عائشة بلجيلالي
تحليل لغوي لسورة يس
مقدمة:
الحمد لله حمدًا كثيرًا والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:
فإن مادة هذه المذكرة ومتنها يتعلق بالتحليل اللغوي للقرآن الكريم، من حيث معطياته المنهجية المعيارية والوصفية.
شهدت الدراسات اللغوية معالجات شتى للمتن اللغوي القرآني منذ ما يزيد عن ألف وأربعمائة سنة. ذلك أن العرب وإن كانت أمة أمية إلا أنها منحت السليقة اللغوية التي تدرك المثالي وتأنف من المنحرف. ولما صار البيان مطمحها الذي تتباهى به، فاجأها نزول القرآن بلغتهم التي يعرفون، ولكن بنظم لم يحققوه من قبل.
وإذ كان فضل القرآن أنه بعث العرب من بداوتهم إلى قيادة الأمم، فإنه قد أمكنهم من الكتابة وسيلة لفتح المغاليق والظهور على الحضارات البشرية ومنحتهم الكتابة انفتاح العقل على التأمل والتدوين.
وبمثل هذا بدأ التفكير اللغوي نشطا يحاول أن يفهم إعجاز القرآن وبلاغة الإنسان، فإذا بالمدونات يتلو بعضها بعضا وإذا بالاجتهادات يناظر بعضها بعضا، وكل ذلك ثراء منقطع النظير.
وعلى الرغم من انتكاسة العقل العربي إلا أن اللغة العربية لم تنتكس وظلت بفضل من الله الذي زينها بالقرآن مهوى الدارسين المستشرقين واللسانيين.
وإذ منحت اللسانيات للدرس اللغوي منهجا جديدا يسمونه وصفيا، فإن المهتمين بالنظم اللغوي انبروا غير هيابين يبحثون عن لسانيات عربية ممكنة قد تشترك مع البنيويات والتوليديات والتوزيعيات والسلوكــيات في بعض أصولها، ولكنها لا تغفل عن أمرين اثنين: أحدهما إعجاز النص القرآني، والآخر بيان العربية.
ثم كونها مكية من أواخر ما نزل قبيل الهجرة يجعلها خطابا تفهمه العرب الفصيحة، فهي خذلان للمكذبين وهي انتصار للمؤمنين، تتبنى إشكالية البحث على سؤالين أحدهما معرفي والآخر منهجي، أما المعرفي فكون القرآن كلاما إلهيا مجاوزا للحد الإنساني من الاستيعاب والإدراك، لأنه يبقى متعاليا بربانيته.
فهل تجري عليه مثل السنن الكلامية التي للعرب على الأقل في لغتها؟
أم هو حالة خاصة نتهيبها ولا نقترب منها؟
المدخل:
إن فالإعجاز القرآني متعدد النواحي متشعب الاتجاهات ولا يزال الناس يكتشفون من مظاهر إعجازه الشيء الكثير.
فالتعبير الواحد قد ترى فيه إعجازاً لغوياً جمالياً، وترى فيه في الوقت نفسه إعجازاً علمياً، أوإعجازاً تاريخياً، أو إعجازاً نفسياً، أو إعجازاً تربوياً، أو إعجازاً تشريعياً، أو غير ذلك.
فيأتي اللغوي ليبيّن مظاهر إعجازه اللغوي وأنه لا يمكن استبدال كلمة بأخرى، ولا تقديم ما أُخّر ولا تأخير ما قُدّم، أو توكيد ما نُزع منه التوكيد أو عدم توكيد ما أُكّد. ويأتيك العالم في الطب ليقول من وجهة نظر الطب ألطف وأدق مما يقوله اللغوي. ويأتيك العالم في التشريع ليقول مثل ذلك من وجهة نظره.
فإعجاز القرآن أمر متعدد النواحي متشعب الاتجاهات، ويبقى القرآن مفتوحاً للنظر. ومن تعدد نواحي الإعجاز:
♦ شمولية التشريع والقانون.
♦ ومعجزات في التشريح والطب.
♦ وفيه إشارات إلى التاريخ وما دلت عليه الحفريات الحديثة.
♦ وفيه من الإشارات الإعجازية في مختلف العلوم كما في أسرار البحار والضغط الجوي وتوسع الكون وبداية الخلق.
♦ بل إن هناك أموراً لم تُعرف إلا بعد صعود الإنسان في الفضاء واختراقه الغلاف الجوي للأرض.
فاللغوي يأتي ليبيّن مظاهر الإعجاز وأنه لا يمكن استبدال كلمة بأخرى، ولا تقديم ما أُخّر ولا تأخير ما قُدّم، أو توكيد ما نُزع منه التوكيد أو عدم توكيد ما أُكّد. ويأتيك العالم في الطب ليقول من وجهة نظر الطب ألطف وأدق مما يقوله اللغوي. ويأتيك العالم في التشريع ليقول مثل ذلك من وجهة نظر الروح، وسمعت صوتاً يملأ نفسك قادماً من بعيد، من الملأ الأعلى يقول: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ﴾ [الحديد: 16] الحديد. ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17]القمر. فقفّ شعر بدنك، واقشعرّ جلدك، ومار فؤادك، وتحركت السواكن، واضطرب بين جنبيك ما اضطرب، والتهب فيه ما التهب، وانهمرت الدموع تسيل في شعاب القلوب التي قتلها الظمأ، وأقفرها الجفاف تغسل الأوضار وتروي حبات القلب وتندّي اليبس وتُحيي الموات، فعند ذاك تذوق ما لم تعهد له مذاقاً ولا طعماً، وتحسّ ما لم يكن لك فيه سابق معرفة، ولا إحساس، وتصيح بكل جوارحك قائلاً: والله لقد آن والله لقد آن! وعند ذاك تعرف ما أقول وتفهم ما أشير إليه ولكن أنّى لي أن أوُصلك إلى هذا؟!
وكيف أوصلك وأنا المنقطع، وأعطيك وأنا المحروم؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله. إنما هي دلائلُ أضعها في الطريق وإشارات وصُور، وشيء من خافت النور في مصباح ناضب الزيت، غير نافع الفتيل، عسى الله أن ينفع بها سالكاً، ويجنّب العثار سارياً في الليل البهيم؛ فتنالنا منه دعوة صالحة تنعنا في عرصات القيامة.
