المؤلف: د أحمد مختار عبد الحميد عمر
أخطاء الجمع:
لاحظت وجود أخطاء في لغة العصر تتعلق بالجموع الثلاثة: الجمعين السالمين وجمع التكسير. ومن الممكن تصنيف هذه الأخطاء على النحو التالي:
أ- أخطاء في ضبط عين فَعْلة المجموعة جمع مؤنث سالمًا.
ب- أخطاء في ضبط فاء فِعْلة المجموعة جمع مؤنث سالمًا.
ت- الخطأ في جمع المقصور أو الممدود جمع مؤنث سالمًا.
ث- الخلط بين جمع التكسير وجمع المؤنث السالم.
ج- الجمع بين المفرد وجمع المؤنث السالم.
ح- و أخطاء في جمع المفرد جمع تكسير.
خ- الخطأ في جمع المقصور جمع مذكر سالمًا.
د- جموع أخرى خاطئة.
أ- أخطاء في ضبط عين فَعْلة المجموعة جمع مؤنث سالمًا:
تقول القاعدة الصرفية إنه إذا كانت “فَعْلة” صحيحة العين، فإنها عند جمعها جمع مؤنث سالمًا يجب تحريك عين الكلمة بالفتح إتباعًا لفائها.
أما إذا كانت “فَعْلة” معتلة العين فإنه يمتنع تحريكها بالفتح وتظل ساكنة، وقد لاحظت مخالفة هاتين القاعدتين بكثرة في أجهزة الإعلام المسموعة، كما يبين من الجدولين الآتيين:
فَعْلة صحيحة العين:
فعلة معتلة العين:
ب- أخطاء في ضبط فاء فِعْلة المجموعة جمع مؤنث سالمًا:
حين تجمع فِعْلة جمع مؤنث سالمًا فإن فاءها لا يتغير ضبطها، أما عينها فتبقى ساكنة كما هي، ويجوز فيها الفتح، والإتباع لحركة الفاء. ولكنني لاحظتخروج كثير من المذيعين على هذه القاعدة عن طريق ضبط فاء الكلمة بالفتح كما يبين من الأمثلة الآتية:
ج- الخطأ في جمع المقصور أو الممدود جمع مؤنث سالمًا:
تكرر الخطأ في كلمتين اثنتين هما:
1- مُشْتَرَوات، وصحتها مُشْتَرَيَات؛ لأن المفرد: مُشْتَرًى، فَحَقُ ألفه أن تبدل ياء في الجمع؛ لأنها خامسة في الكلمة[1]. وعلى هذا يظهر خطأ “صوت العرب” في قوله في إحدى نشراته: “على رأس قائمة المشتروات التي يسعى العراق للحصول عليها”[2]
2- خُضْرَوَات، وصحتها: خَضْرَاوَات، وفي الحديث النبوي: “ليس في الخَضْرَاوَاتِ صدقة”. ويطلق على الأخضر من البقول: خَضْرَاء، وتجمع على خَضْرَاوَات، وخُضْرَة، وتجمع على خُضَر، وخُضَارَة، وتجمع على خُضَار، فيجب أن تستخدم وزارة التموين واحدًا من الجموع الثلاثة الأخيرة الصحيحة بدلا من الجمع الخاطئ.
د- الخلط بين جمع التكسير وجمع المؤنث السالم:
المعروف أن جمع التكسير ينصب بالفتحة، وأن جمع المؤنث السالم ينصب بالكسرة. ولكن لاحظت وقوع خلط بين النوعين، وبخاصة في معاملة جمع المؤنث معاملة جمع التكسير، ونصبه بالفتحة.
كذلك يقع الخلط بصورة عكسية، أي عن طريق معاملة جمع التكسير معاملة جمع المؤنث السالم، ونصبه بالكسرة.
