ما ألحق بالمثنى من الأسماء
المقصود من الإلحاق -عموما- ورود كلمات في اللغة تعرب إعراب ما ألحقت به، لكنها لم تستوف شروطه ا. هـ. ويتحقق هذا في ثلاثة من أبواب الإعراب الفرعي هي: “المثنى وجمع المذكر السالم وجمع المؤنث السالم” وسيأتي شرح الأسماء الملحقة بكل واحد من الأخيرين في موضعه. والمقصود -إذن- من الإلحاق بالمثنى ورود كلمات في اللغة لها صورة المثنى وتعرب إعرابه بالألف رفعا وبالياء نصبا وجرا، لكنها ليست مثناة حقيقة لفقدان بعض شروط الاسم الذي يصح تثنيته، فهي إذن ملحقة بالمثنى لا مثناة. والأسماء الملحقة أربع مجموعات هي:
المجموعة الأولى: هذان، هاتان، اللذان، اللتان:
ومفرداتها على الترتيب هي: “هذا، هاتِه، الذي، التي” فالأولان من أسماء الإشارة، والأخيران من الأسماء الموصولة، وكل من أسماء الإشارة والأسماء الموصولة مبني، وقد اشترط فيما يثنى -كما سبق- أن يكون معربا فهذه الأسماء إذن ليست مثناة حقيقة، ولكنها وردت معربة إعراب المثنى فهي ملحقة به.
♦ جاء في القرآن: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} من الآية 19 من سورة الحج..
♦ جاء في القرآن: {رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} من الآية 29 من سورة فصلت..
المجموعة الثانية: اثنان واثنتان:
هاتان الكلمتان لا مفرد لهما على الإطلاق، فليستا من المثنى حقيقة لكنهما وردتا معربتين إعرابه، فهما ملحقتان به.
♦ جاء في القرآن: {فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً} من الآية 60 من سورة البقرة..
♦ وجاء في القرآن: {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} من الآية 14 من سورة يس..
المجموعة الثالثة: كلا، كلتا:
هاتان الكلمتان أيضا لا مفرد لهما، فليستا من المثنى، بل هما ملحقتان بالمثنى؛ لورودهما معربتين إعرابه بالألف رفعا وبالياء نصبا وجرا، تقول: “صاحبت صديقيَّ كليهما الليلة” وتقول: “اشتركت في الرحلتين كلتيهما” لكن حول هاتين الكلمتين ينبغي التنبه للملاحظتين المهمتين الآتيتين:
الأولى: أن هاتين الكلمتين تعربان إعراب المثنى إذا أضيفتا إلى الضمير فقط، أما حين تضافان للاسم الظاهر فإنهما تلزمان الألف وتعربان بالحركات المقدرة على الألف مثل الأسماء المقصورة، فلنلاحظ الأمثلة الآتية: الصّفتان -المروءةُ والوفاء- كلتاهما حميدتان، “مرفوع بالألف ملحق بالمثنى مضاف للضمير”. كلتا الصفتين -المروءةُ والوفاءُ- حميدتان، “مرفوع بالضمة المقدرة على الألف مضاف للظاهر” في الحياة النجاح والفشل، وقد خضت التجربتين كلتيهما، “منصوب بالياء ملحق بالمثنى، مضاف للضمير” في الحياة النجاح والفشل وقد خضت كلتا التجربتين، “منصوب بالفتحة المقدرة على الألف مضاف للظاهر”.
الثانية: أن هاتين الكلمتين -سواء أضيفتا للضمير أم الظاهر- لفظهما مفرد ومعناهما مثنى، فلهما جانبان: الإفراد والتثنية. ويترتب على ذلك أنهما إذا وقعتا مبتدأ وأخبر عنهما، فإن الخبر يصح فيه الإفراد مراعاة للفظهما، ويصح التثنية مراعاة لمعناهما، ويصح هذان الأمران أيضا إذا عاد عليهما ضمير في كلام لاحق لهما، فلنلاحظ الأمثلة: إن الصديقين متفاهمان وكلاهما متفق مع الآخر. “كلمة: متفق، مفردة مراعاة للفظ”. إن الصديقين متفاهمان وكلاهما متفقان. “كلمة: متفقان، مثناة مراعاة للمعنى”.
♦ جاء في القرآن: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً} من الآية 33 من سورة الكهف.. جاءت الآية “آتَتْ” بإفراد الضمير المستتر، ولم تجئ “آتَتَا” بالتثنية.
♦ قال عبد الله بن معاوية:
كلانا غَنِيٌّ عن أخيه حياته … ونحن -إذا مُتنا- أشد تغانِيَا[1]
فجاءت كلمة “غني” خبرا مفردا مراعاة للفظ المبتدأ، ولو راعى المعنى لقال: “غنيان”.
المجموعة الرابعة: ما سمى بالمثنى
ويقصد بذلك أن يطلق المثنى على أحد الأشخاص، فيكون اسما له مثل: “محمدين، حسنين، عزين” فهذه الأسماء مثناة في اللفظ، ولكنها تطلق على المفرد فمعناها غير مثنى، ولذلك لم تكن مثناة وإنما ألحقت بالمثنى، فترفع بالألف وتنصب وتجر بالياء بناء على هذا الاعتبار السابق. والذي أراه -إن لم يجانبني الصواب- أن هذه الأسماء المثناة التي سمي بها يجب أن تلتزم نطقها -حين أطلقت على الأشخاص- وتعرب بالحركات الأصلية على آخرها بالضمة رفعًا وبالفتحة نصبًا وبالكسرة جرًّا فتقول: “اسمِي محمدٌ واسمُ أخي محمدينُ” بضم النون رفعا، وتقول: “يُطلق القرويون على أبنائهم الاسمَ حسنينَ” بفتح النون نصبا، إذ إن هذه الألفاظ المثناة بعد استعمالها أعلاما لا يكاد الناطق بها يلتفت إلى معناها المثنى، فكأنما صارت علما مفردا كسائر الأعلام المفردة، وهي لا تنون نظرا لأصلها قبل التسمية.
المصدر: النحو المصفى
1 تعليق