أولا: التحليل اللغوي للقرآن:
المسوِّغ المعرفي الذي يمكِّننا من اتخاذ البحث اللساني أداة مساعدة لتحليل واستنباط الدلالة القرآنية، يستند إلى الإجابة عن الإشكالات التي تعترض تطبيق اللسانيات في مجال القرآن الكريم، تلك تفرض نفسها منجراء التطبيقات التيأجريت عليه باسم اللسانيات، ومن سؤال الكفاية والحاجة للمناهج العربية الإسلامية التي حِيكت ونسجتب التعايش مع النص ومن أجله بأيدي علماء المسلمين. [1]
الإشكال الأساسي هو النزعة الوضعية في اللسانيات مقابل النص الديني الإلهي المصدر[2]، وإذا كنا نعني بالوضعية المذهب البحثي في العلوم الاجتماعية فإن هذا ينطبق بشكل كامل على اللسانيات، التي قامت – كما ذكرنا آنفاً- وسط تأثيرات العلم التجريبي والسعي نحوضبط العلوم الإنسانية وفقاً لمناهج العلوم الطبيعية، لكن ذلك يعني من جهة أولى أنالعلوم اللسانية قائمة على المحسوس الخاضع للتجربة، أي العلامة اللغوية بشكلها الفيزيائي (الشفاهي والمكتوب)، ويعني من جهة ثانية التعامل مع اللغة واستعمالاتها: (المفردة، الجملة، النص) بوصفها إنتاجاً بشرياً يخضع للمنطق البشري في الإنتاج والتلقي للكلام.
وعلىرغم اعتبار بعض الباحثين أن الدرس اللغوي العربي كان معيارياً، إلاّ أن الجهود الأصولية واللغوية عموماً تثبت أنه عندما تمّ تفحص إشكالية الكلام واستكناه مقوماته العضوية ((استطاع أن يتجاوز موضوع بحثه – وهو الكلام- من دون أن ينفصل عنه، فكانت الرؤية لديه ذات بناء تجريبي اختباري، وكان مسارها المعرفي نابعاً من اللغة،[3] ((مُطِلاً من خلالها على آفاق النظر المجرّد(على حد تعبير اللساني عبد السلام المسدي)؛ ذلك أن التراث العربي اللغوي وفَّر لنا أدلة غزيرةً على هذا الاستخلاص الجوهري. فلقد اعتمد البحث العربي على المنطق الاستقرائي، وهو المنطق الذي يحكم البحث التجريبي، واستمد نتائجه في شكل برهاني قائم على الاستدلال بما هو ((حادث في اللغة)) وليس بما ((يجب أن يحدث أو يكون))، ذلك ما أضفى على البحث اللغوي العربي سمته الموضوعية))، وهو الأمر نفسه الذي حصل في اللسانيات وأدى إلى انطلاقها، بل ودخولها في كل العلوم الاجتماعية.
إنكون النص القرآني نصاً لغوياً لا يعني تقديس اللغة وتجاوز التعامل معها بوصفها موضوعاً يخضع لشروط البحث العلمي، فاللغة وسيلة اتصال، وتقديس الرسالة لا يعني تقديس أداة الاتصال ذاتها؛ فثمة اتفاق بين العلماء على هذا المنظور الوظيفي للغة، وهذا يعني نفي أن تكون اللغة قيمة مطلقةً في حدِّ ذاتها يسلبها طابع القداسة وسمة التعالي، بل لقد جعل هذا المنطق في النظر إلى اللغة التفسيرَ والتحليلَ موسومَيْن بالموضوعية أيضاً؛ ذلك أن ذات المفسّر ابتداءً يجب ألا تؤثر في استنباطه، إذ يتحدد دوره في ((استكشاف المعنى)) وليس إنتاجه وتأليفه كما يشير الشاطبي في مقدماته.
بهذا المعنى يمكن القول إن البحث الدلالي في تفسير القرآن عموماً يستند إلى الدليل المادي اللغوي فيتصف بالموضوعية (مقابل الذاتية)، أوَليست مقولة ((التمسك بالظاهر)) هي مقولة عموم المسلمين؟، ثم ألا يشترط العلماء في التفسير موافقة اللغة؟ كل هذا يعود إلى أن القرآن هو من عند الله ((لفظاً ومعنى))، الأمر الذي حفَّز العقل المسلم للبحث اللغوي وطَبَعَه بهذا الطابع الموضوعي إلى الحد الذي أصبح من غير الممكن ((الفصل – على أي مستوى – بين الإسلام واللغة.
ثمة انسجام إذاً بين اللسانيات والبحث الدلالي في القرآن الكريم من زاوية اعتماد الدليل اللغوي المادي المحسوس، لكن مسألة الوضعية – كما أشرنا – لا تتوقف عند هذه الحدود في اللسانيات؛ فاللسانيات نشأت وتعاملت مع النصوص اللغوية ضمن المناخ العلماني، فمجال عملها كان الاستخدام الإنساني للغة.
ومن هنا فإن الإشكال- الذي يطرح عادة – هو: كيف يمكن تطبيق قواعد ومناهج أنتجت للكلام والنصوص الإنسانية على النّص الإلهي المصدر، المفارق للوضعية البشرية؟
لابد من القول أولاً إن المناهج الإسلامية العربيّة لم تفرّق بين النّصين من جهة دلالتهما اللغوية، أقصد بين النّص البشري والقرآن الكريم، وإذا قيل إن المناهج العربية أُسست على محورية النص القرآني، وبه بدأت انطلاقها وذلك يعني أن المناهج العربية قامت أساساً لدراسة النص الإلهي المصدر، فإن هذا القول سيؤدي بنا لاعتبار أن مناهج اللغة العربية هي مناهج أنشئت لدراسة نص إلهي المصدر وطبقت على نصوص بشرية! إلاّ أن أحداً لا يقول بذلك؛ إذ لا يوجد تفريق في الدراسات اللغوية ولا حتى الأصولية يشير إلى الفرق بين الاثنين في المناهج، لكن هل يعني ذلك أنه لا يوجد تمييز في البحوث الدلالية العربية بين النص البشري والنص الإلهي؟ إنها في الواقع تميّز بشكل صارم ولكن على المستوى التأويلي، وليس على المستوى التفسيري اللغوي المباشر. إن الفارق بين نسبة النص إلى الله (سبحانه وتعالى) ونسبته إلى الإنساني توضَّع في نقطتين أساسيتين:
نسبية المعنى والقصد في النص البشري وارتباطها بالسياق الثقافي والتاريخي، في حين يمتلك النص القدرة على التعالي فوق المعطى التاريخي مع وصفه ((فاعلاً آنياً يؤسس التاريخ ويؤثر فيه، ويصنع الثقافة ويتجاوزها دائماً إلى أصلٍ قائمٍ فيه، غائب عن الثقافة، أي لم تقله ولم تفكر فيه بعد)) وهذا ينسجم مع الإيمان بعالميّة الرسالة وأبديتها باعتبارها أمراً ممكناً ومعقولاً، وهذا بالطبع يقتضي عدداً من اللوازم ليس هنا مجال شرحها.
