د. أحمد الخاني
كتابة التقرير
تعريف التقرير:
التقرير مصطلح يعني الكتابة الموضوعية حول موضوع سينفذ، أو موضوع تم تنفيذه.
مجالاته:
مجالات التقرير تشمل الحياة كلها من بناء أو حالة مريض في شأن القطاع الرسمي أو الخاص…
الأدوار التي يمر بها التقرير:
1- التفكير في كتابة التقرير:
فالمهندس الذي يريد أن يبني منشأة، لا بد له من أن يفكر في المشروع، ويجمع المعلومات، وينظر في الخريطة، ويحسب حساب مواد البناء والعمالة والتكلفة، أي أنه يحيط بالمشروع كاملًا، ثم يقدم على كتابة تقريره الذي على أساس معلوماته سيقوم هذا المشروع.
وكذلك التقرير الطبي عن حالة مرضية، إذ لا بد للطبيب من أن يجمع المعلومات؛ من تحاليل متنوعة وصور ونتائج، وبعد أن تتضح لديه المعلومات ويتأكد منها. حينئذ يبدأ بكتابة تقريره الذي على أساسه يتوقف إجراء عملية استئصال مرض خبيث في الكبد مثلًا، أو صرف النظر عن إجرائها لاعتبارات متعددة.
ويؤدي التقرير دورًا خطيرًا في الحروب؛ ففي الحرب العالمية الثانية، أدى التقرير إلى إمكانية إنزال قوات الحلفاء على ساحل النورمندي في غفلة من جيوش المحور، ولو علم هتلر بالخطة لأباد تلك القوات بهجوم صاعق، وكان هذا الإنزال البحري سبب تغير وجهة الحرب، وقلب كفة التوازن لدى القوات الألمانية، مما أدى إلى خسارتها الفادحة، ثم خسرت تلك الجبهة، وبدأ العد التنازلي للصعود الألماني في أكثر من جبهة.
وكذلك التقرير الذي رفعه (سورج) العميل الروسي الذي اخترق القوات اليابانية، وكان ستالين قد رصد مئات الألف من الجنود الروس للتصدي لليابانيين إذا فكروا أن يزحفوا إلى روسيا، ولكن سورج أفاد في تقريره (أن اليابانيين ليس لديهم نية الزحف على روسيا).
على إثر هذا التقرير، زج ستالين قواته هذه في الجبهة ضد القوات الألمانية التي كانت في معارك موسكو الدامية حيث استولت القوات الألمانية على تسعة أعشار موسكو، فاستطاعت القوات الروسية استرجاع المدينة ودحر الألمان، وأصبحوا بين قتيل وأسير، كان منهم سبعون ألفًا سيقوا إلى أذربيجان فبنوا ساحة الحمراء والمباني حولها، وبعد استقلال أذربيجان حول اسم الساحة من (الحمراء) إلى (الحرية).
2- بعد التفكير في التقرير، يأتي:
تحديد الهدف من التقرير:
إذا كانت مهمة كاتب التقرير تقديم المعلومات والحقائق عن الموضوع ليتخذ من يهمه التقرير موقفه من النتائج، فإنه يلومه أمران:
أ– تحديد الهدف من التقرير على الوجه المكلف به والمطلوب منه.
ب– الموضوعية.
وبعد أن تحدد الهدف وتوارى الكاتب خلف المعلومات التي جمعها مستبعدًا رأيه الذاتي وعواطفه وأحاسيسه وما يتعلق بشخصه، حينئذ تبدأ الخطوة الثالثة وهي:
ج– جمع المعلومات والحقائق المتعلقة بالموضوع، ويجب أن تكون المعلومات كاملة وشاملة لكل جزئية من جزئيات التقرير وتدوينها ومراجعتها حتى يطمئن كاتبها أنها تناولت الموضوع من كل أطرافه، ولم تنقص منها جزئية من المعلومات.
د– وأخيرًا لا بد من وضع التقرير في إطار.
وهذا الإطار يشبه خطة المقال فله:
• مقدمة.
• وصلب الموضوع.
• والخاتمة.
فالمقدمة تمهيد وتهيئة الفكر للدخول في الموضوع ويجب أن تتناسب مع صلب الموضوع في الطول.
