فريد البيدق

أسماء الحروف ورموزها وأصواتها

 

(1)

للحروف أسماءٌ أعلامٌ عليها، ورَد منها في القرآن الكريم أسماء أربعة عشر حرفًا في فواتح السور التي تحتوي على الحروف المقطَّعة التي تقرأ بأسمائها لا بأصواتها، ما هي؟

إنها:المفي سور: البقرة وآل عمران والعنكبوت والروم ولقمان والسجدة، والمص في سورة الأعراف، والر في سور يونس وهود ويوسف وإبراهيم والحجر، والمر في سورة الرعد، وكهيعص في سورة مريم، وطه في سورة طه، وطسم في سورتي الشعراء والقصص، وطس في سورة النمل، ويس في سورة يس، وص في سورة ص، وحم في سور غافر وفصِّلت والشورى والزخرف والدخان والجاثية والأحقاف، وق في سورة ق، ون في سورة القلم.

وورد اللفظ ببعض أسمائها أيضًا في الحديث الشريف الذي يُبيِّن فيه النبي صلى الله عليه وسلم فضل قراءة القرآن في سنن الترمذي في الرواية التي صحَّحها الألباني:

2910 – حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو بكر الحنفي، حدَّثنا الضحاك بن عثمان، عن أيوب بن موسى قال: سمعت محمد بن كعب القرظي قال: سمعت عبدالله بن مسعود يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها! لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)).

ولها رموز أُخذت من بدء أسمائها تدلُّ عليها اختصارًا، كيف؟

الاسم

ألف

باء

تاء

ثاء

جيم

حاء

خاء

دال

ذال

راء

زاي

سين

شين

صاد

الرمز

أ

ب

ت

ث

ج

ح

خ

د

ذ

ر

ز

س

ش

ص

 

الاسم

ضاد

طاء

ظاء

عين

غين

فاء

قاف

كاف

لام

ميم

نون

هاء

واو

ياء

الرمز

ض

ط

ظ

ع

غ

ف

ق

ك

ل

م

ن

هـ

و

ي

 

ولها أصوات تمثِّل حقيقتها ومُسمَّاها عندما تؤلِّف مع غيرها كلمة؛ قال الشيخ نصر الهوريني في كتابه المطالع النصرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية (بتحقيق الدكتور عبدالوهاب محمود الكحلة الذي أضاف قواعد الإملاء قبل العنوان السابق، مؤسسة الرسالة – ط1 1422هـ – 2001م، (ص: 45 – 46)): إذا قيل لك: ما مُسمى الجيم منجعفر؟ فتقول: جَهْ، أو ما مُسمَّى العين منعُمَرفتقول:عُهْبضم العين وزيادة الهاء؛ لبيان الحركة وعدم الوقف على المتحرِّك، أو قيل: ما مُسمَّى الراء من هذين الاسمين؟ فتقول:ارْ، قال علي الأجهوري في شرح منظومته: واعلم أن مسمى الحرف إن كان ساكنًا أُدْخِل عليه همزة الوصل ونُطِقَ به، وإن كان متحرِّكًا زيد فيه هاء السكت مع الإتيان به متحرِّكا بحركته، فإذا أريد النطق بالباء من “اضربْ” قيل: ابْ، وكذا الضاد منه، وإذا أريد النطق بالراء منه قيل: رِهْ بكَسر الراء.

قال المبرِّد في المقتضب (1/ 32 – تَحديد المحقِّق): قال سيبويه (3/ 320 – تحديد المحقق): خرج الخليل يومًا على أصحابه فقال: كيف تَلفظون بالباء مناضْرِبْوالدال من “قدْ” وما أشبه ذلك من السواكن؟ فقالوا: باء ودال، فقال: إنما لفظتم باسم الحرف، ولم تلفظوا به، فرجَعوا في ذلك إليه، فقال: إذا أردتُ التلفظ به أزيد ألف الوصل فأقول: ابْ وادْ؛ لأن العرب إذا أرادت الابتداء الساكن زادت ألف وصل، وقال: كيف تلفظون بالباء من “ضَرَبَ” والضاد من ضُحى”؟ فأجابوا بنحو جوابهم السابق، فقال: أرى أنه إذا لفظ بالمتحرِّك يُزاد هاء لبيان الحركة كما قالوا: ارمهْ، فأقول به: ضَهْ، وهذا ما لا يجوز في القياس غيره، انتهى كلام الأجهوري.

أقول: وأما الحروف المقطَّعة في كتب اللغة والصرف كما يقال مثلاً: أصل مادة الاستعمار ع م ر، فكذلك لا ينطق بأسمائها بل بمسمياتها؛ لأنه يشار بها إلى المادة بقطع النظر عن كونها فعلاً أو اسمًا، وعن تعيين حركاتها كما نصَّ الشَّنَوَانِي في تعليقه على الشافية وشرحها لشيخ الإسلام، وعليه فيُنطق في مثل هذه الحروف بالعين مفتوحة؛ لأن الفتح أخفُّ الحركات، وكذا بالميم والراء مفتوحتين من غير إلحاق هاء؛ لتقوى الحروف ببعضها، أو بسكون الراء، فلا تُنطَق بالضمِّ ولا بالكسر ولا بالسكون مسبوقًا بهمزة وصْل مكسورة لا في الأول ولا غيره؛ لأن ذلك إنما يكون عند إرادة بيان مخرج الحرف.

