سليمان بن خالد بن عثمان بن محمد آل عثمان
النزر اليسير
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وآله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فهذه كلمات قرأتها، ولم يكن لي سوى جمعها، فلم أحسن جمعها ولا ترتيبها، فقط بدا لي نشرها، وجعلت وسمها: (النزر اليسير).
• قال ابن السكيت: واعلم أن كل فعل كان ماضيه على فَعِلَ مكسور العين، فإن مستقبله يأتي بفتح العين؛ نحو: عَلِم يَعْلَمُ، وكَبِر يَكْبَرُ، وعَجِل يعجَلُ، إلا أربعة أحرف جاءت نوادر، قالوا: حَسِب يَحْسِبُ ويَحْسَبُ، ويَئِس يَيْئِسُ ويَيْأَسُ، ويَبِس يَيْبِسُ وَيَيْبَسُ، ونَعِم يَنْعِمُ وَيَنْعَمُ، فإن هذه الأحرف من الفعل السالم جاءت بالفتح والكسر[1]
باب الحرفين اللَّذين يتقاربان في اللفظ وفي المعنى ويلتبسان، فربما وضع الناسُ أحَدَهما موضع الآخر:
“الجُهْدُ“: الطاقة، تقول: “هذا جُهْدي“؛ أي: طاقتي، و“الجَهْد“: المشقة، تقول: “فَعَلْتُ ذلكَ بِجَهْدٍ“، وتقول: “اجْهَدْ جَهْدَكْ“، ومنهم من يجعل الجُهْدَ والجَهْدَ واحدًا، ويحتج بقوله: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ ﴾ [التوبة: 79] (وقد قرئ): جَهْدَهم.
و“الكُرْه“: المشقة، يقال: “جِئْتُك على كُرْهٍ“؛ أي: على مشَقَّة، ويُقال: “أَقامَنِي على كَرْهٍ“: إذا أكرهَكَ غيرُك عليه، ومنهم من يجعل الكُرْه والكَرْه واحدًا.
و“عُرْضُ الشَّيْء“: إحدى نَواحيه، و “عَرْضُ الشَّيء“: خلافُ طوله. و“الغَبْن“ في الشراء والبيع، و“الغَبَن“ في الرأي، يقال: “في رأيه غَبَن“ و“قَدْ غَبِنَ رَأيه“ كما يقال: “سَفِهَ رَأْيَهُ“، و“الضُّر“: الهُزَال وسوء الحال، و“الضَّر“ ضد النَّفع .[2] و“العِوَجُ“ في الدين والأرض؛ قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ [الأعراف: 45] (و“العَوَج“ في غيرهما: ما خالف الاستواء، وكان قائمًا مثل الخشبة والحائط ونحوهما[3] و“الذِّلُّ“ ضد الصُّعوبة، و“الذُّلُّ“ ضد العز، يقال: “دابَّةٌ ذَلول بَيِّنةُ الذِّلِّ“ إذا لم تكن صَعْبًا، و “رَجُلٌ ذَليلَ بَيِّن الذُّلِّ“؛ من كتاب “أدب الكاتب“ لابن قتيبة (بتصرُّف)[4].
باب ما جاء على لفظ ما لم يُسَمَّ فاعله:
(نقلت الباب كاملًا)
تقول: “وُثِئَتْ يدهُ“ فهي مَوْثوءة، ولا يُقال وَثِئَتْ، و“زُهِي فلان“ فهو مَزْهُوٌّ، ولا يقال زَها ولا هو زاهٍ، وكذلك “نُخِيَ“من النّخْوَة فهو مَنْخُوٌّ، و“عُنِيتُ بالشيء“ فأنا أُعْنَى به، ولا يُقال عَنِيت. قال الحارث بن حِلِّزَة:
وأتانا عَنِ الأراقِمِ أنْبا *** وخَطْبٌ نُعْنَى به ونُساء
فإذا أمرت قلت: ليُعْنَ بفُلانٍ، ولْيُعْن بأمري.
و“نُتِجَتِ النَّاقَة“ ولا يُقال نَتَجَت، ويقال: قد نَتَجْتُ ناقَتي، قال الكُمَيْت:
وقالَ المُذَمِّرُ للنَّاتِجينَ *** متى ذُمّرَتْ قَبْلِيَ الأرْجُلُ
ويقال: “أَنْتَجَتْ“ إذا استبان حَمْلُها؛ فهي نَتوجُ، ولا يقال: مُنْتِج.
و“أُولِعْتُ بالأمر“ و“أُوزِعْتُ به“ سواء، ولُوعًا ووَزُوعًا، و“أُرْعِدْتُ“ فأنا أُرْعَدُ، وأُرْعِدَتْ فَرائِصُه، و“وُضِعْتُ“ في البيع، و“وُكِسْتُ“، و“شُدِهْتُ“ عند المصيبة، و“بُهِتَ الرَّجُلُ“، قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ﴾ [البقرة: 258] قال الكسائي: ويقال: بَهِتَ، وبَهُتَ.
و“سُقِطَ في يده“ و“أُهْرِعَ الرجل“ فهو مُهْرَع، إذا كان يُرْعَدُ من غضب أو غيره.
و“أُهِلَّ الهِلالُ“، و“اسْتُهِلَّ“، و“أُغْمِيَ على المريض“ وغُمِيَ عليه، و“غُمَّ الهِلالُ“ على الناس[5].
قال الثعالبي في فقه اللغة: (الفصل الحادي والستون في أبنية الأفعال).
وذكر: “استَفْعَلَ“.
يكون بمعنى التَّكلُّف؛ نحو: استَعْظَمَ؛ أي: تَعَظَّمَ واستَكْبَرَ؛ أي: تَكَبَّرَ، ويكون استفعَلَ بمعنى الاستدعاء والطلب؛ نحو: استَطْعَمَ واستَسْقى واسْتَوْهَبَ. ويكون بمعنى فَعَلَ؛ نحو: اسْتَقَرَّ؛ أي: أقَرَّ. ويكون بمعنى صار؛ نحو: اسْتَنْوَقَ الجَمَلُ، واستَنْسَرَ البغاث[6].
وإن شاء الله إني سأصلها بغيرها، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.