ويلي المقدمة، صلب التقرير، فهو القسم الأكبر والأهم، إذ إنه يتضمن المعلومات المطلوبة المتعلقة بموضوع التقرير.
وفي النهاية تأتي الخاتمة تلخيصًا للمعلومات وتأكيدًا لها، وعلى الخاتمة تبنى النتائج التي توصل إليها التقرير، من إمكانية تنفيذ المشروع أو اتخاذ القرار المناسب.
أمثلة:
تقرير عن التربة في منطقة القصيم:
وتأثيرها على الزراعة[1]
للتربة أهمية كبيرة للزراعة، فهي أحد العوامل المهمة والرئيسية في تقرير صلاحية منطقة ما لزراعة محصول معين. وآمال المستقبل الزراعية معقودة على توافر المياه، وصلاحية التربة هذان هما العاملان الرئيسيان في التنمية الزراعية إلى جانب عوامل أخرى منها ملاءمة الظروف المناخية لزراعة المحصولات.
وموضوع هذا التقرير هو تنوع الترب في منطقة ومدى ملاءمتها للزراعة.
أولًا: تحديد المنطقة جغرافيًا وسكانيًا:
تقع منطقة القصيم في الجزء الشمالي من المنطقة الوسطى بالمملكة العربية السعودية، وتعد مدينة بريدة عاصمة إدارية للمنطقة، وهي أكبر مدن القصيم، وتلي بريدة في الأهمية عنيزة التي تقع إلى الجنوب منها بحيث يفصل وادي الرمة بينهما، وتلي هاتين المدينتين في الأهمية، مدينة الرس الواقعة غرب المنطقة.
ثانيًا: أنواع التربة في المنطقة:
1- التربة في منطقة بريدة:
بريدة مركز المنطقة زراعية، ونتج هذا عن توافر التربة الخصبة والمياه الصالحة للزراعة، وقد تم تصنيف الأراضي الزراعية حول مدينة بريدة حسب خواص تربتها.
ونوعية التربة هنا غالبًا ما تكون رملية طفلية وذات عمق يصل إلى خمسة عشر سنتيمترًا، وأجود أنواع التربة يقع بجوار البطين على بعد خمسين كيلو مترًا شمالي المدينة، وبجوار مدينة بريدة نجد بعض التكوينات الفرعية التي يزيد من أهميتها في الزراعة كونها مصحوبة بتكوينات رملية سوداء من أثر الرياح أو بفعل الإنسان نفسه، وخاصة عندما يضيف إليها بعض المواد العضوية الحيوانية والنباتية، وتوجد في غرب المدينة زراعة كثيفة وذلك في المناطق المحصورة بين المدينة والكثبان الرملية، حيث توجد مناطق منبسطة ذات تربة طينية بفعل الأودية التي تجلب معها الطين مما يدعو إلى وجود تربة غنية صالحة للزراعة.
أما في جنوب غرب المدينة فتوجد كثير من الأماكن ذات التربة الرملية الخالصة، مما يجعلها قليلة الاحتفاظ بالرطوبة، وتعاني من المشكلات الأخرى، وفي شمال المدينة، حيث تكوينات الحجم الجيري توجد طبقة خفيفة من المواد المتفتتة التي تغطي الصخور.
وتوجد في كثير من الأماكن في منطقة بريدة روضات شمس «السايل» وهي ذات تربة طينية طميية تتكون بفعل الأمطار التي تسقط بكميات كبيرة وتجري على شكل سيول، فتجرف التربة وتحمل معها أثناء جريانها مواد عضوية مختلفة، وتربة طينية جيدة، وحين تستقر تترسب المواد العالقة وتصبح الأرض صالحة للزراعة بعد جفاف المياه، وخاصة بالنسبة لزراعة الخضروات والبرسيم، وهذه لا تصلح لزراعة الحمضيات بسبب وجود نسبة كبيرة من الأملاح فيها بعد تبخر مياهها وتربتها.