هـ- الخلط بين المفرد وجمع المؤنث السالم:
كثر الخلط في بعض المفردات التي تنتهي بتاء مربوطة أو مفتوحة على توهم أنها من جمع المؤنث السالم، فبدلا من نصبها بالفتحة نصبت بالكسرة. وقد ورد هذا الخلط في ثلاث كلمات هي:
و أخطاء جمع المفرد جمع تكسير:
تنوعت أخطاء هذا الجمع فشملت:
1- جمع ما قبل آخره مد:
تفرق القاعدة الصرفية بين المد الزائد، وهذا يبدل همزة في الجمع مثل صحيفة وصحائف، والمد الأصلي، وهذا يظل دون تبديل مثل معيشة ومعايش[3]. ولكنني سمعت في إذاعة القاهرة: منطقة المضائق، وواضح أن المفرد مضيق وأن الياء أصلية. ولذا يجب أن تبقى كما هي دون إبدال، أي مضايق. ومثل مضيق كلمات: مصيف، ومصير، ومكيدة، التي يجب أن تجمع على: مصايف، ومصاير، ومكايد[4].
2- جمع أَفْعَل على فُعَلاء:
القاعدة الصرفية تقضي بجمع “أفعل” الصفة على “فُعْل” جمع تكسير، مثل أحمر وحُمْر، وأبكم وبُكْم: وفي القرآن الكريم: ﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْي ﴾ .
ولكن جاء في مقال لكاتب كبير من كتاب الأهرام الدائمين ما يأتي: “وعلى مرمى طوبة زمن منا ونحن لا نعيه، بُلَهَاء لا ندركه”. فجمع أَبْلَه على بُلَهَاء، وهذا خطأ صحته: بُلْهٌ لا ندركه.
ولم يطرد الجمع فُعَلاء إلا في وزن “فَعِيل” بشروط، كما لم يرد “بُلَهَاء” فيما رواه العلماء من شواذ هذا الجمع[5].
ز- الخطأ في جمع المقصور جمع مذكر سالمًا:
إذا جمع المقصور جمع مذكر سالمًا حذفت ألفه وبقي الفتح للدلالة عليها، قال تعالى: ﴿ وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين ﴾، وقال: ﴿ وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنْ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَار ﴾.
وعلى هذا يظهر خطأ من قرأ الجملتين الآتيتين بضم ما قبل واو الجمع:
– “أنتم مستدعُونَ للتشاور”.
– “ستظلون مستبقِين حتى تظهر براءتكم”.
– “والصواب فيهما: مستدعَوْن، مستبقَيْنَ”.
ح- جموع أخرى خاطئة:
مما يشيع في أجهزة الإعلام من جموع خاطئة جمعهم “وَفَاة” على “وفِيَّات” في عبارات مثل: زيادة معدل المواليد ونقص معدل الوَفِيَّات، وصفحة الوَفِيَّات. وواضح أن هذا خطأ صوابه: وَفَيَات، بحذف تاء التأنيث في المفرد وإبدال ألفه ياء.
ومما يشيع كذلك جمع “وادٍ” على “وديان” كما جاء في إحدى الصحف “وتتصارع هذه الوديان” والصواب “أودية”.
ويشيع كذلك جمع “كُفْء” على “أكِفَّاء”. وقد سمعت أحد المعلقين في برنامج أدبي إذاعي يعلّق على قصيدة أرسلها إلى البرنامج مدرسٌ شاعرٌ- سمعته يعلّق بقوله: “نحن في حاجة إلى مدرسين أكِفَّاء لا أنصاف شعراء”، وهو يعني مدرسين ذوي كفاءة أو كفاية في العمل، ولا يعني مدرسين غير مبصرين؛ لأن “أكِفَّاء” جمع “كفيف” لا “كفء”.
المصدر: أخطاء اللغة العربية المعاصرة عند الكتّاب والإذاعيين
[1] تنطبق القاعدة على الألف الرابعة فصاعدًا.
[2] نشرة الواحدة والنصف “10/ 1/ 91”.
[3] وفي القرآن الكريم: ﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ ﴾، وإن كان بعض السبعة قد قرأها: معائش.
[4] سوى المجمع بين المد الأصلي والمد الزائد، ولكن دون إنكار أن التفرقة هي اللغة الفصحى.
[5] انظر: الفيصل في ألوان الجموع ص71 وما بعدها. وقد قال الزبيدي في تاج العروس مستدركًا على الفيروزآبادي: “البُلَهَاء، ككرماء، البُلَدَاء” مُوَلَّدة.
جزاكم الله خيرا
جزاكم الله خيري الدنيا والآخرة