أخطاء النفي والإضافة
أخطاء النفي:
أ- النفي “بلا”:
إذا أريد نفي الفعل الماضي وجب نفيه بما. ولا يصح استخدام “لا” إلا إذا تكررت مثل قوله تعالى: ﴿ فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ﴾، أو كانت معطوفة على نفي سابق مثل: ما جاء الضيف، ولا اعتذر. أما إذا نفي الماضي بلا في غير هاتين الحالتين، فإنها تفيد الدعاء كما في قوله تعالى: ﴿ فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ، فَكُّ رَقَبَةٍ ﴾، وكما في قولنا: “لا زال فضلك غامرًا”.
وعلى هذا يبدو خطأ ما شاع في لغة الإعلام من مثل:
– لا زال العلماء يواصلون البحث”، والصواب: “ما زال العلماء يواصلون البحث”.
– لا زال كثير من الإفريقيين في حاجة إلى معونة عاجلة لإنقاذهم من الموت جوعًا” والصواب: “ما زال كثير من الإفريقيين … “.
– ثلاثة شهور مضت ولا زال الموقف العراقي كما هو:
ويمكن إبقاء حرف النفي “لا” كما هو لكن مع تحويل الفعل الماضي إلى المضارع فيقال: “لا يزال العلماء يواصلون البحث” … إلخ.
لأن “لا” تستخدم لنفي الفعل المضارع دون شرط التكرار.
ب- نفي المستقبل:
من المعروف أنه إذا أريد الدلالة على المستقبل المثبت جاز استعمال السين “إذا كان المستقبل قريبًا”، أو سوف “إذا كان المستقبل بعيدًا”.
أما إذا أريد الدلالة على المستقبل المنفي فالأداة الواجب استخدامها هي “لن” وبعبارة أخرى يمكن أن يقال: إن نفي “سوف يفعل” هو “لن يفعل”.
وعلى هذا يبدو خطأ ما شاع في لغة الإعلام من استخدام سوف مع حرف النفي كما يبدو من الأمثلة الآتية:
ج- استخدم “أبدا” لتأكيد النفي في الماضي:
المعروف في لغة العرب أنه إذا أريد تأكيد النفي في الماضي استخدم الظرف “قط”، وإذا أريد تأكيده في المستقبل استخدم الظرف “أبدا”[1]، كما في قوله تعالى: ﴿ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا ﴾ .
وبهذا يتضح الخطأ في قول القائل:
– لم تنجح أبدًا محاولات العلماء….
– لم تستخدم أبدًا هذه الأسلحة، ولن تستخدمها.
وصوابها: “لم تنجح قط … “، “لم تستخدم قط هذه الأسلحة … “[2].
6- أخطاء الإضافة:
لي أربع ملاحظات على أسلوب الإضافة في لغة الإعلام، وهي:
أ- كثرة توالي الإضافات مع كراهية اللغة العربية لهذا وفرارها منه.
ب- تعريف صدر التركيب الإضافي “المضاف” فيما يجب فيه تعريف المضاف إليه.
ج- توهم إكساب الإضافة اللفظية إلى ما فيه “أل” تعريف المضاف.
د- العطف على المضاف وتأخير المضاف إليه.
وإليكم التمثيل والشرح:
أ- كثرة توالي الإضافات:
تفر اللغة العربية من توالي الإضافات، ولذا ينصح المتكلم أو الكاتب بمحاولة كسر هذا التتابع بأي وسيلة من الوسائل. فبدلا من أن تتوالى الإضافات هكذا: “زيادة رءوس أموال بعض البنوك” يمكن أن يقال: “زيادة رءوس الأموال لبعض البنوك” أو “الزيادة في رءوس أموال عدد من البنوك”[3].
ومن الأمثلة التي التقطتها من لغة الإعلام:
– إجراءات تسهيل عبء ديون دول العالم الثالث.
– صور تطوير تعامل دول مجلس التعاون الخليجي.
– مؤتمر وزراء إعلام دول العالم الثالث.
– أسعار صرف أوراق بنكوت العملة الأجنبية.
ويلاحظ أن القرآن الكريم حين أراد تجنب توالي الإضافات قال: ﴿ وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ ﴾ .
ب- تعريف التركيب الإضافي:
القاعدة في هذا إدخال “أل” التعريف على المضاف إليه. ولكن شاع في لغة الإعلام الخروج على هذه القاعدة في مسألتين:
1- لفظ “غير” كما يبدو من الأمثلة الآتية:
وهذا النوع من الإضافة خطأ لا يقبل التصحيح:
2- ألفاظ العدد التي يأتي تمييزها مضافًا إليه، كما يبدو من الأمثلة الآتية:
ولما كان إدخال الألف واللام هنا على المضاف إليه دون المضاف يبدو غير مستساغ في أذن السامع، وغريبًا على لسان المتكلم فمن الممكن أن نأخذ برخصة التقديم والتأخير فنقول: السنوات الثلاث والأيام الألف … أو أن نأخذ بإجازة بعض النحاة له استنادًا إلى وروده في الحديث النبوي. وقد انتصر المجمع اللغوي لهذا الرأي فأصدر قراره التالي: يجوز إدخال “أل” على العدد المضاف دون المضاف إليه مثل الخمسة كتب، والمائة صفحة، والألف كتاب..”.
ج- الإضافة اللفظية والإضافة المحضة:
الإضافة نوعان: لفظية، وهي إضافة الوصف المشابه للفعل المضارع إلى معموله، وهذه لا تفيد الاسم الأول تخصيصًا ولا تعريفًا. ومحضة، وهي ما سوى النوع الأول، وهذه تفيد الاسم الأول تخصيصًا إن كان المضاف إليه نكرة وتعريفًا إن كان المضاف إليه معرفة.
والذي يهمنا النوع الأول المسمى بالإضافة اللفظية أو غير المحضة. وقد حصرها النحاة في اسم الفاعل واسم المفعول إذا كانا بمعنى الحال أو الاستقبال، وفي الصفة المشبهة مطلقًا. ولكون هذه الإضافة لا تفيد تعريفًا فإنها لا يصح أن تقع صفة لمعرفة. وعلى هذا يظهر الخطأ في قول القائل:
– تشارك فيه الدول الخمس دائمة العضوية.
وصوابه: “الدول الخمس الدائمة العضوية”، بتعريف الطرفين. ويمكن تخريج مثل هذا على البدل لا على النعت، وبذا يصح نحويًّا.
د- العطف على المضاف وتأخير المضاف إليه:
القاعدة النحوية أنه إذا أريد العطف على المضاف فلا يعطف إلا بعد استكمال المضاف إليه، وإن كان سمع عن الفرزدق قوله:
بين ذراعي وجبهة الأسد
المصدر: أخطاء اللغة العربية المعاصرة عند الكتاب والإذاعيين
[1] في اللسان: أما “قط” فإنه هو الأبد الماضي.
[2] أجاز مجمع اللغة العربية بالقاهرة استخدام “أبدًا” مع الماضي استنادًا إلى قول المتنبي:
لم يخلق الرحمن مثل محمد … أبدًا وظني أنه لا يخلق
مع اعترافه بأن هذا الاستخدام مولد. ولست أرى حاجة إلى تصويب هذا الاستخدام والترويج له.
[3] لم يأت توالي الإضافات في لغة العرب إلا في أمثلة قليلة عابها النحاة، كقول الشاعر:
حمامة جرعى حومة الجندِل اسجعي … فأنت بمرأى من سعاد ومسمع
3 Comment