د. محمد حسانين إمام حسانين
(خطوات الإعراب… خطوة بخطوة)
الحمد لله ربِّ العالمين، خلَق الإنسان بلسانٍ لا بالعلم عليم، ثم رزَقه البيان، فإذا هو فصيح كليم، وبعد، فإن هناك أسسًا ينبغي لمن يريد أن يتقنَ الإعراب ويتمكَّن منه أن يتدرَّج فيها حينما تقابله كلمة يود إعرابَها، وهذه الخطوات لا تتقدَّم خُطوة فيها على الأخرى حال الإعراب، فليلتزم المتعلم بالتدرج مع الخطوات التي سأذكرها، وهي مرتبة كالآتي:
1ـ معرفة نوع الكلمة التي تود إعرابها:
معلوم أن أقسام الكلمة ثلاثة: اسم، فعل، حرف، فلابد من تحديد نوعها؛ ليسهل عليك التعاملُ معها، باستحضار ما تتميز به الكلمة، فالاسم له علامات تختلف عن الفعل، إلى جانب اختلاف العوامل الداخلة عليهما أيضًا.
2 ـ تحديد العامل:
يُعرف العامل بأنه هو الجالب للأثر (العلامة) على المعمول، فالفعل مثلًا هو العامل الذي جلب للفاعل الضمة، فتقول (جاء الولدُ)، فالولد: (فاعل مرفوع بالفعل وعلامة رفعه الضمة الظاهرة؛ لأنه اسم صريح صحيح).
ومن العوامل التي تدخل على الأسماء – تمثيلًا لا حصرًا – (إن وأخواتها، كان وأخواتها…)، فالعامل الحرفي (إن) هو الذي جعل اسمها منصوبًا وخبرها مرفوعًا، ففي الآية: (إن اللهَ غفورٌ رحيمٌ)، مع أن أصل الجملة قبل دخول (إن) أنها كانت هكذا: (اللهُ غفورٌ رحيمٌ)، فاسم الجلالة كان مرفوعًا على أنه: (مبتدأ مرفوع بالابتداء ـ عامل معنوي ـ وعلامة رفعه الضمة الظاهرة؛ لأنه اسم صريح صحيح)، فلما دخل عليه العامل اللفظي (إن)، غُيِّرت الضمة إلى الفتحة، فهذا هو الأثر الذي جلبه العامل.
ومن ذلك يتضح أن العوامل قسمان:
الأول ـ عامل معنوي: لا يظهر في الكلام، وإنما يقدَّر، ومثاله مع المبتدأ، فالمبتدأ في قولك: (الصلاة نور) لم تسبق كلمة (الصلاة)، وهي المبتدأ بعامل لفظي مكتوب، وإنما عمل فيها عامل معنوي، وهو (الابتداء).
الثاني ـ عامل لفظي: يظهر في الكلام: ومثاله (الفعل) يعمل في الفاعل والمفعول، و(إن وأخواتها، كان وأخواتها…) تعمل في الأسماء….
3 ـ تحديد الوظيفة النحوية (المسمى الوظيفي):
إن المقصود من كلمة (الوظيفة) هي تلك المسميات النحوية المعروفة عند النحاة، وهي التي نقولها أول كلمة عندما نعرب أية كلمة، فتقول: (مبتدأ، فاعل، حال، منادى، تمييز…)، فكل مسميات الدروس النحوية هي المعروفة اصطلاحيًّا بـ(المسمى الوظيفي).
4 ـ تحديد الحكم الإعرابي:
الأحكام الإعرابية أربعة لا خامس لها، وهي (الرفع، النصب، الجر، الجزم)، فالأسماء أحكامها الإعرابية ثلاثة، هي: (الرفع، النصب، الجر)، والأفعال أحكامها الإعرابية ثلاثة أيضًا: (الرفع، النصب، الجزم)؛ فالأفعال لا تُجر، والأسماء لا تُجزم.
فحينما نريد أن نُطلق الحكم الإعرابي على أيَّة كلمة، نقول: مرفوع، منصوب، مجور، مجزوم.
5 ـ تحديد العلامة الإعرابية:
العلامة الإعرابية هي الأثر الناتج عن دخول العامل، ولكي نتعرف العلامات، لابد من بيان أمرين:
الأول: أصالة العلامات الإعرابية وفرعيتها:
إن عُرِفت العلامات الأصلية، فما دونها علامات فرعية، فالعلامات الأصلية هي: (في الرفع: الضمة، وفي النصب الفتحة، وفي الجر الكسرة)، وما دونها فرعية.
الثاني: معرفة العلامات الأصلية والفرعية معًا حسب نوع الكلمة، وهي منسقة كما بالجدول الآتي: (جدول العلامات الإعرابية):
الكلمة | حالة الرفع | حالة النصب | حالة الجر | حالة الجزم |
مفرد | الضمة | الفتحة | الكسرة | ـــــــــــــــــــــــــ |
مثنى | الألف | الياء | الياء | ــــــــــــــــــــــــــــ |
جمع مذكر سالم | الواو | الياء | الياء | ــــــــــــــــــــــــــــ
|
جمع مؤنث سالم | الضمة | الكسرة | الكسرة | ـــــــــــــــــــــــــــ |
جمع التكسير | الضمة | الفتحة | الكسرة | ــــــــــــــــــــــــــــ |
الأسماء الستة[1] | الواو | الألف | الياء | ـــــــــــــــــــــــ |
الأفعال الخمسة[2] | ثبوت النون | حذف النون | ــــــــــــــــــــــ | حذف النون |
فمن خلال هذا الجدول تتضح العلامات الأصلية والفرعية، فهيَّا درِّب نفسك باستخراجها، وهي (……………………………).
6 ـ فهم معنى الجملة:
فلا يكتفي الطالبُ بالخُطوات السابقة على فَهْم المعنى، فالمعنى أساس في فهْم المراد، وإلا صار الطالب حافظًا غير فاهم، ومثال ذلك: ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ ﴾ [البقرة: 124]، فلو نظر الطالب إلى الألفاظ لأخطأ في الإعراب، فوجب عليه أن يفهم تلك الآية بأن المراد منها أن الله هو الذي ابتلى إبراهيم، فالفاعل هو (رب) والمفعول به ( إبراهيم )، فليتمهل الطالب في فهم المعنى؛ حتى لا يُخطئ في الإعراب.
وفي الختام ينبغي لطالب علوم العربية أن يتمرَّس على تلك الخطوات أثناء مذاكرته لها، بتطبيقها واحدة تلو الأخرى دون إخلال بالترتيب المذكور أعلاه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.