ثمإنه بينما يمكن للنص الإنساني أن يكون ذاتياً لا يحمل رسالةً سوى التعبير عن الذات؛كما هو الحال في النص الإبداعي الأدبي الشعري، إلاّ أنه بالنسبة نصٍ منسوب إلى الإله (كما هو متصور في العقيدة الإسلامية) المستغني عن الغير يعني بالضرورة هدفاً وغايةً ليست ذاتية، وإنما تتعلق بالمفارق (المرسل إليه)؛ ذلك أن الله أيضاً منزه عن العبث، وغير محتاج لأن يعبر عن ذاته لغيره؛ لأجل ذلك ما كان من الممكن للقرآن أن يكون شعراً.
وإذاكان النص القرآني من إحدى زوايا النظر إليه يتمتع بجانب عظيم من الأدبية – وهو أمرٌ يشترك فيه مع النص الإنساني – فإن التركيز على الأدبية واعتبارها الوجه الأوحد للنص يمكن أن يفضي إلى إخضاعه للمعايير الإنسانية؛ لأجل ذلك يمكن القول إن القرآن يتداخل في بنيته مع كل أنواع النصوص الأدبية والإنشائية والخبرية، لكنه في اللحظة ذاتها مفارق لها جميعاً؛ كما توصل الباقلاني في دراسته عن إعجاز القرآن[4].
النظام الصوتي في سورة يس
أولا: النظام الصوتي للكلمات في السورة:
1- قواعد تأليف الأصوات في العربية:
إن اللغة العربية بكلماتها واستعمالاتها المختلفة قائمة على أصول ومبادئ. وكل لفظة منها أخذت سمتا معينا حسب قواعد خاصة.
وهذه الأبنية اللغوية لها فلسفتها الخاصة التي لا تتوافر لأي لغة من لغات العالم فهي تستجيب للاستفهام، وتجيب السائل عنه، فكل أصل لغوي معللة بعلة، ولم يبن اعتباطا أو بدون هدف. [5]
وكلام العرب مبني على مبدأ الاستخفاف والاستثقال، فما خف على الحس كثر دورانه على الألسنة، وما ثقل أهمل استعماله أو قل. [6]
وقد خاض في هذا الميدان علماء العربية وعلى رأسهم أصحاب المعاجم التي صدرت بمقدمات حوت قواعد البناء في العربية. [7]
والعلماء الأجلاء ذموا التنافر ومدحوا التلاؤم، الذي هو تعديل الحروف في التأليف وجعلوا التلاؤم قسمين، فإذا انضاف التنافر يكون تأليف الكلام على ثلاثة أوجه، متنافر ومتلائم في الطبقة الوسطى، ومتلائم في الطبقة العليا، وهو القرآن الكريم. [8]
ومن فوائد التلاؤم حسن الكلام في السمع وسهولته في النطق، وتقبل النفس لمعناه لما يرد عليه من حسن الصورة، فإذا أضيف إلى التلاؤم حسن البيان صار في أعلى الطبقات، وظهر الإعجاز لمن كان جيد الطبع بصيرا بجواهر الكلام. [9]
وقد ذكر القدامى من طرق تآلف الأصوات في البناء العربي فاستحبوا اجتماع بعضها في كلمة واحدة. واستقبحوا اجتماع البعض الآخر، خوفا من الثقل والتنافر، وهذا الأخير هو ما يعتري الكلمة المفردة، من ثقل يتعسر معه النطق بها، مما يقتضي جهدا عضليا زائدا يتعب اللسان [10]. وسنورد بعض الأبنية الصوتية للعربية مع التمثيل من السورة مع الشرح والتحليل.
فقد أوضح الخليل أن اتحاد مخارج الأصوات أو تقاربها، قد يؤدي إلى إهمال بعض الكلمات، فنذكر في باب العين والحاء أنه لا تأتلف منهما كلمة واحدة مستعملة لتقارب مخرجيهما [11]. وإلى هذا أيضا أشار ابن دريد حيث نبه الباحث في معجمه على أهمية الحروف لمعرفة الأبنية، وما يتألف منها، وما لا يأتلف، وسر كل منهما وأوضح أن قرب المخارج يمنع من تأليف بعض الكلمات، لثقلها على اللسان، إذ قال: ((اعلم أن الحروف إذا تقاربت مخارجها كانت أثقل على اللسان منها إذا تباعدت، لأنك إذا استعملت اللسان في حروف الحلق دون حروف الفم، ودون حروق الذلاقة، كلفته جرسا واحدا وحركات مختلفة، ألا ترى أنك لو ألفت بين الهمزة والهاء والحاء فأمكن لوجدت الهمزة تتحول هاء… نحو قولهم أم والله، هم والله…))[12].
فالخليل تحدث عن تنافر الحروف الذي يحدث إذا تركب الكلام من مخارج بعيدة أو قريبة. لأن الكلام إذا قربت أصواته قربا شديدا، كان ذلك بمنزلة المقيد.
فالعين والحاء لا تجتمعان في بناء عربي، لأن العين صوت احتكاكي، حلقي، مجهور مرقق والحاء صوت حلي احتكاكي مهموس مرقق، فلهذا القرب الشديد بين الصوتين العين والحاء، لا تأتلف منهما الكلمة العربية [13]، وبالفعل هنا ما لاحظناه في آيات سورة التغابن حيث لم ترد كلمة تجمع بين الحاء والعين: الحمد، رحيم، عذاب، جمع، العزيز….
وقد أجاز العلماء اجتماع الكاف والقاف بصوت الشين لتفشيه، فالشين صوت غاري احتكاكي مهموس مرقق، متفش. يتكون حين يلتقي طرف اللسان بمؤخرة اللثة ومقدم الحنك الأعلى[14]. والتفشي ناتج عن كثرة انتشار الهواء بين اللسان والحنك [15]. وقد ائتلفت الشين مع الكاف في السورة الكريمة متمثلة في لفظة: شكور.