2- التربة في منطقة عنيزة:
تختلف التربة في منطقة عنيزة من مكان إلى آخر، ففي جنوب المدينة نجد التربة خفيفة القوام، تميل إلى أن تكون رملية، وتعد هذه المنطقة من أهم مناطق القصيم في إنتاج الحمضيات وأنواع الفواكه الأخرى.
أما التربة في شمال عنيزة ووسطها فهي تربة خصبة.
وتربة هذه المناطق تتميز أيضًا بقوامها الخفيف وتهويتها الجيدة وعمقها، وعدم وجود طبقات صخرية صماء تحتها في عدا الشرق، وتشتهر هذه المنطقة برمانها ونخيلها.
أما في شرق المدينة ففيها مناطق صماء صخرية وتتميز الأراضي القريبة من وادي الرمة بارتفاع نسبة الملوحة فيها نظرًا للتبخر الشديد الذي يطرأ على مياه الوادي والري الدائم.
3- التربة في منطقة الرس:
تعد منطقة الرس منطقة فقيرة من حيث توافر الدراسات الدقيقة عن التربة الموجودة فيها وإن كانت التقارير عنها غير واضحة.
ففي شمال المدينة، وعلى بعد ضخة كيلومترات توجد الترسبات الطميية لوادي الرمة مكونة حزامًا يمتد من الغربي إلى الشمال الشرقي بعرض يقارب عشرة كيلومترات قرب الرس وله إمكانية زراعية كبيرة.
والتربة في جنوب منطقة الرس وغربها صفراء متوسطة تتراوح بين التربة الرملية إلى طينية رملية إلى طينية، وتوجد تربة خصبة هي من أحسن ترب المنطقة شرق الحجناوي صالحة للزراعة.
أنواع التقارير:
1- يكتب التقرير عن مشروع يراد إنشاؤه. أي: قبل البدء في التنفيذ:
وهذه أكثر أحوال التقارير السائدة، فإذا أريد مد طريق من مكان إلى مكان، فإن المهندس يفحص التربة التي بها الطريق؛ هل هي تربة رملية؟ أم رملية غضارية؟ أم صخرية؟… ففي مشروع الرياض الطائف، تعهد أحد رجال الأعمال أن ينفذ هذا المشروع، ورست عليه المناقصة، ولم يحلل التربة تحليلًا شاملًا، ولا سيما المرتفعات المعترضة، فما كان من هذا المتعهد إلا أن أفلس، لأن التقرير الذي قدم إليه من قبل المختبر عن التربة لم يكن مطابقًا للواقع، ظهرت أمام الطريق عقبة، فشرعت الآلات بإزالتها، إذا بها جبل من الصخور البازلتية، وعجزت الآلات عن إزالتها إلا بآلات تحفر الصخور، وهذا يتطلب جهدًا ووقتًا يفوت على المقاول الزمن المقرر لتنفيذ المشروع وتسليمه، فتخلى عن التنفيذ وتحمل الغرامة التي نص عليها العقد.
وفي الطب: قدم تقرير عن حالة مريض أن جسمه يتحمل العملية المقررة أن تجرى له، ولكن هذا المريض مات تحت التخدير.
نعم، إن الأجل محتوم، ولكن الواجب هو: الأخذ بالأسباب، هكذا علمنا الإسلام، كما في قصة الأعرابي الذي سمع من الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: توكلوا على الله حق التوكل، فقال أعرابي: يا رسول الله، أأرسل ناقتي وأتوكل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: “اعقلها وتوكل“.
والنوع الثاني من التقارير هو ما تم تنفيذه.
وهذا أقل من الأول في الحياة العملية.
وبعض المصادر لا تعتمد هذا التقرير، ولا تحسب حسابه في فن كتابة التقرير وإعداده.
تدريبات
1- ما تعريف التقرير؟
2- ما الأدوار التي يمر بها التقرير؟
3- قارن بين إطار التقرير وإطار المقالة.
4- اكتب تقريرًا عن:
1- مبنى كليتك.
2- مقرر دراسي.
3- تصرفات بعض الطلبة.
4- مشهد أثار شفقتك.
5- واقعك في الكلية.
6- موضوع خارجي تختاره من الواقع واجعل هدفك الجدية والعمق في التقرير.
[1] من كتاب التحرير العربي ص 284.