أ. عبدالرحيم خضر
اللغة العربية جمال ومقومات
إذا كانت أيُّ لغةٍ من اللغات هي أحدَ مقومات شخصية صاحبها، فكيف إذا كانت هذه اللغة هي اللغة العربية المجيدة، لغة كتابنا الكريم القرآن، ولسان نبيِّنا الهادي الأمين محمد عليه أفضل الصلاة والسلام؟!
فلا شكَّ أنها لغة الخلود، وتاج الزمان، ومَفْخَرة التاريخ للعرب والمسلمين، ولا مجد للغة العربية يكرمها، ولا ثناء لها يكفيها، إلا قولنا: “قد اختارها ربُّ العزة لكتابه العزيز، فأنزل بها أحسَنَ الحديث، وأرسل أعظم الذكر، فبها قرآن يُتلى ليوم الساعة، فهي محفوظةٌ بحفْظِه، مرفوعةُ القَدْر بعزِّه، وقد قال عز من قائل: ﴿ قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ ﴾ [الزمر: 28]”، وقد كان حاملُ الرسالة الربانية نبيُّنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم – أفصحَ من نطَقَ الضاد.
فاللغة العربية هي الجِسْر الآمنُ للولوج إلى علوم الكتاب، وتحرِّي الصواب، لا يحول بيانُها، ولا يزول لسانها، فقد فاقَتْ باقيَ اللغات لفظًا وتبيانًا، سرًّا وسِحْرًا وجمالًا؛ بفضْل ما اتَّسمت به من قوةٍ في البناء، وجزالةٍ في التعبير، ودقَّة في اللفظ والمعنى والمضمون، فقد استطاعت أن تستوعب جميع اللغات، وتحتوي كلَّ العلوم، وتتَّسع لكل الأزمنة والعصور، وزادها تميُّزًا خصائصُها النادرة، ومزاياها الفريدة؛ من كثرة مفرداتها وغناها، ووجود المترادفات فيها وتنوُّعها.
وكذلك هي معجزةٌ بأصواتها التي بلغت الكمال الجماليَّ من مخارجَ وصفات وغيرها من مقوماتها الصوتية الثابتة، وقد سلِمتْ من الركاكة والضعف وتنافُر الحروف، فقال فيها أحد فلاسفة الغرب: “معجزة اللغة العربية أنها ليست لها طفولةٌ، وليس لها شيخوخةٌ”، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “تعلَّمُوا العربية؛ فإنها تَزيد في المروءة”.
وما زال ليومنا هذا غوَّاصوها يغُوصُون ويغوصون فيستخرجون دُرَّها المكنون، ويستكشفون سرَّها المكتوم، ولا أبلَغَ ولا أجمل من قول الشاعر فيها:
لُغتي وأفْخرُ إذْ بُليتُ بُحبِّها =فهْي الجمالُ وفصْلها التِّبيانُ
عــربيَّةٌ لا شــكَّ أنَّ بيانها = مُتــبسِّمٌ في ثغْــره القــرآنُ