وخلاصة ما توصل إليه العلماء هو نفي أن يكون تباعد المخارج سببا في عدم التلاؤم، لأن الحروف كلما تباعدت في التأليف كانت أحسن. وإذا تقارب الحرفان في مخرجيهما قبح اجتماعهما، ولاسيما حروف الحلق، وقد اختلفوا في توظيف هذه المسألة في الفصاحة ورتبها، على حين عد بعضهم كالخفاجي تباعد مخارج الحروف شرطا من شروط الفصاحة لأن الكلام الذي يسلم من استكراه الحروف وتنافرها هو أكثر ما يجري لدى الناس في كلامهم ومحاوراتهم، أما الاستكراه والتنافر فيعرض في أشياء قد تكون من تكلف الشعراء أو من اصطناع التحارير الذين ربما أدخلوا في الكلام العربي ما ليس منه إرادة التعنت واللبس. [16].
وذهب ابن جني وابن فارس (ت395هـ) إلى توظيف هذا الدرس الصوتي في معرفة المهمل والمستعمل في كلام العرب، وكان الخليل هو الذي فرق بين هذين النوعين من الكلام في معجمه “كتاب العين”. فالمهمل كما يقول (ابن جني وابن فارس) هو ما رفض استعماله لتقارب حروفه، نحو: سص و صص. وما لم تقله العرب وإن لم يكن متنافرا – ما جاء خاليا من حروف الذلاقة إذا كان حتما سيئا. [17]
وبالفعل لم نجد في السورة كلمات ائتلفت من أصوات قريبة المخرج، لثقلها على اللسان فقد تميزت لغة السورة بالتلاؤم بين أصواتها، على مستوى اللفظة المفردة، فلم تجدني قراءتها انتقالا بين أصوات شديدة التقارب في المخرج بحيث يؤدي تنافرها الذي يعوق تذوق التلاوة وجمال الانسجام الموسيقي بين الأصوات. [18]
ويشبه ابن سنان الأصوات المتباعدة بالألوان، إذ يقول: ((أن يكون تأليف تلك اللفظة من حروف متباعدة المخرج وهي أن الحروف التي هي أصوات تجري من السمع مجرى الألوان في البصر، ولاشك أن الألوان المتباينة إذا جمعت كانت في المنظر أحسن من الألوان المتقاربة)) [19].
ومن الأبنية في اللغة العربية ما يمنع اجتماع ثلاثة أصوات من جنس واحد، أي من مخرج واحد، خدمة للتلاؤم الصوتي، وطلبا للخفة، والتمكن من النطق وأصعب هذه الأصوات حروف الحلق. وإن اجتمع اثنان في كلمة عربية يبدأ بالأقوى من الصوتين، ويؤخر الألين والأضعف [20]. أو إذا اجتمع منها في كلمة اثنان وجب أن يكون بينهما فاصل[21]. مثل: أصحاب – الأنهار فقد فصل بين الهمزة والحاء بالصاد في المثال الأول وبالنون في المثال الثاني وقد تجمع هذه الأصوات في مواضع ثلاثة [22]:
الأول: أن نبدأ بالهمزة، فيجاورها من بعدها أحد الأحرف الحلقية كالهاء نحو [أهلهم] [23].
الثاني: ائتلاف الهاء مع العين، ولا تكون العين إلاّ مقدمة لأن العين مجهور احتكاكي مرقق، والهاء مهموس احتكاكي.
الثالث: ائتلاف العين مع الخاء، ولا تكون الخاء إلاّ مقدمة. ففي كلا الموضعين الأخيرين لم نعثر على أمثلة في السورة. فإذا اجتمع صوتان من مخرج واحد وجب الابتداء بالأقوى وتأخير الأضعف.
كما أن الحروف التي تحسن في التركيب الصوتي وقد حددها العلماء، وهي القاف والعين، حيث رأوا أنهما لا يدخلان في كلام إلاّ حسنتاه، لأنهما أطلق الحروف، فالعين أنصع الحروف جرسا [24]. وألذها سماعا، أما القاف فأمتن الحروف وأنصعها جرسا. فالعين صوت حلقي احتكاكي (رخو) مجهور مرقق، والقاف صوت لهوي انفجاري (شديد) مهموس شبه مفخم أي مستعل، وهذان الصوتان إذا أدخلا في بناء عربي استحسن ذلك التركيب، من مثل ما جاء في السورة: عليم، عذاب، لتبعثن، الجمع، أطيعوا، العزيز، قدير، خلق، بالحق، يوق، قرضا….
أما الأصوات التي يمتنع مجيئها في التركيب هي الضاد والكاف، لكن إذا تقدمت الضاد ائتلفت وإذا تأخرت لا تتركب في أصل العربية [25].
ومن الأصوات التي لا تتركب بعضها مع بعض سواء تقدمت أو تأخرت، وهي: السين والتاء والزاي والظاء والصاد، وذلك لتقارب مخارج هذه الأصوات تقاربا يؤدي إلى الثقل و التعاظل في النطق [26].
الأصوات التي يجب وقوعها في بناء الكلمة العربية وقد حددوها بأنها الحروف الذلقية، وهي ستة: الفاء والباء، والميم واللام، والراء والنون وحروفها أخف الحروف نطقا، وأكثرها في الكلام، وأحسنها في البناء.
أكثر الأصوات استعمالا عند العرب هي: الواو، الياء والهمزة. وأقل ما يستعملون على ألسنتهم لثقلها: الطاء ثم الدال، ثم الثاء ثم السين ثم الفاء ثم الحاء ثم العين ثم النون فاللام فالراء، فالباء ثم الميم.
وأحسن أضرب التأليف في العربية تأليف الحروف المتباعدة.
الدراسة الإحصائية لأصوات سورة يس.
