النصب على الصرف مذهب الكوفيين
النصب على الصرف مذهب الكوفيين
يقول الفراء عن النصب على الصرف[1]: “أن تأتي بالواو معطوفة على كلام في أوله حادثة، ولا تستقيم إعادتها على ما عُطف عليها، فإذا كان كذلك فهو الصرف كقوله:
لا تَنهَ عن خُلق وتأتيَ مثله ![]() ………………… ![]()
![]() ![]() |
ألا ترى أنه لا يجوز إعادة (لا) في تأتي مثله، فلذلك سُمي صرفًا”[2]، وبهذا قال أتباع الكوفيين[3].
وقد أشار الزجاج إلى هذا المذهب وقال: “هو الذي يسميه بعض النحويين الصرف”[4]، وذكر البطليوسي أن المضارع منصوب عند الكوفيين بواو المعية نفسها[5]، وذكر أبو البركات ابن الأنباري أن المضارع في نحو: لا تأكل السمك وتشربَ اللبن، منصوب عند الكوفيين “على الصرف”[6].
وذكر المرادي أنه قد “ذهب بعض الكوفيين إلى أن الواو في ذلك هي ناصبة بنفسها، وذهب بعضهم إلى أن الفعل منصوب بالمخالفة”[7]، وذكر ابن هشام أن الكوفيين سَمَّوْا هذه الواو واوَ الصرف، والمضارع منصوب عندهم بهذه الواو[8]، وذكر العكبري أن المضارع المنصوب بعد واو المعية جُعل “نصبه عند الكوفيين على الصرف، وهو معنى الخلاف”[9]؛ أي: إن مصطلح النصب على الصرف ومصطلح النصب على الخلاف، معناهما واحد، ومثل هذا ذكر الرضي[10] ونسب البيتوشي إلى الكوفيين نصبَ المضارع عندهم بالمخالفة[11]، وذكر الكنغراوي في كتابه (الموفي في النحو الكوفي) أن “المضارع ينصب بمعنى واو الجمع”[12]، ثم نسب إلى الفراء أنه قال: إن الفعل “بعد الواو منصوب على الخلاف”[13].
وذكر الدكتور المخزومي أن جميع الأدوات التي تنصب الفعل بعدها بإضمار (أن) عند البصريين، هي نفسها أدوات نصب للمضارع عند الكوفيين[14]، وذكر أن الخلاف مصطلح كوفي لم يقل به بصري[15]، وأضاف أن الظروف عند الفراء منصوبة بالخلاف، والمضارع بعد واو المصاحبة منصوب عنده بالصرف[16].
وذكر في موضع آخر أن المضارع بعد واو المعية منصوب بالواو نفسها عند جمهور الكوفيين، أما عند الفراء فالناصب لهذا الفعل هو الصرف أو الخلاف[17].
وعلى كل حال، سواء أكان المضارع بعد واو المعية منصوبًا عند الكوفيين بمعنى الصرف، أم المخالفة، أم بالواو نفسها، فالمتفق عليه أن المضارع منصوب عندهم بعد هذه الواو بغير إضمار (أن)؛ أي: إن الفعل هنا عندهم ليس مصدرًا مؤولًا، بمنزلة المفرد، وهذا يعني أنهم بهذا المذهب أيَّدوا صحة وقوع المفعول معه جملة فعلية.
المصدر: الألوكة
[1] “الصرف هو رأي الفراء وتبعه الكوفيون قاله في الظروف التي تقع أخبارًا، وفي نصب المفعول معه، ونصب المضارع بعد واو المعية وفاء السببية”؛ أبو عباس ثعلب، أمام النحويين الكوفيين، عبد الجبار علوان النايلة، تحت الطبع، ص52، هامش3.
[2] معاني القرآن 1 /34، وينظر 1/391.
[3] تفسير الطبري 3 /252، 13 /36 والحروف للمزني، ص109-110.
[4] معاني القرآن 1 /246.
[5] الحلل، ص254-255.
[6] الإنصاف 2 /555.
[7] الجنى الداني، ص187.
[8] المغني 2 /361.
[9] اللباب، ص462.
[10] شرح الرضي 4 /54.
[11] صرف العناية، ص148.
[12] الموفي في النحو الكوفي، ص116.
[13] المصدر نفسه، ص117.
[14] مدرسة الكوفة، ص285.
[15] مدرسة الكوفة، ص293.
[16] المصدر نفسه، ص295.
[17] المصدر نفسه، ص 306.

