«تكاثرت الأخطاء اللغوية في الأعوام الأخيرة، إلى حد صار الباحث لا يحتاج معه إلى طويل عناء، لاستحضار عدة كبيرة منها على البديهة، فما كدت ألجأ إلى الذاكرة لاستحضارها حتى جعلت تنهال على ذهني، فاجتمعت لي منها طائفة صالحة، ثم عن لي أن أشفعها بما أقرأ كل يوم في الصحف، وأسمع كل يوم وليلة من الإذاعات، وإذا بجمهرة كبيرة من الأغلاط اللغوية تحتشد أمامي، مما انحدر إلينا من الجيل الماضي، وما سبقه من أجيال مع ما ابتكره الجيل الحاضر، وهو أكثر، فبعد أن كنت أتقصى الأغلاط وأتصيدها، صرت لغزارتها أتخير منها ما يصلح أن يكون نموذجا لغيره، وأنبذ الباقي الوفير، تجنبا لما لا ضرورة له من الإطالة.
إن الكثيرين من اللغويين، حاولوا تصحيح الأغلاط اللغوية قديما وحديثا، حتى أصبحت الكتابة في الأمر أشه بقرض الكفاية، لا حرج على من أسقطه عن نفسه، وما كنت لأتصدى له لولا تكاثر الأخطاء الجديدة، التي ابتدعها الجيل الجديد، ولم يسبق أن نبه عليها الأسلاف، لأنها لم تظهر في زمانهم.