الغاز وطرائف نحوية (11)

دخل عمران بن حطان يوماً على امرأته وكان عمران قبيحاً دميماً قصيراً وقد تزينت وكانت امرأة حسناء.

فلما نظر إليها ازدادت في عينه جمالاً وحسناً فلم يتمالك أن يديم النظر إليها فقالت ما شأنك؟

قال لقد أصبحت والله جميلة.

فقالت أبشر فإني وإياك في الجنة.

قال ومن أين علمت ذلك؟

قالت لأنك أعطيت مثلي فشكرت وابتليت بمثلك فصبرت والصابر والشاكر في الج

الإعراب الديمقراطي:

سأل معلم التلاميذ: ما اعراب الولد في جملة جاء الولد وكان المفتش حاضرا

كانت الإجابات: فاعل. مبتدأ. مفعول به. . . . . .

كان المعلم يقول صحيح لكل إجابة ولما سأله المفتش عن سبب قبول كل الإجابات

قال المعلم: لقد عبر كل تلميذ عن وجهة نظرة وعلينا قبولها نحن في عهد الديمقراطية

ضربني يوسف فتعالجت له بكل شيء فلم أجد له شيئاً أصلح من هذا. وقال وقلت له يوماً: أخبرني عن هذا الذي وضعت يدخل فيه كلام العرب كله. قال: لا. قلت: فمن تكلم بخلافك واحتذى ما كانت العرب تكلم به أتراه مخطئاً؟ قال: لا. قلت: فما ينفع كتابك؟ وأما يونس بن حبيب فإنه بارعٌ في النحو من كتاب أبي عمرو بن العلاء وقد سمع من العرب كما سمع من قبله وقد روى عنه سيبويه وأكثر وله قياس في النحو ومذاهب يتفرد بها. وقد سمع منه الكسائي والفراء وكانت حلقته بالبصرة ينتابها أهل العلم وطلاب الأدب وفصحاء الأعراب والبادية.

وأخبرنا أبو بكر بن السراج قال: قال المبرد أخبرني أبو عثمان المازني: أن مروان بن سعيد بن عباد بن عباد بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة سأل الكسائي بحضرة يونس: أي شيء يشبه أي من الكلام؟ فقال: ما ومن. فقال له: فكيف تقول لأضربن من في الدار؟ قال لأضربن من في الدار. قال: فكيف تقول: لأركبنّ ما تركبُ؟ قال: لأَركبنّ ما تركب. قال: فكيف تقول ضربت من في الدار؟ قال: ضربتُ مَن في الدار. قال: فكيف تقول رَكبتُ ما ركبتَ؟ قال: ركبتُ ما ركبتَ. قال: فكيف تقول لأضربنّ أيهم في الدار؟ قال: لأضربن أيَّهم في الدار. قال: فكيف تقول ضَرِبتُ أيّهم في الدار؟ قال: لا يجوز. قال: لِمَ؟ قال: أيٌّ كذا خلقت. قال فغضب يونس وقال: تؤذون جليسنا ومؤدب أمير المؤمنين.

وحدثنا أبو بكر بن مجاهد قال حدثنا محمد بن الجهم قال حدثنا الفراء قال أنشدنا يونس النحوي:

رب حلم أضاعه عدم المـا ل وجهل غطا عليه النعميم

بتخفيف غطا وروى الأصمعي عن يونس قال: قال لي رؤية بن العجاج: حتام تسألني عن هذه البواطيل وأزخرفها لك أما ترى الشيب قد بلغ في لحيتك. قال أبو سعيد هذا صحف فيه ابن الأعرابي فقال بلغ بالغين وهو أحد ما أخذ عليه.

قال أبو سعيد: بلع الشيب إذا وقع فيه الشيب.

حدثنا ابن مجاهد قال حدثنا أحمد بن يحيى قال حدثنا محمد بن سلام قال حدثنا يونس قال: كنا على باب ابن عمير فمرت بنا امرأة يدفع بعضها بعضاً كأنها خلفة فما لبثنا أن أقبل فتى من قريش عليه قميص قوهي ورداء فلما رآنا ارتدع فقلنا: هاهنا طلبتك. فتبعها وقال:

إذا سلكت قصد السبيل سلـكـتـه وإن هي عاجت عجت حيث تعوج

وبهذا الإسناد قال يونس تقول العرب: الآل من غدوة إلى ارتفاع الضحى الأعلى ثم هو سرابٌ سائر اليوم وإذا زالت الشمس فهو فيء وغدوة ظل. وأنشد لأبي ذؤيب.