الأصوات الصامتة:
عدد الأصوات الصامتة في السورة الكريمة هي: 845 صوت وهي مقسمة حسب الجدول الآتي:
الصوت | عدد التواتر | النسبة المئوية | الصوت | عدد التواتر | النسبة المئوية |
أ | 52 | 6. 15 | ض | 06 | 0. 71 |
ب | 38 | 4. 49 | ط | 04 | 0. 47 |
ت | 39 | 4. 61 | ظ | 02 | 0. 23 |
ث | 03 | 0. 35 | ع | 32 | 3. 78 |
ج | 06 | 0. 71 | غ | 08 | 0. 94 |
ح | 16 | 1. 89 | ف | 36 | 4. 26 |
خ | 07 | 0. 82 | ق | 14 | 1. 65 |
د | 14 | 1. 65 | ك | 35 | 4. 14 |
ذ | 16 | 1. 89 | ل | 141 | 16. 68 |
ر | 40 | 4. 73 | م | 86 | 10. 17 |
ز | 06 | 0. 71 | ن | 67 | 7. 93 |
س | 19 | 2. 25 | و | 61 | 7. 22 |
ش | 06 | 0. 71 | هـ | 47 | 5. 56 |
ص | 11 | 1. 30 | ي | 33 | 3. 90 |
الجهر والهمس:
الأصوات المجهورة ونسبها | الأصوات المهموسة ونسبها
| ||
أ | 6. 15 | س | 2025 |
ب | 4. 49 | ك | 4. 14 |
ج | 0. 71 | ت | 4. 61 |
د | 1. 65 | ف | 4. 26 |
ذ | 1. 89 | ح | 1. 89 |
ر | 4. 73 | ث | 0. 35 |
ز | 0. 71 | ه | 5. 56 |
ض | 0. 71 | ش | 0. 71 |
ظ | 0. 23 | خ | 0. 82 |
غ | 0. 94 | ص | 1. 30 |
ل | 16. 68 | ق | 1. 65 |
م | 10. 17 | ط | 0. 47 |
ن | 7. 93 |
|
|
و | 7. 22 |
|
|
ي | 3. 90 |
|
|
ع | 3. 78 |
|
|
النسبة الإجمالية للأصوات المجهورة هي: 71. 89 %.
النسبة الإجمالية للأصوات المهموسة هي: 28. 01%.
الشدة والرخاوة.
الإنفجارية – الاحتكاكية – المتوسطة.
الأصوات الشديدة ونسبها
| الأصوات الرخوة ونسبها | الأصوات المائعة ونسبها | |||
ب | 4. 49 | س | 2. 25 | ل | 16. 68 |
ت | 4. 61 | ز | 0. 71 | ر | 4. 73 |
د | 1. 65 | ص | 1. 30 | م | 10. 17 |
ط | 0. 47 | ش | 0. 71 | ن | 7. 93 |
ض | 0. 71 | ذ | 1. 89 |
|
|
ك | 4. 14 | ث | 0. 35 |
|
|
ق | 1. 65 | ظ | 0. 23 |
|
|
أ | 6. 15 | ف | 4. 26 |
|
|
|
| هـ | 5. 56 |
|
|
|
| ح | 1. 89 |
|
|
|
| خ | 0. 82 |
|
|
|
| ع | 3. 78 |
|
|
|
| غ | 0. 94 |
|
|
النسبة الإجمالية للأصوات الشديدة: 34. 99 %.
النسبة الإجمالية للأصوات الرخوة: 24. 69 %.
ظواهر دلالية في سورة يس:
ويمكننا أن نفرد بالنظر في الوظائف الدلالية للسورة الكريمة أمرين:
♦ أولهما الوظيفة الجمالية، يؤدي هنا أغراضا جمالية وأخلاقية. فالقرآن الكريم يحمل في مجازاته مراعاة العرف والعوائد في التعبير وتصريف القول.
♦ وثانيها الوظيفة التعبيرية؛ ذلك أن القرآن الكريم وإن نزل بلغة قريش إلا أنه يتخير من لغة القبائل الأخرى، يتخير من اللفظ ما عذب مخرجه وطاب مسلكه وناسب حال.
1- الترادف:
الأصل في الألفاظ أن يختص كل لفظ بمعنى معين، ولا شك أن الألفاظ العربية في بدء نشأتها قد قصد بها أن يعبر كل لفظ عن معنى معين وان تكون له دلالته المستقلة. لكن اللغة في كثير من جوانبها لها منطق خاص يبدو في أكثر الأحيان على جانب كبير من الغرابة يظهر ذلك واضحا في مجال الألفاظ ودلالتها حيث تجعل اللفظ الواحد أكثر من معنى وللمعنى الواحد أكثر من لفظ. [27]
قال الإمام الرازي: “هو الألفاظ المفردة الدالة على شيء واحد باعتبار واحد[28] و قد أشار إليه ابن جني تحت إسم: باب في تلاقي المعاني على اختلاف الأصول والمباني. ومثل له بالطبيعة والغريزة والنقية والضريبة والسجية والطريقة والسليقة.
وللترادف أثره الإيجابي في الاستخدام اللغوي، فهو يساعد على إظهار ألوان المعاني وظلالها. ويسميها بعض الباحثين خاصية التلوين الداخلي.
والمترادف اللفظي[29] ورد في السورة في مواضع منها:
﴿ فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ﴾ [يس: 9].
﴿ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ ﴾ [يس: 23].
﴿ وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ ﴾ [يس: 33].
﴿ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ ﴾ [يس: 43].
﴿ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [يس: 50].
وتقتضي دواعي التدبر أن يكون:
نفي الابصار مرادفا للغشاوة،
نفي الانقاذ نفيا للشفاعة،
إخراج الحب مرادفا لإحياء الأرض،
نفي الانقاذ نفيا للصريخ،
نفي الرجوع نفيا للتوصية.
وهي ذات مذاق بلاغي ووظيفي مختلف، فكل زوجين اثنين يؤدي الدلالة ذاتها بما يزيدها تقوية وتأكيدا، وهذا أحد الأوجه البلاغية المتضمنة في السياق البلاغي بما يفيد التواصل والتبليغ.
لقد كان من هموم البلاغة العربية والبلاغيين مسألة التواصل مع السامع وتنويع الكلام وتفريعه لغاية إمتاعه وضمان استماعه، والتغلغل إلى وجدانه العميق بغية ضمان بلوغ المعنى مبلغا يرضي المتكلم والمتحدث.
وكانت اللغة العربية شفهية؛ تخضع في بنيتها التركيبية وأساليب التوصيل للنظام الشفهي؛ فكان المتحدث -الخطيب أو الشاعر- ينوع أساليب التبليغ، ومن هنا كانت البلاغة بكل تفريعاتها ومكوناتها وسيلة لغاية؛ هي النفاذ إلى نفس السامع والمتلقي[30].
إن المقام الذي أوردت فيه السورة المترادف اللفظي المذكور؛ يشير إلى مقتضيات الايمان بالتنزيل وبعقيدة البعث والنشور.
وهي تصوير للنفس المنكرة في حالة البشاعة التي تماثلها وهي العشو وعدم الابصار. فكأن الحالة العقلية التي تربصت بالرسول صلى الله عليه وسلم تريد به سوءا إذا بها تجازى بما يناسب ويرادف وهي عشو البصر، فذاك عشو في العقل وهذا عشو في العين.
ويتدرج التعبير القرآني إلى معنيين مترادفين آخرين يمثلهما مشهد الرسول الثالث القتيل، وقد صدع باليقين، ومؤداه عجز الآلهة وبطلانها، فجعل حقيقتها في صفتين اثنتين: الأولى أنها لا تغن، والثانية أنها لا تشفع.
