الخطأ والغلط واللحن مسائل قديمة، صنف فيها علماء اللغة المتقدمون مؤلفات غير قليلة، ويرجع المخطئون في تخطئتهم الى الأصول في العربية وهي: القرآن الكريم، والحديث الشريف، وما يحتج به من الشعر العربي، وأقوال الفصحاء من العرب الذين صحت سلائقهم. وقد ظهر اللحن منذ أن كانت الفتوحات، واختلاط العجم بالعرب ومشافهتهم لهم، فتسرب اللحن شيئاً فشيئاً اى الألسنة وانتشر الخلل وفسدت السلائق، فظهر الخطأ في الإعراب، وفي نطق الحروف، وفي استعمالها، وفي الصرف، وفي الأسلوب. أما في هذا العصر فقد فشت الأخطاء، وثبتها ورسخها في الأذهان انتشار واسع لوسائل الإعلام. فبعدت الشقة العربية الصحيحة والناطقين بها. ولذلك ظهرت الحاجة الملحة الى استحداث دليل يشتمل على ما حوته تلك الكتب، ويهذبها ويرتبها، ويكون في متناول الناس، يجمع لهم ما تفرق، ويقرب لهم ما تباعد، ويخفف عنهم عناء البحث والتنقيب هنا وهناك. فجاء هذا الكتاب ليكون دليلاً عن الأخطاء الشائعة في الكتابة والنطق.
لدينا أزمةً في لُغتنا عندما نجد اللغة تتعثَّر بها أقلام الكتابة، وألْسِنة المتعلمين والمعَلِّمِين جميعًا، وعندما لا نستطيع أن نقرأ تُراثَها قراءةَ تَبَصُّر وفَهْمٍ، ولا نَقدر على تَمَثُّلِهِ واستيعابه والإفادةِ منه، وعندما يَضْعُف خيال الناطِقِينَ بها؛ فلا يُجِيدون في فَنِّها، وتَخْتَنِقُ اللغةُ في أيديهم وعلى شِفاهِهِم