الحروف العاملة عمل ليس (ما – لا)
عرفنا أن “ليس” فعل ماض ناقص يفيد معنى النفي، ويدخل على الجملة الاسمية فيرفع المبتدأ ويسمى اسمه، وينصب الخبر ويسمى خبره.
وقد عرفت العربية أربعة حروف تقيد معنى النفي أيضًا وتعمل عمل ليس فترفع المبتدأ وتنصب الخبر، وهذه الحروف هي:
ما – لا – لات – إن.
1- ما:
وهي تعمل عمل “ليس” في لهجة الحجازيين؛ ولذلك تسمى ما الحجازية، ولا تعمل شيئًا في لهجة بني تميم وتسمى حينئذ ما التميمية، فتقول:
♦ ما زيد قائمًا.
ما: حرف نفي ناسخ مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
زيد: اسم ما مرفوع بالضمة الظاهرة.
قائمًا: خبرها منصوب بالفتحة الظاهرة.
♦ وتقول: ما زيد قائم.
ما: حرف نفي مبني على السكون لا محل له من الإعراب وهي مهملة هنا.
زيد: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.
قائم: خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.
ولكي تعمل “ما” لها شروط هي:
أ- أن يتأخر خبرها عن اسمها، فإن تقدم لا تعمل؛ فإذا قلت:
ما قائما زيد، لم يصح، بل لا بد أن تقول: ما قائم زيد، على الخبر المقدم والمبتدأ المؤخر، فإن كان خبرها شبه جملة جاز إعمالها، فتقول:
♦ ما في البيت أحد.
ما: حرف نفي ناسخ مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
في البيت: في حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب، والبيت اسم مجرور بفي وعلامة جره الكسرة الظاهرة، وشبه الجملة متعلق بمحذوف خبر ما.
أحد: اسم ما مرفوع بالضمة الظاهرة، ويجوز لك أن تعربها تميمية هنا، فتقول:
ما حرف نفي مهمل، في البيت: جار ومجرور، وشبه الجملة متعلق بمحذوف خبر مقدم، أحد: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
ب- ألا تقع بعدها “إن” الزائدة، فإن قلت: ما إن زيدٌ قائما، لم يصح، بل لا بد أن تقول:
♦ ما إن زيد قائم.
ما: حرف نفي مهمل مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
إن: حرف زائد مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
زيد: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.
قائم: خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.
جـ- ألا يقترن خبرها بكلمة “إلا” لأنها تنقض النفي المستفاد منها وتجعل معنى الجملة إثباتا، فإن قلت: ما محمد إلا رسولا، لم يصح، بل لا بد أن تقول:
♦ ما محمد إلا رسول.
ما: حرف نفي مهمل مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
محمد: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.
إلا: حرف استثناء ملغى مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
رسول: خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.
د- ألا يتقدم معمول خبرها على اسمها؛ فلك أن تقول: ما زيد قارئا كتابا.
لأن “كتابا” مفعول به لـ”قارئا” وهي خبر ما، أي أن معمول الخبر مؤخر، ولا يصح أن نقول: ما كتابا زيد قارئا.
أما إذا كان معمول الخبر شبه جملة جاز لك أن تقدمه على اسمها مع إعمالها أو إهمالها، فتقول: ♦ ما للشر أنت ساعيا.
ما: حرف نفي ناسخ مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
للشر: اللام حرف جر مبني على الكسر لا محل له من الإعراب، والشر اسم مجرور باللام وعلامة جره الكسرة الظاهرة. والجار والمجرور متعلق بخبر ما “ساعيا”.
أنت: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع اسم ما.
ساعيا: خبر ما منصوب بالفتحة الظاهرة.
ويجوز لك أن تقول:
♦ ما للشر أنت ساعٍ.
ما: حرف نفي مهمل.
للشر: جار ومجرور متعلق بالخبر “ساع”.
أنت: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.
ساع: خبر مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة منع من ظهورها الثقل.
