أخطاء لغوية شائعة

المنفق سلعته

المنفق سلعته

 

ثبتَ في صحيح السُّنَّةِ[1] مِن حديث أبي ذرٍّ رضي الله عنه أنّ النّبيَّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: (ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: الْمُسْبِلُ إِزَارَهُ، والمَنّانُ، وَالْمُنفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ).

 

قوله: (المُنْفق)، رُويَ في ضبطه وجهان:

أحدهما: ضمُّ الميم وفتحُ النّون وتشديدُ الفاء المكسورة، ثبتَ ذلك في:

1. صحيح مسلم (1 /2 /114 رقم 171 نوويّ).

 

2. سنن أبي داود (6 /11 /97 – 98 رقم 4081 عون المعبود)، قال العظيم آبادي: (” والمنفق ” قال القاري: بالتّشديد في أصولِنا. وقال الطّيبيّ رحمه اللّه بالتَّخفيف أي المُرَوِّج).

 

3. سنن النَّسائيّ (3 /5 /81 و4 /7 /245 و4 /8 /208 السّيوطيّ – السِّنديّ)، قال السِّنديّ (4 /7/245): (” والمُنْفق “من التَّنْفِيق أو الإِنْفاق بمعنى التَّرْوِيج، إلاّ أنّ المشهورَ روايةً هو الأوّل). وقال في (4 /8 /208): (“والمُنْفق ” بتشديد الفاء أي المُرَوِّج، وهذا هو المشهورُ روايةً وإلاّ فيجوزُ أن يكونَ من الإِنْفاق بمعنى التَّرْوِيج).

 

4. سنن ابن ماجه (2 /744 – 745 رقم 2208 عبدالباقي).

 

و(المُنَفِّقُ): هو المُرَوِّجُ من النَّفَاق وهو ضدُّ الكساد، (ومنه الحديث: اليمينُ الكاذبةُ مَنْفَقَةٌ للسِّلعَة، مَمْحَقَةٌ للبركة أي: هي مَظِنَّةٌ لِنَفَاقِها وموضِعٌ له. وفي الحديث عن ابن عباس: لا يُنَفِّقْ بعضُكم بعضاً أَي لا يَقصِدْ أَن يُنَفِّقَ سِلْعتَه على جهةِ النَّجْش فإنّه بزيادتِه فيها يُرغِّبُ السّامع فيكونُ قولُه سبباً لابتياعِها ومُنَفِّقاً لها. ونَفَقَ الدِّرهَمُ يَنْفُقُ نَفَاقاً كذلك، هذه عن اللِّحيانيّ، كأَنّ الدِّرهمَ قَلَّ فرُغِبَ فيه)[2]. وفي تاج العروس (26 /234): (ونَفَقَ السِّلعةَ تَنْفِيقًا: رَوَّجَها ورَغَّبَ فيها).

 

الثاني: بضمِّ الميم وإسكان النّون مع كسر الفاء الخفيفة أي: (المُنْفِق) مِن الإِنْفاق، رُوِيَ ذلك في:

1. سنن التّرمذيّ (3 /516 رقم 1211 عبدالباقي) وفيه: (والمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ) بالتّخفيف.

 

ولعلّ الأقرب للصّواب ما قرّره الخطّابيّ في إصلاح غلط المحدّثين (ص125 – 126 رقم 84) قال رحمه اللّه: (قولُهُ صلّى اللّه عليه وسلّم: ” ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهُم اللهُ يومَ القيامةِ، فَذَكَرَ “ المُنَفِّقَ سِلْعَتَهُ بالحَلِفِ الفاجِرَةِ “[3].

 

المُنَفِّقُ: مُشَدَّدَة الفاء أَجودُ، يريدُ المُرَوِّج لها من النَّفاقِ. فأمَّا المُنْفِقُ، ساكنة النّون، فإنَّهُ يُوهمُ مَعْنى الإنفاقِ).

 

واختارَ ضبطَها بالتّشديدِ ابنُ الأثير في النِّهاية (5 /97 حرف النّون).

 

ويراجع:

1. تاج العروس (26 /234).

2. فصيح ثعلب (ص89).

3. اللّسان (10 /357).

4. النّهاية (5 /97 – 98 حرف النّون).



[1] قال في الإرواء (3 /417 – 418 رقم 900): (صحيح: أخرجه مسلم (1 /71)، وأبو عوانة في ” صحيحه ” (1 / 39 – 40)، وأبو داود (4087 و4088 )، والنَّسائي (1 /357 و2 /212 – 213 و299)، والتِّرمذيّ (1 /228)، والدّارميّ (2 /267)، وابن ماجه (2208)، والبيهقيّ (5 /265)، والطّيالسيّ في مسنده (1 /63 رقم467)، وأحمد (5 /148، 158، 162، 168، 177) من طرق عن خرشنة بن الحرّ عن أبي ذرّ مرفوعا به، وفي رواية لمسلم وأبي عوانة وأبي داود والنَّسائيّ: (المَنّانُ الّذي لا يُعطي شيئا إلاّ مِنَّةً).

[2] اللّسان (10 /357).

[3] الحديث بهذا اللّفظ في تهذيب الآثار للطّبريّ (3 /55 رقم 112 شاكر)، والفائق (1 /436 الميم مع النّون).

ترك تعليق