والصفتان حينئذ مترادفتين دالتين على مطلق العجز، وهو في الحقيقة تهكم لاذع بمن يتخذها آلهة من دون الله.
حتى إذا امتلأت نفس المتلقي بهذا المعنى، يصفه القرآن إلى تحقيق القوة والجبروت لله تعالى في توجيه النظر إلى الأرض كيف تهتز بالحياة وتخرج حبها للناس، والمعنيان مترادفان لأنهما دالان على الشيء نفسه، وهي تقتضي تأثيرا في المتلقي بأن تمتلئ نفسه إيمانا بالجلال الالهي الحق.
إن المترادف اللفظي حمل في سياق واحد دلالات متعددة، محققة إفهاما لمقامات متباينة بأيسر لفظ وأقصره.
وبفضل هذه الوسيلة تكتسب الكلمات نفسها نوعا من الطواعية فتظل قابلة للاستعمالات الجديدة من غير أن تفقد معانيها القديمة. واستعمال اللفظ في معنى مجازي يجعله أكثر أدبية إذ يصبح مليئا بالحيوية والإشراق قادرا على التأثير في النفس فضلا عما يثيره -خاصة إذا كان مجازا جديدا -من دهشة واهتمام.
2- المشترك اللفظي:
وهو اللفظ الواحد له أكثر من معنى، ومثال ذلك العين التي هي في الأصل عضو الإبصار، فلأن الدمع يجري منها كما يجري الماء، أو لمعانها وما يحف بها من أهداب تشبه عين الماء التي تحف بها الأشجار، والعين من أعيان الناس وهم وجهاؤهم، لقيمتهم في المجتمع التي تشبه قيمة العين في الأعضاء، والعين بمعنى الإصابة بالحسد لأن العين هي المتسببة في هذه الإصابة.. وما إلى ذلك من معان.
والقول بالمشترك هو تأكيد على اعتباطية العلاقة بين الدال والمدلول، ذلك أن اللزوم لو وقع لامتنع التعدد الدلالي للفظ الواحد، وقد فسر اللغويون العرب أسباب ورود المشترك فأرجعوها إلى الأطلس اللساني بمعنى توزع القبائل في مناطق شتى وربما متباعدة، وتفرض الحاجة إلى التعبير إطلاق الاسم المعلوم على المسمى الجديد[31]، فتكون بذلك ثروة لغوية. فقد كان شأن الناس أن يسموا القافلة سيارة، فلما تغيرت أحوال الحضارة وأشياؤها صارت السيارة مركبة من حديد.
وفي السورة ألفاظ عدة هي مثال على المشترك اللفظي منها:
القول: يستعمل على أوجه” ظاهرها أن يكون للمركب من الحروف المبرز بالنطق مفردا كان أو جملة”[32]؛ ويأتي على معان متعددة منها: الاعتقاد، والصدق، والحدّ، والالهام، والعلم، وغيرها…
وجاءت الكلمة في سورة يس في مواضع شتى نذكر منها:
﴿ لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [يس: 7].
﴿ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ ﴾ [يس: 14].
﴿ قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ ﴾[يس: 15].
﴿ قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ ﴾ [يس: 16].
﴿ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [يس: 18].
﴿ قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون ﴾ (19).
﴿ قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ﴾ [يس: 19].
﴿ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴾ [يس: 26].
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [يس: 47].
﴿ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [يس: 70].
﴿ فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ [يس: 76]
﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴾ [يس: 78]
﴿ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴾ [يس: 79].
ويلاحظ المتأمل في الصياغة الاشتقاقية لمستعمل مادة (ق و ل) في الآيات المذكورة أنها وردت:
♦ بصيغة الفعل المبني للمعلوم: فدلت على الماضي (قال / قالوا) حكاية، ودلت على الأمر (قـل) الذي لوجوب التنفيذ.
♦ بصيغة الفعل المبني للمجهول (قيل) وقد وردت مرتين، أشارت في الآية 26 إلى جزاء الآخرة، وفي الآية 47 خطاب الرسل للذين كفروا.
♦ بصيغة المصدر (قول) متين، ففي الآية 7 وفي الآية 76.
كما يمكن ملاحظة أن سياق الآية تحكم في التوجيه الدلالي لمستعمل مادة (ق و ل) فجاءت للدلالة على معان مختلفة، يمكن تحديدها كالآتي:
سياق الآية | دلالتها |
14/ 15/ 16/ 18/ 19/ 20 | دلت أفعال (قال/ قالوا) على المحاورة بين الرسل وأهل القرية، وقد تنوعت الأغراض بين التوجيه والانكار والتأكيد والتهديد ثم البيان آخرا. |
26 | خطاب من الله للرسول القتيل، وهو خطاب الجزاء بدخول الجنة. |
7 | القول بمعنى الأمر الالهي الغالب، وهو الحق الذي لا مرية فيه |
8 | القول بمعنى التكذيب، وهو تكذيب الكافرين للرسول عليه الصلاة والسلام. |
ومقتضى كلمة القول في الاستعمال اللغوي في السورة، أنها من المشترك اللفظي الذي أتى للدلالة على المحاورة وعلى الجزاء وعلى التكذيب، وفي هذا إشارة إلى أن النظام اللغوي في القرآن جرى على سنن العرب في الكلام، ومن ثمّ يصدق أنه بلسان عربي.
3- التضاد:
وجود لفظين يختلفان نطقا ويتضادان معا كالقصير في مقابل الطويل والجميل في مقابل القبيح ولا نعني به اللفظ المستعمل في معنيين متضادين كالجون للأبيض والأسود.
والتضاد الذي نعنيه من أكثر العلاقات الدلالية أهمية بين الألفاظ لما له من دور كبير في تحديد معاني كثير من الألفاظ وتقريبها إلى الذهن. وقد فطن اللغويون القدامى[33] إلى هذه العلاقة واستعملوها في تغيير بعض الالفاظ، وقد عبروا عنه بالألفاظ التالية:
♦ نقيض، ففي اللسان: “الذل نقيض العز والجزع نقيض الصبر”.
♦ ضد، ففي اللسان: “الغني مقصور ضد الفقر، والفقر ضد الغنى”.
♦ الخلاف، ففي اللسان “المملوك خلاف الحر”.