♦ إذا جاء بعد خبرها معطوف وقبله حرف عطف يدل على الإيجاب امتنع نصب المعطوف؛ لأننا إذا نصبناه كان معنى ذلك أن النفي منصب عليه أيضا، فمثلا: ما زيد قائما بل جالس. أو ما زيد قائما لكن جالس.
في المثالين معطوف بعد الخبر هو كلمة “جالس” وقبله حرف عطف موجب، أي أنه يمنع النفي الذي تفيده كلمة “ما”، فإذا نصبنا هذا المعطوف كان معنى الجملة: أن زيدا ليس قائما ولا جالسا، وليس هذا هو المعنى المقصود، وفي هذه الحالة تعرب الجملة على النحو التالي:
ما: حرف نفي ناسخ مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
زيد: اسم ما مرفوع بالضمة الظاهرة.
قائما: خبر ما منصوب بالفتحة الظاهرة.
بل أو لكن: حرف عطف مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
جالس: خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو، مرفوع بالضمة الظاهرة.
♦ إذا اقترن خبرها بالباء التي هي حرف جر زائد، جاز لك إعرابها على الإعمال والإهمال، والأكثر إعرابها عاملة؛ لأنهم يرون أن إعمالها هو اللغة القديمة، وأن زيادة الباء في الخبر متطور عن لغة النصب، فنقول:
ما زيد بقائم.
ما: حرف نفي ناسخ مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
زيد: اسم ما مرفوع بالضمة الظاهرة.
بقائم: الباء حرف جر زائد، وقائم: خبر مرفوع مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
2- لا:
وهي أيضا حرف يفيد النفي، ويعمل عمل ليس في لهجة الحجازيين، وتهمل في لهجة بني تميم، فتقول:
♦ لا خير ضائعا.
لا: حرف نفي ناسخ مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
خير: اسم لا مرفوع بالضمة الظاهرة.
ضائعا: خبر لا منصوب بالفتحة الظاهرة، وعلى إهمالها تقول:
♦ لا خير شائع.
لا: حرف نفي مهمل مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
خير: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.
شائع: خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.
وهي تعمل عمل ليس بشروط، هي:
أ- أن يكون اسمها وخبرها نكرتين، فلا يصح عملها في اسم وخبر معرفتين، أو في اسم معرفة وخبر نكرة “إلا على وجه ضعيف” وعليه بيت المتنبي:
إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى
فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا
ب- أن يتأخر خبرها عن اسمها، فإن قلت: لا ضائعا خير، لم يصح، بل لا بد أن تقول:
لا ضائع خير.
جـ- ألا يقترن خبرها بإلا؛ لأنها تنقض النفي المستفاد منها، فإن قلت: لا خيرٌ إلا مثمرا. لم يصح، بل لا بد أن تقول:
♦ لا خيرٌ إلا مثمرٌ.
لا: حرف نفي مهمل مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
خير: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.
مثمر: خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.
د- لا يجوز تقديم معمول خبرها على اسمها كي لا يفصلها عنه فاصل.
فإن قلت:
لا مؤمن ظالما أحدا، كان استعمالك صحيحا لأن “أحدا” مفعول به لـ”ظالما” التي هي خبر لا، أما إذا قدمته على الاسم فقلت:
لا أحدا مؤمن ظالما. لم يصح.
فإن كان معمول الخبر شبه جملة جاز لك إعمالها وإهمالها، فتقول:
♦ لا عندك خيرٌ ضائعا.
لا: حرف نفي ناسخ مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
عندك: ظرف مكان منصوب بالفتحة الظاهرة، والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه، وشبه الجملة متعلق بخبر لا “ضائعا”.
خير: اسم لا مرفوع بالضمة الظاهرة.
ضائعا: خبر لا منصوب بالفتحة الظاهرة.
وعلى إهمالها تقول:
لا عندك خير ضائع. مبتدأ وخبر.
المصدر: التطبيق النحوي للدكتور عبده الراجحي