وهذا الأمر غيّب عنا، ولم يتعلّق به كبير غرض، وإن أدلى به أحد بدلو، فإنه لن يصل إلى حدّ اليقين والاطمئنان، ومع هذا. فإنّ العلماء قد وقّعوا آراء حول هذا، أختار منها واحدا، ونرجع الأمر إلى الله سبحانه.


وهذا الرأي للبيهقي، ولعلّه أمثل الآراء من جهة أخذ جبريل عن الله تعالى.
يقول في معنى قوله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ[1]: [- يريد- والله أعلم- إنّا أسمعنا الملك، وأفهمناه إياه وأنزلناه بما سمع].


ويقويه ما أخرجه الطبراني عن النواس بن سمعان مرفوعا:
[إذا تكلّم الله بالوحي أخذت السماء رجفة شديدة من خوف الله فإذا سمع أهل السماء صعقوا، وخرّوا سجدا، فيكون أولهم يرفع رأسه جبريل، فيكلّمه الله بوحيه بما أراد، فينتهي به إلى الملائكة، فكلّما مرّ بسماء، سأله أهلها: ماذا قال ربنا؟
قال: الحق.
فينتهي به حيث أمر].
ودعي ما نزل به جبريل على سيدنا محمد، ب (قرآن. وسنة) ولكل منهما سماته، ووظائفه.

ما الذي نزل به جبريل؟
فقد نزل جبريل بالقرآن وبالسنّة.

أمّا القرآن:
فحكاه بلفظه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله وعاه، وحفظه، ثمّ حكاه، وبلّغه، ثم بينه وفسّره، ثم أمر بتطبيقه وتنفيذه.
قال الله تعالى ﴿ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ[2].


قال الله تعالى: ﴿ وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي[3].


قال الله تعالى: ﴿ وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ[4].


قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (44) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ[5].

 

[1] القدر (1).

[2] النمل/ 6/.

[3] الأعراف/ 203/.

[4] يونس/ 15/.

[5] الحاقة/ 44 – 47/.

ترك تعليق