وفي الدراسات الدلالية الحديثة يأتي على أنواع:
Non gradable التضاد الحاد أو غير المتدرج، ومنه التقابل، والتعاكس مثل: حي ميت، متزوج، عازب ذكر أنثى وهذه المتضادات تقسم عالم الكلام بحسم دون الاعتراف بدرجات اقل او أكثر ونفي أحد عضوي التقابل يعني الاعتراف بالآخر وهذا النوع قريب من النقيض عند المناطقة، ويتفق مع قولهم ان النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان. أو أنهما لا يمكن أن يصدقا مع أو يكذبا معا، فإذا قلت: إن فلان غير متزوج فهذا يعني الاعتراف بأنه عازب.
Gradable التضاد المتدرج: الذي يمكن أن أن يقع بين نهايتين لمعيار متدرج أو بين أزواج من المتضادات الداخلية وإنكار أحد عضوي التقابل لا يعني الاعتراف بالآخر،فقولنا: الحساء ليس ساخنا لا يعني الاعتراف بأنه بارد.
وهذا النوع من التضاد نسبي، فمثلا قولنا: الحساء ساخن يعني انه ساخن بالنسبة لأوجه الحرارة المعينة للحساء، وللسوائل كلها أو السوائل المقدمة مع وجبة..
ويكثر في القرآن الكريم هذا النوع من التضاد وهو بتناسب.
ويرد في سياق السورة التضاد اللفظي في سياق التضاد بين المحسوسات والحالات والأحوال والمصائر، ففئة الذين آمنوا غير الذين كفروا والسماء غير الأرض والسر غير العلن والغيب غير الشهادة.
ولكل من هذه المتضادات وجه بلاغي ينفرد به.
وفي السورة مواضع عدة تضمنت تضادا لفظيا، نذكر منها:
السماوات والأرض،
كافر ومؤمن
تسرون وتعلنون
الغيب والشهادة
ما يسرون وما يعلنون، فالله يعلم الجهر من القول وما تعلنون. وقد يقول القائل كل ما جهر به معلوم عند سامعه، فلا مزية لله فيه هنا. وبإيراد نقيضه ينجلي التمييز فإذا كان كل ما جهر به معلوم عند سامعه، فما أسر به ليس كذلك، وهو عند الله كذلك كالمعلن سواء بسواء. وليس هذا إلا لله. فإيراد المعلن جاء لتجلية السر والخفي وهذا من روائع البلاغة بهذا المقام. وسائر المتضادات تشير إلى الغاية نفسها.
كافر ومؤمن الكفر والإيمان، صورتان متقابلتان لنمطين من السلوك والبشر. فجزاء الكفر النار، وجزاء الإيمان الجنة. وكلاهما من مظاهر قدرة الله وملكه. وقد أوردت السورة واقع الكافرين وسوء مآلهم في الآخرة، وما أعد لهم من عذاب وأوردت المؤمنين وصفاتهم ومآلهم وما أعد لهم من نعيم، جزاء لإيمانهم وتسبيحهم باسم الله فما من وجه من الوجوه البلاغية إلا ويؤول في منتهاه إلى ما ابتدأت به السورة.
الغيب والشهادة وصف الله نفسه بأنه عالم الغيب و الشهادة فلا يتصف بهذا سواه. فهو عالم الغيب على الإطلاق فما من أمر لم ينجل في زمنه إلا ولله به علم قبل أن ينجلي مجرد من الزمن، فالله لا يحده زمن ولا يحد علمه زمن لاحق أو سابق. فهو ليس بحادث والخلق ليس كذلك. فلا يعلمون بالحدث إلا في زمن مخصوص على وجه مخصوص. وعلمهم حادث. فرغم اشتراك الخلق والخالق في لفظ العلم إلا أن ماهيتا العلمين غير متماثلتين. والله يعلم الشهادة، وهي كل أمر مشهود، وتطلق لفظ الشهادة على الدنيا والغيب على الآخرة. فالدنيا مشهودة من الناس، والآخرة مغيبة عنهم. وعلم الغيب والشهادة من خصوصيات الله تعالى لا يشاركه فيهما أحد وهما من مقتضيات الملك. وهذا من أوجه الدلالة البلاغية هنا.
إن السورة الكريمة تترابط في سياقاتها الدلالية البلاغية فلا مشترك لفظي أو تضاد أو ما سواه من الأوجه البلاغية إلا ويؤدي غرضا لا يسده وجه أو لفظ سواه، وكلها تنتهي إلى المعنى المركزي المتمثل في مبتدأ السورة الكريمة:
﴿ يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ﴾ [يس: 1 – 5].
تعليقات وجيزة:
عن أبي بصير عن أبي عبد الله الحسين قال: (إن لكل شيء قلباً وإن قلب القرآن يس).
هذه السورة مكية ذات فواصل قصيرة. وايقاعات سريعة، وقصر الفواصل مع سرعة الايقاع يطبع السورة بطابع خاص، فتتلاحق إيقاعاتها وتدق على الحس دقات متوالية، يعمل على مضاعفة أثرها ما تحمله معها من الصور والظلال التي تخلعها المشاهد المتتابعة من بدء السورة إلى نهايتها، وهي متنوعة وموحية وعميقة الآثار.
الموضوعات الرئيسية للسورة هي موضوعات السور المكية. وهدفها الأول هو بناء أسس العقيدة فهي تتعرض لطبيعة الوحي وصدق الرسالة منذ افتتاحها: ﴿ يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [يس: 1 – 3] وتسوق أصحاب القرية إذ جاءها المرسلين. لتحذر من عاقبة التكذيب بالرسالة والوحي، وتعرض هذه العاقبة في القصة على طريقة القرآن في استخدام القصص لتدعيم قضاياه. وقرب نهاية السورة تعود إلى الموضوع ذاته: ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ ﴾ [يس: 69].
كذلك تتعرض السورة لقضية الألوهية والوحدانية. فيجيء استنكار الشرك على لسان الرجل المؤمن الذي جاء من أقصى المدينة ليحاج قومه في شأن المرسلين وهو يقول: ﴿ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [يس: 22]… وقرب ختام السورة يجيء ذكر هذا الموضوع مرة أخرى: ﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [يس: 74].
القضية التي يشتد عليها التركيز هي قضية البعث والنشور وهي تتردد في مواضع كثيرة في السورة تجيء في أولها: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ﴾ [يس: 12]. وتأتي في قصة أصحاب القرية. فيما وقع للرجل المؤمن. وقد كان جزاؤها العاجل في السياق قال: ﴿ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴾ [يس: 26، 27]… ثم ترد في وسط السورة: ﴿ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [يس: 48]… ثم يستطرد السياق إلى مشهد كامل من مشاهد يوم القيامة. وفي نهاية السورة ترد هذه القضية في صورة حوار: ﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴾ [يس: 78، 79].
