بلاغة آيات من سورة المرسلات [1-5]
بلاغة آيات من سورة المرسلات [1–5]
بلاغة الآيات:
– قولُه: ﴿ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ﴾ صِفاتٌ لمَوصوفاتٍ قد حُذِفَت، وأُقِيمَت صِفاتُها مُقامَها[1].
– وهذا قَسَمٌ بمَخلوقاتٍ عَظيمةٍ دالَّةٍ على عَظيمِ عِلمِ اللهِ تعالَى وقُدرتِه، والمَقصودُ مِن هذا القسَمِ تأْكيدُ الخبَرِ، وفي تَطويلِ القسَمِ تَشويقُ السَّامعِ لتَلقِّي المُقسَمِ عليه[2].
– قولُه: ﴿ﮒ﴾ حالٌ مُفيدةٌ معْنى التَّشبيهِ البليغِ، أي: مِثلَ عُرْفِ الفرَسِ في تَتابُعِ الشَّعرِ بَعضِه ببَعضٍ، يُقالُ: همْ كعُرْفِ الضَّبعِ، إذا تَألَّبوا، ويُقالُ: جاؤوا عُرْفًا واحدًا. وهو صالِحٌ لوَصْفِ الملائكةِ ولوَصْفِ الرِّيحِ. وقيل غيرُ ذلك[3].
– قولُه: ﴿ﮔ﴾ تَفريعٌ على ﴿ﮑ﴾، إنْ أُرِيدَ بالمُرسَلاتِ وصْفُ الملائكةِ، فالعصْفُ تَشبيهٌ لنُزولِهم في السُّرعةِ بشِدَّةِ الرِّيحِ؛ وذلك في المُبادَرةِ في سُرعةِ الوُصولِ بتَنفيذِ ما أُمِروا به، و﴿ﮕ﴾ مُؤكِّدٌ للوصْفِ تَأكيدًا لتَحقيقِ الوصْفِ[4].
– قولُه: ﴿ﮗ ﮘ﴾ النَّشرُ: ضِدُّ الطَّيِّ، ويَكثُرُ استِعمالُه في الإظهارِ والإيضاحِ وفي الإخراجِ، فالنَّاشِراتُ إذا جُعِلَ وصْفًا للملائكةِ جاز أنْ يكونَ نَشْرَهم للوحيِ، أي: تكرير نزولِهم لذلك -على قولٍ-، وأنْ يكونَ النَّشرُ كِنايةً عن الوُضوحِ، أي: بالشَّرائعِ البيِّنةِ[5].
وإذا كان قولُه: ﴿ﮗ ﮘ﴾ وَصْفًا للرِّياحِ فهو نشْرُ السَّحابِ في الأجواءِ، فيكونُ عطْفُه بالواوِ دونَ الفاءِ للتَّنبيهِ على أنَّه مَعطوفٌ على ﴿ﮑ﴾ لا على ﴿ﮔ﴾؛ لأنَّ العصْفَ حالةُ مَضَرَّةٍ، والنَّشرَ حالةُ نفْعٍ[6].
– قولُه: ﴿ﮚ ﮛ﴾ قيل: لتَفرُّعِ الفرْقِ عن النَّشرِ عُطِفَ ﴿ﮚ﴾ على (النَّاشِرَاتِ) بالفاءِ، وأُكِّدَ بالمَفعولِ المُطلَقِ تَأكيدًا لتَحقيقِ الوصْفِ[7].
– قولُه: ﴿ﮝ ﮞ﴾ الإلقاءُ مُعبَّرٌ به عن تَبليغِ الذِّكرِ مِن العالَمِ العُلويِّ إلى أهلِ الأرضِ، بتَشبيهِهِ بإلقاءِ شَيءٍ مِن اليَدِ إلى الأرضِ، وإلقاءُ الذِّكرِ تَبليغُ المواعظِ إلى الرُّسلِ ليُبلِّغوها إلى النَّاسِ، وهذا الإلقاءُ مُتفرِّعٌ على الفرْقِ؛ لأنَّهم يَخُصُّون كلَّ ذِكْرٍ بمَن هو مُحتاجٌ إليه، فذِكرُ الكُفَّارِ بالتَّهديدِ والوعيدِ بالعَذابِ، وذِكرُ المؤمنين بالثَّناءِ والوعْدِ بالنَّعيمِ[8].
– على القولِ بأنَّ الآياتِ إقسامٌ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ بطَوائفَ مِن الملائكةِ أرسَلَهنَّ بأوامِرِه فلَعلَّ تَقديمَ النَّشْرِ -نشْرِ الشَّرائعِ ونشْرِ النُّفوسِ- والفَرْقِ على الإلقاءِ؛ للإيذانِ بكَونِها غايةً للإلقاءِ، حَقيقةً بالاعتناءِ بها، أو للإشعارِ بأنَّ كُلًّا مِن الأوصافِ المَذكورةِ مُستقِلٌّ بالدَّلالةِ على استحقاقِ الطَّوائفِ الموصوفةِ بها التَّفخيمَ والإجلالَ بالإقسامِ بهِنَّ، ولو جِيءَ بها على تَرتيبِ الوُقوعِ لَرُبَّما فُهِمَ أنَّ مَجموعَ الإلقاءِ والنَّشْرِ والفرْقِ هو المُوجِبُ لِما ذُكِرَ مِن الاستِحقاقِ[9].
من كتاب التطبيق البلاغي
كتاب تطبيقي مميز لاستخراج بلاغة القرآن الكريم
من بداية سورة الفاتحة إلى نهاية سورة الناس
تحت الطباعة قريبا متاح للجمهور
[1] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (10/373، 374)، ((تفسير ابن عاشور)) (29/420)، ((إعراب القرآن وبيانه)) لدرويش (10/332).
[2] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (29/419).
[3] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (4/677)، ((تفسير البيضاوي)) (5/274)، ((تفسير أبي حيان)) (10/373)، ((تفسير أبي السعود)) (9/78)، ((تفسير ابن عاشور)) (29/421)، ((إعراب القرآن وبيانه)) لدرويش (10/332).
[4] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (4/677)، ((تفسير البيضاوي)) (5/274)، ((تفسير أبي حيان)) (10/373)، ((تفسير أبي السعود)) (9/77)، ((تفسير ابن عاشور)) (29/421).
[5] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (29/421).
[6] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (10/374)، ((تفسير ابن عاشور)) (29/421).
[7] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (29/422).
[8] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (29/422).
[9] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (9/77).