المثنى
1- المقصود بالمثنى وكيفية إعرابه
2- صفات الاسم الذي يصح تثنيته
3- ما ألحق بالمثنى من الأسماء
المثنى وكيفية إعرابه:
نزل الفريقان أرْضَ الملعب.
ولعبا الشَّوطين بجهد وافر.
وفاز فريقُنا بهدفين لهدفٍ واحد.
الكلمات “الفريقان، الشوطين، هدفين” كلمات مثناة، ومثلها ما لا يكاد يحصى من الكلمات مثل: “الصديقان، الوفيان، البحران، النّهران، الكتابان، الصفحتان، الزميلان، الزميلتان”.
فالمثنى يقصد به كل اسم دلَّ على اثنين أو اثنتين وأَغنى عن المتعاطفين بزيادة ألف ونون أو ياء ونون في آخره ا. هـ.
وعلى ذلك فإن المثنى هو ما اجتمعت له الصفات الثلاث الآتية:
أ- أن يدل على اثنين أو اثنتين. “الصديقان، الصديقتان” لا فرق بين المذكر والمؤنث، فكل منهما يأتي مثنى.
ب- أن يغني عن المتعاطفين، وذلك أن يكون ذكر المثنى اختصارا لمفردين يعطف كل منهما على الآخر فبدلا من أن نقول: “فريق وفريق” تغني عنهما “فريقان” وبدلا من أن نقول: “هدف وهدف” تغني عنهما “هدفان”.
ج- أن يأتي في آخره ألف ونون زائدتان أو ياء ونون زائدتان وهذه الزيادة هي التي أفادت التثنية، وأغنت عن إطالة الكلام بالمفردات المتعاطفة.
والمثنى يرفع بالألف وينصب ويجر بالياء المفتوح ما قبلها المكسور ما بعدها، ففي المثال “نزل الفريقان أرض الملعب” كلمة “الفريقان” فاعل مرفوع بالألف، وفي المثال “لعبا الشوطين بجهد وافر” كلمة “الشوطين” ظرف زمان منصوب بالياء، وفي المثال الأخير “فاز فريقنا بهدفين” كلمة “هدفين” مجرورة بالياء.
هذا هو الأصل في إعراب المثنى، وهو اللغة الفصحى المشهورة التي ينبغي لنا اتباع نهجها والنطق على أساسها.
لكن ينبغي أن نتذكر هنا مرة أخرى ما سبق من أن النحاة جمعوا اللغة من قبائل متعددة، ومما نقلوه أن بعض القبائل تنطق المثنى بالألف دائما رفعًا ونصبًا وجرًّا، وروي من ذلك الشواهد الآتية:
– قول المتلمس:
فأطْرَقَ إطراقَ الشُّجاع ولو رأى … مسَاغًا لنَابَاهُ الشُّجاعُ لصَمَّما[1]
– قول آخر:
تزودَ منَّا بين أذْنَاهُ طعنةً … دعتْه إلى هَابِي الترابِ عقيمَ[2]
والذي أراه أن هذه لغة ضعيفة لا يعوَّل عليها، وينبغي معرفتها فقط دون النطق على أساسها.
صفات الاسم الذي يصح تثنيته:
ليست كل الأسماء في اللغة صالحة للتثنية، فالاسم الذي يثنى تتوافر له صفات خاصة يمكن فهم معظمها من المسلك العملي الذي تأتي عليه الأسماء المثناة، وأهم هذه الصفات -باختصار- هي:
1- أن يكون مفردا: وهذا بدهي، فإن المثنى لا يثنى مرة أخرى وكذلك الجمع.
2- أن يكون معربا: وهذا أيضًا بدهي، فإن الأسماء المبنية -كما سيأتي- لا تتغير، فهي لا تثنى، أما الكلمات “هذان، هاتان، اللذان اللتان” فهي ملحقة بالمثنى لا مثناة.
3- أن يكون نكرة: مثل “ورقة، شجرة” نقول “ورقتان شجرتان” لكن الأعلام مثل “محمد، عمر، عليّ” تثنى، فنقول: “محمدان، عمران، عليَّان” وكذلك الأسماء التي بها الألف واللام مثل “الشوط، الطريق” تقول: “الشوطان، الطريقان” فكيف يستقيم هذا الشرط مع ذلك؟
يتصور أهل صنعة النحو أن هذه الأعلام قبل تثنيتها شملها التنكير بمعنى أن الاسمين “محمد، محمد” قبل تثنيتهما اختلط كل منهما بالآخر بحيث لا يتميز هذا من ذاك ثم حدثت التثنية.
وبالمثل يتصور أن كلمة: “الشوطان” ليست تثنية “الشوط” المقترن بالألف واللام، بل هي تثنية “شوط” النكرة، ثم دخلت عليه الألف واللام.
والحق أن هذا تكلف لا داعي إليه، وأن المثنى -فيما أعتقد- يأتي للنكرات والمعارف دون تفريق.
4- ألا يكون مركبا: سواء أكان مركبا مزجيا مثل “مَعْدِيكَرب” أو إسناديا مثل “جادَ الربُّ” أو إضافيا مثل “عبد الله” فهذه كلها لا تثنى بطريقة مباشرة، بل هناك وسائل لتثنيتها كالآتي:
أ- المركب المزجي والإسنادي حين التثنية تسبقهما كلمة “ذَوَا” مع المذكر، أو “ذَوَاتَا” مع المؤنث وتبقى الكلمة المركبة دون تثنية، فيقال “ذَوَا مَعْديكرب” أو “ذَوَا جَادَ الرّب”.
ب- المركب الإضافي تثنى الكلمة الأولى منه، فنقول “عَبْدَا الله”.
5- أن يكون المفردان اللذان يكوّنان المثنى متفقين في اللفظ والمعنى وهذا بدهي، فلا يثنى مثلا “فاطمة، سامية” لاختلافهما لفظا ومعنى.
6- أن يكون المفرد الذي يثنى له نظير مماثل، وهذا أيضًا بدهي، فلا يثنى الشيء المفرد مثل: “الله، الأرض، الشمس، القمر” فوجود شيئين متشابهين ضروري للتثنية.
تلك أهم الصفات الضرورية في الاسم الذي يثنى، وهي في عبارة واحدة”أن يكون مفردا معربا منكرا غير مركب، وله مماثل متفق معه في اللفظ والمعنى”
ومعظم هذه الشروط بدهي يمكن استنتاجه دون ذكره.
المصدر: النحو المصفى
[1] الشجاع: في أحد معانيه: ذكر الحيات، المساغ: المدخل السهل، صمم -كما يقول القاموس- من معانيها: عض الناب.
ومعنى البيت: أن الشخص الذي يتحدث عنه صبر على مضض ولو وجد وسيلة يهاجم منها عدوه لسلكها، فهو كالحية الذكر في إطراقها وصبرها على من تهاجمه ولو وجدت مدخلا لمهاجمته لعضته بنابها.
والشاهد في البيت: قوله: “لناباه” في الشطر الثاني، فإن “النابان” مثنى وهي مجرورة باللام، ومع ذلك لزمت الألف على اللغة التي تلزمه الألف دائما.
[2] هابي التراب: التراب الدقيق الناعم، عقيم: يقال: طعنة عقيم إذا كانت نافذة.
وخلاصة المعنى: يصف رجلا من أعدائهم قتل، فيقول: لقد نال منا طعنة نافذة ألقته ميتا على التراب وبين التراب.
والشاهد في البيت: قوله “أذناه” فإنه مثنى وهو مضاف إلى كلمة “بين” وقد لزم الألف على لغة من يلزمه الألف دائما.