التعليل بالتسمية والإتباع والحمل على النظير
علة التسمية:
من تعليل اليزدي بهذه العلة قوله: (وسمي المعتل بالعين أجوفَ؛ لأنه مجوف من الحرف الصحيح، وذا الثلاثة؛ لأنه يصير عند اتصال الضمير المرفوع المتحرك به ثلاثة أحرف، كقولك: قُلْتُ، وبِعْتُ)[1]، ومنه قوله: (وسمِّي معتل اللام ناقصًا؛ لأنه فيه نقصان من جهة الإعراب؛ إذ لا يظهر فيه الرفع والجر كقولك: جاءني قاضٍ، ومررت بقاضٍ، هذا في الاسم، وأما في الفعل؛ فلعدم رفعه وجزمه لفظًا؛ إذ رفعه بالسكون، وجزمه بالحذف، كقولك: هو يغزو، ويرمي، ولم يغزُ ولم يرمِ، وسُمِّي منقوصًا – أيضًا – بمعنى نُقِصَ عنه ما ذكر، وذا الأربعة؛ لصيرورته عند اتصال الضمير المذكور به أربعة أحرف، كقولك: غَزَوْتُ، ورَمَيْتُ)[2]، ومن ذلك قوله في تسمية الفعل المضارع: (سمي به لمضارعته الاسم، ووجهها أنه كما أن الاسم دائر بين كونه معرَّفًا ومنكَّرًا، فالمضارع – أيضًا – دائر بين كونه حالاً ومستقبلاً)[3].
علة الإتباع:
ومن تعليله بهذه العلة قوله في “فِخِذ” بكسر الفاء والخاء: (وأمَّا كسر الفاء، فكأنهم قصدوا به الإتباع المستجلب للتناسب الموجب للخفة؛ لأن حركة حروف الحلق أثقل من غيرها)[4]، ومن ذلك قوله في كسر الميم والخاء في “مِنْخِرٍ”: (وأما كسر الحرفين، فليس بلغة على الأصالة؛ وإنما هو للإتباع، أعني: إتباعَ الميم الخاءَ، وهم يتبعون الحرف في الحركة حركة الحرف التي سبقتها، أو التي لحقت بها)[5]، ومثل ذلك قوله في نحو “كِسِرات” بكسر السين جمع “كِسْرَة”: (وذلك لإتباع العين الفاءَ؛ إذ الإتباع أمر مطلوب لهم)[6].
علة الحمل على النَّظير:
ومن تعليلات اليزدي بهذه العلة قوله: (اسم المفعول من غير الثلاثي المجرد، ونعلم أن اسم الزمان واسم المكان والمصدر الميمي على زنة المفعول، تقول: مُعْطًى، ومُعْلًى، ومُحَاذًى، ومُشْتَرًى، ومُنْزَوًى، ومُسْتَصْفًى، ومُسْلَنْقًى، الكل للمعاني الأربعة بالقصر؛ لأن نظائرها: مُكْرَمٌ ومُجَرَّبٌ ومُقَابَلٌ ومُشْتَرَكٌ ومُنْقَلَبٌ ومُسْتَخْرَجٌ ومُسْحَنْكَكٌ)[7]، ومن ذلك قوله في الاسم الممدود إذا كان مصدرًا: (المصادر المنشعبة كالإِعْطَاءِ والرِّمَاءِ[8] والاشْتِرَاءِ والانْقِضَاءِ والارْعِوَاءِ[9] والاسْتِصْفَاءِ والاحْلِيلاءِ[10] والاحْوِيوَاءِ[11] والاحْبِنْطَاءِ[12]؛ لأن نظائرها: الإِكْرَامُ والطِّلابُ والافْتِتَاحُ والانْفِصَالُ والاحْمِرَارُ والاسْتِخْرَاجُ والاغْدِيدَانُ[13] والاشْهِيبَابُ[14] والاحْرِنْجَامُ[15])[16]، وقال في موطن آخر: (من المواضع أن يكون الاسم الذي فيه الألف يجمع على أفْعِلَةٍ، وذلك كِسَاءٌ وقَبَاءٌ[17]، فإن جمعها أَكْسِيَةٌ وأَقْبِيَةٌ؛ وذلك لأن نظائر ذلك قَذَالٌ وأَقْذِلَةٌ[18]، وحِمَارٌ وأَحْمِرَةٌ)[19].
[1] المصدر نفسه: 1 / 166.
[2] المصدر نفسه: 1 / 166.
[3] شرح الشافية لليزدي: 1 / 237.
[4] المصدر نفسه: 1 / 172.
[5] المصدر نفسه: 1 / 291.
[6] المصدر نفسه: 1 / 423، وينظر مثلاً: 1 / 421.
[7] المصدر نفسه: 1 / 564.
[8] الرِّماء: مصدر رامي، يقال: راميته بالسهام مراماة ورماء، ومنه المثل: قبل الرِّماء تُملأُ الكنائنُ. ينظر: جمهرة اللغة: 2 / 1068، وتهذيب اللغة: 15 / 201، وتاج العروس “رمي”: 38 / 182.
[9] يقال: ارْعَوَى فلان عن الجهل يَرْعَوِي ارْعِوَاءً حسنًا، وهو نزوعه عن الجهل وحسنُ رجوعه، ينظر: العين: 2 / 240، وتهذيب اللغة: 3 / 104، وتاج العروس “رعو”: 38 / 162.
[10] احْلَوْلَيْت الشيء أَحْلَوْلِيه احْلِيلاءً: إذا استحليتَه، ينظر: تهذيب اللغة: 5 / 151.
[11] يقال: احواوى الفرس احويواءً: إذا صار أحوى، ينظر: جمهرة اللغة: 1 / 2312، وتهذيب اللغة: 5 / 190.
[12] يقال: احبنطأ الرجل احبنطاء: إذا انتفخ كالمغتضب، أو من وجع، ينظر: جمهرة اللغة: 2 / 1088.
[13] يقال: اغدودن الشعر إذا طال وتم، أو اغدودن النبت إذا اخضر، واغدودن الرجل: إذا استرضى وسقط، ينظر: الصحاح “غدن”: 6 / 2173، وتاج العروس “غدن”: 35 / 472.
[14] اشهاب الفرس اشهيبابًا: إذا غلب البياض على السواد، ينظر: الصحاح “شهب”: 1 / 159، ولسان العرب “شهب”: 1 / 508.
[15] احرنجم القوم: إذا اجتمعوا، واحرنجم الرجل: إذا أراد الأمر ثم رجع عنه، ينظر: لسان العرب “حرجم”: 12 / 130.
[16] شرح الشافية لليزدي: 1 / 567.
[17] القباء: من الثياب وجمعه أقبية، وتقبى قباء، إذا لبسه، ينظر: الصحاح “قبا”: 6 / 2548، وتاج العروس “قبو”: 39 / 266.
[18] القذال: جماع مؤخر الرأس، يقال: قذلته ضربت قذاله، ينظر: الصحاح “قذال”: 5 / 1800، ولسان العرب “قذل”: 11 / 553.
[19] شرح الشافية لليزدي: 1 / 568، وينظر مثلاً: 1 / 382.