطيع النطق بها.
الثقل: هو -كما سبق في المضارع المعتل الآخر- صعوبة ظهور الحركة على حرف العلة؛ حيث يثقل على اللسان أن تظهر الحركة عليه، وإن كان يستطيع ذلك مع مشقة.
ويكون ذلك هنا مع الاسم المنقوص في بعض حالاته الإعرابية مثل: “الهادِي، القاضِي” فالياء التي في آخر هذين الاسمين يصعب نطقًا أن تشكل
بالضم، بأن يقال: “الهادِيُ، القاضِيُ” كما يصعب نطقًا أن تشكل بالكسر فيقال: “الهادِيِ، القاضِيِ”، فالنطق بذلك -وإن كان ممكنا- لكن فيه مشقة على اللسان، وهذا ما يسمى بالثقل.
المناسبة: وجود حركة لازمة في آخر الاسم المعرب لمناسبة اسم آخر متصل به، وتسمى هذه الحركة حركة المناسبة، ويترتب على وجودها الضروري ألا تظهر على آخر الاسم حركات الإعراب.
ويكون ذلك في المضاف لياء المتكلم، إذ تقتضي الياء -كما سبق- كسر آخر الاسم “المضاف” دائمًا لمناسبة الياء، مثل: “وطنِي، أسرتِي” حيث توجد في الكلمتين كسرة لازمة على “النون والتاء” لمناسبة الياء، فلا يستطاع نطقًا الإتيان معها بحركات الإعراب الأخرى، ضمة أم فتحة أم كسرة.
المصدر: النحو المصفى