هذه القضايا المتعلقة ببناء العقيدة من أساسها. تتكرر في السور المكية. ولكنها تعرض في كل مرة من زاوية معينة، تحت ضوء معين، مصحوبة بمؤثرات تناسب جوها، وتتناسق مع إيقاعها وصورها وظلالها. هذه المؤثرات متنوعة في هذه السورة، من مشاهد يوم القيامة، ومن مشاهد القصة، ومن مصارع الغابرين، ومن المشاهد الكونية المتنوعة. وإلى جوار هذه المشاهد مؤثرات أخرى تلمس الوجدان الإنساني وتوقظة. منها صورة المكذبين اللذين حقت عليهم كلمة الله: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ ﴾ [يس: 8]. ومنها صورة نفوسهم في سرهم وفي علانيتهم مكشوفة لعلم الله، ومنها تصوير لصورة الخلق بكلمة لا تزيد: ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82]… وكلها مؤثرات تلمس القلب البشرى وهو يرى مصداقها في واقع الوجود.
الخاتمة:
كم ذا كنت أتهيب الزلل والخطأ لأن بحثي البسيط هذا اقترب من قلب القرآن، والقرآن كله متعال، أليس هو المتواتر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رواية، وهو الذي تلقاه عن الأمين جبريل عليه السلام، بعد أن أذن له بالعزة أن يتنزل به على القلب الطاهر والعقل الزكي، ولو أنزل على جبل لتصدع.
وحافزي في الدراسة كان تعبديا، لأنني أردت خدمة الكتاب العزيز بما حاولت تقديمه من استخراج لظواهر النظام اللغوي في سورة يس.
وانتهت مدارستي إلى مجموعة من الأمور:
♦ أن السورة في أصواتها المفردة، وظفت أصوات العرب ولكنها توزعت بين مختلف المخارج والصفات فكان منها المهموس ومنها المجهور.
♦ فهي مبنية في أساسها بأصوات العربية كأحسن ما يكون البناء.
♦ ثم ظهر فيها النبر والتنغيم لأداء بعدين أحدهما صوتي لوقوعه في النفس والحس والآخر معنوي دلالي لوقوعه في العقل والقلب.
♦ ثم حققت وظائف بلاغية جمالية كالإفادة والتوكيد، ووظائف دلالية خاصة بالترادف والمشترك والتضاد.
♦ وخلصت الدراسة في خاتمتها إلى أن النظام اللغوي في السورة متسق مع لغة العرب، ولكن المنهج الوصفي الصارم لا يصمد أمام روعة هذا النظام، ولذلك صرت أفهم لماذا هو معجز.
فالله أسأل أن يوفقنا لخدمة كتابه العزيز.
شبكة الألوكة
[1] يمكن مراجعة ما كتبه مصطفى الرافعي في كتابه عن إعجاز القرآن.
[2] عبد الرزاق قسوم: مدارس الفكر الاسلامي المعاصر، دار الغرب الاسلامي بيروت ص 98.
[3] عبد السلام المسدي: التفكي اللساني عند العرب ص 15
[4] أحمد مختار عمر: البحث اللغوي عندالعرب ص 103
[5] ينظر: عبد الغفار حامد هلال، أصوات اللغة العربية – ص 165.
[6] ينظر ابن جني: الخصائص: تحقيق: محمد علي النجار – بيروت -دار الكتب الغربي- د ط دت.ج1.ص 24-57-67.
[7] ينظر: إخوان الوفاء وخلان الصفاء،رسائل – دار بيروت للطباعة – 1983.ج1 – ص 194.
[8] ينظر: الرماني، النكت في إعجاز القرآن (ضمن ثلاث رسائل في الإعجاز) تحقيق: محمد خلف الله، محمد زغلول سلام – مصر – دار المعارف – 1968م – ط2.- ص 95.
[9] ينظر: الباقلاني: إعجاز القرآن – تحقيق: أحمد صقر -القاهرة -دار المعارف -1981م- ط5 – ص 270.
[10] الشيخ، عبد الواحد حسن: التنافر الصوتي والظواهر السياقية – مصر- مكتبة الإشعاع -1999م – ط1.- ص 08.
[11] ينظر السيوطي: المزهر: تحقيق محمد جاد المولى بك ومحمد أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد البجاوي – بيروت – مكتبة صيدا – 1986م.المجلد1 – ص 185.
[12] ابن دريد: الجمهرة 1/ 9.
[13] ينظر دالي صباح: البناء الصوتي في سورة الكهف ص 69.
[14] ابن جني: سر الصناعة 2/ 77.
[15] ينظر: خولة طالب الإبراهيمي، مبادئ اللسانيات – ص 88.
[16] ابن دريد: الجمهرة 1/ 7.
[17] ينظر السيوطي: المزهر 1/ 240.
[18] ينظر دالي صباح: البناء الصوتي في سورة الكهف ص 73 3.
[19] ابن سنان الخفاجي: سر الفصاحة: شرحه: عبد المتعال الصعيدي- القاهرة-مكتبة محمد علي صبيح -1969م – ص54.
[20] ابن دريد: الجمهرة 1/ 9.
[21] ينظر السيوطي: المزهر 1/ 192.
[22] ابن جني: سر الصناعة 2/ 812.
[23] يس / 50.
[24] ينظر: الفراهيدي: العين 1/ 53.
[25] ينظر: أبي منصور الأزهري: تهذيب اللغة: تحقيق عبد السلام هارون، مصر، دار القومية العربية للطباعة -1964م.المجلد1 – ص46.
[26] ينظر: عبد الواحد حسن الشيخ: التنافر الصوتي والظواهر السياقية – ص 26.
[27] صبحي صالح: دراسات في فقه اللغة ص 293
[28] السيوطي.المزهر، شرح وضبط وتعليق محمد جاد المولى ومحمد أبو الفضل ابراهيم وعلي البجاوي، دار التراث ط 3ج 1ص 402
[29] نزع الرأي بين الدارسين منزعين اثنين أحدهما يثبت الترادف في القرآن والثاني ينكره.
[30] أحمد بن شريف: اللغة الشفهية والبلاغة العربية، مجلة قضايا دولية، عدد7/ 1998، باكستان
[31] ينظر: جلال الدين السيوطي، المزهر في علوم اللغة ج3 ص452
[32] الراغب الاصفهاني: المفدات في غريب القرآن (باب ق و ل) ص415
[33] كتاب علم اللغة بين القديم والحديث د.عبد الغفار هلال 1986 ط 2.ص 297.