لعمري لأنت البيت أكرم أهله وأقعد في أفيانه بالأصـائل

وكان كذا وكذا الليلة يقولون ذاك إلى ارتفاع الضحى وإذا جاوز ذاك قالوا كان البارحة. وعنه بهذا الإسناد قال كان عبد الملك بن عبد الله ينشد:

إذا أنت لم تنفع فضر وإنـمـا يرجى الفتى كيما يضر وينفعا

وذكر عمر بن شبة عن خلاد بن يزيد عن يونس النحوي قال: ثلاثة والله أشتهي أن أمكن من مناظرتهم يوم القيامة آدم عليه السلام فأقول له قد مكنك الله من الجنة وحرم عليك شجرة فقصدت لها حتى ألقيتنا في هذا المكروه ويوسف عليه السلام أقول له كنت بمصر وأبوك عليه السلام بكنعان بينك وبينه عشر مراحل يبكي عليك لِم لَم ترسل إليه إني في عافية وتريحه مما كان فيه من الحزن وطلحة والزبير أقول لهما علي بن أبي طالب عليه السلام بايعتهماه بالمدينة وخلعتماه بالعراق لم أي شيء أحدث.

وأما الخليل بن أحمد أبو عبد الرحمن الفراهيدي الأزدي فقد كان الغاية في استخراج مسائل النحو وتصحيح القياس فيه وهو أول من استخرج العروض وحصر أشعار العرب بها وعمل أول كتاب العين المعروف المشهور الذي به يتهيأ ضبط اللغة. وكان من الزهاد في الدنيا والمنقطعين إلى العلم ويروى عنه أنه قال: إن لم تكن هذه الطائفة يعني أهل العلم أولياء لله فليس لله ولي. وقد كان وجه إليه سليمان بن علي من الأهواز وكان واليها يلتمس منه الشخوص إليه وتأديب أولاده ويرغبه ويقال إن الذي وجه إليه سليمان بن حبيب بن المهلب من أرض السند يستدعيه إليه. وكان بالبصرة فأخرج الخليل إلى رسول سليمان بن علي خبزاً يابساً وقال: ما عندي غيره وما دمت أجده فلا حاجة لي في سليمان، فقال الرسول: فماذا أبلغه عنك؟ فأنشأ يقول:

أبلغ سليمان أني عنك في سـعة وفي غنى غير أني لست ذا مال

سخا بنفسي أنـي لا أرى أحـداً يموت هزلاً ولا يبقى على حال

وكان الخليل يقول الشعر البيتين والثلاثة ونحوها في الآداب كمثل ما يروى له:

لو كنت تعلم ما أقول عذرتني أو كنت أجهل ما تقول عذلتكا

لكن جهلت مقالتي فعذلتـنـي وعلمت أنك جاهل فعذرتكـا

وكما يروى له في الزهد:

وقبلك داوى المريض الطبيب فعاش المريض ومات الطبيب

فكن مستعداً لداعي الـفـنـى فإن الـذي هـو آت قـريب

والخليل أستاذ سيبويه وعامة الحكاية في كتاب سيبويه عن الخليل وكل ما قال سيبويه: وسألته أو قال من غير أن يذكر قائله فهو الخليل.

وممن أخذ عن أبي عمرو بن العلاء أبو محمد يحيى بن المبارك اليزيدي نسب إلى يزيد بن منصور خال المهدي لصحبته إياه وليس هو في النحو من طبقة الخليل ولا من طبقة سيبويه والأخفش وتأخر موته وكان مؤدب المأمون والكسائي مؤدب أخيه محمد الأمين وبينه وبين الكسائي مقارضة بسبب تأديبهما الأخوين. وله قصيدة يمدح نحويي البصرة ويهجو الكسائي وأصحابه. منها:

يا طالبَ النحو ألا فابـكـهِ بعد أبي عمرو وحـمـاد

وابن أبي إسحاق في علمه والزين في المشهد والنادي

عيسى وأشباه لعيسى وهل يأتي لهم دهـرٌ بـأنـداد

هيهات إلا قائلاً عـنـهـم أرسوا له الأصل بأوتـاد

فهو بمنهاجـهـم سـالـك لفضلهم ليس بـجـحـاد

ويونس النحوي لا تنـسـه ولا خليلاً حـية الـوادي

وقل لمن يطلب علمـاً ألا نادٍ بأعلـى شـرفٍ نـاد

يا ضيعة النحو به مغـربٌ عنقاء أودت ذات اصعـاد

أفسـده قـومٌ وأزروا بـه من بين أغـتـامٍ وأوغـاد

ذوى مراء وذوى لـكـنةٍ لئام آبـــاد وأجـــدادِ

لهم قياس أحدثوه هم=قياس سوء غير منقاد

فهم من النحو ولو عمروا أعمار عادٍ في أبي جاد

أما الكسائي فذاك امـرؤ في النحو حارٍ غير مراد

وهو لمن يأتيه جهلاً به مثل سراب البيد للصاد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقالات مشابهة:

ترك تعليق