 

(2)

ولأسماء الحروف مباحث؛ مثل: التذكير والتأنيث، والإعراب والبناء، والمعنى، وسنقف مع ذلك من خلال النقول الآتية؛ ذكَر الصَّفَاقُسي في كتابه تنبيه الغافلين وإرشاد الجاهلين: فائدتين؛ الأولى: أسماء الحروف معُرَبة؛ إذ لا موجب لبنائها، لكنها إذا لم تلِ العوامل فهي ساكنة الأعجاز على الوقف كأسماء الأعداد وغيرها إذا خلت عن العوامل، وما آخره منها ألف نحو با – تا – حا – را ممدود وقصرها عند التهجي طلب للخفَّة، وذكَر الرضي أن ما كان من أسماء المعجم موضوعًا على حرفين – كما مثَّلناإذا ركِّب مع عامله، يمدُّ، وما لم يُركَّب مع عامله، لا يُمدُّ

الثانية: قال الشيخ المحقِّق علي بن محمد المُقرِي الفيومي في كتابه “المصباح المنير“: وحرف المعجم يجمع على حروف، قال الفراء وابن السكِّيت: وجميعها مؤنَّثة ولم يُسمع التذكير فيها في شيء من الكلام، ويجوز تذكيرها في الشِّعر، وقال ابن الأنباري: التأنيث في حروف المعجم عندي على معنى الكلمة، والتذكير على معنى الحرف، وقال في البارع: الحروف مؤنثة إلا أن تجعلها أسماءً، فعلى هذا يجوز أن يقال: هذا جيم وهذه جيم وما أشبهه“.

وذكر ابن التُّستَري في المذكَّر والمؤنث: ومما يُذكَّر ويؤنث وتصغيره إذا أنِّث بغير هاء: الفلك، واللسان، والعاتق، والذراع، والمتن، والذهب، والسبيل، والطريق، والسكِّين، والصاع، والعجز، والسلاح، والعنكبوت، وخلف وأمام وقدام ووراء، وجميع حروف المعجم نحو ألف والباء والتاء وغيرها، وجميع حروف الأدوات نحو حتى ومتى ومن وغيرها، وفي موضع آخر قال: حُرُوف المعجم كلها مؤنثات؛ مثل الألف والباء والتاء والثاء وسائرها.

وقال أبو بكر محمد بن القاسم بن اﻷنباري (ت: 328هـ) في كتابه المذكَّر والمؤنث: وأما حروف المعجم فإن أبي حدثني عن ابن الحكم عن اللحياني قال: قال الكسائي: حروف المعجم كلها مؤنثة، هكذا كلام العرب، قال: وإن ذُكِّرت جاز، وكذا كل ما جعلَه الكتَّابُ اسمًا من اﻷدوات والصفات والمثل فهي مؤنثة، وإن شئت ذُكِّرت، وعلى هذا المذهب من التأنيث والتذكير جميع الحروف؛ مثل الياء والتاء وسائر الحروف التأنيث فيها أكثر، والتذكير معروف، وقال سيبويه في الكتاب: هذا باب تسمية الحروف… فالعربُ تختلف فيها، يؤنِّثها بعضٌ، ويذكِّرها بعضٌ، كما أن اللِّسانَ يُذكَّر ويؤنَّث، زعم ذلك يونس، وأنشدنا قول الرَّاجز:كافًا وميمَيْنِ وسينًا طاسِما، فذكَّر، ولم يقلْ: طاسمة، وقال الراعي:كما بُيِّنَتْ كافٌ تلوحُ ومِيمُهافقال: بُيِّنَت، فأنَّث؛ انتهى، وقال أبو حاتم السِّجِسْتاني في المذكر والمؤنث: وحروفُ المعجَم أخبرَني الأصمعيُّ وأبو زيدٍ النحويُّ أنها تؤنَّث، وذلك أكثرُ، وتذكَّر؛ قالَ الرَّاعي: قال الأصمعيُّ: وهو مِن أفصحِ الناسِ:

أشاقتْكَ آياتٌ أبانَ قديمُها = كما بُيِّنَتْ كافٌ تلوحُ ومِيمُها

فأنّث.

وقال الراجز:كافًا وميمَيْنِ وسينًا طاسِمافذكَّر، ولم يقل: طاسمة، والمعنى: طامسا، إلا أنها لغة، طمسَ وطسمَ، وطمسَ أجود؛ لأنها لغة القرآن، وكذلك الألف والباء والتاء، وسائر حروف المعجَم، التأنيث فيه أكثر، والتذكيرُ معروفٌ” انتهى.

(3)

ولا لبس بين الحروف في أسمائها؛ فهي كلمات، لكن اللبس ينشأ في الأصوات حيث تحدُّ مخارج بعضها وتتشابَه صفات بعضها الآخر؛ فتنشأ صعوبات النطق الناشئة من تجاور مرقَّق لمفخم و… إلخ، مثل الكلمات: تطلع، واضطرَّ، وأقرضتم، و…إلخ؛ مما يَقتضي جهدًا في تخليص الحروف بعضها من بعض وإتمام حركاتها؛ مما يُؤخَذ عن المجيدين من القراء.

 

ترك تعليق