أهمية اللغة العربية
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل لـه، ومن يضلل فلا هادى لـه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محـمداً عبده ورسوله.
إن الذي ملأ اللغات محاسنا *** جعل الجمال وسره في الضاد[1]
♦♦♦♦
اللغة العربية:
هي لغة القرآن الكريم، ذلك الكتاب المعجز والخاتم لكل رسالات السماء إلى الأرض، وحري بلغة هذا شأنها أن تكون أوسع اللغات مذهبا، وأكثرها لفظا، وأجلها إفصاحا وبيانا.
اللغة العربية: هي لغة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولغة أصحابه رضي الله عنهم، وقد اعتنوا بها عناية كبيرة، فسجل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ونُقِل الدين إلينا باللغة العربية.
اللغة العربية: هي لغة الدين الإسلامي والثقافة العربية الإسلامية.
اللغةَ العربيةَ: هي التي أسمعتنا رنين المعجزات القرآنية، وقربت هديه إلى عقولنا.
اللغة العربية: معجزة الله الكبرى في كتابه المجيد.
اللغة العربية: هي رأس مال الكاتب، وأسّ مقاله، وكنز إنفاقه. الكامل:
لغة حباها الله حرفاً خالـداً ****فتضوعت عبقا على الأكوان
وتلألأت بالضاد تشمخ عزة ****وتسيل شهدا في فم الأزمان
موضوعات ذات صلة:
- من مزايا اللغة العربية (1)
- من مزايا اللغة العربية (2)
- ثمينة اللغة العربية
- قواعد اللغة العربية (الفعل)
- الفاعل في اللغة العربية
اللغة وسيلة التفاهم والتخاطب والتعبير عن ما تكنه النفس البشرية، وما يحمله الإنسان من عواطف ومشاعر تجاه الآخرين وتجاه الأشياء، فهي رأس مطالع العلوم، فقد قيل: “مطالع العلوم ثلاثة: قلب مفكر، ولسان معبر، وبيان مصور” والرجال باعتبار الجود ينقسمون إلى ثلاثة: “رجل بنفسه، ورجل بلسانه، ورجل بماله”، فكان اللسان أحد مطالع الجود؛ ولهذا كان الكلام أداة السحر البياني، وقد وفق الشاعر الجاهلي إذ جعل الكلام نصف الحياة الإنسانية، أو أحد أجزئها الثلاثة فقد قال: الطويل.
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ***فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
اللغة العربية: هي لغة أمة، لغة فكر وثقافة وعقيدة، فنحن العرب مطالبون بحماية هذا الوجود الضخم المتعاظم للغة العربية بوصفها لغة القرآن ولغة العقيدة والثقافة الإسلامية.
قال الشافعي رحمه الله (ت 204هـ):
“ولسان العرب أوسع الالسنة مذهبا وأكثرها ألفاظا، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي، ولكنه لا يذهب منه شئ على عامتها حتى لا يكون موجودا فيها من يعرفه”([2]).
وقال بعض أهل العلم: ( المجتث):
حفظ اللغات علينا ****فرض كفرض الصلاة
فليس يضبط دين ****إلا بحفـظ اللغات([3]).
وحرب اللغة العربية: هي حرب للإسلام والقرآن، لأن القرآن الكريم هو: الكتاب الوحيد الذي احتفظ بلغته الأصلية وحفظها من عوادي الفناء وسيحفظها على مر الدهور.
والعناية باللغة العربية عناية بكتاب الله تعالى ودراستها، والتمرس فيها عون على فهم آيات كتاب الله الكريم وأحاديث سيد المرسلين.
فهي لغة شريعتنا الغراء، وحينما ندافع عنها لا ننطلق من منطق قومي أو عصبي، بل ندافع عن لغة ديننا والتي بها شيدنا حضارتنا الإسلامية.
