الأسماء التي تعمل عمل أفعالها (2)
معمول الصفة المشبهة له ثلاثة أحوال، وهي:
1- إذا كان مضافًا إلى ضمير الموصوف؛ مثل: زيدٌ حسنٌ وجهُهُ، فهو مرفوع على أنه فاعل للصفة المشبهة.
2- إذا كان مقترنًا بأل مثل: زيدٌ حسنُ الوجهِ، فالأفضل جره بالإضافة، ويجوز نصبه على أنه شبيه بالمفعول به[7].
3- إذا كان نكرة مثل: زيدٌ حسنٌ وجهًا، فهو منصوب على أنَّه تمييز، وهذا هو الراجح، ويجوز اعتباره شبيهًا بالمفعول به.
7- اسم التفضيل وعمله:
«هو صفة دالة على المشاركة وزيادة»، تقول: صالح أقوى من سالم، فأقوى اسم تفضيل دلَّ على مشاركة صالح لسالم في القوة، لكن صالحًا يزيد على سالم في هذه الصفة.
ولاسم التفضيل أربع حالات، وهي:
الأولى: أن يكون مجردًا من أل والإضافة، ويُذكَر بعده المفضولُ مجرورًا بمِن، وفي هذه الحالة يبقى اسم التفضيل مفردًا مذكرًا، ولو تغيَّر ما قبله وما بعده، تقول: هذا الرجلُ أفضل من غيره، وهذان الرجلان أفضل من غيرهما، وهؤلاء الرجال أفضل من غيرهم، وهذه المرأة أفضل من غيرها، وهاتان المرأتان أفضل من غيرهما، وهؤلاء النساء أفضل من غيرهنَّ.
الثانية: أن يكون مضافًا إلى نكرة، وهذه الحالة كالتي قبلها يبقى اسم التفضيل مفردًا مذكرًا؛ تقول: هذا أفضلُ رجلٍ، وهذان أفضل رجُلين، وهؤلاء أفضلُ رجال، وهذه أفضلُ امرأةٍ، وهاتان أفضل امرأتين، وهؤلاءِ أفضلُ نساءٍ.
الثالثة: أن يكون معرفًا بأل، وفي هذه الحالة يجب أن يُطابِق ما قبله ولا يُذكَر المفضلُ منه، تقول: زيدٌ هو الأفضلُ، والزيدان هما الأفضلان، والزيدون هم الأفضلون، وهندٌ هي الفضلى، والهندان هما الفضليان، والهندات هنَّ الفضلَيات.
الرابعة: أن يكون مضافًا إلى معرفةٍ، وفي هذه الحالة يجوز أن يبقى مفردًا مذكرًا (كما في الحالتين الأولى والثانية)، ويجوز أن يطابق ما قبله (كما في الحالة الثالثة)، تقول: هندٌ أفضل النساءِ أو فُضلى النساء، والزيدان أفضلُ الرجالِ أو أفضلا الرجال، والزيدونَ أفضلُ الرجالِ أو أفاضلُ الرجالِ، والهنداتُ أفضلُ النساءِ أو فُضلَياتُ النساءِ.
وورد في القرآن الكريم: ﴿ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ ﴾ [البقرة: 96]، بعدم المطابقة، و﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا ﴾ [الأنعام: 123] بالمطابقة.
عمل اسم التفضيل:
اسم التفضيل لا يصح أن يحل محله فعل، لذلك لا يَنصب مفعولًا[8]، ولا يكون فاعله إلا ضميرًا مستترًا، ففي قولك: خالد أفضل من زيد، فاعل أفضل ضمير مستتر يعود إلى خالد، وواضح أنه لا يصح أن يَحلَّ محلَّ أفضل فعلٌ، فلا يقال: خالدٌ يفضل من زيد.
ولا يرفع الاسم الظاهر إلا في مسألة يصح أن يحل فيها فعلٌ محلَّ اسمِ التفضيل، وهذه المسألة سماها النحاة (مسألة الكحل)[9]، وضابط هذه المسألة أن يتقدم نفي بعده اسمُ جنسٍ موصوفٌ باسمِ تفضيلٍ بعده اسمٌ مفضَّلٌ على نفسه باعتبارَين، مثل: ما رأيتُ رجلًا أحسنَ في عَينَهِ الكحلُ منه في عينِ زيدٍ، فقد تقدم النفي بما، واسم الجنس (رجل)، وهو موصوف باسم التفضيل (أحسن)، وبعده الكحل وهو مفضَّل على نفسه، فكأننا قلنا: الكحل أحسن من الكحل، لكن باعتبارين، فالكحل باعتباره في عين زيد أحسن من الكحل باعتباره في عينِ غيرِ زيدٍ، فهو مفضَّلٌ من وجه ومفضَّـلٌ عليه من وجه آخر، وفي هذه المسألة يصح أن يحل الفعل (يحسن) محل اسم التفضيل (أحسن)، تقول: ما رأيت رجلًا يَحسُنُ في عينه الكحلُ كما يحسن في عين زيد.
فالكحل في الجملة المذكورة فاعل اسم التفضيل (أحسن)، والضمير في عينه يعود إلى الموصوف، وهو رجل، والضمير في منه عائد إلى الكحل.
وكذلك لو تقدم استفهام أو نهي، مثال الاستفهام: هل رأيت رجلًا أحسنُ في عينه الكحل… إلخ، ومثال النهي: لا يكنْ أحدٌ أحبَّ اليه الخيرُ منه إليك[10].
المصدر كتاب: توضيح قطر الندى
تأليف: الشيخ عبدالكريم الدبان التكريتي، بعناية: الدكتور عبدالحكيم الأنيس
[7] ولا يجوز أن يقال: هو مفعول به؛ لأن الصفة المشبهة لا تكون إلا من فعل لازم، ولا يجوز أن يقال هو تمييز؛ لأنه معرفة، وجاز ذلك في الحالة الثالثة؛ لأنه نكرة.
[8] أما قوله تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [الأنعام: 117] فَمَن اسم موصول، وهو مفعول لفعل محذوف يفسره (أعلم)؛ أي يعلم من يضل عن سبيله، لا مفعولٌ لأعلم.
[9] ذكَرَ الشيخ ياسين الحمصي في حاشيته على شرح القطر للعلامة أحمد الفاكهي أن بعض الفضلاء كتب رسالة خاصة في هذه المسألة.
قلتُ: للعلامة محمد بن إبراهيم المعروف بابن الحنبلي الحلبي (ت: 971 هـ) رسالة بعنوان: «كحل العيون النجل في حل مسألة الكحل»، قال الحاج خليفة: «رسالة مفصلة أولها: نحمدك يا مسبب الأسباب»؛ انظر: كشف الظنون 1/ 687 و2/ 1474، وقد تحرف عنوانها في الموضع الأول إلى: حل عيون الفحل، ومنها نسخة مخطوطة في ست ورقات في مكتبة الأوقاف العامة في بغداد ضمن مجموع (7/ 6097)؛ انظر: فهرس المخطوطات العربية في مكتبة الأوقاف العامة (3/ 340). وقد نسبت في: مكتبة الجلال السيوطي ص 285، ودليل مخطوطات السيوطي ص 114 إلى السيوطي، وطبعت بتحقيق الدكتور حاتم الضامن في بيروت سنة 1990م، وبغداد سنة 1994م، ع.
[10] لم يذكر المصنف لا في المتن ولا في الشرح الشروط اللازمة لصياغة اسم التفضيل، وهي نفس الشروط اللازمة في التعجب، وسيذكرُها هناك.