واليوم ونتيجة لما يعانيه جيلنا من بعد عن التأصيل العلمي، وتحت تأثير الهجمة الغربية الشرسة في مختلف جوانب الحياة تأثرت لغتنا العربية المشرقة حينما رميت بسهام الأعداء بل والأبناء، فوصفوها بالصعوبة ونعتوها بالغموض والطول، وحاولوا تهميشها في واقع الحياة العلمية والعملية فقدموا عليها اللغات الأجنبية ودرسوها في كل المواد التجريبية… وتباهوا برطانة الأعاجم في كل مجال.
فصدق بعض أبناء المسلمين تلك المقولات، فعزفوا عن اللغة العربية وعدوها من المواد العسير فهمها، وتبرموا كثيرا من مناهجها الدراسية فعانى الأساتذة كثيرا من ضعف الطلاب في النحو والصرف، وعدم الرغبة لديهم في التخصص فيها والتزود من مباحثها.
فصار طلاب العلم بحاجة لمن يبصرهم بأهمية اللغة العربية ويحفز هممهم للإقبال عليها وتذوق حلاوتها وروعة بيانها، لا سيما بعد أن فشا اللحن في كثير من الخطب، وكثرت الأخطاء اللغوية في كثير من الكتب.
اللغة العربية الفصحى لغة الكرامة ومقدمة العزة، وأوسع لغات الأرض ولا توجد لغة بنفس السعة ولا بنفس الجمال.
التحول من الفصحي إلى العامية مصيبة حدثت وداء حل لابد من التداوي منه لأنه يصيب الدين والنفس معا، من فصحى تدرَّجت إلى دارجة تفصَّحت.
الأمر ليس صراعا بين وسيلة وغاية، فالفصحي جزء من الغاية وركن من الهدف. الكامل:
لهفي على الفصحى رماها معشر | من أهلها! شلت يمين الرامـي |
لم يهتدوا لكنوزها فإَذا هــم | يرمونها بالفقر والإعــــدام |
الدر في طي البحور مخبـــأ | والتبر – إن تنشده – تحت رجام |
لن يستعيد العُرْب سالف مجدهم | ولسانهم غرض لكل سهــام |
إن يرفعوا ما انقضَّ من بنيانهم | فالضاد أول حائط ودعـــام[4] |
قدر لهذه اللغة أن تبلغ أوج مجدها حينما صارت لغة الإسلام، وبها نزل القرآن الكريم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728 هـ):
“اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب، فإنَّ فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب”([5]).
فصارت معرفة اللغة العربية ضرورة لكل مسلم كي يقوم بشعائره التعبدية ويتمكن من تلاوة القرآن الكريم الذي أنزله الله باللغة العربية([6]).
قال الله تعالى: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].
وقال عز وجل: { تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الشورى: 5].
وقال تعالى: { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 193 – 195].
وقال تعالى: { تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [فصلت: 2].
لذا لما كانت اللغة العربية بهذه المنزلة فلقد تكفل الله بحفظها حيث تكفل بحفظ كتابه الكريم وهي لغة ذلك الكتاب.
قال تعالى: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].
فهذا القرآن يحمل معجمه ويحمي معجمه.
فتعلم اللغة العربية نعمة كريمة يهبها الله بعض عباده فيظهر أثرها عليهم في لسانهم وذوقهم وتعاملهم وحياتهم، وهي علم فسيح من العلوم التي لا ساحل لها ولا حدود ولا جهات، وكلما أبحر فيها الإنسان سحره جمالها، وازداد نهما في الارتشاف منها، والاجتناء من ثمارها، ومتى استشعر الإنسان هذا الجمال انطلق في سمائها محلقا، وتقلب في نعيمها مسابقا.
واليوم على وجه الكرة الأرضية ما يقارب سبعمائة مليون مسلم يتكلمون اللغة العربية.
وكثيرا ما قرأنا أخبار عدد من الأوربيين اعتنقوا الإسلام بمجرد سماعهم لآيات من كتاب الله الكريم فتأثروا بروعة بيانه وأسرتهم حلاوة ألفاظه دون أن يعرفوا اللغة العربية، الأمر الذي جعل أعداء هذا الدين يكيدون للغته في شتى مجالاته.